قدّم رؤية إسلامية معاصرة للسلام ودعا لإنشاء مرصد يُوثّق الكراهية ضد الإسلام

منتدى تعزيز السلم: القدس عربية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الملتقى السنوي الرابع لمنتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الذي عقد أمس في أبوظبي برعاية سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وحضور معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح، عروبة القدس الشريف التي تمثل جوهر عملية السلام في الشرق الأوسط. وقدم المشاركون في الملتقى رؤية إسلامية معاصرة للسلام.

وانطلقت فعاليات المؤتمر برئاسة الشيخ عبدالله بن بيه، ومشاركة الدكتور محمد الكعبي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، أمين عام منتدى تعزيز السلم، والدكتور محمد العيسى أمين عام رابطة العالم الإسلامي، والدكتور أحمد توفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية للمملكة المغربية، والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، والدكتور لقمان سيف الدين وزير الشؤون الإسلامية في أندونيسيا، والدكتور سردار محمد يوسف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في باكستان، وآدما ديينغ المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمنع الإبادة الجماعية، ونحو 700 شخصية من العلماء والعقلاء والمفكرين والباحثين على مستوى العالم.

ثبات

وأكد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح موقف الإمارات الثابت من عروبة القدس التي تمثل جوهر عملية السلام في الشرق الأوسط وان الإمارات ستواصل دعمها لهوية القدس العربية وللوضعية القانونية التي أرستها كافة الاتفاقيات الدولية بخصوصها وحقوق الشعب الفلسطيني وهو ما أعاد تأكيده مجلس الوزراء أول أمس.

كما أكد معاليه أن قضية القدس تشكل الضامن الأساسي للاستقرار في المنطقة وجوهر عملية السلام وأن دعم حقوق الشعب الفلسطيني يعد نهجاً راسخاً لدى الإمارات وتعمل الدولة دائماً وقيادتها الرشيدة على دعم جهود المجتمع الدولي التي تقود إلى إرساء مبادئ سلام حقيقية تخدم الجميع وتحقق الاستقرار والسلام في المنطقة وتحول دون صياغة خطاب متطرف يوجه شروره للعالم أجمع. وأشار معاليه إلى أهمية العمل بجد ونشاط من أجل بناء تحالفات ناجحة داخل كل دولة تضم المسلمين وغير المسلمين معا من ذوي النوايا الطيبة استهدافاً لمجابهة كل حالة وتحليل أسبابها ودوافعها والعمل من أجل تطوير القوانين والتشريعات المتعلقة بها.

وقال معاليه «إن هذا المنتدى الذي ينعقد في ظل الرعاية الكريمة لسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، يأتي تجسيداً لاعتزاز سموه بتراثنا الخالد بل وحرصه كذلك على تعزيز كافة قيم التسامح والتعايش والسلام في العلاقات بين جميع الدول والشعوب».

وأكد معاليه «أن دولة الإمارات الرائدة تقدم في كل يوم أدلة جديدة لحرصها الكبير على تأكيد دور الدين في مسيرة المجتمعات وعلى أهمية الحوار والتواصل الإيجابي بين أهل كل الأديان والمعتقدات بل وكذلك في الأخذ بكل الأساليب والأدوات الضرورية لتحقيق السلام والتفاهم والاستقرار في كافة ربوع العالم».

وقال إن نموذج دولة الإمارات في الانفتاحِ الناجح على العالم والإِسهام النشط في كافة إِنجازاته إنما يعود أولا وقبل كل شيء إلى الرؤية الرشيدة، لمؤسس الدولة، المغفور له الوالد، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وهي الرؤية، التي كانت تؤكد لنا دائما، على أن الالتقاء بين البشر وتحقيق التفاهم والسلام بينهم، والعمل المشترك معهم، يؤدي دائما إلى تحقيق الخير، والرخاء، للفرد والمجتمع.

مرصد إسلامي

ودعا معالي الشيخ نهيان إلى أهمية وجود مرصد إسلامي لرصد وتوثيق حالات الكراهية والعنف، ضد الإسلام والمسلمين، في أي مكان في العالم، مع أهمية العمل بجد ونشاط من اجل بناء تحالفات ناجحة داخل كل دولة تضم المسلمين وغير المسلمين معا من ذوي النوايا الطيبة استهدافا لمجابهة كل حالة وتحليل أسبابها ودوافعها، والعمل، من أجل تطوير القوانين، والتشريعات المتعلقة بها، وأن المسلمين، لا يجب، أن يكونوا أَبدا كبش فداء، للظروف الاقتصادية والمجتمعية السائدة، في تلك المجتمعات.

