المدير الإقليمي لصندوق النقد الدولي:

تأثير «المضافة» محدود على الأسعار وأقل من الضرائب الأخرى

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الدكتور جهاد أزعور، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن تأثير ضريبة القيمة المضافة النسبي على الاقتصاد أقل بكثير من أي ضريبة أخرى في ظل اتساع نطاقها وانخفاض نسبتها في دول الخليج، فضلاً عن إعفاء بعض القطاعات والخدمات.

وقال إنه نظراً لمستوى التضخم المنخفض في 2017 خليجياً مع تراجع أسعار النفط، تأتي هذه المرحلة كأفضل وقت لتطبيق ضريبة القيمة المضافة، ولفت إلى أن تأثيرها سيكون محدوداً خلال 2018 لكن الأسواق ستمتص تأثيراتها بشكل سريع.

ولفت في تصريحات على هامش المنتدى أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة بداية العام المقبل يأتي ضمن الخطوات التي تتخذها الإمارات ودول المنطقة لتنويع مصادر الدخل في ظل تراجع أسعار النفط.

احتياطيات مالية

وأشار إلى أن انخفاض نسبة الضريبة في دول الخليج بالتزامن مع إعفاء بعض القطاعات والخدمات سيترك أثراً محدوداً على الأسعار بشكل عام وسيساعد على تنويع مصادر الدخل للحكومات، وأكد أن الضريبة تأتي في مرحلة تشهد فيها المنطقة مستويات نمو منخفضة في ظل تراجع أسعار النفط، وبالنسبة للدول التي تتمتع باحتياطيات مالية كافية مثل السعودية والإمارات، فلديها الفرصة لتمديد الجدول الزمني لعملية تعزيز المالية العامة ومواصلة الإصلاحات المالية الهيكلية لتحقيق التنويع الاقتصادي.

مقومات الاستثمار

وحول انعكاس الضريبة على الجاذبية الاستثمارية لدول الخليج قال أزعور إن قدرة الدول على جذب الاستثمارات ترتبط بمحاور عدة من ضمنها التقنيات وفرص العمل والقدرات البشرية، وهي ما طورتها المنطقة ككل خلال السنوات الماضية. ولفت إلى أن إدارة الشأن الاقتصادي تشمل ملفات أساسية عدة، ولا ترتبط فقط بالضرائب، ومن ضمنها الاستقرار الذي يحد من المخاطر ويحفز المستثمرين.

وأكد أزعور أن مسيرة التحول الاقتصادي التي تنجزها الإمارات تمتد على المدى المتوسط، مؤكداً أن الدولة عموماً ودبي خصوصاً قد حققت الكثير لتحقيق التنوع، وهو ما ينعكس على الأداء الاقتصادي، مشيراً إلى أن رفع وتيرة التنويع يقلل من تأثيرات التقلبات الاقتصادية الإقليمية والعالمية على الاقتصاد الوطني، وتحرر القدرة على وضع السياسات دون الارتباط بشكل كبير بأسعار المواد الأولية كالنفط.

وأشار إلى أن اقتصاد الإمارات سجل تحسناً في 2017 مقارنة بـ 2016، وخاصة في القطاع غير النفطي، الذي حقق نمواً بنسبة تتراوح بين 3.6 و3.7%، وتوقع أن تتحسن الآفاق الاقتصادية للدولة خلال العام المقبل بشكل أفضل من العام الجاري بفضل الاستثمارات الخاصة باستضافة إكسبو 2020 دبي، بالإضافة إلى مشاريع تطوير البنية التحتية.

تحولات اقتصادية

وخلال مشاركته في جلسات المنتدى، تطرق أزعور إلى آفاق الاقتصاد العربي خلال 2018 في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة ونتائج 2017، حيث سجلت الدول المستوردة للنفط نمواً نسبياً بمعدل 4%، فيما شهدت الدول العربية المصدرة للنفط نمواً بمعدلات أقل نتيجة لتمديد اتفاق منظمة الأوبك بمعدل 2%.

ولفت إلى أن 2018 سيكون عام التحولات الاقتصادية، حيث سيتأثر الاقتصاد العربي بالتطورات الاقتصادية العالمية خاصة مع ارتفاع معدل النمو العالمي، الذي بدأ في منتصف 2016 واستمر في 2017، وسيشهد زخماً إضافياً العام المقبل، وسيتأثر الاقتصاد الإقليمي بالتحولات والأوضاع الجيوسياسية في المنطقة، بالإضافة إلى السياسات الاقتصادية والإصلاحية التي تقوم بها الدول الإقليمية، مشيراً إلى توقعات بتحقيق نمو خلال 2018 بمعدلات أفضل من تلك المحققة في 2017.

وحول الشريحة الثالثة من حزمة التمويل من صندوق النقد الدولي لمصر أوضح أزعور أن إعداد البرنامج الخاص بالشريحة قد اكتمل، وسيتم تقديمه إلى المجلس التنفيذي قبل نهاية العام، والذي سيقرر موعد وآلية صرف الشريحة الثالثة بقيمة 2 من حزمة التمويل البالغة قيمتها 12 مليار دولار.

ولفت أزعور إلى أن توقعات 2018 تشير إلى استمرار أسعار النفط في المعدلات نفسها، بما يتراوح بين 55 لغاية 60 دولاراً للبرميل، موضحاً أن المنطقة بحاجة للمزيد من الاقتراض بالنسبة للدول المستوردة والمصدرة للنفط على حد سواء، لذا من المهم مواصلة جهود الانضباط المالي.

