«البيان» تطَّلع على أغرب حالات التهريب أبرزها بلاطة تحمل طلاسم وأطعمة تحوي مخدرات

جمارك دبي.. حسّ أمني يكشف حيل المهرّبِين

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تتنوع أساليب التهريب وسعي المهربين لإيجاد طرق حديثة لتمرير الممنوعات إلى الدولة، إلا أن ذلك يقابله مهنية ويقظة مفتشي الجمارك في كشف مثل هذه الأساليب، فما يبذله مفتشو جمارك دبي من جهود لحماية الدولة من الأخطار، عن طريق تهريب المواد المخدرة وأدوات الشعوذة، وغيرها من المواد المحظورة أو المقيدة، وما يشكل خطراً يهدد مجتمعنا، عمل يجبر المجتمع أن يقف لهم احتراماً لهم، فهم العيون الساهرة والجنود المجهولون الذين يستحقون التقدير والإشادة.

على الرغم من كل المخاطر التي قد يتعرضون لها أثناء عمليات التفتيش، إلا أنهم صامدون في وجوههم، متحلون بشعار مفاده «الحماية والتسهيل» معاً، على اعتبار أن الجمارك هي خط الدفاع الأول للدولة، فمفتش الجمارك يقف كالسد المنيع على منافذ الدولة، متسلحاً بالبصيرة والعين الثاقبة النابعة أولاً من حُبه لوطنه، ثم التدريبات المكثفة التي توفرها له جمارك دبي، بالإضافة إلى أحدث التقنيات المستخدمة للتصدي لحيل وأساليب المهربين.

حيل متنوعة

«البيان» التقت عدداً من المسؤولين وضباط الجمارك في إدارة عمليات المسافرين بجمارك دبي مبنى المطار رقم 3، وذلك لإبراز جهودهم، وتسليط الضوء على دورهم الفاعل في التصدي لحيل وأساليب المهربين، حيث أوضح سالم الكتبي مدير الجوالة في مبنى المطار 3، أن فريق الجوالة، تتمثل وظيفته في مساندة منظومة التفتيش في المطارات، مشيراً إلى أن حيل التهريب تتبدل وتتلون بشكل يومي، حيث يبتكرون باستمرار طرقاً جديدة، ويتفنن المهربون في إخفاء الممنوعات، في محاولة نقلها عبر الحدود بالمطارات، إلا أن ضباط الجمارك يتصدون لهم بقبضة من حديد.

وقال إن أساليب إخفاء الممنوعات تختلف من مهرّب لآخر، فالمروّج لديه أساليب تختلف عن المتعاطي، مشيراً إلى أن مفتشي جمارك دبي مؤهلون بدرجة كبيرة، وذكر واقعة قائلاً: جاء مسافر من الجنسية الآسيوية وبادر بالسلام عليّ، فعرفت أنه يريد إخفاء شيء عني من خلال تحليل لغة الجسد، ما دفعني لاتباع الحس الأمني في داخلي، فطلبت منه جواز سفره، فقال لي على الفور «أنا مجبر» في اعتراف منه مباشر، أنه يحمل شيئاً ممنوعاً، ليتبين أن بحوزته نصف كيلو من الهيروين.

وأضاف أن المهربين يلجؤون في بعض الأحيان إلى حِيل غريبة، مثل إخفاء الممنوعات في الأطعمة والمواد الغذائية، وبخاصة ذات الروائح النفاذة، مثل المخللات «الآجار» أو الأطعمة، وما شابه، في محاولة لإلهاء مفتشي الجمارك عن استكمال مهامهم، فيما يتعمد البعض الآخر وضع مواد تصيب المفتشين بالحكة، لكي تجبرهم على عدم التفتيش في الحقائب، ومن أجل ذلك، فرضت جمارك دبي على المفتشين ارتداء القفازات الواقية، واتخاذ سبل الوقاية والسلامة.

وأضاف أن بعض المسافرين الراغبين في تهريب ما تمنع قوانين الدولة دخوله إليها، من خلال إخفائه داخل أطعمة تحوي حشرات، حتى يشعر المفتشون بالاشمئزاز، ويضطرون لعدم استكمال مهام التفتيش، فيما يعمد البعض الآخر إلى اتباع أساليب أخرى، مثل استغلال أوقات الذروة التي تشهد عدداً كبيراً من القادمين إلى الدولة، ظناً منهم أنهم سيفلتون من قبضتنا.

