صحف عالمية تحتفي بافتتاح المتحف

حجر زاوية ثقافي يجمع الشرق بالغرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

حظي افتتاح متحف اللوفر أبو ظبي، بتغطية واسعة من مختلف الصحف العالمية والمعلقين الفنيين الذين أثنوا على جمال الصرح الثقافي العملاق، ورسالته التاريخية كـ«حجر زاوية ثقافي يجمع الشرق بالغرب».

وقد أفردت صحيفة لوموند الفرنسية، في مقال بعنوان «لوفر أبوظبي.. مطر ضوئي» أن الصرح الذي دُشن بلمسة من توقيع المعماري الفرنسي الحائز على جائزة بريتكر، جان نوفل، هو صرح شاعري بامتياز عند تقاطع الخليج العربي بهلال الإمارات، فالمبنى الذي يرتفع من الصحراء، بقبة بيضاء هائلة وزخارف هندسية، يشكل حجر الزاوية في مشروع منطقة ثقافية واسعة، برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.

لتتحول جزيرة السعديات بسرعة إلى مركز فني عالمي يضم متاحف إضافية، منها متحف زايد الوطني، ومتحف غوغنهايم أبو ظبي، ومتحف فوستر، إلى جانب متحف اللوفر أبوظبي الذي جرى افتتاحه، فضلاً عن مرافق فنية كثيرة.

سعف النخيل

تصف صحيفة «تلغراف» البريطانية الصرح بأنه متحف للتاريخ الثقافي العالمي، وتنقل على لسان مراسلها نيك تراند انطباعاته عن المكان، بدءاً من القبة المنخفضة التي تبدو كما لو أنها تطفو على المياه دون دعائم فوق مجموعة من المكعبات البيضاء على شاطئ البحر، على شكل خلية نحل معدنية من الفولاذ المقاوم للصدأ والألمنيوم، لترشح منها أشعة الشمس.

وينقل الكاتب عن المعماري جين نوفل أنه حصل على إلهامه من الموقع، بالنظر للطريقة التي ترشح فيها الأضواء من أسقف الأسواق أو سعف أشجار النخيل، أما تصميمه للمباني البيضاء تحت القبة، حيث صالات العرض فقال: «إنها بيوت بيضاء لقرية عربية»، مشيراً إلى أن الجمع بين الظل والتيارات الهوائية ساهم في خفض الحرارة بحوالي خمس درجات.

ومع الوقت، سيعمل المتحف الجديد على تطوير مجموعته لكنه سيستخدم اسم اللوفر لمدة 30 عاماً، كما ويحصل على تحف فنية من 13 متحفاً فرنسياً خلال العقد الأول، من بينها «بومبيدو» و«دورساي»، علماً بأن مجموعة المتحف الرائعة ستضم لوحات لأشهر الفنانين والرسامين العالميين.

وتصف الصحيفة المشروع بطموح أكاديمي حيث سيجري عرض 620 قطعة فنية، وتنقل عن جان فرنسوا تشارنيه المدير العلمي لوكالة متاحف فرنسا قوله إن زيارة المتحف ستكون رحلة استكشافية إذ إن: «متحفاً عالمياً يعني لوحة جدارية تاريخية واسعة تتألف من أعمال فنية من مختلف أنحاء العالم عبر حقب وثقافات»، مشيراً إلى ميزة فريدة للمتحف تتمثل في عرضه الأعمال الفنية لحضارات مختلفة، بنزع الحدود التي تضعها المتاحف التقليدية للتراث العالمي، مما يضعها في محتوى جديد.

وتشير «تلغراف» إلى أن صالات العرض تقدم 12 «فصلاً» من الحضارة الإنسانية، بشكل متزامن. متوقعة استمتاع غالبية الزوار بما هو معروض، إذ إن صالات العرض مذهلة. وبحسب الكاتب، فقد نجح جان نوفيل بفتح النوافذ على البحر والسماء والساحات في الخارج.

وصف من جهتها، تفيد صحيفة «غارديان» البريطانية على لسان راين رايت أن لوفر أبوظبي هو الأول من نوعه من ناحية استخدام اسم مؤسسة فنية باريسية لمتحف خارج فرنسا.

وينقل الكاتب انطباعاته تحت عنوان «متحف أبوظبي: قصر جين نوفل الثقافي الرائع يلمع في الصحراء» فيصف الكتل البيضاء تحت القبة العظيمة مثل مكعبات السكر، مشكلة شوارع وساحات صغيرة، مثل قرية في الصحراء، مسترسلاً في نقل ما قاله له نوفل: «أردت إنشاء حي فني، بدلاً من مبانٍ»، لافتاً إلى أنه غالباً ما يُنظر للمتحف «بأنه شيء ما بين مدينة عربية وساحة عامة، مكان للقاء والتحدث عن الفن والحياة في سياق من الصفاء التام».

