وقفة تأملية مع رسالة محمد بن راشد «شكراً محمد بن زايد»

مآثر يفوح عطرها مدى الزمان

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، شخصيتان قياديتان بارزتان، ليس على المستوى المحلي فقط، وإنما على الصعيد العربي والإسلامي والعالمي أيضاً.. هاتان الشخصيتان اللتان اتسمتا بالفكر والوطنية والحرص على الالتزام بالمبادئ وتنمية الشعور الوطني، والعمل على دعم المواطنين، وبالذات فئة الشباب منهم، وإتاحة الفرصة أمامهم للمشاركة الفاعلة في بناء وخدمة وطنهم..

شخصيتان يعترف التاريخ المعاصر بأهميتهما وقيادتهما، ويسجل بحروف من نور أعمالهما الخالدة في خدمة الوطن والشعب والأمة والإنسانية، حتى غدا ما يقومان به وما يقدّمانه للأجيال، سجلاً من المناقب والقيم والخصال والسجايا السنية التي تسهم في خدمة البشرية جمعاء على مختلف شعوبها.. نحن حقيقة محظوظون بأن عشنا في عصرهما وعاصرنا خدماتهما للوطن والإنسانية معاً.. نحن محظوظون لأن يكون على رأس قيادة بلادنا شخصيتان تاريخيتان، سيتحدّث التاريخ المعاصر بكل فخر واعتزاز عن أفكارهما البعيدة، وأعمالهما العظيمة، التي تعدّت حدود بلدهما، لتصل إلى حدود بلدان العالم..

سيسجّل التاريخ هذه المآثر، ويفوح عطره منها على مدى الزمن الحاضر والقادم، لتعرف البشرية أنه لا تزال منطقة الخليج والإمارات حبلى ببشائر الخير والبركة بكراً بمثل هذه الكفاءات التاريخية التي تسنّى لهما أن يقودا الشعب لمزيد من التطوّر والتقدم.. نحن محظوظون، لأن يقود مسيرتنا في الإمارات في وقتنا الحاضر هامتان تاريخيتان مبصوم لهما بطابع الإبداع والتميّز والقدرة والكفاءة والحب المتبادل بينهما وبين شعبهما.. تتميز هاتان الشخصيتان بمميزات كثيرة، وخصال عظيمة، قلما تجتمع في معاصرتنا في شخص بمثل ما اجتمعت فيهما..

شخصيتان تمتلكان من القدرات الذاتية والإمكانات المكتسبة، ما يمكنهما من قيادة شعبهما إلى مرافئ الأمن والاستقرار والتنمية والتطور في مجالات الحياة المختلفة.. من حق الأجيال المعاصرة واللاحقة، أن تتعرّف إلى مميزات هذين الرجلين، من خلال ما يجب أن يُكتب ويُسجّل عنهما من قبل الكتّاب والمثقفين والسياسيين، والذين لا شك سيجدون في تصرفاتهما وسلوكهما أرضاً خصبة للكتابة عنهما.. وأهم ما يتضح للعيان من أولوية ما يركزان عليه، هو فض أختام المستقبل والولوج إلى ساحته، ليس على مستوى الأرض فقط، وإنما بغزو آفاق الفضاء والكواكب، وطبع بصمة إماراتية عليه.. من يدرس فكر محمد بن راشد ومحمد بن زايد، يراه متقدماً على فكر كثير من ساسة وقادة الدول بأشواط بعيدة في كثير من المجالات والميادين، وذلك ما يلمسه الرائي ويعرفه القاصي والداني عنهما.

غرس زايد

من ينظر في تطور بلدهما وتقدمه، يصل إلى هذه النتيجة بيسر وسهولة، إذ لا يمكن لدولة أن تبلغ ما بلغته الإمارات في زمنها القصير، ولا لشعب أن يصل لما وصل إليه شعب الإمارات من دون أن تكون له قيادة متميزة ذات خصائص وخصال تقوده إلى هذا الذي نراه بأعيننا ونلمسه في كل ما حولنا..

