أطباء يحذرون من إرسال عيّنات المرضى للخارج وآخرون يقلّلون من المخاوف

«مافيات الأدوية» تستثمر جيناتنا للتحكّم بأمننا الصحي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

إرسال عينات المرضى «الدموية أو النسيجية أو غيرها» إلى الخارج لإجراء مزيد من الفحوصات المخبرية عليها أو التحري عن أمراض دقيقة من الإجراءات التي اعتادت عليها كثير من المستشفيات بموافقة المرضى غالباً، وأحياناً بغض النظر عن ضرورة موافقتهم، إلا أن هذه الإجراءات تنطوي على مخاطر أجمع عليها الكثير من الأطباء تتمثل في تقديم البصمة الوراثية العربية على طبق من ذهب لإجراء الدراسات والبحوث المتخصصة عليها والوصول إلى الأسس الوراثية لأمراضهم ومن ثمّ تسجيل براءات اكتشافات وراثية وإتاحتها بيد شركات الأدوية للاستفادة منها في تطوير أدوية خاصة على ضوء البصمة الوراثية، وهو التوجه العلمي في المستقبل المنظور والذي بدأته كثير من الدول.

أطباء رأوا أن معلومات الجينوم البشري، أو المعلومات الوراثية للإنسان، غالباً ما يتم استخدامها من قبل شركات الأدوية لإنتاج أدوية جديدة بشكل لا يخلو من الاحتكار، وقالوا إن العديد من الدول أدركت منذ فترة طويلة مخاطر إرسال العينات للخارج وتخضع معظم البحوث الوراثية لإشراف دقيق من المؤسسات الحكومية باعتبار أن تلك الأبحاث تحمل صفة استراتيجية يجب عدم التفريط فيه أو تسليم ملفاتها للغير، فيما قلل آخرون من خطورة إرسال العينات للخارج خاصة وأن الجهات الصحية لديها اتفاقيات مع عدد من المختبرات المتخصصة في عدة دول وهذه المختبرات معروفة بنزاهتها وحيادتها، مشيرين إلى أن معظم الدول تقوم بإرسال مرضاها للخارج للعلاج وليس العينات فقط، ورأى هؤلاء الأطباء أن العينات المرسلة إلى الخارج عادةً ما تحمل الحد الأدنى من المعلومات الخاصة بالحالة؛ بينما يحتفظ الطرف المرسِل بالصورة السريرية والعائلية الكاملة.

اتفاقيات

الدكتورة موزة الشرهان رئيس جمعية الإمارات الطبية ومديرة مختبرات مستشفى دبي قللت من خطورة إرسال العينات للخارج خاصة وان الجهات الصحية الرسمية لديها اتفاقيات مع عدد من المختبرات المتخصصة في عدة دول وهذه المختبرات معروفة بنزاهتها وحيادتها ولا يتم قبول أي عينة مرسلة إلا برسالة خطية توضح موافقة المريض.

واستبعدت الدكتورة موزة ان يتم استخدام تلك العينات من قبل مصانع الأدوية او الأبحاث مشيرة الى ان معظم الدول تقوم بإرسال مرضاها للخارج للعلاج وليس العينات فقط.

وعلى مستوى الدولة هناك بعض المختبرات الخاصة التي تقوم بإجراء تلك التحاليل، ولكن ليس على نطاق واسع، كما أن بناء القدرات المحلية بات عاملًا رئيسيًا في البرامج الوطنية التي تساعد الباحثين المحليين على التحري عن المشكلات الصحية المحلية، وإن دولة الإمارات تمتلك الخبرات العلمية والعلاقات الدولية اللازمة للشروع بمبادرات كهذه على المستوى الوطني، ما يلزم فعلًا هو منح التمويل الكافي ومن ثم الحوكمة الجيدة لتلك المشاريع، كما أن العينات المرسلة إلى الخارج عادةً ما تحمل الحد الأدنى من المعلومات الخاصة بالحالة؛ بينما يحتفظ الطرف المرسِل (من الإمارات) مثلاً بالصورة السريرية والعائلية الكاملة، اللتين لا يمكن الاستغناء عنهما في حال رغب الطرف الآخر (خارج الإمارات) بالنشر العلمي لتلك الحالات، لكن هذا لا يعني أن علينا الاستمرار بالاعتماد على الآخر لإجراء تلك التحاليل التي أصبحت روتينية، لأن هذه البيانات تعد في ذاتها ثروة وطنية من حيث قيمتها المعنوية حتى قبل استخداماتها الصحية، ومن هنا تبرز ضرورة الإسراع بتمويل وإطلاق المشاريع الجينومية الوطنية.

