تعهيد خدمات مستشفى الأمل إلى «مودسلي هيلث» البريطانية

الصحة النفسية.. أولوية إماراتية تنتعش بخطط طموحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد معالي عبد الرحمن العويس وزير الصحة ووقاية المجتمع أن قطاع الصحة النفسية في الدولة شهد طفرة كبيرة في فلسفة تقديم الخدمات النفسية تمثلت في وضع خطط طموحة وتصورات واضحة لتغيير الصورة النمطية والوصمة الاجتماعية المتعلقة بمفهوم المرض النفسي، لافتاً إلى أن مستشفى الأمل للصحة النفسية المزمع افتتاحه رسمياً خلال الفترة المقبلة بعد التشغيل التجريبي يعد علامة فارقة على مستوى منطقة الشرق الأوسط في مجال الصحة النفسية.

أهداف استراتيجية

وأكد معاليه لـ «البيان» أن الصحة النفسية تأتي ضمن أولويات الوزارة خاصة وأن السياسة الوطنية للصحة النفسية، التي اعتمدها مجلس الوزراء حددت 5 أهداف استراتيجية رئيسة، تشمل تعزيز فعالية الجوانب القيادية في مجال الصحة النفسية، وتطوير وتعزيز وتوسيع نطاق خدمات الصحة النفسية الشاملة والمتكاملة والمستجيبة للاحتياجات والموجهة للمجتمع بفئاته وأعماره كافة، وكذلك تعزيز التعاون متعدد القطاعات لتنفيذ سياسة تعزيز الصحة النفسية، وتعزيز الوقاية من الاضطرابات النفسية لفئات وأعمار المجتمع كافة، وتعزيز القدرات وتحسين نظم المعلومات، وجمع واستخدام وتفعيل البيانات، وإجراء البحوث الخاصة بالصحة النفسية بغرض تطوير خدماتها.

وأضاف معاليه، من بين الإجراءات والخيارات التي تضمنتها استراتيجية السياسة الوطنية للصحة النفسية توفير خدمات الصحة النفسية للمرضى الخارجيين، وتطوير وحدات الصحة النفسية للمرضى الداخليين في مستشفيات الصحة النفسية، وإنشاء خدمات الصحة النفسية المجتمعية، ومنها خدمات التوعية، وخدمات الرعاية والدعم المنزلية، والرعاية في حالات الطوارئ، وإعادة التأهيل المجتمعي.

اتفاقية تعاون

وكشف معاليه عن أن وزارة الصحة ووقاية المجتمع وقعت اتفاقية لتعهيد خدمات مستشفى الأمل العلاجية مع مودسلي هيلث، وهي أقدم مؤسسة للطب النفسي في العالم وواحدة من أكبر منظمات الصحة النفسية في المملكة المتحدة ويعمل بها 4650 موظفاً من أطباء نفسيين وممرضين وعلماء النفس والعلاج النفسي والعلاج المهني وأخصائيين اجتماعيين وعلماء إكلينيكيين.

وتعمل المنظمة من 91 موقعاً مجتمعياً وخمسة مستشفيات رئيسية لتوفير خدمات الصحة النفسية المجتمعية لسكان جنوب شرقي لندن، وبالتعاون مع شركة مكاني وهي شركة متخصصة في تقديم الخدمات التعليمية في المجال النفسي والرعاية المتخصصة ومقرها بأبوظبي لاستقطاب الخبرات وأفضل الممارسات الدولية في التعليم في المجال النفسي والرعاية المتخصصة لمستشفى الأمل للصحة النفسية لمدة ثلاث سنوات.

وأضاف معاليه أنه استناداً إلى الاتفاقية المبرمة بين الطرفين سيقوم فريق إكلينيكي متخصص من مودسلي هيلث بالعمل في مستشفى الأمل لتقديم خدمات الصحة النفسية للمرضى والاستفادة من الخبرات التي توفرها من أجل تنمية وتطوير مهارات وكفاءات مستشفى الأمل لتصبح مركزاً رائداً للتميز في خدمات الصحة النفسية في المنطقة.

رعاية أولية

بدوره قال الدكتور يوسف السركال وكيل وزارة الصحة ووقاية المجتمع المساعد لقطاع المستشفيات، إن وزارة الصحة تعمل وفقاً لتوجيهات منظمة الصحة العالمية، لافتاً إلى أن التوجه العالمي حالياً هو أن تشكل الصحة النفسية جزءاً من الرعاية الأولية، من خلال علاج الحالات النفسية في المستشفيات، وليس في مستشفيات الصحة النفسية، ودمج الرعاية النفسية في الرعاية الصحية الأولية، حيث تم تدريب الأطباء وتعزيز البرنامج بعيادات الوزارة من خلال تخصيص عيادات للصحة النفسية.