ومن يتمعن في الأمر، لا يستبعد أن يكون لهذين الرجلين ما تحقق لهما، لأنهما من أبناء زايد الفكر والحكمة والبناء والحب والعطاء والإنسانية، وغرس يديه، اللذين تتلمذا عليه، وشربا من معين حكمته، فصارا بحق لمثل ما صار إليه من هذه المكنة والدراية وعشق للإنجازات والإبداع والابتكار، ولا يزال في الذهن الكثير من الطموح والأماني والأفكار المبدعة والابتكارات العجيبة، يكشف عن بعضها شيء من تصريحاتهما في إصرارهما على بلوغ المدى ومعانقة الثريا، والتركيز بشكل رئيس على المستقبل القادم، بما يحمله من عجائب ومفاجآت وتحديات، بل إنهما يسابقان الزمن بأفكارهما وبلوغ درجة التلذذ بالتحديات والإصرار على التغلب عليها.. لنتذكر شيئاً مما قاله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، بأننا نعد أنفسنا لمرحلة ما بعد النفط، وأنه يعد نفسه وشعبه للاحتفال بآخر برميل يصدرونه إلى الخارج، أليس في ذلك قمة التحدي والثقة بالنفس.. وذلك حقاً ما يجعل الإنسان يطمئن إلى أنه أوكل أمره لأيادٍ أمينة وفكر منفتح وقيادة حكيمة محبة لشعبها، تسخر طاقتها وإمكاناتها لمصلحته وخدمته، وذلك ما هو واضح وضوح الشمس.. شخصيتان متشابهتان إلى حد التوحد في رؤاهما ورؤيتهما للحياة وحب الشعب، وترجمة هذه المعاني إلى واقع ملموس، لا شك أنها كذلك، لأنهما خريجا مدرسة الشيخ زايد والشيخ راشد..

يبهران من يراهما ويتمعّن في سلوكهما، ويرى عن كثب آثارهما مرتسمة في أرض الواقع، تناطح السحاب وتبلغ العلا.. فما نشاهده ونراه يترجم لنا مفاتيح شخصيتهما، وما يؤمنان به من فكر وقيم ومبادئ وأيادٍ مفتوحة كعطاء السحاب لتطبيب جروح الحياة في كل مكان.. فأكرِم وأنعم بهما من شخصيتين متفردتين محبتين للخير والإنفاق في سبيل إسعاد الشعب، وبلسمة جراح المحتاجين، ومداواة كوارث الإنسانية ذاتها..

شخصيتان إن تحدّثت عن أحدهما، فكأنك في المقابل تتحدّث عن الآخر، فهما بذات القدر والمكانة.. لا نكاد نحصي أوجه الشبه بينهما، فكأنهما رجلان في رجل، وشخصيتان في شخصية، يتشابه فيهما الأصل والمنبت والتربية والخبرة والتلمذة والتوجّه والتطبيق ومحبة الناس وخدمة الإنسانية، وغيرها من الصفات والخصائص.

مآثرهما البارزة

نحن محظوظون بهما من دون أدنى شك ولا مجاملة، محسودون عليهما.. نسمع عنهما آيات الشكر والثناء والمديح والإطراء والتغني بمآثرهما ومكارمهما أينما كنّا.. ولا شك، فإن مآثرهما البارزة وإنجازاتهما الماثلة وتصرفاتهما المعهودة، كل ذلك شاهد على ما لهما من المناقب والمكارم والخصائص التي تعلي من شأنهما، وتزيد من حبهما، وتبين عن صورتهما في أعين الناس..

ألم ندرك ذلك المغزى الطيب وتأثيره العاطفي في كل من يشاهده حين يمر محمد بن راشد ومحمد بن زايد على أسر الشهداء أسرة أسرة لتعزيتهم وتسرية الحزن عن قلوبهم المكلومة، بتلك اللمسات الحنونة والقبلات الصادقة واحتضان الأطفال والكبار، وزيارة المصابين وتقبيل أياديهم ورؤوسهم، ما يترك في نفس كل راءٍ تأثيراً بالغاً، تجعل الإنسان يعيد كثيراً من حساباته، إذ يرى أمام عينيه هذه النماذج الطيبة.. تجدهما في محافل الناس ومناسباتهم من دون أدنى حرس أو ضجيج.. فهما نموذجان فريدان من نماذج الطيبة والإخلاص والتفاني في خدمة الشعب، وتقديم ما يسعده حقاً، حتى إنهما أنشآ وزارة تُعنى بهذا الغرض باسم وزارة التسامح.. لقد جعلا من بلدهما واحة للأمن والأمان والتسامح العملي بين أفراد الشعوب..

