عمر العلماء متحدثاً في «دبي للصحافة» بأول لقاء إعلامي منذ تسلمه الوزارة

الإمارات الأولى عالمياً في استراتيجيات الذكاء الاصطناعي

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

استضاف نادي دبي للصحافة بمقره الرئيسي أمس، في جلسة نقاشية تحت عنوان «الذكاء الاصطناعي»، معالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي، حيث تحدث في أول لقاء إعلامي له منذ تسلمه منصبه كوزير، عن تقنيات الذكاء الاصطناعي التي أصبحت تأخذ موقع الأهمية في كل قطاع تقريباً، ابتداءً من اكتشاف علاج لمرض السرطان، وصولًا إلى إطلاق المركبات ذاتية القيادة، وحتى تطوير رجال آليين.

وقدم معاليه خلال الجلسة التي حضرها رؤساء ومديرو تحرير الصحف والكُتَّاب وممثلو وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، قراءة عميقة حول الذكاء الاصطناعي ووجهات النظر التي تتناول تأثيراته على مستقبل البشرية، مؤكداً أن الإمارات الأولى عالمياً في وضع استراتيجيات الذكاء الاصطناعي، والرؤية المستقبلية لقيادتنا الرشيدة جعلت الدولة تخطو خطوات ثابتة بمضمار الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم، لافتاً إلى أن أخذ الإمارات بزمام المبادرة بوضع التشريعات والأطر المنظِّمة للذكاء الاصطناعي يكفل لدولتنا جني أفضل إيجابياته.

إضافة فكرية

وأكدت ميثاء بو حميد مديرة نادي دبي للصحافة بالإنابة، أن تنظيم نادي دبي للصحافة لجلسات نقاشية وحوارية هو تقليد يتبعه النادي منذ تأسيسه بهدف تقديم إضافة فكرية ومعرفية متكاملة عبر نقاشات تتعرض لمجموعة من الموضوعات المهمة سواء المتعلقة بالشأن المحلي أو غيرها من الموضوعات ذات التأثير المباشر أو غير المباشر علينا وعلى منطقتنا ومحيطنا العربي على وجه العموم.

وأعربت عن سعادتها بأن يكون ضيف هذه الجلسة معالي عمر بن سلطان العلماء، في أول ظهور إعلامي له منذ توليه منصب أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي، بعد أن أعلن عن إنشاء هذه الوزارة الحديثة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، تزامناً مع استراتيجية الدولة للذكاء الاصطناعي، مؤكدة أن الدولة تطمح باستمرار لتكون في صدارة الدول الرائدة في الثورة التكنولوجية العالمية، وهي سباقة في الاستعداد للمستقبل والأخذ بأي أفكار جديدة تصب في صالح مواطنيها ودول المنطقة.

وحول طرح موضوع الذكاء الاصطناعي في هذا التوقيت المهم، أكدت أن الجلسات التي ينظمها النادي رُوعي فيها دائماً أن تكون ملامسة للواقع المحيط بنا، وقالت: «تسعى دولتنا إلى تبني كافة أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي التي ستطور قطاعات جديدة وتوفر فرصاً مختلفة لاقتصادنا الوطني، كما سيعمل على تعزيز مكانة دولتنا العالمية على كافة المستويات، ومن هنا وجدنا أنه من الملائم أن تركز إحدى الجلسات الإعلامية للنادي على الملامح المستقبلية للذكاء الاصطناعي وكل التأثيرات أو التحديات التي تحيط به».

تغيرات

وحول التساؤلات التي تدور حول الذكاء الاصطناعي وأنه سيكون أكبر مهدد للوظائف في سوق العمل خلال العقود الثلاثة المقبلة، علق معالي الوزير بأن الإمارات تخطو خطوات ثابتة في مضمار الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.

