التركيز على تطوير قدراتهم وتفعيل دمجهم المجتمعي

الإمارات تمكّن أصحاب الهمم بإشراكهم في مسيرة البناء

ت + ت - الحجم الطبيعي

تشارك الإمارات، العالم، احتفالات اليوم العالمي لذوي الإعاقة، الذي يصادف اليوم، والذي خصصته الأمم المتحدة لدعمهم والتعريف بقضاياهم، ودعمها وتأهيل بيئة دامجة لهم، وانطلاقاً من ذلك أولت الدولة، بتوجيهات القيادة الرشيدة، اهتماماً لافتاً بهم، تجسد من خلال السعي المتواصل لتحسين كافة الخدمات المقدمة لهم، بالإضافة إلى التركيز على تنمية وتطوير قدراتهم، وتفعيل دمجهم المجتمعي، لإشراكهم في مسيرة البناء والتطوير، وضمان مستقبلهم لعيش حياة كريمة بكامل الحقوق، ما يعكس ثقافة الإمارات الحضارية والإنسانية.


وكان لإعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إطلاق اسم أصحاب الهمم بدلاً من ذوي الإعاقة، كجزء من السياسة الوطنية لتمكينهم، أثر عظيم في نفوس هذه الشريحة المجتمعية الذين شعروا بمدى اهتمام القيادة بهم وبخدماتهم، فيما تم كذلك تحديد مسؤول في جميع المؤسسات والجهات الخدمية، يعنى بالنظر والعمل على تسهيل واعتماد خدمات مخصصة لهم، ويكون بمسمى «مسؤول خدمات أصحاب الهمم»، فضلاً عن تأسيس المجلس الاستشاري لأصحاب الهمم، والذي يضم في عضويته أفراداً من المجتمع معنيين بتقديم المشورة والرأي.


سياسة وطنية
وتهدف هذه السياسة إلى بناء مجتمع دامج وخالٍ من الحواجز والعقبات، يضمن تمكينهم وأسرهم، عبر 6 محاور، تشمل الصحة والتعليم والتأهيل المهني والتشغيل والحماية الاجتماعية والتمكين الأسري والحياة العامة والثقافة والرياضة وإمكانية الوصول، وجاءت السياسة، نتيجة لجهود التعاون الوثيق والتنسيق المشترك بين وزارة تنمية المجتمع وجميع الجهات المعنية وذات العلاقة بأصحاب الهمم على المستويين المحلي والاتحادي.


وأطلقت حكومة دبي، وانطلاقاً من استراتيجيتها 2020، لهذه الشريحة المجتمعية المهمة، مشروع «البيئة المؤهلة للأشخاص ذوي الإعاقة»، بناء على معايير ومبادئ التصميم العالمي، والذي ينفذ كمشروع مشترك بين كل من الأمانة العامة للمجلس التنفيذي، وهيئة تنمية المجتمع وهيئة الطرق والمواصلات وبلدية دبي، بالإضافة إلى عدد من المطورين العقاريين، وذلك بهدف تحويل مدينة دبي بالكامل، إلى مدينة صديقة ومؤهلة للأشخاص.


ويعد المشروع، أحد المخرجات الرئيسة لاستراتيجية دبي للإعاقة 2020، حيث يهدف لتحويل دبي لمدينة صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة بحلول عام 2020، وتتضمن الاستراتيجية عدداً من المحاور، تشمل الرعاية الصحية وإعادة التأهيل، وتوفير التعليم الدامج، والتوظيف والمساواة في فرص العمل، والمرافق والخدمات العامة، لتكون الإمارة مدينة متاحة للجميع، بالإضافة إلى الحماية الاجتماعية المستدامة.


ويبدأ تعزيز البيئة المؤهلة لهم، من خلال مرحلة شاملة لمراجعة وتقييم البنى التحتية والمرافق ووسائل المواصلات العامة في الإمارة، ومن ثم وضع السياسات والمعايير اللازمة لملاءمتها بشكل كامل، استناداً إلى النموذج العالمي للتصميم، وهناك خطة خمسية لضمان تحويل جميع المباني والمرافق ووسائل النقل من أرصفة ومعابر مشاة وطرق وحافلات وقطارات ووسائل النقل البحري والجوي والمرافق، مهيأة لاستخدام الأشخاص أصحاب الهمم بحلول عام 2020، بما يتيح وضع دبي ضمن قائمة أفضل مدن العالم الصديقة لهم، حسب معايير التصميم العالمي، ووضع صياغة لمعايير التصميم، وفق الرمز الخاص بدبي.


