يُحضّر لما بعد الدكتوراه في أبرز معهد لبحوث الفيزياء بالعالم

العالم أحمد المهيري.. زميل آينشتاين

ت + ت - الحجم الطبيعي

العلوم لا تقتصر على الغرب، إذ تحتاج إلى شغف من طالبيها حتى يحصلوا على مبتغاهم، هذا هو الشعار الذي رفعه العالم الإماراتي الشاب أحمد عيد المهيري، من مواليد أبوظبي يونيو 1986، وصاحب لقب أول إماراتي يحصل على قبول لدراسات ما بعد الدكتوراه في معهد الدراسات المتقدمة في برينستون بالولايات المتحدة، الذي يعتبر أبرز معهد لبحوث الفيزياء النظرية في العالم، والذي عمل فيه «آينشتاين» في آخر 20 عاماً من حياته.

حاز الدكتور المهيري جائزة أفضل رسالة دكتوراه على مستوى جامعته في مجال الرياضيات والعلوم الطبيعية والهندسة، ولديه بحوث في الفيزياء النظرية، والتي تم الإشارة إليها أكثر من 900 مرة من قبل باحثين آخرين. وهو لا يفكر في العمل أو الاستقرار في مكان سوى الإمارات.

مؤكداً أن الدولة تستحق منا الكثير، وسيحرص على بذل جهده وإمكانيته لرفع رايتها، والمساهمة في بناء مستقبل مشرف لها. وإلى جانب تفوقه العلمي؛ لم يخفِ أحمد حبّه للتنزه في الجبال، ولعب الإسكواش، وقراءة كتب الخيال العلمي.

تميز علمي

تخرج الدكتور أحمد المهيري في مدرسة الشويفات الدولية في أبوظبي، ليلتحق بعدها بجامعة تورونتو في 2004، وتخصص في برنامج علم الهندسة- تخصص الفيزياء وتخرج العام 2008، وكان مبتعثاً من قبل جهاز أبوظبي للاستثمار.

وأوضح د. المهيري في حواره مع «البيان» أنه بعد تخرجه في جامعة تورونتو، ابتعث من قبل مكتب البعثات الدراسية التابع لوزارة شؤون الرئاسة في أبوظبي لدراسة الماجستير والدكتوراه في جامعة كاليفورنيا في سانتا باربارا في الولايات المتحدة 2008. وفِي السنة الثانية بدأ أبحاثه بإشراف البروفيسور جوزف بولجِنسكي، وفاز بجائزة أفضل رسالة دكتوراه على مستوى الجامعة في مجال الرياضيات والعلوم الطبيعية والهندسة.

ماذا بعد؟

أجاب د. المهيري قائلاً: في العديد من المجالات العلمية، لا تنتهي مرحلة الدراسة عند الانتهاء من الدكتوراه، بل ولا يعد الخريج باحثاً مستقلاً، ولذلك يأتي الهدف من نظام دراسات ما بعد الدكتوراه هو إعطاء الطالب الفرصة ليثبت كفاءته كباحث مستقل، وتكون مدة دراسات ما بعد الدكتوراه 3 سنوات غالبا في مجال الفيزياء، ويتوقع من الطالب أن يُتم مرحلتين من هذه الدراسات بمجموع 6 سنوات.

مضيفا: في خريف 2014 بدأت أول مرحلة من دراسات ما بعد الدكتوراه في جامعة ستانفورد، والتي سأنهيها في صيف 2017 بمشيئة الله، وسأبدأ المرحلة التالية في معهد الدراسات المتقدمة خريف هذا العام.

سر التخصص

وكشف د. المهيري عن سر تخصصه في علم الفيزياء، مشيرا إلى أنه بدأ اهتمامه بالعلوم عامة، وبالفيزياء بشكل خاص في المرحلة الثانوية في مدرسة الشويفات الدولية في أبوظبي.

ويتذكر د. المهيري ما درّسته إياه معلمة مادة الكيمياء، الأستاذة ندى منصور، عبارة لم يفهمها حينها، كانت تقول: «الإلكترونات في الذرّات المكوِنة لهذه الطاولة لها احتمالية أن تذهب إلى القمر». وكانت تقولها بصوت عال وبإيمانٍ جازم مما جعله يأخذ العبارة على محمل الجد، وظل على حيرته حتى التحق بالجامعة وأخذ مادة الفيزياء ميكانيكا الكم وأدرك حينها حقيقة مقولتها.