وقال معاليه: إننا ننظر لهذا التطور على أنه سيحدث اتساعاً وعمقاً في هذه التغيرات كما سيحدث تحولاً في نظم الإنتاج بأكملها، والإدارة، وكافة أوجه الحياة، لافتاً النظر إلى أن دول العالم وحتى وقت قريب كان النفط يعتبر المحرك الرئيس لاقتصادها، بينما اليوم ومع التطور التكنولوجي الهائل والمتسارع ومع ما يشهده العالم من تحولات في ظل الثورة الصناعية الرابعة، سيكون الذكاء الاصطناعي هو محرك ريادة وازدهار الدول خلال السنوات القليلة المقبلة.

وأشار إلى أنه يجب توضيح معنى الذكاء الصناعي، حيث يواجه هذا السؤال أينما كان من قبل الناس، مؤكداً أن الذكاء الصناعي لا يخص قطاعاً معيناً أو مكاناً بعينه، إنما سيدخل في كافة المجالات في الحياة، مضيفاً: «النفط الآن هو محرك العالم من ناحية تحكمه في الاقتصاد والمواد الناتجة عنه كالبتروكيماويات، والأدوية، وغيرها الكثير، أما الآن مع التقدم فسيحل الذكاء الصناعي مكان أهمية النفط، إذ إن المرحلة المقبلة هي مرحلة الذكاء الصناعي».

تعريف

وأوضح معاليه أن «الذكاء الصناعي» هو أي تقنية أو برمجة أو نظام يمكنه حل مسائل صعبة للغاية، فعلى سبيل المثال: عندما كنا نستخدم الآلة الحاسبة لمعرفة المعادلات الحسابية البسيطة كان بإمكانه تقديمها لنا، لكنه لم يكن بإمكانه إنجاز عمليات حسابية معقدة أو إعطاءنا حلول أخرى أو اقتراحات أو حتى توصية، أما الذكاء الصناعي فهو متطور حتى أكثر من الحاسب الآلي الذي هو أيضاً قدراته محدودة أمام الذكاء الصناعي إذا ما تمت إضافته له.

وأكد أن هناك 3 أنواع أساسية من الذكاء الصناعي، أولها: النوع الذي يأخذ كل المعلومات ويحللها ويعطينا التوصيات بنفسه، والنوع الثاني هو الذي يعلم نفسه بنفسه ويتمكن من تطوير أدائه على مد العصور، فمثلاً لو دخل في مجال صناعة السيارات فإنه يعلم نفسه كيفية تطويرها والعمل على نسخ أفضل من التي سبق أن أنتجها أو أنتج توصيات بشأنها، أما النوع الثالث وهو الأم، هو الذي سيقضي على العقول البشرية ويتطور باستمرار مما أدى إلى تخوف الناس من أن يقضي على الأعمال والمهن والناس أيضاً إلا أن ذلك لا يزال بعيد المدى بشكل كبير ولا يمكن التخوف منه الآن.

تعليم

وحول العلاقة بين التعلم والذكاء الاصطناعي، قال معاليه: «إن الدول العظمى تؤمن بأن الفائز في سباق الذكاء الاصطناعي هو الذي سيحكم مستقبل العالم، ونحن نؤمن بذات التوجه، خدمة لمستقبل البشرية، مشيراً إلى أن وزارة التعليم العالي تعمل على تعليم جيل ينتج الذكاء الاصطناعي أكثر مما يستهلكه، وحكومة الإمارات بدأت في وقت مبكر في إدخال نظم البرمجة والذكاء الصناعي في المناهج التعلمية، كما أطلقت العديد من المبادرات التي تهتم بتعليم البرمجة منذ المراحل التعليمية الأولى وحتى المراحل الجامعية، والذكاء الاصطناعي هو نوع من البرمجة والفكر أكثر من كونه أجهزة وروبوتات تدير الأمور، واصفاً الذكاء الاصطناعي «بالعقل» بينما الروبوتات هي «كالجسم»، وبدون شك أي جسم بدون عقل لا فائدة منه، ما يجعلنا نؤكد أن تطبيقات وأجهزة الذكاء الاصطناعي، ستفرض واقعاً جديداً، مليئاً بالفرص والتحديات، لتشكل خلال الأعوام المقبلة علامة فارقة ونقلة نوعية في حياة وتاريخ البشري».

