مسؤولون وخبراء: «استراتيجية العزم» خـــــــطوة تكاملية تتطلع إليها شعوب المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد مسؤولون وخبراء أن إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية عن رؤية مشتركة للتكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً، عبر 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً .

وذلك من خلال «استراتيجية العزم»، يبعث بالعديد من الرسائل الموجهة أولاً لشعبي البلدين الشقيقين وللإقليم ومن ثم للعالم بأسره، حيث تعد خطوة تكاملية عربية فريدة من نوعها وتتطلع إليها شعوب المنطقة.

وأشار الخبراء إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة ترتبط بعلاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية، تتمثل في روابط الإخاء بين الشعبين الشقيقين وعلاقات حسن الجوار.

إضافة إلى الروابط التاريخية والتجارية من خلال حرص قيادتي البلدين الشقيقين على توثيق العلاقات وتعزيزها، استناداً إلى معطيات جغرافية وطبيعية وبشرية ذات جذور تاريخية تنطلق من واقع تشابه في البيئة والعادات والتقاليد كسائر دول الخليج العربي، ما يسهم في تعاظم قوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والقيام بواجباته على أكمل وجه.

دفعة قوية

وقال سلطان بطي بن مجرن، المدير العام بدائرة الأراضي والأملاك في دبي، إن «استراتيجية العزم» تبعث بالعديد من الرسائل، وعلى المستوى الوطني يشعر المواطن سواءً في الإمارات أو في المملكة بأن القيادة تضع الخطط الطموحة والاستراتيجيات الاستباقية التي تعود بالنفع والخير الوفير على كل ما قد يتعلق بحياته وتقدمه وازدهاره، مع التأكيد على صون الوطن ومقدراته ومنجزاته وأصوله. إنها رسالة تبعث على الطمأنينة والشعور بالأمان تجاه مستقبل الوطن وأجياله.

وعلى مستوى المنطقة سيقود هذا التكامل إلى ولادة جبهة قوية قادرة على تحقيق الإنجازات الاقتصادية لتعزيز تنافسية البلدين، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، والاستفادة من الطاقات الشابة التي تزخر بها الدولتان.

أما الرسالة الموجهة للعالم فتفيد بأننا ندرك تماماً المستجدات على الساحة الدولية، وما تتطلبه منا لاستغلال مواردنا، والاستفادة من موقعنا الاستراتيجي، والانطلاق من حضارتنا الراقية لبعث الحياة في أوصالها من جديد، لكي نتبوأ المكانة التي نستحقها في هذا العصر.

إن الأرقام المعلنة تتحدث عن نفسها، وتشير إلى أننا نقف أمام مرحلة من النماء الاقتصادي غير المسبوق، ستجعل من اليسير على قيادات البلدين تنفيذ الخطط الطموحة التي تم الكشف عن بعضها في فترات سابقة.

تنامي العلاقات

وأكد أحمد محبوب مصبح، مدير جمارك دبي، قوة وتنامي العلاقات التجارية والاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية الشقيقة والتي تعد الأكبر بين دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية، مشيراً إلى أن السعودية تعد الشريك التجاري الأكبر للإمارات على مستوى منطقة الخليج والوطن العربي.

وقال إن هذه العلاقات الثنائية الراسخة بين الدولتين الشقيقتين انعكست نمواً على حجم التبادل التجاري بين السعودية ودبي، الذي سجل 58 مليار درهم بنهاية العام الماضي، بما يمثل نحو 4.5% من إجمالي تجارة دبي الخارجية غير النفطية، لتحتل بذلك المملكة العربية السعودية الشريك التجاري الأول عربياً والرابع عالمياً في تجارة دبي، متوقعاً أن تشهد هذه المؤشرات نمواً كبيراً خلال السنوات القادمة مع تنامي الشراكة في مختلف المجالات، ومنها الشراكات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية.

حلول عملية

وقال محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، إن استراتيجية العزم تأتي تتويجاً للعلاقات الأخوية العميقة بين دولة الإمارات والسعودية، حيث يدشن البلدان مرحلة مهمة من الرفاه المشترك للشعبين.

وأضاف المبارك أن المشاريع المنبثقة عن الاستراتيجية تلبي طموحات الشباب الذين يشكلون الأغلبية في البلدين، كما أن المحور الاقتصادي من الاستراتيجية يطرح حلولاً عملية للعديد من التحديات التي يواجهها البلدان في سعيهما إلى تنويع مصادر الدخل وتوظيف الموارد الطبيعية والبشرية بالشكل الأمثل بما يسهم في تطوير المنظومة الاقتصادية والمجتمعية.

