انسجام كامل بالقرارات المتخذة في كل القضايا الخليجية والعربية

الإمارات والسعودية.. كيان متماسك لمواجهة التحديات في المنطقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ترتبط دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية، تتمثل بروابط الإخاء بين الشعبين الشقيقين وعلاقات حسن الجوار.

إضافة إلى الروابط التاريخية والتجارية من خلال حرص قيادتي البلدين الشقيقين على توثيق العلاقات وتعزيزها، استناداً إلى معطيات جغرافية وطبيعية وبشرية ذات جذور تاريخية تنطلق من واقع تشابه في البيئة والعادات والتقاليد كسائر دول الخليج العربي، ما يسهم في تعاظم قوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والقيام بواجباته على أكمل وجه.

وقطعت دولة الإمارات العربية المتحدة شوطاً كبيراً في إرساء دعائم العلاقات الاستراتيجية بينها والمملكة في المجالات والميادين كافة، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وتطمحان، كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة، إلى الوصول إلى الشراكة الاقتصادية بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة.

قوة ومتانة

وتميزت العلاقات الإماراتية ـ السعودية، بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، بالقوة والمتانة، والحرص على توثيقها باستمرار.

وتشريبها بذاكرة الأجيال المتعاقبة، حتى تستمر هذه العلاقة على ذات النهج والمضمون، مما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية لهذه العلاقة، التي تستصحب إرثاً من التقاليد السياسية والدبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة، في سياق تاريخي، رهنها دائماً لمبادئ التنسيق والتعاون والتشاور المستمر حول مستجد القضايا والموضوعات الإقليمية والدولية، لذا تحقق الانسجام التام والكامل لكل القرارات المتخذة من الدولتين الشقيقتين في القضايا والموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

وخلال التطورات التي تشهدها المنطقة الخليجية والعربية والعالمية، ظهر التعاون بين البلدين الشقيقين في أعلى صوره وأشكاله، وبرز في أرقى صوره مع التضحيات التي قدمها شهداء البلدين فوق أرض اليمن، بهدف عودة الشرعية والأمن والاستقرار إلى هذا البلد الشقيق.

وأكدت سفارة الإمارات في الرياض أن العلاقة التجارية والاقتصادية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية تعتبر الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، وتعد الإمارات واحدة من أهم الشركاء التجاريين للسعودية على صعيد المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص.

فقد بلغ إجمالي قيمة الواردات السعودية من الإمارات في النصف الأول من 2016 نحو 11 مليار ريال، بينما بلغ إجمالي الصادرات السعودية للإمارات 6 مليارات ريال، ويقدّر حجم التبادل التجاري بنحو 22 مليار ريال.

وأشارت السفارة الإماراتية في الرياض إلى أن الاستثمارات المشتركة بين الإمارات والسعودية تؤدي دوراً حيوياً في العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ تتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات 35 مليار درهم، وتعمل في الإمارات حالياً نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في السعودية إلى 114 مشروعاً صناعياً وخدمياً، برأس مال بلغ 15 مليار ريال، فيما تخطت الاستثمارات الإماراتية في المملكة 9 مليارات دولار.

ويعتبر إطلاق «مدينة الملك عبد الله» الاقتصادية بتكلفة تتجاوز 100 مليار ريال، نقلة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، حيث تم تشكيل تجمع إماراتي سعودي بقيادة شركة «إعمار» الإماراتية، وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر.

وأوضحت سفارة الإمارات لدى المملكة العربية السعودية أن السياحة بين البلدين تؤدي أيضاً دوراً مهماً وحيوياً في تعزيز الروابط التجــارية والاقتصادية بينهما.

وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب المزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خاصة بعد أن خصــــصت دولة الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة، لتطوير هذا القطاع، وذلك بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية، لما تتمتع به من مقومات أساسية، تكفل نجاح الصــناعة الســـياحية فيها.

وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم، والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات ومـــوانئ وشبكـــة طرق ووسائل اتصالات، وغيرها من الخدمات الراقية التي يوفرها أكثر من 450 فندقاً في الدولة.

اللجنة العليا

ومع تشكيل اللجنة العليا المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية في مايو عام 2014 بدأت العلاقات الإماراتية السعودية تتخذ أبعاداً جديدة على المستويات كافة، إذ تولت هذه اللجنة تنفيذ الرؤى الاستراتيجية لقيادتي البلدين، بهدف مواجهة التحديات في المنطقة، ودعم وتعزيز العلاقات السياسية والعسكرية والتجارية والثقافية، في إطار كيان قوي متماسك يعود بالخير على الشعبين الشقيقين، ويدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك.