وتابع: إن البعض الآخر يتعمّد الخروج وسط العائلات، حتى يزيل الشكوك عنه، إلا أنه يتم تفعيل دور الكاميرا المساندة في مثل هذه الأوقات، فضلاً عن دور الفريق الميداني لرصد السلوكيات وحركات المسافرين غير الاعتيادية.

إحباط

من ناحيته، أكد خليفة مالك مدير أول تفتيش في مبنى المطار رقم 3، أن جمارك دبي تتصدى لقضايا التهريب عبر الأحشاء البشرية، والتي يتمثل أغلبها في تهريب المخدرات والبضائع الثمينة والألماس، وتحبطها بأحدث الطرق والأساليب الجمركية المتقدمة، لافتاً إلى أن تجربة جمارك دبي في هذا المجال، أصبحت نموذجاً يحتذى به، حيث تأتي الوفود من عدة دول للاطلاع على ممارساتنا وتجاربنا في التصدي لقضايا التهريب المختلفة، فضلاً عن قضايا التهرب من الرسوم الجمركية.

مشاركة مجتمعية

وأفاد بأن موظفي الجمارك في مبنى المطار رقم 3، يحرصون على المشاركة المجتمعية المتمثلة في استقبال المسافرين، والمشاركة في الاحتفالات بالأعياد والمناسبات الوطنية للدول الشقيقة، كما تنظم دورات توعوية لطلبة المدارس والجامعات بمخاطر المخدرات في مقر المدارس والجامعات، بالإضافة إلى تنظيم زيارات توعوية للطلبة في مقر مبنى الجمارك.

وأهاب بالمسافرين، عدم حمل أي حقيبة غير عائدة لهم، مشيراً إلى أن البعض من باب الشهامة، قد يقبل أن يحمل وزناً زائداً من مسافر آخر للتخفيف عليه، إلا أن هذا الأمر قد يورطه في قضايا هو في غنى عنها، لافتاً إلى أن العديد من المسافرين تم استغلالهم، وغرر بهم، بسبب تعاطفهم مع الآخرين في هذه الأمور.

طلاسم

وأكد خليفة لـ «البيان»، أن هناك من الجاليات التي تتصدر ضبطيات أدوات السحر والشعوذة، وأخرى متخصصة في عمليات تهريب المواد المخدرة، وضبطيات الذهب والألماس، مشيراً إلى أن أغرب طريقة للتهريب، كانت بلاطة سيراميك مكتوب على ظهرها بعض الطلاسم.

وأكد أن جمارك دبي تحرص على إخضاع المفتشين لدورات تدريبية مكثفة، تتعلق بتعليمهم عدة لغات، وكذلك لغة الإشارة، بالإضافة إلى تدريبهم على قراءة لغة الجسد، كما تحرص كذلك على تحديث وتطوير هذه الدورات، لتواكب ألاعيب وأساليب المهربين التي تتصدى لها جمارك دبي، وتحاصر كل أساليبهم وتحبطها بشتى الوسائل، وأحدث الأجهزة المساندة.

5 لغات

وأشار إلى أن موظفي جمارك دبي يتحدثون عدة لغات، منها الإنجليزية والأوردو والصينية، وذلك لأنهم يتعاملون مع ثقافات وجنسيات متعددة، كما أنهم مدربون على التعامل بحرفية بالغة مع القادمين، الذين تعرضوا في المطارات الخارجية لضغوطات نفسية ناتجة عن الإرهاق بسبب طول الرحلة أو غير ذلك، ويتمكنون من امتصاص غضبهم، ليشعر القادم إلى الدولة عبر مطارات دبي، بمعنى كلمة السعادة التي يعيشها كل من يقطن على أرض هذه الدولة.

مليون حقيبة

وأوضح مالك أن الجمارك لديها أساليب للتدقيق والتفتيش لمنع تحايل المهربين عليها. وقال: إن مبنى 3 في مطار دبي الدولي، يستقبل يومياً ما يعادل 7500 رحلة شهرياً، أي 850 ألف مسافر شهرياً يدخلون الدولة عن طريق المبنى 3، ويحملون 200 جنسية وثقافات مختلفة، يجلبون معهم ما لا يقل عن مليون حقيبة، الأمر الذي يعتبر تحدياً كبيراً لضباط الجمارك بشكل يومي، إلا أنهم أثبتوا أنهم حماة الوطن.

ولفت إلى أن العديد من الموظفين يبادرون من أنفسهم، ويطرحون مبادرات للاحتفال في المناسبات الوطنية الخليجية والأعياد الدينية، لبث البهجة والسعادة في نفوس القادمين.

