«الموارد البشرية» شريك في تصميم مكان العمل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكدت دراسة أجراها المعهد البريطاني العالي للموارد البشرية "CIPD"، ونشرت نتائجها في العدد الثاني من مجلة صدى الموارد البشرية التي تعدها الهيئة الاتحادية للموارد البشرية الحكومية بشكل نصف سنوي، أن ثمة توجهاً عالمياً في وقتنا الراهن لإشراك إدارات الموارد البشرية بشكل أكبر في النقاش حول تصميم بيئات العمل.

وجاء في الدراسة أن إدارة الموارد البشرية تحظى بأهمية كبيرة في أي مكان عمل، حتى أنه من الجنون عدم إشراك إدارة الموارد البشرية عند تصميم أي مكان عمل جديد.

وذكرت أن تجاهل استشارة إدارات الموارد البشرية عند تصميم بيئة العمل، سيفقد المؤسسات فرصاً متميزة، ففي الوقت الذي يركز فيه المشاركون الآخرون في النقاش بشأن تصميم بيئة العمل على قضايا شكلية أو يركزون على التكاليف، فإن إدارات الموارد البشرية تدرك أهمية أماكن العمل المتميزة وتأثيرها على الإنتاجية والاحتفاظ بالمواهب ورفاهية الموظفين.

وعند حديث إدارة الموارد البشرية عن أهمية بيئة العمل، فقد جرت العادة أن يتمحور حديثها حول مراعاة المساحة، وما إذا كانت المساحة تعكس التسلسل الهرمي للوظائف ضمن المؤسسة، إذ ما زال خبراء الموارد البشرية يترددون في اتخاذ دور قيادي أو ممارسة دور فاعل في تصميم مكان العمل عندما يكون الحديث متصلاً بقضايا التصميم.

وبحسب الدراسة فإنه بإمكان إدارات الموارد البشرية ربط التصميم النهائي لبيئة العمل بالمستخدمين النهائيين، حيث إن المهام التي تقوم بها إدارات مثل: تقنية المعلومات والتسويق تجعل أصوات هذه الإدارات مسموعة، غير أن إدارة الموارد البشرية تستطيع المساهمة بتقديم نظرتها الثاقبة بشأن ما يحتاجه كل موظف من أجل تقديم أفضل ما لديه من أداء، حتى أنهم يعرفون بدقة مَن مِن العاملين يقبل بالحد الأدنى ومن يفضل المكتب الأنيق، وذلك الذي يقدم أفضل ما لديه عندما يكون محاطًا بأكوام من الورق.

وتركز الدراسة على أهمية مراعاة طبيعة الوظائف عند تصميم بيئة العمل، فتصميم المساحات في مواقع عمل مثل مراكز الاتصال، التي لا تتيح الفرصة للموظفين للتواصل مع بعضهم، وتبقيهم في ظل رقابة مستمرة، تعد بيئة ضارة بالإنتاجية وبرفاه العاملين إلى حد كبير، حيث يحتاج العاملون إلى أن يكون لهم كلمة في تصميم الحيز الذي يخصهم، فأفضل مكان يعمل فيه الشخص هو المكان الذي يشعر فيه بأنه يخصه، والمكان الذي يعكس هويته، ومن المعروف أن كلا من المكتب الذي يتسم بالفوضى والمكتب المرتب يمكن أن يُفضيا إلى إنتاجية متساوية، لأن الناس قادرون على التعرف على أنفسهم جيدًا في مكاتبهم.

وتكمن القاعدة الذهبية في تصميم بيئة عمل تحفز على الإنتاجية في توفير مساحات تسهل العمل القائم على أنشطة - سواء تمثلت هذه المساحات في مناطق اجتماعات لمجموعات العمل، أو غرف هادئة للاسترخاء والتفكير، أو أماكن مفتوحة يلتقي فيها الزملاء، حيث إن هذا الأمر سيسهم في بناء علاقات متميزة بين الموظفين، وسيعزز ثقافة العمل الجماعي لديهم.

ويتفق عدد ممن استطلعت الدراسة آراءهم مع وجهة النظر القائلة إنه قد حان الوقت لأن تتدخل إدارات الموارد البشرية وتلعب دورًا أكبر في تشكيل بيئات العمل، وهم يرون أنه ما زالت عملية تصميم مكان العمل تترك للمصممين والمهندسين المعماريين الذين لديهم أساليب معينة للقيام بهذه الأمور، وهو الأمر الذي قد لا يتناسب مع طبيعة عمل المؤسسة، فبيئة العمل لها انعكاسات كبيرة على طريقة عمل الموظفين ورفاههم وثقافة المؤسسة.

واستشهدت الدراسة بنتائج دراسة حديثة شملت 400,2 عامل في الدنمارك، والتي وجدت أن معدل الإجازات المرضية يزداد مع ازدياد عدد الأشخاص الذين يعملون في غرفة واحدة، فقد أخذ الأشخاص الذين يعملون في غرف تضم موظفين اثنين، في المتوسط، إجازات مرضية تزيد بمقدار النصف بالمقارنة مع أولئك الذين يعملون في مكتب بموظف واحد، أما في حالات العمل في مكتب مفتوح، فقد ارتفعت معدلات الإجازات المرضية بنسبة 62%.

Email