وجاء الإعلان عــن تشكيل اللجنة المشتركة خلال استقبال صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، والأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية الســعودي ـ رحمه الله ـ خلال زيارة قام بها والـــوفد والمرافق له إلى الدولة آنذاك.

ولا شك أن قرار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في شأن تشكيل لجنة التعاون المشترك بين الإمارات والمملكة العربية السعودية في 5 ديسمبر عام 2017، جسّد مرحلة أخرى جديدة من التعاون المؤسسي وتنسيق العمل المشترك بين الإمارات والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات.

وكان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أصدر قراراً في 5 ديسمبر 2017 بتشكيل لجنة للتعاون المشترك بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، نائباً للرئيس.

ويرى المحللون أن تشكيل اللجان المشتركة عالية المستوى بين البلدين الشقيقين في تلك المرحلة أعطت طابعاً جديداً ومختلفاً للعــلاقات الإماراتية السعودية التي تشهد تطابقاً تاماً في الرؤى حول كل القضايا والتحديات التي تواجه المنطقة.

كما يؤكد الخبراء أن اشتراك دولتين مركزيتين في النظام الإقليمي بوزن وحجم الإمارات والسعودية في الإدراك الكبير من المخاطر الخارجية سواء المخاطر الناتجة من الأزمة القطرية أو العمل معاً على استعادة الشرعية في اليمن، يعطي دفعة كبيرة لاستقرار المنطقة، ويقوّض المشروع الفوضوي الذي تحاول كل من إيران وقطر فرضه على منطقة الخليج.

وعقدت المرحلة الأولى من «خلوة العزم» الاستثنائية المشتركة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، في العاصمة أبوظبي في 21 فبراير عام 2017، بمشاركة أكثر من 150 مسؤولاً حكومياً وعدد من الخبراء في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة في البلدين، بهدف تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء المجلس.

ووضع خريطة طريق له على المدى الطويل، ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول، وبما يعكس حرص البلدين على توطيد العلاقات الأخوية بينهما، والرغبة في تكثيف التعاون الثنائي عبر التشاور والتنسيق المستمر في المجالات ذات الأولوية، ولتكون مكملاً لجهود البلدين في تعزيز منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

وأكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي حضر جانباً مع الخلوة المشتركة في جزيرة السعديات، أن توحيد الطاقات والإمكانات بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية يمكن أن يخلق فرصاً تاريخية للشعبين وللمنطقة بكاملها.

مشيراً إلى أن الخلوة تهدف إلى تحويل الاتفاقات والتفاهمات إلى مشاريع ميدانية تعود بالخير على الشعبين الشقيقين، والوصول إلى مستوى جديد من العلاقات الاستثنائية بين دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية.

وتعد «خلوة العزم» في أبوظبي أول الأنشطة المنبثقة من مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تم الإعلان عنه في مايو 2016 في مدينة جدة، والذي شهد إعلانه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ملك المملكة العربية السعودية، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

فرص تاريخية

شددت خلوة العزم على أن التعاون والتكامل بين المملكة والإمارات أصبح في أقوى صوره وأن العلاقات الثنائية تكبر وتقوى لتدعم مسيرة مجلس التعاون الخليجي، وأن قيادتي البلدين تسعيان لجعلها استثنائية ونموذجية.

وأن لدى البلدين مواقف مشهودة في التعاون الإقليمي يحتذى بها، ولديهما اليوم فرصاً تاريخية بوجود قيادات تاريخية والثقة كبيرة بعقول مواطنيهما وكوادرهما والثقة الكبيرة بمستقبل علاقات متميزة واستثنائية تجمع الإمارات المملكة.

وبحثت جلسات خلوة العزم الثانية في الرياض سيناريوهات وإطلاق مبادرات وتطوير سياسات تخدم التعاون المشترك والانتقال بمسيرة التنمية والتعاون بين البلدين إلى مرحلة جديدة من النمو والتطور، إلى جانب توفير منصة للتشاور والتنسيق بين فرق العمل، وأعقبتها سلسلة من اللقاءات والأنشطة بين مختلف فرق العمل الثنائية في المجلس لتفعيل مخرجات الخلوة ومناقشة آليات تفعيل خطط التعاون المختلفة، ورفعها إلى مجلس التنسيق السعودي الإماراتي.

Email