المستقبل الاصطناعي

وحول شكوك بعض علماء العالم أمثال ستيفن هوكينج وإيلون ماسك، الذين يعتقدون أن الاستمرار في تطوير الذكاء الاصطناعي سيؤدي في نهاية المطاف إلى تدمير البشر لأنفسهم، ليفقدوا بعد ذلك قيمتهم ككائنات بشرية، قال معالي وزير الدولة للذكاء الاصطناعي: إن مثل هذه المخاوف جدية الحدوث ولكن ليس المعنى منها أن تحدث في المستقبل القريب وهي رهن المستقبل البعيد، مشيراً إلى أنه لا يمكن إنكار المخاطر المحتملة لتطوير هذه التقنية دون ضوابط، وهي مخاطر مرتبطة باستمرار تطويرها بشكل متسارع.

وذكر أنه في عام 2000 تم إنتاج 150 ألف منتج يباع في الصين في مجال الذكاء الصناعي رغم أنه كان في بداياته، وفي 2014 بلغ عدد الترانزستورات التي تم إنتاجها «200 مليار» ترانستور، وعلى الرغم من أنه رقم خيالي إلا أنه بالطبع الترانستور يستطيع التواصل وإرسال معلومات، وسيزداد العدد في السنوات المقبلة ويقل سعره بالتأكيد، وسيدخل في كل تقنية في حياتنا إذ سيتمكن من جمع المعلومات والبيانات لخدمة الذكاء الصناعي.

مستقبل ضبابي

أما فيما يتعلق بفرضيات أن يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى القضاء على الوظائف البشرية الحالية، قال معالي عمر بن سلطان العلماء: إن هذه الشكوك هي أكثر ما تخيف مجتمعات اليوم وتدور حولها أكثر الأسئلة المعنية بنظم الذكاء الصناعي، وإن التجارب العالمية أثبتت أنه مع كل تطوير تكنولوجي هناك زيادة في الوظائف التي تعتمد على البشر وليس العكس، لذا من البديهي أن يكون للدولة الرائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي اليد الطول في سوق العمل العالمي أيضاً، لافتاً على أن تحدي جعل الذكاء الاصطناعي آمنًا يتمحور حول أمرين: الأول وهو الهدف الرئيس للذكاء الاصطناعي، والثاني فيما تستخدمه. مشيراً إلى أن التحدي هو الفهم الدقيق للذكاء الاصطناعي وتوظيفه بالأسلوب الصحيح.

2030

وحول صدارة الدولة في مجال الذكاء الاصطناعي وإلى أي درجة ممكن أن ينعكس التقدم في هذا المجال على التوجهات المستقبلية للدولة، قال معاليه: إن التشريعات والتوعية واستقطاب الخبرات والمهارات 3 محاور رئيسة لضمان صدارة الإمارات عالمياً في الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، مشيراً إلى أن النفط ظل المحرك الأول للعالم على مدار 150 عاماً والذكاء الاصطناعي سيتسلّم هذا الدور في المرحلة المقبلة.

رفع الدخل وتحسين نوعية الحياة

أكد معالي عمر بن سلطان العلماء أن الذكاء الاصطناعي سيحدث نقلة نوعية في رفع مستويات الدخل العالمي، وتحسين نوعية الحياة للسكان في جميع أنحاء العالم، إذ إن منتجات التكنولوجيا ستتمكن من تقديم خدمات ومزايا جديدة للناس، وسيقدم الابتكار التكنولوجي، مستقبلاً، حلولاً وسبلاً جديدة تمكن من تحقيق مكاسب طويلة الأجل في الكفاءة والإنتاجية، وفي الوقت ذاته، سوف تنخفض تكاليف النقل والاتصالات، وستصبح الخدمات اللوجستية وسلاسل التوريد العالمية أكثر فعالية، وستقل كلفة التجارة، وكلها ستفتح أسواقاً جديدة، وتحفز النمو الاقتصادي، مثلما حدث في عالم الاقتصاد الرقمي الذي فتح آفاقاً جديدة، بما وفّره من تعاملات رقمية وعمليات خدمات اقتصادية.

