مع الناس

الزي الموحد في العمل ولاء متبادل بين الموظف والمؤسسة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يُغلّف الزي الرسمي للمؤسسات وجهات العمل، هوية موظفيها وكوادرها بما يميزها عن بقية المؤسسات، لذا كان خيار الهيئة العامة للموظفين ضرورياً لتحديد هوية المؤسسة التي ينتمون إليها، ومعرفتها بمجرد رؤية موظفيها بهذا الزي.

وفي المقابل يرى البعض أن نمط المظهر الواحد وارتداء زي عمل موحد، سلوك غير مرغوب لدى شريحة من العاملين لكونه يلغي طموح الأناقة، ويحجّم من حرية الموظف، فيما يرى آخرون أن توحيد شكل لباس موظفي الشركة يجسد مزايا وأسباباً منطقية، منها ما ينعكس على الموظف نفسه، ومنها ما يتصل بتميز الجهة التي يعمل بها.

نجاح التجربة

بدورها، أكدت الموظفة نورة الرئيسي عن نجاح تجربة مؤسستها التي تعمل في القطاع الخاص، بأن ألزمتهم كمواطنات، كونهن يرتدين (العباءة والشيلة)، بأن تكون ضمن معايير «الزي» في العمل، تماشياً مع العاملين من الجنسيات الأخرى. بحيث تكون (الشيلة والعباءة سادة) سوداء تماماً دون ألوان، فضلاً عن تعليق البطاقة الرسمية طيلة فترة الوجود في المرفق الخدمي، شاملة المعلومات عن الاسم والجنسية والوظيفة والتخصص والقسم، وتكون بخط واضح.

من جانبها، أوضحت لطيفة سالم أن الزي الموحد يشكل للموظفين عاملاً مشتركاً بينهم، يميزهم عن غيرهم من الزبائن أو العملاء، فضلاً عن أنه يبرز جزءاً من طابع الجهة التي يعملون فيها وسياستها، سواء لسياسة الشركة أو طبيعة عملها، مشيرة إلى أن الزي الموحد يختلف باختلاف طبيعة ومكان العمل وسياسيته، فمن المتعارف عليه أن المؤسسات الرسمية والمالية، كالبنوك مثلاً، إذ يتّسم الزي الموحد للموظفين فيها بالوقار والرسمية، نظراً لتعامل الموظفين مع عملاء مهمين وغيرهم.

مسؤولية فردية

ويؤكد المواطن علي محمد الحبسي، أن المسألة لا تتعلق بزي موحد، وإنما ينطلق من واجب المسؤولية الفردية لكل موظف، بأن يرتدي لباساً يعكس طبيعة عمله، ويعكس الصورة الإيجابية للمؤسسة ومرتاديها، ويأخذ الطابع الذي يتناسب معها من ناحية الالتزام بالضوابط العامة، كارتداء الملابس المريحة، والألوان الرسمية وقصات الشعر المناسبة.

من جانبه، قال المواطن عبد الله الشميلي: إن ارتداء زي عمل موحد، يجعلك تحمل هوية العمل وطريقة واضحة للجميع، فمثلاً، الالتزام في ارتداء الزي الوطني (الكندورة والغترة والعقال) في المواقع الخدمية مهم جداً، والملابس العسكرية تتحدث عن رتبتك والجهاز الأمني الذي تنتمي له، وكذلك عند الأطباء والممرضين، وهكذا دواليك، مشيراً إلى أن الزي الموحد يعلّم الانضباط، وقد يكون أكثر جدية من مواعيد بدء العمل، لذلك، فإن جميع المؤسسات ذات طبيعة العمل الحساسة، تلتزم بزي موحد لموظفيها.

ضوابط ومعايير

من جانبه، أوضح المواطن طارق الحبسي، أن هناك مؤسسات لا تهتم بجانب إلزام موظفيها على ارتداء الزي المناسب، في الوقت الذي أيضاً لا توضح لهم الضوابط والمعايير العامة للباس الرسمي لها، وإن لم يكن بصورة موحدة، وإنما يكون متوافقاً مع طبيعة المؤسسة التي يعملون بها، يجب الالتزام بالزي المقرر حسب التصنيف الوظيفي مما تحدده هذه الضوابط. حيث توجد سلبيات تتعلق في عدم وجود معايير واضحة في ارتداء الزي الرسمي، منها اللا مبالاة والمغالاة في الأناقة أو العكس.

