عبدالرحمن مخلوف المدير الأسبق لدائرة تخطيط المدن في أبوظبي:

زايد شخصية فريدة وقائد استثنائي

المغفور له بإذن الله الشيخ زايد يوجه مخلوف بشأن بعض المشاريع ـــ أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الدكتور عبدالرحمن مخلوف رائد تخطيط المدن والمدير الأسبق لدائرة تخطيط المدن في أبوظبي والذي رافق المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، فترة طويلة امتدت لثلاثة عقود إن المعاني الدالة على الحب العميق الذي كان يتملك الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ لمواطنيه ومجتمعه ووفائه للأجداد والتقاليد الأصيلة كانت تتجلى في كل تصرفاته وأعماله.

وقال أتذكر في لقاء مع سموه في قصر البحر وكان موضوع الاجتماع تسمية الشوارع الرئيسية في مدينة أبوظبي حيث اختار سموه الأسماء المعروفة الآن في أبوظبي وهي في مجملها ذات دلالات حكيمة جغرافية وإنسانية وتاريخية مثل شارع دلما، البطين، بني ياس، السلام، الخ... وأضاف ومن المعاني الدالة على أهدافه نحو أبناء وطنه اختار اسماً فريداً لأحد أهم شوارع أبوظبي وهو شارع السعادة وهذا يذكرنا بما قاله الفيلسوف الإغريقي «أرسطو» عن المدينة المثالية كما تصورها: أن تكون بجانب تأدية وظيفتها الأساسية وهي توفير المأوى والحماية لسكانها فأيضاً أن تكون مصدراً للسعادة.

وأضاف قبل السادس من أغسطس عام 1966، كانت أبوظبي جزيرة رملية قاحلة تحيط بها مياه الخليج العربي، ولم تكن سوى بيوت بسيطة متناثرة هنا وهناك وكان سكانها يعتمدون على وصول احتياجاتهم اليومية من سلع وبضائع عبر «الدوابي» التي كانت ترسو على كورنيش أبوظبي قبل إنشاء وتطوير مينائها الحالي.

ولم يكن الأمر غريباً أن تشغل الظروف الصعبة وشح الموارد وصعوبات الحياة التي يعانيها الناس بال الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ حيث كان يردد دائماً كنت أفكر دائماً في خدمة أبناء وطني، وفي سعادتهم قبل أن تكون لدي خطة وقبل أن تتوافر لي الإمكانات التي أنعم الله بها علينا مع ظهور البترول، إن شعبنا حُرم من الخدمات والمرافق التي يتمتع بها غيره وآن الأوان لأن نعوض شعبنا عما فاته لينعم بما أعطاه الله من خير وفير.

إنجازات عملاقة

وقال الدكتور مخلوف عبر 38 عاماً حمل الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ آمال وطموحات شعبه في جميع المجالات وفق نظرة فلسفية إنسانية وتنموية وحضارية شاملة، ولم تكن الأحلام والطموحات والآمال سهلة المنال ولكن فكر وعزم وإصرار الشيخ زايد ونفاذ بصيرته وحنكته حول المستحيل إلى واقع حي ينطق بالشواهد والإنجازات العملاقة عبر مراحل متعددة.

ووثق الدكتور عبدالرحمن مخلوف مدير تخطيط المدن في أبوظبي في عهد الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ في كتابه الجديد «توثيق تراث النهضة العمرانية لمدينة أبوظبي» خلال الفترة من 1968 إلى 2014، النهضة العمرانية الشاملة التي أرسى دعائمها قائد المسيرة الملهم الشيخ زايد بن سلطان ـ طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته لم تشهدها أي دولة وليس لها مثيل في العالم رافقه فيها صاحب السمو الشيخ خليفه بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.

ويتحدث الدكتور مخلوف عن قدومه إلى أبوظبي بقوله في العام 1968 طلب الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ من الأمم المتحدة إرسال خبير لتخطيط المدن للمساعدة على إعداد المخطط العام لمدينة أبوظبي، فتم ترشيحي لهذه المهمة فعينت مديراً لتخطيط المدن في أبوظبي حيث توليت مهام تخطيط المدن بها وتأسيس دائرة المدن في أبوظبي والعين وفي مايو من العام 1968 أسست المكتب العربي للتخطيط والعمارة.