لافتاً إلى أن مستشفى الأمل سيكون نواة الفِرق ونواة العمليات لوضع الخطة الوطنية للصحة النفسية، من خلال شراكات عالمية في الطب النفسي الحديث، والتعرف إلى الأنظمة المطبقة عالمياً في مجال الصحة النفسية، للارتقاء بخدمات الصحة النفسية بما يتماشى مع المعايير والأنظمة العالمية وتعزيز برامج الوقاية والاكتشاف المبكر للاضطرابات النفسية وإعداد قاعدة بيانات إحصائية وتعزيز البحوث العلمية عبر مسوحات تشخيصية للاضطرابات النفسية الشائعة، وتقديم التأهيل والدعم للمرضى النفسيين، ودمجهم في المجتمع، والتشخيص المبكر والرعاية النفسية المتنقلة، وفحص أعراض الأمراض النفسية.

فريق العمل

وأوضح الدكتور السركال أنه بموجب الاتفاقية الموقعة مع مودسلي هيلث سيضم فريق العمل كادراً إكلينيكياً متخصصاً (استشاريين وممرضين متخصصين) وسيشرف هذا الفريق على الخدمات الصحة النفسية المقدّمة في المستشفى.

وسيشارك الفريق بشكل مباشر في تقديم خدمات الصحة النفسية للمرضى الداخليين والخارجيين ومرضى الطوارئ لجميع الفئات العمرية (الأطفال والبالغين والمسنين) وسيتضمن هذا الفريق أيضاً مديراً طبياً، ومديراً للتمريض ومديراً للتدريب والبحث.

وأشار إلى أن المستشفى يقدم خدمات منزلية للمرضى، استناداً إلى معايير معينة ومحالة من الطبيب المعالج، ويتبع آلية مطورة لدمج المرضى بالمجتمع، من خلال خدمات إعادة التأهيل والعلاج الطبيعي، والرعاية المنزلية الموسعة.

زيارة ميدانية

«البيان» قامت بأول جولة إعلامية ميدانية في المستشفى في منطقة العوير، والتقت الدكتور عبد العزيز الزرعوني، نائب مدير منطقة دبي الطبية، مدير مستشفى الأمل.

وبحسب الزرعوني؛ يعدّ المستشفى تحفة معمارية قلّ نظيرها في العالم العربي بلغت كلفة إنشائه 600 مليون درهم وهو الأول من نوعه عربياً ويمتد على مساحة تغطي 107633 متراً مربعاً تطل كل مبانيه على حدائق خضراء مزودة بأماكن جلوس تعيد للذهن صفاءه وتزيل الهموم والغموم التي قد يعاني منها البعض تكريساً لمقولة أن الراحة النفسية تعد العلاج الفعال لمختلف أنواع الأمراض.

ويتكون المستشفى من ستة أقسام تمثل 90% من مساحة المستشفى بشكل عام، وفي مكان مستقل تماماً هناك 6 فلل سعة الواحدة منها 5 غرف لمرض الإقامة الطويلة البالغ عددهم 30 مريضاً منهم من مضى على إقامته في المستشفى القديم والجديد أكثر من ثلاثة عقود للتأهيل المنزلي مزودة بكافة أجهزة الترفيه والتسلية إلى جانب المعدات الصحية لتوفير الحياة الكريمة لهم، خاصة بعد رفض بعض الأهل والأقارب إيوائهم.

ولأول مرة على مستوى مستشفيات الأمراض النفسية هناك عيادة الطب النفسي الشرعي للحالات المحولة من المؤسسات العقابية ومراكز الشرطة، والحالات النفسية المدانة للعدالة، والمحولة للكشف عن درجة المسؤولية في ارتكاب الجرم أو لتلقي العلاج، حسب الدكتور عبد العزيز.

دراسة وتقييم

وشملت الجولة وحدة الطب النفسي المجتمعي والزيارات المنزلية، حيث يوجد هناك فريق طبي يقوم بزيارة 63 مريضاً من كبار السن والبالغين الذين تم تشخيصهم بمرض نفسي مزمن كفصام العقل، أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، أو الإعاقة الذهنية، والخرف، وكثيري الانتكاس، والذين لديهم إعاقة وظيفية واجتماعية بسبب المرض النفسي المزمن.