شجرة مثمرة

من ناحيته، أكد الشيخ عبد الله بن بيه رئيس منتدى تعزيز السلم في كلمته بالمنتدى أن الإمارات شجرة مثمرة ومن ثمارها هذا الاجتماع الذي يضم علماء الأمة الإسلامية وأولي بقية من الأديان، مشيراً إلى أن هؤلاء العلماء في هذا الاجتماع حلقة من الحلقات لتقديم رؤية وحلول للعالم وليس فقط للأمة العربية أو الإسلامية.

وأضاف أن المنتدى سعى لتصحيح المسار وتقديم النصح من أجل أن يعم السلام وإعادة صياغة المفاهيم المغلوطة والمحرفة التي وضعت في غير موضعها وتطاير شررها ليس على الأمة الإسلامية بل وغيرها من الأمم، وسعينا لمخاطبة المجموعات صاحبة الفكر المنحرف لتقديم المفاهيم الصحيحة من خلال عدد من العلماء وتم وضع بيان شاف عن كل مفهوم وتقديم منهج سليم وصحيح للتعامل مع كل المفاهيم.

وأضاف بن بيه نحن هنا لا نحاكم أحداً ونحاول فقط فهم ظاهرة التطرف لتقديم خارطة طريق لمواجهة الإسلاموفوبيا وهو النوع الآخر من التطرف، مضيفاً إن بعض القرارات لا تعجب المتطرفين وسنعمل على إزالة الشبه وسوء الفهم عن أولئك الذين يكرهون الإسلام لعوامل معقدة أو لأسباب سياسية أو اقتصادية أو غيرها.

حرب

من ناحيته، أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر خلال كلمته أن رسالة الإسلام منذ بدء نزولها وهي تواجه حربا شرسة من أجل وأدها والقضاء عليها، وقد مرت الدعوة الإسلامية عبر تاريخها الممتد إلى أكثر من أربعة عشر قرناً بمراحل عصيبة واجه فيها المسلمون ألوانا شتى من الإيذاء والاضطهاد والتنكيل.

وأضاف بقوله «حتى إن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لم يسلم من ذلك الأذى، فقد ضيق سادات مكة وكبراؤها على النبي ودعوته، وآذوه ومن آمن معه إيذاء شديدا، وطوال تلك القرون المديدة من عمر الإسلام لم تخب نار الكيد للإسلام والمسلمين، وإن اختلفت الأساليب».

الخوف من الإسلام

من جهته تحدث الدكتور أحمد التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في المملكة المغربية، فقال:»يستحق هذا المنتدى، ودولة الإمارات العربية الراعية للمنتدى كل الإكبار والتقدير«.

ولدى تناول موضوع الخوف من الإسلام، لاحظ معاليه أنه لا يجوز أن تغيب المقاربات السياسية لمسألة السلم والسلام، من المقاربة الفكرية، معتبراً أن المعنيين في هذا المقام هم علماء الدين أصلاً وأساساً، ومن حقهم أن يعرفوا ويعرفوا للناس مسؤوليتهم في السلم والحرب، ومن واجبهم أن ينبهوا الناس إلى أهمية التواصي بالحق وبالصبر أيضا، فهم مطالبون ببيان الوسائل اللاعنفية.

كما تحدث لقمان حكيم سيف الدين وزير الشؤون الإسلامية في إندونيسيا بأن المنتدى يقوم بدور كبير في هذه المرحلة، ويأتي في أوانه، نظرا للحاجة الداعية إليه، سواء في المجتمع الإسلامي أو المجتمع الدولي، مندّداً بالقرار الأميركي، الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وأن هذا لا يمكن أن يؤدّي إلى سلام عالمي أبدا، وقد عبر عن استنكار حكومة أندونسيا لهذا القرار المجحف، وأنه انتهاك لقرار الأمم المتحدة.