ويعرب الكاتب عن أن الوقوف تحت القبة الكونية الهائلة للمتحف، مع اختراق شعاع الضوء لتشبيكاته النجمية، ملقياً ظلالاً من الخيوط عبر واجهات المباني الخرسانية البيضاء، يسهم في نقل المرء لعالم آخر، سيما وأن التفاف المياه أسفل البناء الحجري، حيث تتدفق برك متلألئة تعمل على تبريد الهواء، يزيد من ارتداد التموجات الضوئية للمكان، في تأثير يأسر الألباب.

قبة عملاقة

وفي السياق ذاته، وفي مقالة للمعمارية لما شحادة، على موقع «ذا سبيسز» الإلكتروني، تحت عنوان «القبة العملاقة في متحف لوفر أبوظبي تخلق مطراً ضوئياً»، كتبت أن القبة التي تكلل المتحف المؤلف من 23 صالة عرض ومتحف للأطفال وقاعة ومقهى وغيرها من المرافق، تعد انجازاً هندسياً بحد ذاته، مبني فوق 85 عنصراً فائق الحجم يزن كل منها 50 طناً.

لافتة في تدوينتها لقول نائبة مدير المتحف، حصة الظاهري، إن «أبوظبي مدينة متصلة عالمياً، وسيعمل المتحف ومجموعته على أن يعكس ذلك».

تاريخ

أما في الجهة الأخرى من الأطلسي، أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» تحت عنوان «لوفر أبوظبي يستعد للكشف عن نفسه للعالم» أنه عند دخول المتحف يصادف المرء تمثالاً من العصر الحجري برأسين من الأردن، هو الأقدم في التاريخ البشري، في تشبيه لتلك الازدواجية التي تلف الغرب والشرق في إما التطلع للوراء أو التقدم للأمام، باعتباره الموضوع الذي يمتد عبر المتحف الجديد.

وتشير إلى أن القطع الفنية في لوفر أبوظبي تقدم تاريخاً موجزاً عن العالم ودياناته الرئيسية. وتنقل الصحيفة عن محمد خليفة المبارك، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وشركة التطوير والاستثمار السياحي، قوله:«حققنا التاريخ في لوفر أبو ظبي وهو أكثر بكثير من مجرد متحف».

جسر القارات

كما تنقل الصحيفة ما قاله جان لوك مارتينز مدير المتحف في باريس إنه «جسر بين آسيا وافريقيا وأوروبا» واصفة إياه بـ«مكان لرؤية العالم من أبوظبي»، وهو ما يظهر برأي الصحيفة من الصالة الأولى، حيث الأرضية تحمل عناوين إماراتية بأسماء من مدن عالمية مختلفة بالعربية والصينية والانجليزية والهندية.

ثقافات مختلفة بمواجهة بعضها بعضا، مثلاً درع فرنسي بمواجهة بدلة محارب ياباني. وترى الصحيفة أن المتحف يقصد وضع الأديان جنباً إلى جنب في شرق أوسط ما زال ممزقاً بالصراعات الطائفية، وأنه يضع لوحة ويسلر بجانب لوحة امرأة على الخشب لليوناردو دي فينشي، عملان لبيكاسو وصورة وردية لاندي وورهول لكرسي كهربائي.

وينتهي المعرض بتركيبة للفنان الصيني ويوي تدعى «جوهر الضوء» عمل من المعدن والزجاج يستحضر وميض المتحف في الليل.

قصة

وأفادت «نيويورك تايمز» أن قسماً صغيراً من المتحف مخصص للفن للمعاصر والحديث، أما الباقي يركز على قصة تاريخ العالم وأديانه. وتفيد أن مجموعة من أمناء المتاحف كانوا يفتشون عن مجموعات خاصة، وحصلوا على مئات الأعمال لفنانين من أمثال موندريان وبيلليني.

أما بالنسبة لمفهوم المتحف فتنقل الصحيفة عن جان فرانسوا تشارنيه قوله:«متحف اللوفر حكاية البشرية منذ بداية المعرفة باستخدام الفن كشاهد على العصور». وتلفت الصحيفة توقعات المبارك بأن يكون للوفر أبوظبي تأثير الدومينو وأن يبدأ العمل على بناء غوغنهايم العام المقبل.

Email