خارج السيطرة

وأوضح الدكتور غازي تدمري استاذ متخصص بوراثة الشعوب، وأستاذ في جامعة جنان في بيروت أن إرسال العينات إلى الخارج أصبح أمراً خارج السيطرة لسهولة إرسال العينات ولقيام العديد من المختبرات المحلية باستسهال إرسال العينات إلى الخارج عوضاً عن استجلاب معدّات قد تكلف الملايين.

وأضاف، هناك ظاهرة جديدة تتمثل بنمط من التجارة الإلكترونية، حيث تقوم بعض المختبرات بمدّ اختباراتها عبر الانترنت، وكلّ ما يلزم هو أن تدفع قيمة 150 دولاراً وتصلك علبة بالبريد وفيها كل التعليمات لاستئصال عينة من داخل فمك وترسلها بالبريد مع لائحة بما تودّ فحصه من أمراض أو حتى صفات حميدة وخلال أسابيع يصلك الردّ عبر البريد الإلكتروني ويمكنك إذاً الولوج إلى قاعدة بيانات الشركة والإطلاع على نتائجك المرضية، أو صفاتك الحميدة الظاهرة، أو حتى أصولك التاريخية، ويمكنك أيضاً التعرّف إلى أقرباء لك قد يكونون أخضعوا أنفسهم لهذه الفحوصات.

ويضيف الدكتور تدمري بأن العالم أصبح بلا حدود والسيطرة أصبحت مستحيلة، ولكننا لوّ استحدثنا مختبراً مركزياً في كل دولة وتم تجهيزه وإعداد العاملين فيه على أفضل وجه وقام هذا المركز بتلبية احتياجات الناس لما لجأ أحد لإرسال عيناته إلى الخارج، لأن أمراضنا أمراض محلّية في غالبها، وبالتالي تتطلب خبرات محلية للعمل عليها وتشخيصها وربما اكتشاف طرق علاجها وأدويتها، وهذا سيوصلنا إلى التميّز والفرادة، وبإمكان الدول في المنطقة مساعدة بعضها البعض عبر تبادل الخبرات والمعلومات.

وقال إن علوم الوراثة في تقدّم مذهل مستمر، حيث أصبح الطلاب في الجامعة يقومون الآن بدراسة تباينات وراثية تتحكّم بكيفية استجابة بعض الأفراد للأدوية بينما يتحسّس آخرون وتتسبب الأدوية ذاتها بمضاعفات كثيرة، كما يقوم طلّاب آخرون بدراسة بعض العناصر الغذائية وكيف تكون مفيدة لبعض البشر وضارّة للبعض الآخر بناء على التراث الوراثي لكلّ إنسان.

وقال: إرسال العينات لا يعتبر مشكلة لأن العديد من الأفراد يذهبون للعلاج في الخارج عادة، ويخضعون لأخذ العديد من العينات والخزعات التي تبقى في تلك المستشفيات. لهذا السبب أرى أنه من المستحيل وضع جدار لعزل هذا التيار فالعالم تحوّل إلى قاعة كبيرة من دون أبواب ولا جدران.

معلومات مهمة

ويقول الدكتور محمود طالب رئيس المركز العربي للدراسات الجينية - أحد مراكز جائزة الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعلوم الطبية - إن بعض الأمراض الوراثية تحمل في طياتها معلومات مهمة حول أصول الفرد وانتماءاته العرقية والجغرافية لذلك نجد

وقال إن العديد من الدول أدركت منذ فترة طويلة مخاطر إرسال العينات للخارج وتخضع معظم البحوث الوراثية لإشراف دقيق من المؤسسات الحكومية باعتبار أن تلك الأبحاث تحمل صفة استراتيجية وعلى الأخص في علوم الأمراض المناعية لأن بعض الشركات او المختبرات قد تحتكر أبحاث العقاقير المضادة للأمراض السائدة وتبيعها بأسعار عالية جداً نظراً لعدم وجود منافسة من الشركات الأخرى لمدة تصل الى 15 عاماً.

وفي أكثر الحالات فإن العينات التي ترسل للخارج متعلقة بالأمراض النادرة خاصة الأمراض الوراثية، ولا توجد مخاطر على وجه التحديد سوى إمكانية اجراء بحوث من غير موافقة الجهات المرسلة وأصحاب الشأن، ولكن في العادة فإن عدد العينات والكميات المرسلة تحد من امكانية هذه الأنواع من البحوث ولكن من الأفضل إيجاد مختبرات عربية لأنها ستسهم ربما في إيجاد حل لمشكلة صحية أو مرض نادر.

وحول مدى إمكانية استفادة مصانع الأدوية خاصة في ما يتعلق بالجينوم العربي قال بالطبع يمكنها الاستفادة بإنتاج أدوية تناسب التركيبة الجينية والجينوم البشري للسكان بالمنطقة وبيعها لهم بأسعار باهظة.

Email