وأكد المواطن مشعل بن يهمور: لا يختلف اثنان على أن اللباس هو قرار شخصي محض، لا يحق لأحد مصادرته، لكن عندما يتعلق الأمر بالعمل، فلا بد أن تلتزم الموظفة، وحتى الموظف، بالآداب واللوائح السائدة في بيئات العمل، ففي معظم المنظمات، يوجد ما يسمى بـ «معايير اللباس»، حتى تكون أجواء الوظيفة مهيأة للعمل، وليس مكاناً لعرض الأزياء وتشتيت انتباه الموظفين. لافتاً إلى أن اللباس في العمل مسألة محرجة جداً للمسؤولين، خصوصاً في مجتمعاتنا وبيئات العمل المحلية.

تفاوت كبير

من جهة أخرى، تقول الاختصاصية الاجتماعية والأسرية بثينة حسن، إن ثمة تفاوتاً كبيراً بين أذواق الناس في اختيار المظهر المناسب، وأن بعضهم قد يقع في مشكلة التناقض في الملبس غير المتناسق، فقد تكون اختياراتهم متناقضة أحياناً، أو غير متلائمة مع طبيعة العمل أحياناً أخرى، ولهذا، بدأت الجهات في توحيد مظهر وملابس محددة لضبط هذا التفاوت، والحصول على حدود الأناقة المقبولة، التي تؤثر في صورة الفرد والمكان، وترى أن وجود زي موحد أنيق، والتزام جميع العاملين به، يعطي صورة مميزة للمكان، صورة يظهر فيها الانضباط والالتزام والترتيب، ما يزيد ثقة الناس بهذا المكان الذي يقدم خدمة أو سلعة معينة، وهذا ما تؤكده عليها الدراسات الحديثة «ما ترتديه في العمل، يعكس جانباً من شخصيتك ومهنيتك واحترامك لبيئة العمل».

وأشار المواطن خالد النقبي إلى أهمية وضع الضوابط العملية للزي الرسمي في المؤسسة، والمحافظة على المظهر العام، إلى جانب تشجيع الموظفين على الاهتمام بالمظهر الخارجي، الذي يعكس الصورة الجيدة للمؤسسة أمام الجهات الخارجية، مشيراً إلى أن هناك سياسة عامة يستوجب أن تعتمدها كل مؤسسة في نطاق الزي الرسمي، تأتي في مقدمها: (ضرورة التزام الموظفين بالسياسة العامة المعتمدة للزي الرسمي داخل المنشأة، وضرورة أن يعكس مظهر وزي الموظف، صورة مشرفة لمكانة المؤسسة التي يمثلها).

وأضاف أن للمؤسسة الحق في تحديد نوع ومستوى الملابس التي تؤمن سلامة الذوق، وتسهيل الحركة في نفس الوقت، لكل فئة من الموظفين، وعليهم الالتزام بارتدائها أثناء دوامهم الرسمي. بالإضافة إلى أن إدارة الموارد البشرية، وبالتنسيق مع مديري الوحدات التنظيمية، تعتبر مسؤولة عن توفير الزي الموحد بالألوان والكميات المناسبة، وتوزيعها على الموظفين ذوي العلاقة، وهي المسؤولة عن اكتشاف المخالفات لارتداء الزي الموحد للفئات ذات العلاقة من الموظفين، وكذلك اتخاذ الإجراءات اللازمة.

مناسبات وطنية

ومن جانب آخر، قالت عائشة الطنيجي إنه من المهم الالتزام بارتداء الزي الرسمي، والذي يمثل هويتنا الوطنية بشكل كبير، واحترام ارتدائه في الأماكن والمناسبات. كما أنه من المهم الإفادة من المناسبات الوطنية في غرس العادات الإيجابية، كأن يكون هناك توعية في الاحتفال باليوم الوطني، على أهمية ارتداء «الزي الإماراتي» كندورة وغترة وعقال، وأن الخروج والاحتفال، سواء في الميادين أو الأماكن المخصصة، لا يمكن أن يكون بغير ذلك، ما يؤثر إيجابياً في نفسية الصغار، وقد نشاهدهم يرفضون الخروج مُستقبلاً بدون «الكندورة والغترة»، وهنا، نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد، الاحتفال أولاً، وغرس قيم الولاء في نشئنا.

