التقصير في مساعدة المصابين يعود إلى الخوف من المسؤولية

ت + ت - الحجم الطبيعي

وصف أحمد الهاجري نائب المدير التنفيذي للإسعاف الوطني موضوع الثقافة الإسعافية لدى بعض أفراد المجتمع الإماراتي بـ«الحاضر الغايب»، وقال إن هناك تخوفاً كبيراً من قبل العديد من الأشخاص الذين لديهم إلمام بالثقافة الإسعافية، وهذا الخوف يمنعهم من تقديم مساعدتهم للمحتاجين على أرض الواقع في حوادث ينتج عنها مصابين في أي موقع يتطلب المساعدة الآنية قبيل وصول سيارات الإسعاف. وأكد الهاجري أن الخوف من المسؤولية الاجتماعية التي تمنع الشخص من المبادرة في تقديم المساعدة للآخرين في حالات الطوارئ بالرغم من أن العديد من هؤلاء يمتلكون خبرات إسعافية ودورات متعددة تمكنهم أحياناً من إنقاذ حياة أشخاص في حاجة للمساعد.

وشدد الهاجري على ضرورة تنمية الشعور العام للناس بالمسؤولية المجتمعية تجاه المحتاجين من مرضى في حالات الطوارئ والقيام بدورهم المجتمعي إلى حين وصول سيارات الإسعاف والمختصين لأنهم قد يشكلون الفيصل بين الحياة والموت.

وأكد الهاجري أن كل إنسان يعيش على أرض دولة الإمارات يجب أن يكون له دور إيجابي في إطار عقيدة التكامل التي أشار لها سمو نائب رئيس مجلس الوزارة وزير الداخلية خلال مشاركته في القمة الحكومية الأخيرة، ويجب أن يكون له دور في مساعدة الآخرين وخاصة الأشخاص الذين لديهم إلمام وخبرة في الإسعافات الأولية.

وفيما يتعلق بمستوى الثقافة الإسعافية لدى المجتمع أشار الهاجري إلى أن هنالك ثقافة حاضرة لكنها غائبة على أرض الواقع لأنها لا تمارس أي ثقافة أو خبرة، فإنها تنسى وتصبح عديمة الفائدة وبالتالي يجب أن نشجع أفراد المجتمع على تطوير هذه الثقافة الإسعافية عملياً.

دراسة

وأشار إلى أنه في بعض الدول المتقدمة تقدم الثقافة الإسعافية من المراحل الابتدائية وحتى مراحل دراسية متقدمة نجدها في المناهج لأنها جزء من ثقافة ووعي المجتمع.

وقال إن ما يوجد في المناهج الدراسية لدينا من ثقافة إسعافية عبارة عن مقدمة بسيطة بحاجة إلى تطوير وتفصيل أكثر خاصة حول كيفية التعامل مع الحالات الحرجة وكيفية التواصل مع الطوارئ لطلب الإسعاف وشرح طبيعة الحالة وأعراضها، الأمر الذي يمكن الجهة المسعفة من الاستعداد وتحديد الإجراءات التي ينبغي على الذي يتعامل مع الحالة تنفيذها حتى يتمكن من إنقاذ الحالة.

وأكد نائب المدير التنفيذي للإسعاف الوطني أن هناك حاجة ملحة في مجتمعنا لتشجيع الانخراط في دورات إسعافية متقدمة وخاصة الموظفين والعاملين في الجهات الحكومية والخاصة وعلى هذه الجهات تبني هذا التوجه وتطويره بحيث يكون جزءاً من عمل الموظف أو خبراته التي تضاف إلى رصيده وإنجازاته.

وقال إن وجود الرغبة في تعلم الثقافة الإسعافية أمر مهم جداً، وبالتالي يجب تحفيز الطلاب من مختلف المراحل على هذه الثقافة من خلال تأكيد أهميتها في مساعدة الآخرين وأن يكون الشخص أداة فعالة في مجتمعه.

وحول دور الجهات المختلفة في نشر ثقافة الإسعاف أوضح أن هنالك بعض الجهات المقدمة للخدمات الإسعافية بالدولة لديها بعض الإدارات التي تقدم أفكار ومبادرات لتفعيل ثقافة الإسعاف وبعض الجهات ذات النفع العام ولكن هذا ليس بكافٍ، حيث إننا ما زلنا في البدايات.

وأشار إلى أن جمعية الإمارات لطب الطوارئ تقوم حالياً بعمل محوري ومهم عن طريق وزارة الصحة ووزارة العدل لإصدار قانون أو تشريع ينظم التدخلات الإسعافية والطبية لغير المخولين بأداء هذه الخدمة في حالات الطوارئ، وعند عدم توفر طواقم الإسعاف وقت وقوع الحوادث.