وأشار معاليه إلى أن الدولة تعمل عبر استخدام الذكاء الاصطناعي على خلق نوع جديد من الاقتصادات المنشطة لمستقبل البشرية، ضارباً أمثلة بالملامح الإيجابية للذكاء الاصطناعي، في مجال توليد الطاقة الشمسية، ولا سيما أن الدولة تملك أكبر حقل لتوليد الطاقة الشمسية في العالم، مشيراً إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في هذا المجال سيقدم للدولة حلولاً في كيفية توزيع وتخزين الطاقة الشمسية، وأيضاً في مجال الصحة، حيث تم التأكد من أن الروبوتات الذكية قادرة على تشخيص الأمراض بنسبة تفوق 90% وهذه القدرة تفوق قدرة أكبر وأذكى الأطباء في العالم. وهذه النتائج الإيجابية تحمل ملامح للمستقبل بأنه سيكون بمقدور البشرية عبر الاعتماد على الذكاء الاصطناعي من الوصول إلى إنسان أكثر شباباً وأفضل صحة وأطول عمراً.

100

قال معالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي: «ما يؤثر في الدول كلها هو العقول، ولو كان لدينا مختص، أما المستقبل فالبيانات هي المحرك، فمثلا شخص واحد لديه كل المعلومات ويستطيع الإجابة عن أي شيء في الكون ويفسر ويعطي توصيات ويتخذ قرارات، فعلى سبيل المثال التغير المناخي اليوم إذا اردنا التحليل الجيولوجي والجغرافي لكوكب الأرض ليوم واحد فنحن بحاجة إلى 100 مليون غيغابايت، وتستغرق العالم الواحد اكثر من 100 سنة لقراءة كل المعلومات وتحليلها وإمكانية الخروج بنتائج وتوصيات، أما الذكاء الصناعي فهو هذا العقل الذي أتحدث عنه والذي يمتلك كافة المعلومات ويفسر ويعطي توصيات أسرع بكثير جدا من الإنسان حيث لا مقارنة، إذ يمكن للذكاء الصناعي استخراج تلك المعلومات في 10 ثوان فقط، في حين تحتاج من الإنسان عمرا لا يكفيه».

1930

أشار معالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي: إلى أنه في 1930 ذكر عالم اسمه جون كين أن هناك شيئاً اسمه التكنلوجيا سيقضي على الأعمال والمهن والبشر، والى الآن لا تزال الوظائف متاحة ومتوفرة بل وتخدمها التكنولوجيا في كافة المجالات، وكذلك فإن عدد البشر في تزايد وكذلك أعداد الوظائف، فمثلا من كان يركب الخيل لم نعد بحاجة إليه إذ لم تعد الخيل مستخدمة وحلت محلها السيارات وفي المستقبل لن نعود بحاجة إلى سائق لأن السيارات ستصبح ذاتية القيادة، لكن هذا لا يعني انه سيقضي على كل المهن لكن ستخلق مهن جديدة.

وقال: الذكاء الصناعي يستخدم الآن في أميركا في السوق المالي 100%، فقد علم العاملين في القطاع قراءة تحليله وتوصياته بعد أن يقرأ كافة المعطيات في السوق، فهو أفادهم.

50

أوضح معالي عمر بن سلطان العلماء وزير دولة للذكاء الاصطناعي أن الكثير من المفاهيم الخاطئة والشائعات تنتشر حول عمل الذكاء الاصطناعي، ومنها مقطع فيديو وصله على جهازه المحمول لأكثر من 50 مرة في يوم واحد، حول طائرة بدون طيار تستخدم نظاما ذكيا ومسيرة عن بعد لاستخدامها في أعمال إجرامية، وهنا من المهم أن ندرك أن لكل شيء حدودا ومن غير المنطقي أن نسمح للشكوك أن تسيطر على عقولنا، دون أن ننسى بأن هناك تقنيات تحد من الذكاء الصناعي أيضاً، مؤكداً أن أكثر الشائعات والمشاكل التي شهدها العالم أخيراً سواء كانت بتسريب معلومات خطيرة أو بنشر بيانات خبيثة، يقف وراءها البشر وليست أنظمة الذكاء الاصطناعي.

Email