معاصرون أكدوا أن الدبلوماسية والفطانة والحصافة أبرز سمات الشيخ راشد

راشد استشرف المستقبل .. ومحمد بن راشد يكمل المسيرة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد مسؤولون عاصروا المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، أنه كان أحد العظماء الذين قادوا ثورة التطور والتقدم في دبي وعموم الإمارات وتحملوا المشاق، وتغلبوا على المصاعب والمعوقات، وتاريخ الإمارات خير شاهد على ذلك، فهو من الشخصيات العظيمة التي تركت بصمة واضحة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للدولة.

وبينوا أن المغفور له اعتمد على مبدأ البساطة، والاستماع للجميع وإشراك المواطنين في صنع القرار والتنفيذ، وقد صدقت رؤيته بجعل دبي «دانة الدنيا»، التي يكمل مسيرتها القائد الفذ الباني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله.

وأكد اللواء المتقاعد عبدالرحمن رفيع أن المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم طيب الله ثراه كان قائداً استثنائياً بمعنى الكلمة، وكان يهتم بأدق التفاصيل وخاصة عند استقبال الوفود الخارجية وكبار الشخصيات لدرجة أنه كان يتابع الأمور البسيطة بنفسه ويتأكد من إتمامها على أكمل وجه.

وقال رفيع: «أثناء خدمتي في عهد المغفور له الشيخ راشد أتذكر زيارة رئيسة وزراء الهند السابقة انديرا غاندي حيث كان يتابع كل صغيرة وكبيرة تتعلق بالزيارة، بما في ذلك مكان السكن وتوفير كافة سبل الراحة، إضافة إلى التأكد من كل الترتيبات الأمنية التي كان يوليها اهتماماً كبيراً ومتابعة خاصة، كذلك تلقينا طلباً أثناء الزيارة من مجموعة من الجالية الهندية لزيارة رئيسة الوزراء في مقر سكنها في دبي وتقديم هدية ثمينة لها عبارة عن ساعة ضخمة مرصعة بالجواهر كان يحملها 4 أشخاص، وبالفعل أمر بعرض الأمر على الضيفة التي رحبت وطلبت رؤيتهم، وبالفعل تم تجهيز المكان لاستقبال العدد الكبير».

وأضاف اللواء رفيع إن المغفور له الشيخ راشد كان دقيقاً جداً في مواعيده لدرجة مذهلة، إضافة إلى أنه كان يعامل الجميع بحب واحتواء، وكان يسأل كل واحد باسمه ويثني على عمله كنوع من التشجيع، إضافة إلى أن سموه كان واسع النظر وكان يهتم بكافة شؤون المواطنين ويعرف الجميع ويبادلهم عبارات الإطراء، وكان الجميع يعتبره أباً وحاكماً حكيماً يكن له الجميع كل الحب والتقدير، وعلمنا الاهتمام بصغائر الأمور التي يمكن أن تفسد عملاً كبيراً.

ذكريات

بدوره أوضح الحاج سعيد بن أحمد آل لوتاه رئيس مجلس إدارة مجموعة سعيد لوتاه وأولاده، رئيس مجلس أمناء المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم بدبي، أن ذكرياته مع المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم كانت مليئة بالأحداث، لافتاً إلى أن المغفور له كان قائداً بمعنى الكلمة، كونه جمع صفات وأفعالاً واختزلها في شخصية نادرة قل مثيلها، مؤكداً الإرادة التي كان يتمتع بها والرؤية الصائبة والحنكة التي مكنته من وضع دبي على طريق الانطلاق.

وذكر أن الشيخ راشد كان همه الأول تغيير حياة مواطنيه للأفضل، وبناء مستقبل أفضل لهم معيشياً واقتصادياً، وأن ذلك جعل هناك مسؤولية كبيرة على عاتقه، من حيث تحمل القرار والمسؤولية للانطلاق لمستقبل مشرق، مضيفاً إن نكران الذات لدى المغفور له كان منهج عمل، حتى يستطيع الارتقاء بمستوى حياة مواطنيه، لافتاً إلى أنه ومن خلال نظرته الثاقبة، وجد أن من أهم دعائم القيادة، تعزيز الأمن والأمان، بهدف بناء اقتصاد قوي لدبي.