وأكد أهمية المنتدى لطرح التوقعات الاقتصادية للعام المقبل، وبحث التوجهات المحتملة للاقتصاد العربي في ظل التطورات الإقليمية، وما هي التأثيرات التي تحدد المسارات الاقتصادية على المستوى الإقليمي والعالمي.

ومن جانب آخر لفت أزعور إلى أن أسعار الفائدة لا تزال في حدود منخفضة نسبياً مما ساهم في توجه عدد كبير من المصدرين للاستفادة من الأسواق المالية العالمية في ظل وفرة السيولة العالمية بشكل كبير. وحالياً بات ما يقارب ثلث الإصدارات للدول الناشئة من المنطقة، لافتاً إلى توقعات بتغيرات السياسات المالية عالمياً، ويجب أن تكون محفزاً للاستمرار في عملية تخفيض العجز والاعتماد بشكل أقل على مصادر التمويل الخارجي وتنويع قنوات التمويل من خلال تطوير الأسواق المالية المحلية.

حالة العالم العربي

وخلال مشاركته في أولى جلسات المنتدى الاستراتيجي العربي والتي عقدت تحت عنوان «حالة العالم العربي اقتصادياً في 2018»، والتي أدارتها فاطمة الزهراء الضاوي مذيعة النشرة الاقتصادية في قناة العربية، توقع أزعور أن يكون 2018 عام التحولات، وأن يشهد العالم نمواً اقتصادياً بنسبة 3.7%، مشدداً على أن السياسات الانغلاقية تشكل عائقاً أمام أي فرصة لتحقيق الاستقرار والنمو.

وأشار أزعور إلى أن الاقتصاد العربي شهد مجموعة كبيرة من التحديات خلال العقد الماضي وأبرزها الأزمة المالية العالمية والتراجع الحاد في أسعار النفط، وعلى الرغم من التحديات حافظت المنطقة العربية على استقرارها الاقتصادي. ولكن نظراً للأحداث المستجدة والتغيرات المالية والجيوستراتيجية خاصة في عام 2017، الذي يعتبر عاماً ساخناً ومليئاً بالأحداث المصيرية، تعتبر المنطقة الآن على مفترق طرق ستقرر أحداث 2018 مساره، من خلال عدد من السيناريوهات المحتملة، والعناصر الإقليمية والعالمية المؤثرة على الوضع الاقتصادي في المنطقة.

واختصر أزعور التحديات الأساسية التي تواجه العالم العربي اقتصادياً في العام 2018 بأربعة هي: التكيف مع مرحلة ما بعد النفط لبناء اقتصاد جديد، إجراء إصلاحات بنيوية، العمل على تخفيض أثر الصراعات والوضع الجيوسياسي، الذي يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي، أما التحدي الرابع فيكمن في دعم المؤسسات ومحاربة الهدر والفساد.

وتحدث أزعور عن أثر البطالة على اقتصاد المنطقة، حيث قال إن هناك حاجة لتوفير 16 مليون وظيفة خلال الأعوام الخمسة المقبلة لتقليص فجوة البطالة.

وفي معرض تقييمه للحالة الاقتصادية للعالم العربي قال أزعور إن أبرز التحديات التي سيواجهها العالم العربي في 2018 هي التكيف مع مرحلة ما بعد النفط وبناء اقتصاد غير نفطي متنوع المداخيل، وبناء الإصلاحات الهيكلية. وشدد على ضرورة الحفاظ على الاستقرار من خلال تحسين التعليم وبناء القدرات وخلق فرص العمل، وتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتطوير المؤسسات المالية، بالإضافة إلى احتواء تكلفة الصراعات في المنطقة.

وحول سؤال عن العناصر المؤثرة في الحالة الاقتصادية للعالم العربي أجاب أزعور بأن العناصر الإيجابية التي ستساهم في تحسين الاقتصاد في العالم العربي هي التحسن في الاقتصاد العالمي والمبادرات الدولية الاقتصادية، أما العناصر السلبية فتتمثل في السياسات الانغلاقية لبعض الدول والتغيرات الجيوستراتيجية التي تشهدها المنطقة.

وفي إشارة منه للتأثيرات الجيوستراتيجية على المنطقة، أكد الدكتور أزعور أنها لم تكن كبيرة بقدر التأثيرات المالية، مؤكداً أن تكلفة الربيع العربي وأزمة قطر لم تؤثرا على المنطقة بقدر ما أثرت الأزمة المالية العالمية وتغير أسعار النفط.

نمو إقليمي

وخلال فعاليات المنتدى، أطلق صندوق النقد الدولي تقريراً بعنوان «آفاق الاقتصاد وتحديات السياسة على المستويين العالمي والإقليمي»، ولفت التقرير أن أسعار النفط لا تزال متقلبة للغاية، ولكن يتوقع بقاؤها عموماً في حدود المستويات الراهنة على المدى المتوسط، وسوف تظل هذه البيئة تلقي بالأعباء على النمو غير النفطي، الذي يتوقع أن يظل دون المتوسطات التاريخية، في الأجلين القصير والمتوسط، ومع انخفاض الناتج النفطي وتباطؤ وتيرة الضبط المالي، من المتوقع أن يصل النمو الكلي في دول مجلس التعاون الخليجي إلى أدنى مستوياته في 2017 مسجلاً 0.5% تقريباً، بينما يتوقع تعافي النمو غير النفطي في دول المجلس ليصل إلى 2.6% تقريباً في 2017 - 2018، ولكنه يظل عند مستوى متواضع بنسبة قدرها 3.4% في عام 2022، حوالي نصف النسبة المسجلة وقدرها 6.7% في 2000 - 2015. وأكد التقرير أهمية مواصلة إجراءات الضبط المالي والإصلاحات الهيكلية.

Email