دمج نوعي
من ناحيتها، أولت وزارة تنمية المجتمع، المظلة الرئيسة للخدمات التي تقدم لأصحاب الهمم، لتعزيز البيئة الملائمة لهم، عناية فائقة لأهمية ذلك في دمجهم مجتمعياً، إذ إن وجود بيئة مؤهلة، مطلب أساسي من مطالب الدمج في بيئة العمل والدمج الاجتماعي والاقتصادي والتربوي، وغير ذلك من أوجه الدمج المختلفة، خاصة أن القانون الاتحادي 29 لعام 2006، طالب الهيئات والمؤسسات المختلفة في الدولة، بتوفير البيئة المؤهلة في كافة الأماكن العامة والعمل ووسائل المواصلات، والأمر نفسه في الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، والتي وقعتها الدولة وصادقت عليها، حيث أفردت مواد متعددة في هذه الاتفاقية لموضوع البيئة المؤهلة، وستدخل الوزارة كذلك بعض التعديلات على قانون حقوق أصحاب الهمم، بالتنسيق مع الجهات المعنية، والتي ستطال محور التعليم، بما يتلاءم مع السياسة الوطنية لتمكينهم.


وطورت الوزارة الكثير من الخدمات التي تستهدف رعايتهم وتأهيلهم، ومن ضمنها «معايير جودة التدخل المبكر»، التي تستهدف تقديم الخدمات للأطفال وأسرهم في مراحل عمرية مبكرة بجودة عالية، وشملت المعايير 162 مؤشراً، تغطي 29 معياراً للجودة، وتضم 6 معايير للخطة الفردية لخدمة الأسرة، ومثلها للإحالة والكشف والتقييم، و4 للأسرة، ومثلها لتقديم خدمات التدخل المبكر، و5 لإدارة التدخل المبكر، ومعيارين لكوادر التدخل المبكر، ومعياراً لرؤية التدخل المبكر والرسالة والسياسة.


وتسير هذه الخدمات وفق منظومة عمل مخططة، ومنهجيات موثوقة، وذات أهداف بعيدة المدى، من شأنها أن تحقق نتائج ملموسة، بما يعزز اندماج الطفل المجتمعي، كما أنها تتوافق مع أفضل المعايير والممارسات العالمية، والتطورات التأهيلية والتربوية، ويهدف برنامج التدخل المبكر، إلى تقديم خدمات للأطفال المتأخرين نمائياً، والمعرضين لخطر الإصابة بالإعاقة، ويمتد نطاقه إلى جميع الإمارات، من خلال أقسام مراكز تأهيل أصحاب الهمم الحكومية الاتحادية، كما أنه يتناسب مع واقع البيئة والمجتمع الإماراتي، والأخذ بعين الاعتبار، رؤية الإمارات 2021، التي تعتبر الأسرة المتماسكة، نواة لمجتمع مزدهر.


مركز معين
ويأتي مركز التقنيات المساعدة «معين»، كواحد من أهم الخدمات التي توفرها الوزارة أيضاً، ويهدف إلى توفير وسائل وتقنيات حديثة متطورة، تمكن الطلبة من أصحاب الهمم على التواصل مع عالم التكنولوجيا والاتصالات، من خلال الأجهزة والتطبيقات الذكية، من خلال توفير الأجهزة المساندة التي تعينهم على ممارسة حياتهم بسهولة، فيما يعتبر عنصراً مهماً وحاسماً في عملية تطوير إمكاناتهم وإثراء قدراتهم، فضلاً عن زيادة تفاعلهم مع بيئتهم ومحيطهم ومجتمعهم، وبالتالي، تعزيز قدرتهم على الدمج بصور واقعية وملموسة.


ويهدف المركز إلى توفير مجموعة كبيرة من الوسائل والتكنولوجيات المساعدة لأصحاب الهمم وأسرهم، وللعاملين في مجالات الصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية.


وتشتمل وسائل الاتصال المستخدمة، على مجموعة واسعة من الإعاقات في الكلام واللغة، بالإضافة إلى الإعاقات الخلقية، مثل الشلل الدماغي والتوحد والاضطرابات النمائية والقصور الفكري، وتكمل هذه الأجهزة أو تحل محل الكلام أو الكتابة لذوي الإعاقات في إنتاج وفهم اللغة المنطوقة أو المكتوبة، كما أنه يمكن أن تشكل الوسائل المساعدة، إضافة دائمة لتواصل أصحاب الهمم مع العالم المحيط بهم، أو على الأقل، تكون كمساعدة مؤقتة لفترة زمنية، في حال استطاعوا التواصل مع الآخرين.