وأكد أن الشيخ راشد كان رجلاً سياسياً قديراً حيث كان اتحاد الإمارات لبنة من لبنات أفكاره التي امتزجت بطموحات أخيه المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، حيث ساهما مع إخوانهما حكام الإمارات في دفع عجلة التقدم والتنمية وتحقيق الرخاء للمواطنين.

وقال إن منهج الشيخ راشد، ومعه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمهما الله، كان التأكيد على علاقات الجوار الحسنة مع الدول المحيطة والإقليمية، ولذلك كان هناك تواصل مستمر بشكل رسمي وغير رسمي، لنسج هذه العلاقات وتجاوز ما يعكر صفوها، والقفز فوق التحديات، ليصلا معاً لمرحلة التكامل مع هذه الدول، وهو ما عكسته العلاقات الحالية مع الجميع، ملمحاً إلى أنهما كانا يدركان جيداً أن أساس النهضة والتقدم هو لم الشمل سواء كان على المستوى الداخلي والخارجي.

فطانة

وأكدت الإعلامية والكاتبة الدكتورة حصة لوتاه، أن الدبلوماسية والفطانة والحصافة والحزم واستشراف المستقبل هي أبرز سمات شخصية المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، مشيرة إلى أنه كان رجلاً ذا عقل راجح وبصيرة نافذة، سخّر وقته وجهده وكل ما لديه لنهضة دبي، حتى صارت لؤلؤة الخليج، وأصبحت درة نفيسة تروى حكايات نهضتها وتطورها في بلاد العالم أجمع.

وأضافت إنها بحكم الصداقة التي كانت تجمع بين الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم ووالدها استشفت الكثير من شخصيته، وتعلمت منه الكثير، فقد كان شخصية دبلوماسية من الدرجة الأولى، وتقول: من عاداته الجميلة والأصيلة التي تنم عن مدى حرصه على صلة الرحم، أنه كان لا بد من أن يزور أخواته من النساء في بيوتهن كل عيد بعد أن يؤدي صلاة العيد، ليسلم عليهن جميعهن ويبارك لهن بالعيد، ثم بعد ذلك يتوجه لمجلسه الذي لم يغلق يوماً في وجه أحد، وكانت تلك عادته التي حرص عليها حتى مماته، وعلمها لأصحابه ولمن حوله.

وأشارت إلى أنه كان يتسم بالمشورة ويحرص على اتخاذ قراراته بعد مشورة وموافقة المحيطين به وأفراد الشعب وإجماعها، كما كان يحرص على تفقد مناطق دبي عقب صلاة الفجر ويذهب إلى جميع المناطق القريبة والنائية للاطمئنان على الناس، وتفقّد أحوالهم، والسؤال عن حاجاتهم، ومشاورتهم، والاستماع إليهم قبل اتخاذ أي قرار.

تشجيع

ويتذكر الدكتور عبدالله الخياط المدير التنفيذي لمستشفى الجليلة أحد أوائل الطلبة الإماراتيين المبتعثين لدراسة الطب عام 1964 من القرن الماضي لدراسة الطب في مصر مع 3 أطباء آخرين كيف كان رحمه الله يشجع التعليم ويحث أبناءه المواطنين على دراسة الطب حتى قبل قيام الاتحاد.

وقال الخياط لم يكن هناك مدارس للتعليم في أربعينيات القرن الماضي بل كنا نجتمع في خيم نتلقى فيها التعليم الأساسي كان يطلق عليها «خيم الأطباء» وكانت عبارة عن خيم يتم إنشاؤها في الفريج ليتعلم بها الأولاد وكان المغفور له الشيخ راشد يحرص على إيجادها في كل فريج يتلقى فيها أولاد المنطقة تعليمهم البسيط، وكان دائماً يقول أريد أن أراكم أطباء تقدمون الخدمات الصحية وفق أسس علمية صحيحة وليس كما كان دارجاً أيامها من أطباء ومعالجين شعبيين.