وقائع

من ناحيته، قال أحمد عبد الله محمد الكندي ضابط تفتيش في قسم الأجهزة الداخلية في مبنى مطار دبي الدولي رقم 3، أن أبرز الضبطيات التي قام بضبطها، كانت 24 كلغم من الهيروين، وزعها صاحبها على 4 حقائب جلبها معه، مشيراً إلى أنه اشتبه في المسافر الذي كان يحمل جنسية آسيوية، وباستخدام الأجهزة المساعدة، اكتشف أنه لجأ إلى إخفاء كل هذه الكمية في أرضية الحقائب بطريقة احترافية.

وأشار الكندي، الذي تلقى العديد من رسائل الشكر من المسافرين من مختلف الجنسيات، نظراً لتعامله بلباقة وحرفية معهم، إلى أن هذه الضبطية كانت تعد الأكبر في عام 2015، كما تم ضبط 80 كيلو من أدوات الشعوذة.

مساعدة

ولم يحصر موظفو جمارك دبي، دورهم في التفتيش وحماية الوطن من الأخطار التي يجلبها المهربون، بل اعتادوا على أن يبادروا بتقديم المساعدة للمسافرين، لتتجلى أبرز صفات رجال شعب الإمارات، في أبهى صورها، وليكونوا دائماً عند حسن ظن القيادة الرشيدة، لتحقيق مزيد من التميز والرقي في خدمة دولة الإمارات.

هذه الخِصال الحميدة، دفعت الضابط أحمد الكشري، الذي شاهد مسافراً أفريقيا في صالة المطار، يبدو عليه حالة التوتر، فاقترب منه وسأله «هل تريد مساعدة»، ليتبين أن المسافر الذي قدم إلى الدولة للمرة الأولى، يعاني من ارتفاع في ضغط الدم، فاستدعى له فرقة الإسعاف على الفور، ليتم إسعافه وإنقاذ حالته.

هذه اللفتة الطيبة، تتكرر يومياً من موظفي جمارك دبي، الذين يبادرون بتقديم يد العون والمساعدة للمسافرين والموجودين في صالات المطار، على الرغم من أن ذلك ليس من صميم عملهم، وفي المقابل، يتم الإشادة بأدائهم من قبل مطارات دبي، من خلال تكريم الموظفين في حفل الامتياز في خدمة العملاء (ACE).

عائشة حاجي مفتش أول في إدارة عمليات المسافرين، تذكر لنا واقعة أخرى، حين اشتبهت في مسافر من الجالية الآسيوية في الحرم الجمركي بالمطار، عن طريق لغة الجسد، فطلبت أن تطلع على جواز سفره، ولكنه عوضاً أن يسلمها الجواز، ناولها كيساً يحوي مواد مخدرة.

وذكرت موقفاً آخر مع مسافرة بصحبة طفلها البالغ من العمر 9 سنوات وخادمتها، حيث بين الجهاز أن حقيبة اليد التي كانت تحملها، تحوي شيئاً ممنوعاً، وحين قامت بتفتيش الحقيبة، لم تجد شيئاً، ثم أعادتها مرة أخرى إلى جهاز التفتيش، الذي أكد احتواءها عليه، فأخرجت كافة محتويات الحقيبة دون جدوى، ثم تبين لاحقاً أن طفلها جلب معه قلم الليزر وأخفاه في ثنايا الحقيبة، بعد أن حاكها جيداً، وذلك لأنه حاول جلبه سابقاً بطريقة طبيعية، وتمت مصادرته منه، ما دفعه لإخفائه بهذه الطريقة، ليجلبه معه إلى الدولة. وهنا، ندعو أولياء الأمر من تحري تلك الأمور.

أما نعيمة حسن مفتش أول في إدارة عمليات المسافرين، فتقول إن هناك من الجاليات التي تتقبل مصادرة المواد غير المسموحة، مثل السوائل وغيرها.

وأضافت أن بعض المهربين يستغلون كبار السن، وأحياناً يستغلون أمهاتهم المسنات، لتهريب ما يريدونه من مواد محظورة أو ممنوعة.

أمان

أكد خليفة مالك مدير أول تفتيش أن جمارك دبي تملك من الأجهزة التي تتصدى إلى محاولات التهريب، ما يكفي للتعامل مع الأعداد الهائلة من المسافرين، لتوفير الأمن والأمان.

وقال إن تسهيل إجراءات الجمارك على القادمين لا يطغى على الدور الأمني المنوط بهم.

Email