وتابع: «يعد إطلاق رؤية وهوية مشتركة تعني بالسياحة والتراث الوطني ضمن مشاريع استراتيجية العزم المشتركة خطوة تقدمية لتوحيد الجهود والاستفادة من الخبرات وتبادل المعرفة في هذا المجال الحيوي، فكلا البلدين الشقيقين يتمتعان بخبرات إدارية هامة في هذا المجال، إلى جانب المكونات الثقافية والتاريخية المذهلة التي تشكل نقطة جذب سياحية لا بد من العمل عليها لتحقيق المزيد من التدفق السياحي إلى المنطقة عبر توظيف مكونات التراث الثقافي، الأمر الذي سيحقق وعياً جمعياً جديداً عن المنطقة».

خطوة تكاملية

من جانبه، قال سيف سعيد غباش، وكيل دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، إن «استراتيجية العزم» تعد خطوة تكاملية عربية فريدة من نوعها وتتطلع إليها شعوب المنطقة، وعبر مشاريعها الطموحة يدخل البلدان في ثنائية شاملة سنرى نتائجها قريباً على أرض الواقع، بما يضمن المزيد من الازدهار والنمو المجتمعي، بما في ذلك المنظومة التعليمية التي تدعم التوجّه نحو اقتصاد المعرفة، أحد الأهداف الهامة المشتركة للبلدين.

وأضاف أن الرؤية والهوية المشتركة للسياحة والتراث الوطني تشكل دافعاً قوياً لهذا التوجّه الذي سيعطي المزيد من الاستقلالية الاقتصادية والاعتماد على الصناعات المحلية لتطوير مصادر الناتج القومي.

وتابع: «يتميز القطاع السياحي في البلدين بالعديد من المميزات والمقومات التي ستسهم في جذب المزيد من السياح إلى المنطقة، وأيضاً المزيد من الاستثمارات سواءً من رواد الأعمال المحليين أو الدوليين في ظل التسهيلات الاقتصادية والإدارية التي ترافق الاستراتيجية وصندوق الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، حيث نتوقع استجابة إيجابية من القطاع الخاص للمساهمة في إنجاح جهود حكومتي البلدين الشقيقين».

همم القادة تلهم الشعوب

وقال هشام عبدالله القاسم، الرئيس التنفيذي لمجموعة وصل لإدارة الأصول: «تدرك قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية أن المرحلة تحتاج إلى أعلى مستويات التنسيق والتآزر، وتفرض تسخير كافة الإمكانات المتاحة لإحداث التكامل على أعلى المستويات وفي كافة المجالات».

وأضاف أن هذه الرؤية لا تعدّ وليدة اليوم، وليست نتاج صدفة غير متوقعة؛ فالعلاقات بين البلدين تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، وتبلورت مع إعلان اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، والدعم اللامتناهي الذي وفرته المملكة العربية السعودية للإمارات في المحافل الإقليمية والعالمية، والتنسيق التام مع الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه.

وتابع القاسم: «واليوم، وفي ظل التحديات الكثيرة التي تحيط بالمنطقة من كل حدب وصوب، وسياسة التكتلات والمحاور الاقتصادية التي تظهر في أرجاء مختلفة حول العالم، بات من الضروري الارتقاء بآفاق التعاون، والوصول به إلى أعلى مراتب التكامل بين البلدين اقتصادياً وتنموياً وعسكرياً».

وفي الختام أرى أن الأرقام التي تم الكشف عنها من خلال هذا الإعلان تبرز همم القادة وما يتحلون به من عزيمة لا تلين، لتكون لكل مواطن في البلدين مصدر إلهام وحافزاً على حُسن الولاء من خلال دعم رؤى القادة.

تطور وازدهار

وقال المهندس جمال سالم الظاهري، الرئيس التنفيذي لشركة صناعات: «نشهد اليوم بكل فخر دولتنا الحبيبة وهي تمضي قدماً في مسيرة التطور والازدهار، حيث إن استراتيجية العزم هي انعكاس لرؤية القيادة الرشيدة التي ترتكز على قيم ومبادئ التعاون والتخطيط للمدى الطويل لتحقيق التقدم الاقتصادي والتطور والازدهار لشعب الإمارات والمنطقة أيضاً.