وقد ساهمت الخدمات الصحية النوعية التي يقدمها مستشفى الأمل الجديد في تحقيق نسبة إشغال توازي المعدلات العالمية وبلغ معدل عدد أيام الإقامة بالمستشفى 2115 بمعدل إشغال 83% كما أن الطرق العلاجية المتطورة للصحة النفسية في مستشفى الأمل تسهم في تعزيز ثقة المجتمع بمستوى الرعاية الصحية المقدمة، ونتوقع أن يدعم خطط الوزارة في تحقيق سعة استيعابية تتوافق مع احتياجات المجتمع.

علاج الإدمان

وأوضح الدكتور عبد العزيز الزرعوني، أن الوزارة تسعى جاهدة من خلال طواقمها وأقسامها المنتشرة في المستشفيات بشكل عام ومستشفى الأمل بشكل خاص، إلى تقديم نوعين من العلاجات والبرامج، أولاً ما يندرج تحت العلاج الدوائي لتخليص المرضى من السموم (Detox) والذي من الضروري أن يكون داخل المستشفى، وثانياً برامج منع الانتكاسة لتأهيل المرضى.

أقسام جديدة بمفاهيم مبتكرة

يضم المستشفى أقساماً جديدة بمفاهيم مختلفة سيتم افتتاحها قريباً مثل جناح للطب العدلي الداخلي ويضم قسماً للرجال وقسماً للنساء، وجناحاً داخلياً لكبار السن، وجناح علاج خدمات الإدمان للنساء بسعة استيعابية 12 سريراً وجناحاً آخر للرجال بسعة استيعابية 18 سريراً، ومنازل منتصف الطريق لإعادة تأهيل المرضى ودمجهم في المجتمع إضافة لقسم متكامل متخصص لعلاج الأطفال والمراهقين.

حيث يضم قسماً داخلياً للأطفال وأقساماً داخلية للمراهقين من الجنسين بالإضافة إلى عيادة تشمل الخدمات العلاجية النفسية والتأهيلية، كما تم استحداث وحدة متكاملة للخدمات النفسية المجتمعية، تضم الوحدة بداخلها مركز خدمة رعاية نهارية ( نفسية- جسدية- اجتماعية - مهنية) للحالات المزمنة من المرضى المقيمين والمراجعين، وفريق الزيارات المنزلية للحالات التي يصعب عليها الحضور لمقر الخدمة أو كثيرة الانتكاس، وفريق التدخل عند الأزمات المتنقل والذي يحرص على الوصول بالخدمة إلى مقر المريض في الحالات الطارئة، ومكتب استقبال المتطوعين.

وأوضح الدكتور عبد العزيز الزرعوني، نائب مدير منطقة دبي الطبية، مدير مستشفى الامل، أن استحداث وحدة الخدمات النفسية المجتمعية جاء لتحقيق رؤية وزارة الصحة ووقاية المجتمع في الارتقاء بخدمات الصحية النفسية ورفعها إلى المستويات العالمية وفق نظام فعال يعمل لتوفير خدمات نفسية شاملة.

أما فيما يتعلق بطبيعة الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً في المجتمع فقال الدكتور عبد العزيز، تنتشر الأمراض النفسية على مستوى العالم بدرجات مختلفة ولكنها تبدو في تزايد مضطرد، ومما يزيد في حدوثها الضغوط المختلفة على مستوى الفرد والعائلة وصعوبة التكيف معها أو تجاوزها مما يتطلب المزيد من الاهتمام في الخدمات النفسية في المجتمع والتي تتمثل في المستشفيات المتخصصة في الطب النفسي وأقسام الطب النفسي في المستشفيات العامة.

12 مليار يوم عمل

أكدت منظمة الصحة العالمية أن أعداد المصابين بالأمراض النفسية ارتفعت من 416 مليون شخص عام 1990 إلى 615 مليوناً في العام 2015. وكشفت المنظمة عن أن الاضطرابات النفسية تكلف الاقتصاد العالمي سنوياً نحو 925 مليار يورو، في ظل ما تسببه من انقطاع عن العمل وخسائر في الإنتاج.

وحذرت المنظمة بأن عدم إيجاد حلول سريعة وفاعلة لهذا الواقع، سيكلف 12 مليار يوم عمل (50 مليون سنة) بسبب الأمراض العقلية عام 2030، وإن كانت تكلفة زيادة المشورة النفسية والأدوية المضادة للاكتئاب خلال السنوات الـ 15 المقبلة ليست سوى 147 مليار دولار، إلا أن هذا الاستثمار سيحسن من مشاركة القوى العاملة بنسبة 5% تصل إلى 399 مليار دولار، كما سيضيف 310 مليارات دولار كعائدات صحية أفضل.

Email