شخصيتان أبرز سلوكهما وأجلى تصرف لهما، ما هو كائن وملاحظ في مجال الكرم والعطاء وبسط الكف لكل محتاج، حتى تعدّى جودهما نطاق بلدهما إلى أصقاع الأرض قاطبة.. يفيض من نفوسهما معين العطف والرحمة كشلال المياه.. وتلك لا شك من سمات العظماء من البشر، الذين يرقون في مواطن الحاجة ومواضع الإنسانية، ليكونوا أرق من النسيم العليل.. فلله هما من شخصيتين كريمتين عزيزتين، تسجل لهما كثير من المناقب والمواقف الإنسانية الفريدة.

رسالة متناغمة

ولا أدل على سمات وخصائص شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، من رسالة الشكر الجميلة المتناغمة ذات الجرس والمعنى الكبير، التي وجهها إليه أخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، ليشكره فيها على مواقفه النبيلة وخصاله الكريمة، ويسجّل له فيها هذا الفيض من الشكر المتدفّق كنبع النهر الصافي، ليس باسمه شخصياً، وإنما يبصمه باسم أفراد الشعب جميعاً، وليس هذا الشكر نابعاً من فرط مصلحة شخصية، كما يذكر، وإنما لما يتحمّله الشيخ محمد بن زايد من أجل بناء هذا الوطن العزيز من جهد وتعب وتضحية..

ينظر الشيخ محمد بن راشد إلى أخيه الشيخ محمد بن زايد، نظرة واقعية، حيث يصفه بأنه درع الوطن وحصنه المنيع، وقائده الفذ وأسد عرينه وحامي حماه.. حيث رسّخ مكانة شعب الإمارات بين الدول، وصنع له تلك المنزلة العالية بين الأمم.. وللشهداء في قلب محمد بن راشد منزلة رفيعة ومحبة كبيرة، لذلك فهو يقدّر ما أولاه محمد بن زايد لهذه الفئة من التكريم والتبجيل، ولأسرهم وأبنائهم من الرعاية والمواساة.. ويبهره حقاً هذا التصرف السني الذي يثني عليه ثناءً كبيراً..

وينبهر الشيخ محمد بن راشد بمواصفات القيادة في أخيه الشيخ محمد بن زايد، لذلك فهو يثني عليه لما اشتمله من هذه الخصائص البارزة فيه، حيث يقول (شكراً لقيادتك).. ولمحمد بن زايد خاصيتان كبيرتان لا تغيبان عن عين الرائي، الأولى تقدير الكبار، وخاصة الأمهات، وحبه العميق لهن، واحتضان ورعاية الصغار، لذلك يُبرز محمد بن راشد هذه الخصال الطيبة في أخيه ورفيق دربه وعضيده..

ويجلي الشيخ محمد بن راشد في وثيقة الشكر هذه، صفة الجد والمثابرة والعمل المتواصل بالليل والنهار، في أخيه الشيخ محمد بن زايد، من أجل الإمارات وأبنائها، فيذكر أن قليلاً من الناس من يعرف عنه هذه الخاصية، لأنه يعمل ذلك بعيداً عن الأعين والظهور.