دمج وتشغيل
ويتصدر الدمج والتشغيل، مقدم أولويات الوزارة، كونه يوفر لهم حياة كريمة، ويدمجهم مجتمعياً بشكل لائق، ولذلك تم إيجاد الكثير من الخطط والبرامج الخاصة لتشغيلهم، بالإضافة إلى البرامج الاحترافية المتوفرة لتدريبهم مهنياً وميدانياً داخل بيئة عمل طبيعية، فيما تشرف الوزارة على برامج وعمليات التوجيه وتقييم الميول لدى الطلبة للاستفادة من إمكاناتهم، وتعريفهم بالفرص المتاحة للالتحاق بسوق العمل، فضلاً عن متابعة أدائهم بشكل دوري، لضمان تحقيق الهدف من تشغيلهم.


ويضم مركزا رأس الخيمة ودبي في هذا الإطار، أكبر عدد من طلبة التأهيل المهني، خاصة أن الورش المهنية الموجودة بالمراكز، تتنوع اختصاصاتها بين ورشة الوسائل التعليمية في مركز رأس الخيمة، وورشة الديكوباج وجنى للتمور ومشتل الزراعة المائية في عجمان، وورشة إعادة التدوير التي تنتج مشغولات وأكسسوارات من النقود المتلفة من قبل المصرف المركزي.


وتطبق مراكز تأهيل أصحاب الهمم التابعة للوزارة، نظام التدريب المهني الخارجي، بالتعاون مع مجموعة من المؤسسات الحكومية الاتحادية والمحلية والخاصة، انطلاقاً من أهمية إدماجهم في بيئة العمل الفعلية، وكسر الحواجز النفسية بينهم وبين المجتمع، بالإضافة إلى بناء اتجاهات إيجابية في بيئات العمل نحو تعزيز قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على العمل والمنافسة.


ويعد مركز عجمان لأصحاب الهمم، من أكثر المراكز التي تطبق نظام التدريب الخارجي، يليه مركز دبي، فيما تشغل جهات ومؤسسات عدة أصحاب الهمم لديها، وتدربهم مهنياً، وتضم هذه الجهات، مجموعة من المراكز الصحية في الإمارات، والإدارة العامة للإقامة وشؤون الأجانب، وشرطة رأس الخيمة ومركز التنمية الاجتماعية وجمعية الشارقة الخيرية، وورشة القصر للأشغال اليدوية.


أصل بأمان
وتعتبر المبادرات الموجهة إليهم، مؤثرة بشكل واضح في تعزيز الخدمات التي تصلهم، مثل مبادرة (أصل بأمان)، التي تعد واحدة من أهم المبادرات التي هدفت إلى توفير خدمات ربط ذكية للمستفيدين من مراكز تأهيل ورعاية أصحاب الهمم السبعة، التابعة للوزارة بإدارة المراكز وأولياء أمور الطلبة، حيث يمكنهم من خلالها، الاطلاع على تقارير دورية لمسار رحلة الحافلة، من خلال تطبيقات مبتكرة على الهواتف الذكية التي تعمل بنظامي «آي أو إس» و«أندرويد»،.


«نمو»
وأطلقت الوزارة أيضاً نسخة مطورة من تطبيق (نمو) الذكي، للكشف عن الأطفال في المراحل العمرية المبكرة، ويهدف التطبيق اكتشاف حالات الأطفال المتأخرين نمائياً ممن تقل أعمارهم عن خمس سنوات، وبالتالي، إحالتهم إلى برنامج الإمارات للتدخل المبكر، لإجراء تقييم الشامل لحالتهم، وتقديم الخدمات التأهيلية أو الأسرية المناسبة لهم، فضلاً عن تعزيز التكاتف والتلاحم المجتمعي، وتوفير خدمة مجانية في متناول يد الجميع، بما يسهم في إسعاد أفراد المجتمع، وتعزيز الرفاهية لفئاته وشرائحه المختلفة.


«تواصل»
ويأتي تطبيق «تواصل» الذكي، الذي يعتبر من البرامج العالمية التي تعمل كثير من الدول على تطبيقه في جميع مؤسساتها التعليمية، عن طريق أجهزة الآي باد، التي تتميز بسهولة حملها وتأثيرها البصري في المستهدفين من الحالات، وتوفر الوزارة التطبيق مجاناً للمستخدمين، ضماناً للاستفادة القصوى منه، وتعتمد فكرته على إيجاد وبناء طريقة للتواصل مع الأطفال المتوحدين، والذين يواجهون مشكلات في التواصل مع الآخرين، والعمل على زيادة تفاعلهم مع البيئة المحيطة والأشخاص الموجودين في إطار علاقاتهم، وذلك عن طريق استخدام الصور التي تتميز بجاذبيتها وتأثيرها في زيادة حصيلتهم المعرفية.
       

Email