كما تدعم هذه الاستراتيجية رؤية أبوظبي الاقتصادية ٢٠٣٠ الرامية إلى التنويع الاقتصادي، وتقليل نسبة التركيز على الصناعات النفطية ودعم المنتج المحلي، حيث إن أحد بنود الاستراتيجية يتمحور حول تفعيل الصناعات التحويلية ذات القيمة المضافة بالتكامل مع الصناعات القائمة، وذلك لدعم الصناعات التحويلية وتنفيذها عبر الشركات الصغيرة والمتوسطة في مجالات الحديد والألومنيوم والبتروكيماويات.

ونحن في «صناعات»، إحدى أبرز الشركات القابضة في الاستثمار بالقطاع الصناعي والقطاعات غير النفطية، نتطلع إلى تحول هذه الاستراتيجية إلى واقع ملموس، من شأنه أن ينهض بدولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة على جميع الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والأكاديمية. ومستمرون في دعم القيادة الرشيدة التي ستسير بنا نحو مستقبل أكثر ازدهاراً ورخاءً وسعادةً وتفوقاً».

صورة مستقبلية

وأكد عادل المر، خبير قطاع تعهيد الخدمات الحكومية، أن استراتيجية العزم تتيح الفرصة للشباب في الإمارات والسعودية لتحقيق نقلة نوعية في العمل الشبابي، بما يحقق الطموحات ويرسم صورة مستقبلية مشرقة لشعب البلدين.

مضيفاً أن دولة الإمارات العربية المتحدة قطعت شوطاً كبيراً في إرساء دعائم العلاقات الاستراتيجية بينها والمملكة في المجالات والميادين كافة، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وتطمحان، كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة، إلى الوصول إلى الشراكة الاقتصادية بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة.

وأشار المر إلى أنه من الضروري أن تكون العلاقة الإماراتية السعودية نموذجاً للقوة العربية التي تحاول أن ترفع شأن المنطقة اقتصادياً وسياسياً. وعلى مستوى المنطقة سيقود هذا التكامل إلى ولادة جبهة قوية قادرة على تحقيق الإنجازات الاقتصادية لتعزيز تنافسية البلدين، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، والاستفادة من الطاقات الشابة التي تزخر بها الدولتان.

وأضاف أن «الدولتين حققتا نجاحات عالمية في مجال الزراعة والبيئة وتحلية المياه، وتوقيع مذكرة التفاهم يمكننا من تصدير هذه النجاحات لدول العالم، إضافة إلى استشراف مستقبل هذا القطاع وتبادل الخبرات وترويج الشراكات في المشروعات الزراعية والبيئية والمائية».

نموذج متقدم للعلاقات

وقال موفق أحمد القداح، مؤسس ورئيس مجموعة ماج القابضة: «عندما اطلعت على (إعلان جدة) المشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، كان أول ما لفتني اشتماله على 44 مشروعاً استراتيجياً مشتركاً. وللعارفين بأمور الاقتصاد وروافده وآليات تقدمه، فإن هذا الرقم الضخم كفيل بإحداث طفرة شاملة تطال كافة القطاعات الاقتصادية وشتى جوانب الحياة».

وتابع: «وعندما تبدأ بواكير هذه المشاريع، فإن تغيراً جذرياً من النوع المدروس سيظهر في المنطقة، ليتم استيعاب النمو، وضمان أقصى قدر من التأثير الإيجابي في المجتمع أولاً وفي الاقتصاد عموماً، لاسيما أن الإعلان في حد ذاته يحمل صفة الشمولية».

وأكد أن التكامل وفق هذا الإعلان الذي تم الكشف عنه بعد الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي الإماراتي، ينطلق من أسس اقتصادية تحتاج حتماً إلى تنمية بشرية ومعرفية، وهو ما أدركته قيادة البلدين الشقيقين. وتتطلب المحصلة النهائية لهذا التكامل المتناغم توفير الدعم السياسي، وكذلك التنسيق الأمني والعسكري لحماية المقدرات والمحافظة على المكتسبات.

وأشار إلى أن الإعلان عن هذه الخطوة جاء في وقت تحتاج فيه منطقتنا إلى مثل هذا التكامل، لكن التطابق في رؤى البلدين سيقدم نموذجاً لدول المنطقة إلى ما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الأشقاء.

Email