سلطان بن غافان: المؤسس أنشأ متاحف مفتوحة وأمر بالبرامج التراثية

مجالس زايد الشعرية منهل للخير والعلم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد سلطان بن غافان، الشاعر والباحث في التراث الإماراتي، أن مجالس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه ، كلها خير وعلم وحكم وشعر نهل من معينها كل من كان من روادها، خصوصاً الأوائل منهم.

ولفت ابن غافان إلى أن كل من عاصر الشيخ زايد وعرفه يشهد له بعمق إنسانيته وصدق مشاعره، فقبل أن يكون رئيساً، هو إنسان يحمل في قلبه وعقله مشاعر فيها الكثير من عمق الإنسانية التي هي مصابيح أضاءت مسيرته الخيرية التي سار على دربها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فمجالسه، رحمه الله، تعوّد فيها على استضافة العلماء ورجال الدين حتى يستنير الأهالي برأيهم، كما عرّف من خلالها بأهمية القرى التراثية حتى أضحت متاحف مفتوحة تعرف بتراث وعادات الإماراتيين الضاربة جذورها في القدم، ففتح المجالس الرمضانية منذ سنوات، وكانت أياديه البيضاء ممدودة لكل المحتاجين، وظلّت مجالسه مفتوحة وعامرة بأنجاله.

مشاريع ثقافية

وقال ابن غافان إن المغفور له الشيخ زايد، منذ توليه الحكم، حرص على إطلاق المشروعات الثقافية، وتشجيع الجمهور على التفاعل معها ومع ما تقدمه، ففي عام 1981 أمر بإقامة معرض الكتاب الإسلامي في مبنى المجمع الثقافي على نفقته الخاصة، تشجيعاً للعلم وتأصيلاً للثقافة، وهو ما اعتبر الدورة الأولى لمعرض أبوظبي للكتاب، حيث شارك في المعرض وقتها ما يقرب من 50 ناشراً من مصر ولبنان وخلافهما من الدول العربية، إضافة إلى المكتبات ودور النشر المحلية، ولم يقتصر اهتمام الشيخ زايد، رحمه الله، في المعرض على افتتاحه والاطلاع على معروضات الأجنحة فقط، بل أمر بشراء جميع ما تبقى من كتب المعرض، وتوزيعها على الجهات المعنية والمؤسسات الثقافية والمكتبات العامة، لتكون تلك الكتب نواة لتكوين مكتبات في هذه المؤسسات، وكذلك نواة لدار الكتب الوطنية في الدولة، مبيناً أن زايد الخير يرى أن «الكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون، وأن الأمم لا تقاس بثرواتها المادية وحدها، وإنما تقاس بأصالتها الحضارية، والكتاب هو أساس هذه الأصالة»، فبفضل اهتمامه أصبح معرض أبوظبي الدولي للكتاب أحد أسرع معارض الكتب نمواً في المنطقة.

اهتمام بالتراث

وأضاف أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، كان له اهتمام خاص بالتراث، باعتباره مكوناً رئيساً من مكونات الهوية الوطنية، وكذلك الشخصية الإماراتية، فكان حريصاً أشد الحرص على صون التراث وحفظ العادات والتقاليد والقيم المنبثقة منها، وإيصالها إلى الأجيال الجديدة، فأنشأ مؤسسات مختصة بهذه المهمة من بينها نادي تراث الإمارات في سبتمبر 1993، و«قرى التراث» التي تمثل متاحف مفتوحة لتعريف روادها بالتراث الإماراتي وشكل الحياة في الإمارات قديماً، فكان يحدث عنها في مجالسه بضرورة الاهتمام بها، مبيناً أن زايد الخير كان مولعاً بالرياضات والمسابقات التراثية، فقد نشأ عليها، وأدرك أهميتها في بناء شخصية الإنسان، وإكسابه العديد من الصفات الحميدة، مثل القوة والصبر والجلد، والاعتماد على النفس وسعة الحيلة، لذلك حرص على ممارستها، رغم مشاغله وأعباء الحكم، وتشجيع أبناء الإمارات على ممارستها منذ الصغر، لافتاً إلى أنه خلال حضوره أحد مجالس زايد الخير، وجّه بضرورة إيجاد برامج تراثية تذاع في التلفزيون والإذاعة للتعريف بسير الأولين والعادات والتقاليد الإماراتية حتى يتعرف عليها النشء الحالي، كما أنه خصّص 3 برامج للتراث: برنامج تلفزيوني، وآخران إذاعيان شارك فيهما مع الشاعر عبيد بن صندل، مبيناً أن ذلك يدلل على اهتمام الشيخ زايد، طيب الله ثراه، بالتراث حتى يعم وينتشر ويتعرف إليه جيل اليوم.

أندية

وأوضح ابن غافان أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ترجم حبه للتراث وتمسكه به إلى أفعال من خلال إنشاء مؤسسات وجمعيات ونوادٍ، أبرزها نادي تراث الإمارات الذي يعمل في مجال التراث وتعليمه للأجيال الجديدة عن طريق الممارسة، مثل السنع التي تعنى بعادات الكرم والضيافة والتعامل مع الضيوف، وكذلك الرياضات التراثية كالرماية وركوب الخيل، إضافة إلى ممارسة الألعاب الشعبية الوطنية، لأنها تعبّر عن روح الشعب ووجدانه وعاداته وتقاليده ونمط حياته القديمة وبساطتها، وكيف كان أبناء الأجيال السابقة يصنعون ألعاباً مسلية ومفيدة بأفكار وأدوات بسيطة مستمدة من البيئة المحلية، كما كان مهتماً بإنشاء مراكز متخصصة للبحث في التراث وجمعه وحفظه وتوثيقه.