وقال الدكتور عبدالرحمن مخلوف تمتع الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ بشخصية فريدة قلما تتكرر في زمنه أو غيره، وأنا من خلال فترة عملي والتي امتدت لأكثر من 30 عاماً وقفت على جوانب كثيرة من شخصية هذا القائد العظيم وكونت فكرة عن هذا الرجل العظيم، فقد كان ـ طيب الله ثراه ـ تبدو في محياه القوة والمهابة، وهاتان الصفتان يدركهما كل من التقى به للوهلة الأولى سواء كان رجلاً عادياً أو أي شخصية لها مكانة سياسية أو اجتماعية، فكان الشيخ زايد دائماً يشع بالجاذبية والبشاشة وهذه الصفات لا تفارقه وهو في أحلك الحالات من التعب والإرهاق بسبب كثرة أشغاله وتنقله بين المشاريع والوقوف على أمور الإمارة والدولة كما كان مشغولاً بالقضايا المحلية والعربية والدولية فقد كان بشوشاً مبتسماً في كل الأوقات.

ذكريات

ويتذكر الدكتور مخلوف كان الشيخ زايد يلقي عليك الأنس والراحة والسكينة وكانت تبدو عليه دائماً ملامح العزم والشجاعة وهده الصفة يدركها الجميع بمجرد النظر إليه، وكان ـ طيب الله ثراه ـ شجاعاً في اتخاذ قراراته ولعل التاريخ سجل له العديد من المواقف التي وقف فيها بكل عزم وشجاعة على كافة الصعد وهذه الوقفات التاريخية لا تعد ولا تحصى وكان في خطاه الإقدام والجسارة فلم نجده يوماً تراجع عن اتخاذ أو تنفيذ أي أمر ما لم يجد فيه ضرراً أو جدوى أو فائدة، لأن التوقف عن الخطأ كما كان يقول أكبر شجاعة، فليست الشجاعة لديه في الإصرار عليه.

وأضاف كان الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ يتحلى بالصبر والمثابرة وهاتان الصفتان من الأسباب التي كانت وراء أعماله وإنجازاته العظيمة التي تحققت في فترات زمنية قصيرة لا تحسب في عمر الدول والشعوب، كما كان الشيخ زايد شديد التواضع، صافي القلب، نقي السريرة تتفجر من جنباته تعابير الرحمة والعطف لكافة البشر والمحيطين به.

وقال امتازت شخصية الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ بالاعتدال والوسطية انعكست في شخصيته الهادئة وطبيعة عيشه وتعامله مع الآخرين ولم تتغير شخصية الشيخ زايد منذ الأيام الأولى التي عرفته إلى أن توفاه الله.

مواقف

يتذكر الدكتور مخلوف بعض المواقف مع الشيخ زايد بقوله كان الشيخ زايد ـ طيب الله ثراه ـ يفرح في مواقف كثيرة منها عندما يرى الفرحة ترتسم على محيا طالبي الحاجات التي كان يأمر بتلبيتها للمواطنين، وكذلك عندما يجد أي مشروع أمر بتنفيذه وقد اكتمل، وأذكر أنه عندما جاءنا لزيارة وتفقد مبنى سوق أبوظبي ووجده وقد قطع شوطاً كبيراً أمسكني من يدي وقال لي «اليوم أفرحتني أفرحك الله» فشعرت بسعادة غامرة وأنا أنظر إلى محياه الكريم والنور يشع من وجهه فرحاً وغبطة. وبعد ذلك وجدت الفرح والسرور باديين على وجهه الكريم عندما قام بتوزيع المحلات على المواطنين وسعد بسعادتهم.

رجل الأفعال

قال الدكتور عبدالرحمن مخلوف إن الشيخ زايد طيب الله ثراه كان خيراً في كل أفعاله وأقواله وأصبح يعرف بزايد الخير وقد تشربت شخصيته بصفات عظيمة استمدها من دينه السمح وعروبته الأصيلة فقد ارتكزت شخصيته على المبادئ والقيم الإسلامية السمحاء وتأثر كثيراً بالقرآن الكريم والسيرة النبوية الشريفة والتاريخ الإسلامي العظيم وكان جميعها المنهل العذب الذي استقى منه معارفه الدينية ومشاعره الإيمانية ومثله العليا في الحياة والحكم.

Email