قانونيون: بديل مبتكر وذكي للعقوبات المقيدة للحرية

«الأمر الجزائي» و«الصلح» و«المراقبة الإلكترونية» تغيّر وجه القضاء

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد حقوقيون وقانونيون أهمية الإجراءات الجزائية الثلاثة التي أضافها المرسوم بقانون اتحادي رقم 17 لسنة 2018 الذي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، مؤخراً، بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات الجزائية الصادر بالقانون الاتحادي رقم 35 لسنة 1992، والتي تضمنت اعتماد نظام «الأمر الجزائي» و«الصلح الجزائي» و«الوضع تحت المراقبة الإلكترونية»، مشيرين إلى أنها ستغير وتطور إجراءات العمل القانوني والنيابي في الدولة بشكل يسرع عملية إنجاز البلاغات القانونية وحلّها.

وأشادوا بالإجراءات التي وصفوها بأنها بديل مبتكر وذكي للعقوبات المقيدة للحرية، خاصة فيما يتعلق بإجراءي «الصلح الجزائي» و«الوضع تحت المراقبة الإلكترونية»، حيث إنهما يتبنيان منح المتهمين فرصة جديدة مع دمج المحكوم عليهم مع المجتمع بما يعزز استقرار الأسر، من خلال استخدام التقنيات الحديثة في التعامل مع المحكومين، موضحين أن الإجراءات تحاكي أفضل الممارسات العالمية في شأن منح المحكومين وتمنحهم الفرصة للعودة إلى المجتمع.

الأمر الجزائي

وعرّف المحامي علي الخاجة «الأمر الجزائي» بأنه أمر يصدره عضو النيابة العامة للفصل في موضوع الدعوى الجزائية التي لا يرى حفظها أو إحالتها إلى المحكمة المختصة في جرائم الجنح والمخالفات المحددة، ولو في غيبة المتهم ودون تحقيق، ويترتب عليه إنهاء الخصومة الجزائية ما لم يعترض المتهم.

ونوّه إلى أن تطبيق أحكام «الأمر الجزائي» يتم على العقوبات المتعلقة بالحبس أو الغرامة والتي يحددها النائب العام، فيما تستثنى منها جرائم الحدود والقصاص والجرائم الماسّة بأمن الدولة ومصالحها، وجرائم التأثير في القضاء والإساءة إلى سمعته، والجرائم التي لم يُجز القانون النزول بالعقوبة المقررة لها، والجرائم التي أوجب فيها القانون الحكم بتدبير الإبعاد عن الدولة.

ولفت المحامي علي الخاجة إلى أن المرسوم أوجب في مادة رقم 336 أن يتضمن «الأمر الجزائي» تاريخ صدوره، واسم المتهم وبياناته الشخصية ورقم الدعوى الجزائية، والتهمة المسندة إليه والنص القانوني الذي ينطبق على الجريمة المرتكبة، والعقوبة الصادرة بها، موضحاً أن المادة 337 منحت عضو النيابة العامة ممن لا تقل درجته عن رئيس نيابة والذي يصدر قرار بتحديده من النائب العام، أن يعدل «الأمر الجزائي» أو يلغيه خلال 7 أيام من تاريخ صدوره، حيث يترتب على ذلك اعتباره كأن لم يكن، والسير والتصرف في الدعوى الجزائية بالطرق المقررة في القانون.

وأوجبت المادة 338 على مأمور الضبط القضائي إعلان المتهم عند تاريخ عرض الملف على النيابة العامة، ولها أن تصدر «الأمر الجزائي» في حال عدم حضوره، على أن يصبح «الأمر الجزائي» نهائياً بالنسبة للمتهم وغير قابل للاعتراض عليه في حال فوات ميعاد الاعتراض على «الأمر الجزائي»، أو في حال تنفيذ المتهم الأمر الجزائي بسداد قيمة الغرامة المقررة.

وبيّن الخاجة أن العقوبات الصادرة بها «الأمر الجزائي» لا تعد سابقة قضائية تقتضى رد الاعتبار، موضحاً أن المرسوم أعطي النائب العام لاعتبارات يقدرها، أو بناءً على طلب المتهم في جرائم الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر أو الغرامة، أن يُصدر أمراً بتكليف المتهم بأداء تدبير «الخدمة المجتمعية» بدلاً من «الأمر الجزائي».

الصلح الجزائي

من جانبه أشار المحامي علي المنصوري إلى أن المرسوم في فصله الثاني أدخل إجراءات جديدة تحت مسمى «الصلح الجزائي»، حيث يجيز للنيابة العامة أو المحكمة المختصة بحسب الأحوال، اتخاذ «إجراءات الصلح الجزائي» بموجب اتفاق بين المجني عليه أو وكيله أو ورثته أو وكيلهم الخاص وبين المتهم لإنهاء النزاع في المسائل الجزائية بصورة ودية، ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى الجزائية أو وقف تنفيذ الحكم الصادر فيها.

