القانون يحاسب من يسيء الاستخدام و«تنظيم الاتصــالات» تدعو المزوّدين إلى مراعاة الضوابط

«مباشر» مواقع التواصل يجدد مخاوف المجتمع من الفضاء الافتراضي

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

مشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

في الوقت الذي يتنافس فيه العالم المتقدم لطرح جديده على منصات السوق الذكي، تتضاعف أخطار انتهاك الخصوصيات هبوطاً في بوتقة العولمة الجارفة التي لا تعرف الحدود والضوابط ولا تستأذن المجتمعات، فالباب مفتوح على مصراعيه وبضائع الأفكار والعادات الجديدة منثورة في أسواق افتراضية تكشف كل يوم عن جديد.

ذاك هو حال ما تفرزه مواقع التواصل الاجتماعي ومن أحدث «صرعاتها» تطبيق «بيرسكوب» عبر «تويتر» وتطبيقات أخرى مشابهة في مواقع التواصل الأخرى، والتي تتيح بثاً حياً مباشراً من أي مكان ولأي إنسان في شتى الظروف والأحوال، من أقصى العالم إلى أقصاه، في كبسة زر واحدة وبلا ضوابط!

ما ترفضه أنت يستسيغه آخرون، وما تُحذّر منه ربما يدافع عنه كثيرون.. تطبيقات ذكية، كما توصف تقنياً، أثارت موجة واسعة من ردود الأفعال بين رافض بشدة ومحذّر من مغبتها وأضرارها، ومدافع عنها يرى فيها وسيلة إعلامية حديثة وأن الانحرافات تبقى سلوكاً فردياً لا تنبني عليه قاعدة.

قانونيون لوّحوا بالمساءلة والعقوبة والغرامة لمن يسيء استخدام هذه التطبيقات، مستندين إلى نص يقول إن نشر الأخبار والصور الإلكترونية والمشاهد والتعليقات بصورة غير مشروعة حتى لو كانت حقيقية وصحيحة، فعقوبتها السجن لمدة لا تقل عن ستة أشهر وغرامة لا تقل عن 150 ألف درهم ولا تزيد عن 500 ألف درهم، في حين طالب خبراء التربية بزيادة المتابعة والرقابة وتكثيف حملات التوعية.

وعلى الطرف الآخر؛ التقني، اعتبر مسؤول في «تويتر» أن «بيرسكوب» طريقة جديدة ومشوقة للتواصل مع المتابعين ومشاركة التجارب الحية لحظة حدوثها، بينما حذرت هيئة تنظيم الاتصالات من أن الاستخدام الخاطئ لهذا التطبيق أو غيره؛ يعرض صاحبه للمساءلة القانونية، مؤكدة حرصها على التواصل المستمر مع مزودي هذه التطبيقات لفتح باب الحوار والمناقشة وتوضيح طبيعة الثقافة المحافظة في دولة الإمارات بهدف تجنب نشر محتوى غير مقبول أو خادش للحياء.

ومع ذلك، يبقى تماسك المجتمع مرهوناً بمدى مرونته وقدرته على صياغة توليفة سحرية تجمع الحداثة والأصالة وتوائم بين العولمة الافتراضية والضوابط الاجتماعية.

سلوكيات خاطئة

في سياق الحديث عن «بيرسكوب» ومثيلاته، قال المهندس محمد الزرعوني مدير السياسات والبرامج في هيئة تنظيم الاتصالات إن تطبيق «بيرسكوب» المقدم من شركة «تويتر» أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي التي تمكن المستخدمين من مشاركة المحتوى عبر الفيديو حيث يعتمد على إضافة خاصية البث المباشر.

علما أن العديد من التطبيقات الجديدة أضافت هذه الخاصية إلى تطبيقاتها مثل كل من تطبيقي الفيس بوك واليوتيوب وذلك لمواكبة توجه وتطور الخصائص التي توفرها تطبيقات التواصل الاجتماعي لمستخدميها.

وأضاف في تصريحات لـ«البيان»: كما هو الحال مع تطبيقات التواصل الاجتماعي، فإن المحتوى المستخدم على تطبيق «بيرسكوب» يعتمد بشكل كامل على ما يقوم المستخدمون بنشره وبثه عليه مما يجعله عرضة لإساءة الاستخدام من قبل ضعاف النفوس.

وعليه فإن الهيئة تدعو مستخدمي تطبيقات التواصل الاجتماعي بشكل عام الى استخدامها على نحو إيجابي والانتفاع منها وفيما يتناسب مع عاداتنا وتقاليدنا وتعاليم ديننا الإسلامي والابتعاد عن السلوكيات الخاطئة واستغلالها بشكل خاطئ.