وقال د. المهيري: وأتذكر أيضا معلمي لمادة الفيزياء، الأستاذ مارون الذي علمنا نظرية آنشتاين النسبية الخاصة، والتي أبهرتني حقاً لبساطتها مع غرابة عواقبها، وكان الأستاذ من أوضح المعلمين الذين مروا علي أسلوبا وأكثرهم استعدادا لكل درس وعندما لاحظ الأستاذ اهتمامي بالمادة أبدى بالمقابل اهتماما ملحوظا بي.

تحديات وصعوبات

أكد المهيري أن أول تحدٍ واجهه كان في مرحلة التقديم للبكالوريوس، وهو ردود فعل الكثيرين من حوله بصعوبة الحصول على وظيفة في مجال الفيزياء بعد التخرج. لذلك، اخترت تخصص Engineering Science – Physics Specialty في جامعة تورونتو والذي يركز على الهندسة في أول سنتين، ثم على الفيزياء في آخر سنتين.

وأثر هذا القرار على درجاته الدراسية بشكل ملحوظ في أول سنتين لعدم تقبله لمواد الهندسة، ولكن عندما بدأ في دراسة مواد الفيزياء تذكر شغفه للفيزياء، وأظهر تفوقا ملحوظا، وتميزا علميا ودراسيا ليكون من ضمن المتفوقين في آخر سنتين من الجامعة.

كما واجه د. المهيري تحديا آخر تمثل في الانتقال من مرحلة التعلم إلى مرحلة البحث، ففي مرحلة التعلم، يتعلم الطالب أشياء مدروسة من قبل ومسرودة بطريقة تساعد على الفهم. وأما في مرحلة البحث فإنه على حد قوله: تُرمى في المجهول، ويتوقع منك أن تستحدث موضوعاً جديداً وأن تصل إلى نتيجة لم يصل إليها أحد من قبلك.

طموح الشباب

أوضح د. المهيري أن إقبال الشباب الإماراتي على دراسة العلوم كالفيزياء وغيرها ضعيف إلى حد ما. وقال: ولكن المشكلة ليست كامنة في الشباب، فأنا قابلت الكثير منهم ممن كان يطمح في التخصص في هذه المجالات العلمية، ولكن تحاشاها مخافة عدم الحصول على وظيفة. كما ذكرت سابقا.

وواقعا فأنا في البداية تخصصت في برنامج هندسة لنفس السبب، ولكني أيقنت لاحقا أني لن أسعد ولن أبدع إلا في المجال الذي أحبه. وأؤكد على أن المشكلة ليست في قلة طموح شباب الدولة، ولكن خوفهم من الحصول على وظيفة مناسبة أدى إلى قلة الإقبال على التخصصات العلمية.

فهم الكون

يطمح د. المهيري على المستوى الشخصي في الاستمرار في أبحاثه كي يصل إلى قدر أكبر في فهم حقيقة تركيب الكون. ومن هذا المنطلق يطمح بأن يصبح بروفيسوراً، وأن يستمر في أبحاثه في الفيزياء النظرية، بالإضافة إلى التدريس في دولة الإمارات.

ويطمح فعلياً إلى المساهمة في ترسيخ أهمية البحوث العلمية لدى المجتمع عامة وفئة الشباب خاصة، وأن يكون نموذجا ناجحا يرغّب الشباب في دخول هذه التخصصات.

ويتمنى أن يرى عددا أكبر من شباب الإمارات في المجالات العلمية البحثية، بهدف بناء مجتمع ذي ثقافة علمية. كما يتمنى مستقبلا أن يكون في دولة الإمارات مركز لأبحاث الفيزياء النظرية تقام فيه المؤتمرات العلمية، وأن يكون وجهة للعلماء البارزين من كل أنحاء العالم.

دعم ونجاح وتقدير

أكد الدكتور أحمد المهيري الدور المفصلي لحكومة الإمارات ووزارة شؤون الرئاسة ومكتب البعثات الدراسية، في مسيرة النجاح التي حققها، لاسيما في الدعم المتواصل له خلال دراسة الماجستير والدكتوراه وما بعده، موجهاً شكره لجهاز أبوظبي للاستثمار الذي بدعمه بدأ مسيرته العلمية، ولفريق العمل في سفارة الإمارات في واشنطن.

وأضاف: لا أنسى أبدا أمي وأبي لتربيتهما التي مهدت لي طريق العلم وصبرهما على غربتي سنين طويلة، ولأسرتي على دعمها المستمر ومساندتها لي في رحلتي العلمية وصبرها على ساعات دراستي الطويلة.

Email