نفذ 100 برنامج تدريبي في 80 دولة منذ تأسيسه

مركز «إكبا».. زراعة ناجحة في بيئة ملـحية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعتبر المركز الدولي للزراعة الملحية «إكبا»، مركزاً غير ربحي للبحوث الزراعية تأسس في عام 1999 في دبي، وينفذ برامج بحثية وتنموية تهدف إلى تعزيز الإنتاجية الزراعية واستدامتها في البيئات المالحة والهامشية، ويعمل ضمن 5 مجالات هي: تقييم الموارد الطبيعية وإدارتها، تأثيرات عوامل التغير المناخي وإدارتها، إنتاجية المحاصيل وتنويعها، سياسات التكيف، الزراعة المائية والطاقة الحيوية.

وتغطي أنشطة المركز مناطق عدة حول العالم بما فيها دول مجلس التعاون الخليجي، والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومنطقة وسط آسيا والقوقاز، ومنطقة جنوب وجنوب شرق آسيا، وفى عدة دول أفريقية جنوب الصحراء.

التغير المناخي وقالت الدكتورة أسمهان الوافي مدير عام المركز لـ«البيان» نجح المركز في تنفيذ 100 برنامج تدريبي منذ تأسيسه في 80 دولة استفاد من هذه البرامج 1800 شخص بينهم، 469 من دولة الإمارات، وتمحورت هذه البرامج حول التغير المناخي وإدارة التربة والمياه، والزراعة الملحية، والوقود الحيوي باستخدام المياه المالحة، إلى جانب تقنيات استصلاح الأراضي باستخدام تقنيات حديثة.

وأضافت ان المركز يضم 70 موظفاً بينهم 30 باحثاً من حملة شهادة الدكتوراه والموظفين البقية من حملة شهادتي البكالوريوس والماجستير، مشيرة إلى أنه جار إعداد استراتيجية للأمن الغذائي للأردن، ويعمل حالياً على تطوير برنامج لإدارة الجفاف سيتم إطلاقه عام 2018 في الأردن والمغرب وتونس ولبنان. كما يعمل المركز منذ خمس سنوات بالشراكة مع جامعات أميركية في أبحاث الفضاء، وذلك من خلال استخدام بيانات علمية لتزويد الدول بمعلومات وخرائط تفسر لهم التغير المناخي في الوقت الحالي والمستقبلي، ولدى المركز 7 خبراء في مجال تفسير التغيير المناخي.وقام المركز بالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة بأبحاث حول الزراعة المائية وعلى هذا الأساس تم إدخال تكنولوجيا «النت هاوس» وهي بيوت محمية بنظام الزراعة المائية «الزراعة من دون تربة»، وهذه التكنولوجيا تخفض استهلاك المياه في زراعة الخضراوات بنسبة 75%.

خططوقالت الوافي: أعد «إكبا» العديد من الخطط الاستراتيجية لمساعدة صناع القرار على إيجاد حلول لدعم موارد المياه ونظم الإنتاج، بما في ذلك الخطة الرئيسية للمياه في أبوظبي، وخطة إدارة المياه العادمة في أبوظبي، وخطة حفظ المياه في دولة الإمارات العربية المتحدة، واستراتيجية عُمان الخاصة بالملوحة.

كما ساعد «إكبا» هيئات حكومية على رسم سياسات واستراتيجيات وطنية زراعية، وسياسات متعلقة بالأمن الغذائي، واستراتيجيات للاستثمار في الأمن الغذائي، بما في ذلك الخطة الاستراتيجية الزراعية لدولة الإمارات العربية المتحدة، واستراتيجية الاستثمار في الأمن الغذائي للكويت.

وتتناول هذه الخطط قضايا وتحديات رئيسية تواجه قطاعي المياه والزراعة في البلدان المستهدفة وإجراء مناقشة معمقة لفرص التغلب على تلك القضايا ومواجهة التحديات. وتتمثل النتائج الرئيسية لهذه الخطط الاستراتيجية في طيف من الخيارات الإدارية والسيناريوهات والمفاوضات الممكنة التي يعتمد عليها صناع القرار لتحديد المبادرات الأساسية بغرض تنفيذها.

الساليكورنيا

وذكرت الوافي أن المركز الدولي للزراعة الملحية ابتدأ وبالتعاون مع شركاء محليين منذ العام 2011 باختبار زراعة «الساليكورنيا» ضمن الظروف الحارة والجافة السائدة في البيئات الهامشية كما في دولة الإمارات، ويهدف المشروع إلى اختيار أفضل سلالات «الساليكورنيا» من حيث إنتاج البذور أو الكتلة الخضرية في برامج التربية النباتية للتوصل إلى إنتاج بذور يمكن استخدامها للزراعة على المستوى التجاري. ويتم هذا بتقييم السلالات الوراثية المتوفرة من نبات «الساليكورنيا» ودراسة مختلف مؤشرات النمو والإنتاجية في الظروف الحقلية. ويتم بعد ذلك إكثار البذور باستخدام المياه الجوفية المالحة في كل موسم زراعي لاختبارها لاحقا واختيار أفضل المجموعات نموا واستخدامها في الإنتاج الموسع.