وأكد أن أهمية القانون تكمن في تنظيمه لهذا الموضوع وتحديد المسؤولية القانونية في حال قيام أشخاص غير مخولين بتقديم خدمات إسعافيه إلى أشخاص يحتاجون إلى المساعدة، مشيرا إلى أن هنالك العديد من الأشخاص المتطوعين الذين لديهم إلمام بالإسعافات الأولية ولكنهم يخشون في أوقات الحوادث من مساعدة الأشخاص خوفاً من المسؤولية القانونية بالرغم من عدم وجود نص صريح في القوانين، مشيراً إلى إن هذا التخوف في مساعدة الأشخاص وقت الطوارئ مرده إلى العرف الاجتماعي الذي تداوله المجتمع دون وجود نص قانوني.

وأكد الهاجري أهمية تقديم الإسعافات الأولية في حالات الطوارئ وتقديم المساعدة للمحتاجين في الحوادث بعد استدعاء جهات الإسعاف والإبلاغ عن الحادث خاصة وأنه في حالات متعددة ساهم أشخاص عاديين في إنقاذ حياة أشخاص أو المساعدة في تخفيف الإصابات بتقديمهم المساعدة إلى حين وصول سيارات الإسعاف لأن كل ثانية مهمة جداً في عملية إنقاذ الأرواح.

وأشار الهاجري إلى أن هنالك العديد من الجهات الحكومية والمتخصصة تنظم دورات إسعافات للموظفين والطلبة وغيرهم من فئات المجتمع. كما أن هنالك العديد من جمعيات النفع العام الشبابية والتطوعية التي لديها أسس الإسعاف الأولي ولكن ليس لدى هؤلاء الصلاحية لممارسة هذا العمل.

وأضاف: هناك العديد من الأشخاص الذين يتلقون دورات في الإسعاف وللأسف فإن هذه الدورات لا يستفيد منها إلا القلة وبالتالي يجب أن يتم تنظيم هذا الموضوع بأن نتوسع في تقديم دورات الإسعاف وبشكل مكثف لفئات المجتمع، الأمر الذي يجعلهم قادرين على مساعدة أنفسهم أو أقاربهم أو الأشخاص الآخرين في أوقات الطوارئ والتعامل مع الحالة بشكل سريع وأن يكون كل ذلك مدعم بقانون ينظم هذا الإجراء.

نجاح وإنقاذ

وكشف الهاجري أنه خلال العام الجاري تضاعفت نسبة نجاح وإنقاذ الأشخاص الذين تعرضوا لنوبات قلبية خارج المستشفيات والذين قدمت لهم المساعدة من قبل طواقم الإسعاف الوطني في المناطق الشمالية خاصة، وأن أكثر الأعمار التي تصاب بالسكتة القلبية من المواطنين تتراوح أعمارهم بين 40 إلى 60 سنة، الأمر الذي ساهم في إنقاذ العشرات منهم قبل نقله إلى المستشفى ونتيجة لخبرة وجهود فريق الإسعاف الوطني.

تأهيل العمالة

أشار الدكتور سيف بن درويش المدير التنفيذي لمركز إثراء للاستشارات والتدريب إلى أن المختصين يعون بشكل كامل مدى أهمية تعلم الإسعافات الأولية، وفي نفس الوقت بالإمكان جعل وعي المجتمع يزداد ليصب إلى مستوى يوازي البلدان المتقدمة في هذا المجال، وكثير من القطاعات المهمة كالجامعات والهلال الأحمر ووزارة الصحة مهتمة بهذا الشأن ولهم إسهامات متفرقة، مشيراً إلى أهمية تدريب الإسعافات الأولية الذي يعتبر من أهم أنواع التدريبات لأنه يؤدي إلى حماية أفراد المجتمع وهو شكل من أشكال الاستجابة للحالات الطارئة.

وأوضح أهميته القصوى بالنسبة إلى فئة مهمة جداً وهي فئة العمالة المنزلية كونها تتعامل مع أطفالنا وكبار السن المقيمين في المنزل، ولذلك لا بد من استصدار قانون يفرض تدريب هذه الفئة وكذلك طلبة المدارس خصوصاً في المرحلتين الثانوية والمتوسطة ما سيعمل على زرع هذه الثقافة عند الأجيال، لافتاً إلى أن الإسعافات الأولية ليست ترفاً وإنما هي طريقة مثبتة لتقليل الخسائر والمحافظة على الأرواح، حيث أغلبنا يعتقد أن بيئة المنزل بيئة آمنة وهذا الكلام غير صحيح لأن المنازل مليئة بالمخاطر التي من الممكن أنها تؤدي إلى حوادث مميتة.

60 - 40

تضاعفت خلال العام الجاري نسبة نجاح وإنقاذ الأشخاص الذين تعرضوا لنوبات قلبية خارج المستشفيات والذين قدمت لهم المساعدة من قبل طواقم الإسعاف الوطني خصوصاً في المناطق الشمالية، حيث إن أكثر الأعمار التي تصاب بالسكتة القلبية من المواطنين تتراوح أعمارهم بين 40 إلى 60 سنة، الأمر الذي ساهم في إنقاذ العشرات منهم قبل نقله إلى المستشفى ونتيجة لخبرة وجهود فريق الإسعاف الوطني.

Email