موقف

كذلك تحدث الدكتور سردار محمد يوسف وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في باكستان، فعبر عن موقف باكستان من القرار الأميركي المجحف بخصوص القدس الشريف، وذكر أن هذا لا يمكن أن يؤدي إلى السلام أبدا، لأنه من شأنه أن يزيد في الكراهية والعنف.وقال: إن الإسلام دين السلام للمسلمين وغير المسلمين، وقد دعا رسول الإسلام إلى السلام والرحمة، وبناء على هذا، فإنه من الضروري أن نتجنب أعمال العنف.الأمم المتحدة

بدوره تحدث آدما ديينغ المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المكلف بمنع الإبادة الجماعية، فحيا جهود السلام في كل مكان وزمان، باعتبارها الوسيلة الوحيدة النافعة في انقاذ الإنسان المعاصر وخلاصه من آفة التوحش،»وفي هذا السياق تعتبر جهود منتدى تعزيز السلم على الطريق الصحيح«، مثمنا عالياً أفكار الشيخ عبدالله بن بيه، التي راحت تلقى القبول على مستوى العالم، كما توجه بالشكر لدولة الإمارات وقيادتها، التي سارعت إلى تجريم التكفير، فضلاً عن حضورها الدولي في المساعدات الإنسانية وغيرها من الأعمال الجليلة.

نموذج فريد

وأشاد الشيخ إبراهيم الخليل البخاري رئيس جامعة معدن الثقافة الإسلامية وأمين عام جماعة مسلمي كيرالا بفعاليات المنتدى لإعداد جيل جديد يتفاعل مع الواقع ويستجيب لأسئلته وتحدياته التنموية والحداثية وينشر رسالة السلم والسلام بين البشرية.

وأضاف إن من نعم الله تبارك وتعالى على دولة الإمارات العربية المتحدة أن قيض لها قادة أكفاء يتسمون بالحكمة وبعد النظر، بدءاً من مؤسس الدولة المغفور له الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، عليه رحمة الله ورضوانه، وامتداداً إلى خير خلف لخير سلف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى أصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات.

الأزهر يجدد رفضه لقرار ترامب

أكد الدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف على أن الغرب لا يتصدى بشكل جاد أو حقيقي للتطرف والإرهاب الذي ضرب وما زال يضرب كثيراً من بلاد العالم، وخاصة بلاد المسلمين في منطقتنا المنكوبة التي أصبحت منطقة صراع على النفوذ، وحقل تجارب عسكرية لقوى العالم ولا أدل على تلك الممارسات الظالمة والقرارات المجحفة بحق المسلمين حول العالم، من هذا القرار المتهور الذي اعترف بموجبه الرئيس الأميركي بالقدس الشريف عاصمة للكيان الصهيوني المحتل، وأعلن فيه عزم الإدارة الأميركية نقل سفارتها إلى القدس الشريف بعد ستة أشهر.

وقال إن الأزهر الشريف من هذا المنبر يجدد رفضه القاطع لهذه الخطوة المتهورة، ويحذر من خطورة الإصرار على التمسك بهذا القرار الباطل الذي تتجلى فيه مظاهر الغطرسة، والتحيز المقيت وتزييف التاريخ، وتصديق النبوءات الكاذبة، والعبث بمصائر الشعوب ومقدساتها.

وأضاف «يؤكد الأزهر ما سبق أن أعلنه في وثيقته حول القدس في 2011م، وفي بياناته الأخيرة، أن عروبة القدس وهويتها غير قابلة للتغيير أو العبث، ولا شك أن خطوة كهذه من شأنها تأجيج مشاعر الغضب لدى جميع المسلمين، وتهديد الأمن والسلم الدوليين، وتعزيز التوتر والانقسام والاستقطاب في العالم، فضلا عن أن تلك الممارسات الظالمة والقرارات المنحازة تفقد الشعوب الثقة في نزاهة المجتمع الدولي، وتغذي روح الكراهية والانتقام، وتزيد من حالة الحنق والإحساس بالتهميش والظلم لدى المسلمين، وتؤكد ما يجول في أذهان كثير منهم من وقوف بعض دول الغرب خلف هذه الجماعات الإرهابية، واستخدامها كوسيلة لإضعاف المسلمين من داخلهم، واتخاذ محاربة الإرهاب ذريعة للاستيلاء على بلاد المسلمين بزعم حمايتهم وتخليصهم من هذا الإرهاب الأسود، ولا يخفى على أحد أن هذه الأمور يتخذها بعض السفهاء مبرراً لاستهدافهم مصالح الغرب داخل بلاده وخارجها، ومسوغاً لأعمالهم الخسيسة ضد غير المسلمين في الشرق والغرب على السواء، بدعوى الثأر للمسلمين ودفع الصائل عنهم.

Email