دائرة المشاهدين

وأكد الزرعوني أن الاستخدام الخاطئ لهذا التطبيق او غيره من التطبيقات الأخرى يعرض صاحبه للمساءلة القانونية. قائلا ان الهيئة تدعو المستخدمين الى الانتباه الى دائرة المشاهدين التي يسمح لهم التطبيق بالتواصل معهم وتجنب بث ونشر خصوصياتهم للغرباء.

حذف المحتوى

وفي ما يتعلق بدور الهيئة بالتعامل مع التطبيق قال ان الهيئة تقوم بالتعامل مع تطبيق بيرسكوب وأمثاله كسائر التطبيقات حيث يتم التعامل مع الشكاوى والقضايا الواردة عليها عن طريق التنسيق مع مزود التطبيق للعمل على الإبلاغ وحذف المحتوى والحسابات المخالفة، كما تحرص الهيئة على التواصل المستمر مع مزودي هذه التطبيقات لفتح باب الحوار لمناقشة وتوضيح طبيعة الثقافة المحافظة في دولة الإمارات بهدف تجنب نشر محتوى غير مقبول والخادش للحياء.

وأضاف أن الهيئة تشجع مستخدمي هذه التطبيقات على التقدم بالشكاوى والملاحظات على الحسابات المسيئة سواء عن طريق التواصل معها او مع الجهات المحلية المعنية كخدمة الأمين، كما تشجع الهيئة مستخدمي هذه التطبيقات على استخدام آلية الإبلاغ عن المحتوى التي تتوفر عليها للإبلاغ عن الحسابات المسيئة للتصدي لمثل هذه الحسابات.

حيث تقوم هذه التطبيقات بالتجاوب مع البلاغات بما يتوافق مع سياسات الاستخدام الخاصة بها، كما تقوم الهيئة ممثلة بفريق طوارئ الحاسب الآلي بالحملات التوعوية لمدارس والجامعات لنشر ثقافة الاستخدام الصحيح لتطبيقات التواصل الاجتماعي.

لا بلاغات

بدوره أكد اللواء خليل إبراهيم المنصوري، مساعد القائد العام لشؤون البحث الجنائي في شرطة دبي، أنه لم تسجَّل حتى الآن أي بلاغات بخصوص برنامج بيرسكوب، إلا أن الأمر يحتاج إلى مزيد من رقابة الأهل وتوعية الأبناء بخطورة التعاطي مع هذه البرامج، محذراً من خطورة برامج البث المباشر على الإنترنت التي انتشرت أخيراً بكثرة.

ومنها برنامج بيرسكوب الذي يسمح بتصوير ونقل حي من المنازل أو المدرسة أو أي مكان يوجد فيه الشخص الذي يقوم بالبث، وأن تلك البرنامج إذا أسيء استخدامها تنتهك خصوصية الشخص والآخرين، وهو ما قد يعرّض مستخدمها إلى المساءلة القانونية، إضافة إلى خطورة ذلك على أمن الشخص الذي يفصح عن مكان وجوده بالصوت والصورة.

فضائح اجتماعية

وأشار اللواء المنصوري إلى أن شرطة دبي تحذّر باستمرار من مغبة الانجرار وراء هذه البرامج التي لا هدف لها سوى اللهو والتسلية، وأن أضرارها أكثر من مميزاتها، وأن بعض الشباب والفتيات قد يكون عرضة للمساءلة القانونية بسبب الجهل بالقانون عبر تصوير الآخرين ونشر المقاطع على شبكة الإنترنت، وهو الأمر المجرم قانوناً.
منظومة الابتزاز

وقال اللواء المنصوري إن انتشار هذه البرامج يشكّل خطراً على منظومة الأخلاق والقيم الاجتماعية، فلم يعد ممكناً الاحتراز حتى على الأسرار العائلية والشخصية في أقصى حدودها، وبعض الأفلام ولقطات البث المباشر تروي أسرار الغرف وليس البيوت فقط.

وإن البث المباشر على شبكات التواصل الاجتماعي سيتيح مجالاً واسعاً لعرض فضائح اجتماعية ومالية، ويترك المجال واسعاً من قِبل المتطفلين والمستغلين الذين يستهدفون أفراداً محددين لغايات وأهداف مختلفة، منها الابتزاز المادي والجنسي وغيرها، وهو ما يعني غياب الأمان والخصوصية في المنازل.