وأكدت على دور المدارس، الذي يعد كبيراً في توعية الطلاب بـ «الزي الوطني»، فهناك بعض المدارس تتغافل عن لبس «الكندورة»، وربما أتى الطالب إلى المدرسة وهو بـ «تكميلة رياضة»، أو ربما في مراحل متقدمة كالمتوسطة والثانوية، يأتي بدون «الغترة»، ما يُشكل ثقافة تلتصق في الذاكرة، تنمو مع الوقت ليُصبح ارتداء «الزي الوطني» أمراً عادياً لا فائدة منه.

80 %

إن الهدف من ارتداء الملابس لمكان العمل هو إعطاء صورة محترفة ذات كفاءة عالية عن نفسك بنسبة 80 % بغض النظر عن طبقة مهنتك أو مسار وظيفتك. أسلوبك في ارتداء الملابس، والألوان والأطوال بالإضافة إلى أحجام الأزياء ستتحدث كثيراً عن قدرتك على القيام بمهامك.

Ⅶ ثقة

أكدت دراسة أجرتها جامعة برينستون، أننا عندما نرى وجهاً جديداً، تقرر أدمغتنا ما إذا كان صاحب هذا الوجه جذاباً وجديراً بالثقة أم لا خلال عشرة أجزاء من الثانية فقط، ولذلك فإن الألوان التي تختارها لملابسك أيضاً لها تأثير كبير في ذلك، فالأزرق هو الأكثر تفضيلاً، يليه الوردي والأخضر والأحمر والأرجواني.

60 %

هناك تفاوت بنسبة 60% بين أذواق الناس اختيار الملابس، قد تبدو اختياراتهم متناقضة أحياناً، وغير متلائمة مع طبيعة العمل أحياناً أخرى، يعد الزي الموحد طريقة لضبط هذا التفاوت، والحصول على حدود الأناقة المقبولة لدى أولئك الذين يحبون عملهم، سيكون الزي الموحد محبباً لهم، ويعرض هويتهم المهنية بصورة واضحة يحسون من خلاها بالفخر.

Ⅶ العملاء

تشجع بعض المؤسسات موظفيها على ارتداء ملابس أفضل من تلك التي يرتديها عملاؤهم، وخاصة في أماكن العمل التي تستقبل العملاء في مكاتبها مما يجعل الموظفين يغيرون نمط لباسهم حسب العميل، فالمراكز التي تطرح برامج تعليمية موجهة للفتيات والمراهقات يفضل أن ترتدي موظفاتها ملابس زاهية ومشرقة نوعاً ما لكنها أيضاً تتحلا بصفة الرسمية ومراعاة العادات والتقاليد المجتمعية التي يجب أن تكون مثالاً وقدوة.

المدارس الخيرية في بريطانيا.. بداية الفكرة

تعد بريطانيا صاحبة فكرة توحيد الزي المدرسي، فهو يعود في تاريخه إلى القرن الخامس عشر، حيث فرض أولاً على تلاميذ المدارس الخيرية في بريطانيا، وذلك لأسباب اقتصادية بحتة، وحتى يتم تمييز التلاميذ عن غيرهم من المدارس، وبالتالي لم يظهر هذا الزي على التلاميذ في بريطانيا إلا في القرن الـ19، إذ بدأت المدارس الخاصة تفرضه على تلاميذها، وهكذا انتقل الزي المدرسي من اهتمام الدائرة الخاصة إلى المدارس الحكومية في بريطانيا، ولاحقاً نقلت بريطانيا هذا الزي المدرسي إلى مستعمراتها.

ولكن اليابان اتخذت الزي الموحد منهجاً سواء في المدرس أو العمل، إضافة إلى أولئك الذين يرتدون «زياً شبه موحد»، طوعاً كالبدلات للطلاب الباحثين عن وظيفة، ويأتي في إطار مزايا أهمها: التطابق، الكبرياء والحوافز، السلامة والراحة، تعزيز العلامة التجارية، قوة التوظيف.

Email