عطاء بلا حدود

والشيخ محمد بن زايد ممدود اليمين، باسط الكف إلى أبعد غاية، نفع الله الناس به، ينفق ويعطي بلا منّ ولا أذى، وبدون حدود ولا قياس، لذلك يظهر الشيخ محمد بن راشد ذلك فيه ويبرزه.. فيذكر أن عشرات الملايين من الأطفال استفادوا من مكارم محمد بن زايد ورفده وعطائه دون أدنى ضجيج.. والشيخ محمد بن زايد، كما يبين من هذا الشكر، يولي التعليم أهمية خصوصاً، وتلك ميزة العارفين بأن التعليم أساس تقدم الأمم وتطورها.. وهمّ محمد بن زايد، كما يبين من هذه الوثيقة، هو توفير العيش الكريم لأبناء شعبه، وهذا ما يلفت نظر الشيخ محمد بن راشد فيه، فيثني عليه لهذا الغرض السامي.. ويختتم الشيخ محمد بن راشد هذه المنظومة الجميلة من الشكر والثناء وتعداد مزايا الشيخ محمد بن زايد، فيذكر فيها أنه أوقف حياته من أجل خدمة هذا الوطن العظيم.. ويتوجّه في نهايتها إلى شعب الإمارات جميعاً، لتوجيه رسالة شكر إلى الشيخ محمد بن زايد على أعماله العظيمة وخدماته الجليلة في خدمة وطنه وشعبه..

رسالة شكر جميلة، عبارة عن وثيقة تاريخية، تتضمّن شكر هذا القائد وتعداد مزاياه، وما قام به من أعمال وخدمات لشعبه ووطنه.. وتبرز من خلالها كثير من خصائص وصفات الشيخ محمد بن زايد، إذ استطاع الشيخ محمد بن راشد أن يرسم من خلال هذا الشكر ومقوماته، صورة هذه الشخصية الكبيرة.. وإنني لأعتبر هذه الرسالة تعبيراً صادقاً عمّا يكنّه الشيخ محمد بن راشد من تقدير واحترام وإجلال لأخيه الشيخ محمد بن زايد، وما يعتمل في نفسه من حب كبير له، ذلك الحب الضارب أطنابه في شغاف فؤاده وحناياه.. ويبين من هذه الرسالة، أن حبه له ليس مجرد حب نابع من فراغ، وإنما لفرط ما يتمتّع به الشيخ محمد بن زايد من خصائص وأعمال وخدمات ومواقف مشرّفة، تجعل منه محبوباً لأخيه ولشعبه..

وتركز هذه الرسالة على مقومات هذا الشكر ومستساغاته ومستنداته في قلب ونظر أخيه الشيخ محمد بن راشد.. ولا شك أن محمد بن زايد شخصية محبوبة ولطيفة ومخلصة، تفرض على الآخرين حبها والانجذاب لها واحترامها.. ولا يمكن لهذه المحبة لشخص، إلا أن تكون نابعة من مقومات وميزات يتمتع بها الإنسان، وخاصة القائد، كما ذكرت، وعلى رأسها جميعاً، التسامح والعطف والرأفة بالنـاس ورحمتهـم.

بريق الجمال

إن محمد بن زايد شخصية قيادية، فيها من بريق الجمال الإنساني ما يأسر النفس ويقنع الناس به.. فيكفي ما يرتسم على ملامح وجهه من ابتسامة عريضة تنبئ بصدقه وسلامة نيّتهن وما يتسم به من تصرفات يتلطف بها الناس كبيرهم وصغيرهم، خصوصاً ما يبرز فيه أثناء تعزية أسر الشهداء، واللطف بأبنائهم ووالديهم، ورعايته لهم جميعاً، والتبسط معهم في الحديث، ولا أجمل حقاً من ذلك التصرّف العفوي المزروع في النفس، والمثمر في الجوارح والسلوك.. تبين هذه الرسالة عن شيء كبير من صفات الشيخ محمد بن زايد، وتعطيه شيئاً من حقه، وحقوقه علينا جميعاً في أن نتوجّه إليه بالشكر والثناء، على ما يقوم به من أجل شعبه ودولته..

ولقد عبّر الشيخ محمد بن راشد فيها عما يجول في نفوسنا جميعاً، تجاه الشيخ محمد بن زايد.. وشكراً للشيخ محمد بن راشد على هذه الوثيقة المتضمنة شكر أخيه الشيخ محمد بن زايد، هذا الشكر الذي يدل على محبة عظيمة، وتقدير بالغ دون حدود.

Email