حماية الطفولة

على الصعيد ذاته كان لهيئات المجتمع لا سيما المعنية بحقوق الطفل رأيها بمثل هذه التطبيقات، حيث أشارت إلى أنها حريصة على مواجهة العنف الموجّه ضد النساء والأطفال، بكافة أنواعه والتصدي لمنتجات وسائل التواصل الاجتماعي السلبية وتأثيراتها البعيدة عن العادات والتقاليد ضمن اطار المجتمع الإسلامي والعربي المحافظ في الأمارات، وتأمين الحماية والوقاية، متسلحة بالتوعية المتواصلة.

وقالت فاطمة العبدالله مديرة فرع الخوانيج بجمعية النهضة النسائية في دبي إنه تفاعلاً وامتداداً لتوصيات المؤتمر الدولي 2015 «حماية الأطفال من التحرش الجنسي» تحت شعار «رحمة» والذي نظمته جمعية النهضة النسائية بالخوانيج برعاية كريمة من حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم.

أطلقت الجمعية مجموعة من الفعاليات ممثلة في حزمة من ورش العمل الميدانية لمساندة ودعم برامج التوعية والحد من التحرش الجنسي بكافة أنواعه بما في ذلك حمايته من التحرش الناتج عن البرامج والتطبيقات الذكية للبث المباشر، بغرض حماية الطفولة وتوفير أقصى درجات الأمن والأمان النفسي لهم.

وأكدت مديرة الفرع حرص الجمعية بمختلف إداراتها وفروعها وأقسامها على إيلاء قضايا الأسرة جُلَّ الاهتمام، واحتضان الطفولة في واحات الأمن والأمان النفسي لكونهم سواعد الاستدامة وثروة الغد كما تحرص الجمعية على تفعيل كافة توصيات وأطروحات برامج الجمعية على أرض الواقع الميداني حيث قام فرع الخوانيج بالجمعية بتنظيم ورش عمل خاصة بأولياء الأمور، والأخصائيات والأخصائيين حول حماية الأطفال من التحرش الجنسي بجميع أشكاله، خاصة الذى يرتبط بتطبيقات التواصل الاجتماعي ومن خلال ورشتين عمل بإمارة الفجيرة.

تأثيرات سلبية

بدورها أشارت مريم بن ثنية مدير إدارة الاتصال في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، إلى أن المؤسسة هدفها ومهمتها الرئيسية تتمثل في مواجهة العنف الموجه ضد النساء والأطفال، بكافة أنواعه والتصدي لظواهر وسائل التواصل الاجتماعي السلبية وتأثيراتها البعيدة عن العادات والتقاليد ضمن اطار المجتمع الإسلامي والعربي المحافظ في الأمارات، وتأمين الحماية والوقاية.

ثقافة العنف

وتركز مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال على نشر ثقافة الحد من العنف بأنواع والذي قد يحرض عليه بشكل أو بآخر العديد من الأشخاص على مواصل التواصل الاجتماعي وخاصة التطبيقات الحديثة التي تمتلك تقنيات البث الحي المباشر، وتسعى لتقوية أواصر قوية بين أفراد العائلة لبناء مجتمع آمن، حيث تعد البرامج وتبحث عن الجديد في الحلول لحماية أولئك النساء والأطفال، حتى توقف استمرار تعرضهم للإساءة، وفي الوقت ذاته تنفذ البرامج التنموية وتعزز وعي المجتمع من خلال برامج التثقيف والتواصل المجتمعي.

توعية «برتقالية»

قالت مريم بن ثنية أن مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال نظمت الحملة البرتقالية عام 2015 استفاد منها 5 آلاف شخص لتوعية المجتمع حول العنف ضد المرأة، ويدخل فيها الإساءة الجنسية إلى جانب أنواع الإساءة الإلكترونية كما نظمت العديد من الورش والندوات للمؤسسات والجهات الحكومية والخاصة والجامعات على مدار العام للتوعية بالعنف ضد المرأة بشكل عام ومن ضمنها الإساءة الجنسية سواء الإلكترونية الناتجة عن دخول المواقع أو تحميل التطبيقات الذكية من دون دراية بتفاصيل إمكانياتها وغيرها.

وبينت أن بعض الأطفال يقومون من خلال هواتف أمهاتهم أثناء اللهو بها بتصوير مقاطع فيديو عبر التطبيقات الذكية المحملة على الهاتف، من دون قصد وفي غفلة من أمهاتهم وإرسالها إلى المتواجدين في حسابهن وقد تكون الأم متخففة من ثيابها في المنزل الأمر الذي يعرضها للإساءة.

Email