و«الساليكورنيا» محصول ملحي قادر على النمو في مياه البحر ويمكن استخدامه كوقود حيوي «من بذوره»، وكواحد من محاصيل الخضروات، في حين تستخدم بقايا كتلته الحيوية كعلف للحيوانات. ومنذ عام 2014، يعمل «إكبا» على تقييم كل الطرز الوراثية المتوافرة للساليكورنيا وجوانب إنتاج المحصول من خلال ممارسات زراعية وسلالات بذور مستولدة داخلياً

وأشارت الوافي إلى أن المركز طور سلالات للأعلاف تستهلك كميات مياه أقل وفي الوقت ذاته تستخدم المياه المالحة التي تصل ملوحتها إلى 55% من ملوحة مياه البحر وتم تحقيق نتائج جيدة في هذا الجانب، حيث أجرينا أبحاثاً مع جامعة الإمارات حول تقبل الحيوانات لهذه الأعلاف وكانت النتائج جيدة.

حلول تقنية

وقالت الوافي إن نسبة استهلاك الزراعة للمياه تبلغ 80% في الإمارات ومعظمها المياه التي تستخدم في الزراعة في الدولة هي مياه جوفية، مشيرة إلى أن أهم البدائل في هذا الشأن، زراعة نبات «الكينوا» الذي لا يحتاج إلى مياه عذبة بل إلى مياه مالحة، والري بالتنقيط الذي يقل استخدام المياه 50% من الري العادي، وعمل «إكبا» في كثير من البلدان على تشجيع المزارعين على استخدام نظم ري مناسبة عالية الكفاءة، من قبيل الري بالرذاذ ونظم الري بالتنقيط السطحي وتحت السطحي، وجاء تأثير هذه المبادرات متمثلاً في الحد من فاقد المياه بشكل مثبت وتحسين إنتاجية المياه.

ومن خلال استخدام أحدث تقنيات الحساسات الآلية، يدعم «إكبا» المبادرات التي تعتمد تقديرات التبخر - النتح التي تستند إلى الطقس ومتطلبات المحصول من المياه لإعطاء القدرة على رصد المحتوى من المياه وحركة المياه بطريقة مجدية اقتصادياً وشبه دائمة في التربة كأداة لإدارة الري. ويستخدم المركز نظماً كهذه لرصد الري لصالح البحوث والعروض ونشر التقانة ليتم تبنيها في المزارع التجارية داخل البيئات الهامشية. وشددت على أهمية أن يفهم المزارع احتياجات النبتة أو الشجرة لكمية المياه اليومية، وفي دراسة أجراها المركز وهيئة أبوظبي للبيئة ونيوزلندا لاحتياجات النخيل للمياه تبين أن هناك هدراً كبيراً في سقاية النخيل في الإمارات لأن معظم المزارعين لا يعرفون احتياجات شجرة النخيل يومياً والتي بينت الدراسة أنها تحتاج يومياً ما بين 50 إلى 80 لتراً وذلك بحسب درجة الحرارة ونمو الشجرة وسلالتها.

 

تأسيس

عقد البنك الإسلامي للتنمية وحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقاً في عام 1996، لتأسيس المركز الدولي للزراعة الملحية «إكبا» واعتباره كياناً رسمياً، وقدم الصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وصندوق أوبك دعماً مالياً لتأسيس المركز، وفي عام 1997 منحت بلدية دبي مساحة 100 هكتار من الأراضي في الروية، التي أرسيت فيها أسس المقر الرئيسي لمركز «إكبا» في دبي.

 

نبتة «الكينوا» تجربة رائدة للزراعة النموذجية

أوضحت الدكتورة اسمهان الوافي أن المركز نجح في زراعة نبتة «الكينوا» في الإمارات التي تنمو في جبال الأنديز في دول البيرو وتشيلي وبوليفيا وتنمو في الجبال ولا تزرع في مناطق رملية، وعمل «إكبا» بشكل مكثف على تقييم إمكانية الكينوا كمحصول غذائي وعلفي بديل لصالح المناطق المتضررة بالملوحة منذ عام 2006، أما التوقعات حيال تبني المحصول على نطاق واسع وإنتاجه في البيئات الهامشية فتعد مبشرة جداً، حيث جرى تحديد بضعة طرز وراثية كمرشحة محتملة لاختبار تكيفها على نطاق أوسع.

وبدأنا العمل على زراعة هذه النبتة في دبي ودول أخرى ومن خلال الأبحاث تم تطوير 4 سلالات إنتاجيتها عالية تتحمل الجفاف والحرارة والملوحة وادخل المركز زراعة «الكينوا» في 10 دول من بينها الإمارات وتم تجربة زراعتها بالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة في مناطق الحمرانية والذيد ودبا، وبالتعاون مع مركز خدمة المزارعين في أبوظبي تم زراعتها في مدينة زايد وغياثي، وبناء عليه أتثبتت هذه الدراسات إمكانية استخدام «الكينوا» لاستصلاح المزارع المهجورة التي لا يمكن فيها زراعة المحاصيل التقليدية بسبب الملوحة العالية.وبينت التجارب أن زراعة «الكينوا» في الإمارات مجدية جداً فيمكن إنتاج 5 أطنان من «الكينوا» في أراضٍ بمساحة هكتار واحد، ويبلغ ثمن هذا الإنتاج حوالي 20 ألف دولار.

وقام المركز بتنظيم مؤتمر عالمي عن بنية «الكينوا» في الفترة من 6-8 ديسمبر الجاري في دبي.

Email