ونصت المادة 349 على أنه «للنيابة العامة إذا لم يبادر المجني عليه أو ورثته بالصلح مع المتهم قبل تقديم المتهم إلى المحاكمة الجزائية، أن تعرض الصلح على المتهم والمجني عليه، وذلك بعد إحاطة المتهم علماً بجريمته وأدلتها وعقوبتها، وبجبر الأضرار التي لحقت بالمجني عليه. وتكون مدة الصلح المشار إليها خمسة عشر يوماً ويجوز مدها إلى مدة مماثلة.

وقال المنصوري إنه في حال باءت جهود الصلح بالفشل فإنه يتم التصرف في الدعوى الجزائية وفقاً للقانون والإجراءات المتبعة بإحالة الدعوى، وإذا قبل المجني عليه أو وكيله الصلح مع المتهم، يحرر محضراً بالصلح يثبت فيه مضمون اتفاق الطرفين، ويُعتمد من عضو النيابة العامة، وذلك بعد التوقيع عليه من أطرافه.

ونوَّه إلى أن المرسوم رفض إثبات الصلح أمام النيابة العامة أو المحكمة، إذا كان معلقاً على شرط أو مقترناً بأجل، مشيراً إلى أنه في حال تعدد المجني عليهم في الجريمة وصدر الصلح عن بعضهم، فلا يكون له آثار إلا إذا أقرَّه الباقون.

المراقبة الإلكترونية

وبيَّنت المحامية عبير الدهماني أن إجراء «الوضع تحت المراقبة الإلكترونية» يتمثل في حرمان المتهم أو المحكوم عليه من أن يتغيب في غير الأوقات الزمنية المحددة له عن محل إقامته أو أي مكان آخر بعينه، ويتم تنفيذه عن طريق وسائل إلكترونية تسمح بالمراقبة عن بُعد، وتلزم الخاضع لها بحمل جهاز إرسال إلكتروني مدمج، طوال فترة الوضع تحت المراقبة، ويراعى في تحديد الفترات والأماكن، ممارسة المحكوم عليه لنشاط مهني أو متابعة التعليم والتدريب أو تلقي المعالجة الطبية أو أي ظروف أخرى تقدرها النيابة أو المحكمة.

ولفتت إلى أنه لا يجوز إصدار الأمر بالوضع المؤقت تحت «المراقبة الإلكترونية»، على الجرائم المعاقب عليها بالإعدام أو السجن المؤبد، والجرائم الماسّة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي، والجرائم التي أوجب فيها القانون الحكم بتدبير الإبعاد عن الدولة، موضحة أن للنيابة العامة الحق في إلغاء الأمر الصادر منها بالوضع المؤقت تحت «المراقبة الإلكترونية»، وإصدار أمر بالقبض على المتهم الخاضع وحبسه احتياطياً على ذمة التحقيقات إذا قويت الأدلة ضده، أو خالف الالتزامات الواردة بذلك الأمر.

ووفقاً للمادة 369 فإن للمحكمة عند الحكم بالحبس لمدة لا تزيد على سنتين، أن تأمر بالحكم بتنفيذ العقوبة المقضي بها بنظام الوضع تحت «المراقبة الإلكترونية»، إذا رأت من ظروف المحكوم عليه أو سنه ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود إلى ارتكاب جريمة أخرى جديدة، وبأن له محل إقامة ثابتاً ومعلوماً في الدولة.

وأوضحت الدهماني أن المادة 374 أوكلت للنيابة العامة مهام الإشراف على تنفيذ «المراقبة الإلكترونية» بناءً على تقارير دورية تقدم إليها من الجهة المختصة عن مراقبة مسلك المحكوم عليه وتنفيذه التزاماته المنصوص عليها، كما يجوز للمحكمة التي أصدرت الحكم أن تعدل من أماكن وفترات الوضع تحت «المراقبة الإلكترونية» أو قيودها.

إجراء

أجازت المادة 380 لكل محكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية لمدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات، وأمضى نصف مدة العقوبة، أن يتقدم بطلب إلى النيابة العامة للإفراج عنه ووضعه تحت «المراقبة الإلكترونية» باقي مدة تنفيذه للعقوبة عن طريق الوسائل الإلكترونية.

وأكدت عبير الدهماني أن المرسوم منح عضو النيابة العامة أن يصدر أمراً بوضع المتهم مؤقتاً تحت «المراقبة الإلكترونية»، بعد موافقة أو بناءً على طلبه بدلاً من حبسة احتياطياً، على أن يتولى ضباط الشرطة وأفرادها، مهام مراقبة مدى التزام الخاضع للمراقبة الإلكترونية لمضمون ونطاق الأمر أو الحكم القضائي.

Email