قصائد

وقال ابن غافان إن الشعر عموماً والشعر النبطي خصوصاً يمثل إحدى دعائم الثقافة العربية والخليجية، لذلك اهتم به الشيخ زايد الذي لم يكن محباً للشعر والشعراء فقط، لكنه كان شاعراً وله الكثير من القصائد في مختلف أغراض الشعر، ودارت بينه وبين شعراء الدولة مساجلات شعرية، كما اهتم الشيخ زايد بإقامة مجالس الشعر في مختلف أنحاء الدولة، ورفع مكانة الشعراء وشجعهم، إضافة إلى اهتمامه بالفنون الشعبية والتقليدية، فوجدت فرق الفنون الشعبية دعماً واهتماماً واضحاً من الدولة والشيخ زايد، باعتبارها جزءاً من ثقافة المجتمع ومكونات هويته، لتظل حاضرة في مختلف المناسبات الرسمية والاجتماعية، لافتاً إلى أنه في أحد المجالس الرمضانية التي يقيمها زايد الخير تبارى ما يقارب 30 شاعراً في مختلف ضروب الشعر من غزل وحماس وأخرى تدعو إلى التعاضد والتكافل، وأنه كان من الشعراء الحاضرين وألقى «شلة وحدوة بحرية»، فعندما سمعها الشيخ زايد قال له: «يا سلطان، أنت فاكهة المجالس»، مبيناً أن تلك العبارة لا تزال ترن في أذنه، كما أنه كان يدعو الحاضرين في المجالس إلى اصطحاب أبنائهم معهم إليها حتى يتعلموا منها ويقتدوا بحكمائها، لأن المجالس في نظره تعد مصانع للرجال، تعلّم الأطفال آداب السلام والتحية، مبيناً أن حضوره في أحد مجالس الشيخ زايد صادف وجود الشاعر عبيد بن صندل الذي أنشد حينها قصيدة في زايد الخير، وكان مطلعها:

يا شعاع النور لي صاطع لي منور ذا الوطن كله

                                 أدعيلك راكع وساجد ويحفظك لي خالج المله

فأُعجب المغفور له الشيخ زايد بالقصيدة، مثنياً على شاعرها الذي حباه الله بموهبة شعرية فذة لا يُشق لها غبار.

رجل وطني 

وأضاف أن المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد رجل وطني، طالب بالحق والعدل، ووقف مع الشعوب المستضعفة، وقدّم لها العون، ففازت قيادته وسياسته باحترام وتقدير الجميع، كما أن الشيخ زايد وجد تكريماً واسعاً من شعبه والأمتين العربية والإسلامية، وما صنعه لا يرقى إليه إلا قلة قليلة من البشر، نقاء وطهر داخلي وشيم وصفاء وعدل وحكمة ومنطق ووعي وسلام وكرم وعطاء، ما أهّله أن يكون قائداً استثنائياً في واقع معاصر مفعم بالشحناء والبغضاء، لافتاً إلى أن صاحب السمو رئيس الدولة سار على نهجه في الكرم والعطاء والحنكة السياسية، داعياً إلى السير على نهج القيادة الرشيدة في تلبية حاجة الملهوف محلياً وخارجياً.

زيارات

وتابع ابن غافان: «عندما يضع الشيخ زايد، طيب الله ثراه، قدمه في المناطق الشمالية ينتشر الخبر بين الناس، مستبشرين بمقدمه، حيث يأتي الخير معه إلى الأهالي، مجتمعاً بهم في قصره بفلج المعلا مستمعاً لهم، وملبياً لحاجاتهم ومطالبهم في اللحظة ذاتها»، مبيناً أنه في عام 1973 زار إمارة أم القيوين، وأمر بتشييد 160 بيتاً من البيوت الشعبية في منطقة الرقة وتوزيعها على الأهالي المحتاجين، ما يدلل على إنسانية زايد وحبه للخير.

وذكر أن زايد الخير أسّس للعمل الخيري، وأطلق العديد من المبادرات الخيرية، فامتدت أياديه البيضاء إلى كل شعوب العالم المنكوبة لإغاثتها من دون انتظار لرد الجميل، أو تمييز على أساس الدين أو الجنس أو العرق، كما أنه أنفق مليارات الدراهم في أعمال الخير داخل الدولة وخارجها، ما جعل الإمارات تتبوأ مكانة عالمية مرموقة وسط دول العام يشار إليها في المحافل الدولية كافة، ما أكسبها سمعة طيبة جلبت الاحترام والمحبة للإنسان الإماراتي أينما حلّ.

سلطان بن غافان

 

تقدّم

أكد سلطان بن غافان، الشاعر والباحث في التراث الإماراتي، أن الإمارات، بفضل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقيادتها الحكيمة، تتقدم اليوم الصفوف المانحة والداعمة لقضايا الشعوب الإنسانية، وتعدّ واحدة من أهم عناصر المواجهة الدولية لتخفيف آثار الأزمات والكوارث، وذلك بفضل المبادرات الإنسانية والتزامها الأخلاقي تجاه الضحايا والمتأثرين، كما أن الإمارات أسّست نهجاً متفرداً في العمل الإنساني، يقوم على تقديم العون والإغاثة لمستحقيها دون تمييز لجنس أو عرق أو دين، وأن أبناء الإمارات أداروا عمليات الإغاثة في الساحات والمناطق الملتهبة بكل اقتدار وكفاءة عالية، وقادوا فرق الإنقاذ والفرق الطبية في أكثر المناطق توتراً.

Email