وأضاف إن أبرز التحديات التي واجهها الرعيل الأول كانت تتمثل في قلة الإمكانات حيث لم يكن متاحاً الكثير من وسائل التشخيص كما هو متوافر اليوم، وكان الاعتماد على الحدس والخبرة الذاتية، وهذا كان يضعنا أمام تحد كبير، إلى أن أمر المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد عام 1950 برعاية أول مشروع وإقامة أول مستشفى حديث أطلق عليه اسم مستشفى المكتوم وفي عام 1973 دشن المغفور له الشيخ راشد، مستشفى راشد، معلناً بذلك بداية الانطلاق الحقيقية للنهضة الصحية الشاملة التي شهدتها دبي وما زالت تواصلها حتى الآن.

نموذج

وأفاد الدكتور جمال المهيري الأمين العام لمؤسسة حمدان بن راشد للأداء التعليمي المتميز، بأن الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله نقش برؤيته الاستشرافية نموذجاً فريداً للعمل المتواصل والأفكار الخلاقة، فكان ذا بصيرة نافذة، ورؤية استشرافية بنهضة دبي، لتحتل الإمارات بفضل سياساته الفاعلة، ورؤيته الثاقبة، وإخلاصه وعطائه اللامحدود، مراكز الصدارة.

وأوضح أن شخصية وسيرة المغفور له الشيخ راشد، تتمتع بعده صفات أهلته للقيام بما حققه من إنجازات وتطور نعيش فيه حتى الآن، إذ كان صاحب الريادة في تمكين المرأة من التعليم حيث بادر بانخراط بناته في التعليم في وقت شهد تعليم الفتيات صعوبة وتحديداً في الفترة التي شهدت افتتاح مدارس تعنى بتعليمهن، إذ الإقبال كان ضعيفاً جداً عليها، ومنذ انخراط بناته في التعليم شجع الأسر على تعليم بناتها وفي الوقت ذاته انضم عدد كبير من الفتيات للتعليم.

وأوضح أن الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم قدم نموذجاً من خلال إعطاء المثل وليس فقط الدعم الشفهي، وخاصة أن المجتمع الموجود كان يتحفظ في مثل هذه المسائل، لكن عندما يرى المجتمع حاكمهم وشيخهم يقبل على شيء مثل هذا فسيتم تقبل الأمر بسرعة، وعلى هذا النحو نجد أن حركة التعليم سارت مع حركة الاقتصاد بشكل متميز، وساهم ذلك في دفع عجلة التمكين.

من جهته قال علي ميحد السويدي وكيل وزارة التربية والتعليم سابقاً، إن الشيخ راشد من أعظم القادة الذين خططوا لبناء اقتصاد قائم على المعرفة، وجعل لدبي نهضة مستمرة، وكان لدية نظرة استراتيجية انطلق منها إلى أن أصبحت دبي سوقاً تجارياً كبيراً من خلال موقعها الاستراتيجي. واعتبر السويدي الشيخ راشد مدرسة سار على خطاه أبناؤه في تطوير ما بدأه من بنى تحتية بحرية وجوية وبرية وضعت دبي في قلب العالم.

ملحمة

إلى ذلك، قال معالي الدكتور حنيف القاسم، رئيس مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي: «نستذكر في هذا اليوم، 7 أكتوبر المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيب الله ثراه، وهذا العام صادف كذلك مرور 60 عاماً على توليه الحكم في إمارة دبي»، مبيناً أن قصة الشيخ راشد، ملحمة رائعة تتلخص في بناء وطن وتشييد نهضة أساسها رؤية استثنائية للقيادة والإدارة ثم عزيمة قوية لتحقيق الرؤية وإرادة صلبة لمواجهة التحدي وتحقيق الإنجاز.

وتابع القاسم إنه لم تعرف أعوام حكمه تردداً في اتخاذ القرار السابق لعصره، وأخذ المخاطرة المحسوبة، بل كانت مسيرة رائعة، شهدت ملحمة أسطورية في البناء والتشييد والعمران، حافلة بالتحديات الجسام والتي استطاع أن يحولها بعزيمته القوية وجهوده الجبّارة ومثابرته منقطعة النظير إلى فرص واعدة حققت للإمارة ولدولة الإمارات العربية المتحدة على حد سواء مكانة دولية وسمعة راقية يشهد لها العالم بأسره.

Email