البرنامج أعاد إطلاق 1752 صقراً للبرية منذ تأسيسه عام 1995

«زايد لإطلاق الصقور» إنجازات بيئية عالمية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تمكن برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور على مدى 22 عاماً من تحقيق انجازات تركت بصمتها البيئية ليس فقط على المستوى المحلي والإقليمي بل امتدت إلى العالمية حيث يظهر البرنامج التزام دولة الإمارات بحماية الصقور وطرائدها، ويشكل استمراراً لجهود الدولة في المحافظة على الأنواع المهددة مثل الحبارى الآسيوية الطريدة المفضلة للصقارين.

وبإطلاق هذه الصقور في موائلها المعتادة، فإنها تعطى الفرصة للتكاثر وزيادة أعدادها وتعزيز مجموعاتها البرية ويساعد ذلك بدوره على استدامة ثقافة وتراث الصقارة المتوارث في الدولة المتوارث منذ آلاف السنين.

ومنذ تـأسيس برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور عام 1995 بتوجيهات من مؤسس الدولة، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان،طيب الله ثراه، أصبح البرنامج يتربع على عرش الإنجازات الهامة للحفاظ على الصقور ليصبح أحد أكبر برامج الحفاظ على الأنواع على مستوى العالم من خلال إعادة 1752 صقراً لحياتها البرية، منذ تأسيس البرنامج.

جهود

ونظراً للمكانة الكبيرة للصقر الحر وصقر الشاهين في تراث الصيد بالصقور فقد أسس البرنامج لتكون الإمارات في طليعة الدول التي تقوم بجهود للمحافظة على هذين النوعين المعرضين للعديد من المخاطر.

وتواصل أبوظبي مساعيها للحفاظ على هذا التراث الثقافي بمبادرات مؤثرة ومتتابعة تعكس التزامها بإحداث فارق حقيقي ملموس في المحافظة على الطبيعة على المستوى العالمي، وأيضاً استدامة تراثها الوطني وإبقائه للمستقبل.

وتأتي إعادة هذه الطيور إلى البرية انطلاقاً من المبادئ المستدامة للصقارة العربية، التي تهدف إلى المحافظة على الأنواع الطبيعية المرتبطة بتراث الصيد بالصقور الذي اعتمدته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة »يونسكو« في عام 2010 ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية.

نهج تكاملي

ويظهر النهج التكاملي الشامل في الحفاظ على الصقور وإعادة إطلاقها في التعاون بين الجهات المختصة في أبوظبي في تنفيذ برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور، حيث يقوم مستشفى أبوظبي للصقور أكبر مستشفيات الصقور في العالم، بتقديم الخدمات البيطرية، فيما يقوم الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى بتقديم الدعم التقني واللوجستي للبرنامج.

ويستخدم البرنامج أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا لدراسة أنماط الهجرة وطرق الانتشار والتكاثر، ما يوفر خيارات أدق لعمليات الإطلاق المستقبلية للصقور، ويحسّن فرص بقائها على قيد الحياة.

ويعتبر البرنامج جزءاً من مبادرات الإمارات الرائدة للمحافظة على هذه الأنواع المعرضة للعديد من المخاطر المتمثلة بتوسع الأنشطة الزراعية والتنموية في الموائل الطبيعية، وتدهور تلك الموائل نتيجة لتمدد الجفاف والتغير المناخي واستخدام المبيدات وغيرها من العوامل الطبيعية والبشرية.

ويعمل برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور على تعزيز الحياة البرية وإعادة الأنواع إلى موائلها البرية الطبيعية وفق الشروط والإجراءات العلمية، وبأفضل الممارسات العالمية المعتمدة في هذا المجال.

موقع مثالي

وتركزت معظم عمليات الإطلاق خلال الاثنتين والعشرين سنة الماضية في دول أواسط آسيا، حيث تم إطلاق صقور البرنامج في باكستان وإيران وقيرقستان وكازاخستان.

ونتيجة لعمليات المراقبة على مدى عدة سنوات، اتضح أن كازاخستان توفر البيئة الأمثل لبقاء الصقور وتعتبر هذه الدولة موقعاً مثالياً لما تتمتع به من تضاريس طبيعية متنوعة ومناطق جبلية وبرار سهلية شاسعة تقع ضمن نطاق هجرة الصقور وتوفر لها البيئة الملائمة لاصطياد الطرائد والتكاثر.

كما أن صقور الإطلاق تخضع لمجموعة متكاملة من الفحوص الطبية والتدريبات المكثفة قبل إطلاقها إلى البرية، وتتلقى الفحص الطبي النهائي صباح يوم الإطلاق، بالإضافة إلى أخذ قياسات الأجنحة والريش والأقدام بصورة علمية، وزرع شريحة إلكترونية برقم تعريفي خاص لكل صقر.

ويتم أيضاً وضع حلقات تعريفية لجميع الصقور، بالإضافة إلى تزويد بعض منها بأجهزة تتبع عبر الأقمار الصناعية تعمل بطارياتها بالطاقة الشمسية للتأكد من ملاءمة المنطقة الجديدة لحياة الصقور ومتابعة مسارات الطيران وجمع البيانات العلمية المتعلقة بمعدلات بقاء الصقور على قيد الحياة.

ويدخل البرنامج هذه السنة عامه الثاني والعشرين بثامن إطلاق في كازاخستان، حيث تم إطلاق 26 صقراً، تتكون من 22 صقر شاهين و4 صقور حرة خلال النصف الثاني من شهر مايو الماضي في إقليم كاراغاندا وسط كازاخستان.

رعاية ودعم

ويجسد برنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور المنهج التكاملي الشامل لأبوظبي في الحفاظ على البيئة والحياة الفطرية على المستويات الإقليمية والعالمية، ويشكل العمل مع المجتمعات المحلية جزءاً حيوياً هاماً من الجهود العالمية للحفاظ على الأنواع التي تهاجر عبر العديد من الدول.

ويتواصل تنفيذ هذا البرنامج من دون انقطاع منذ أن أسسه المغفور له بإذن الله الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في عام 1995م، وذلك بفضل رعاية ودعم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ،حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة.

وسمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل حاكم أبوظبي في المنطقة الغربية رئيس مجلس إدارة هيئة البيئة في أبوظبي التي تشرف على تنفيذ البرنامج بالاشتراك مع الصندوق الدولي للحفاظ على الحبارى ومستشفى أبوظبي للصقور، وبالتعاون مع لجنة الغابات والحياة البرية التابعة لوزارة الزراعة بجمهورية كازاخستان.

دراسات

تم اختيار إقليم كاراغندا في وسط كازاخستان هذا العام، بعد أن أثبتت الدراسات للإطلاقات السابقة أن الكثير من الصقور تستخدم هذا الإقليم للتكاثر أو التوقف أثناء الهجرة من روسيا إلى مناطق الإشتاء الجنوبية.

يذكر أن البدو في المنطقة ظلوا منذ عدة قرون يمارسون الصيد بالصقور لاصطياد الأرانب البرية وطيور الحبارى بغرض الحصول على الغذاء، وتطورت هذه الممارسة في ما بعد إلى تراث إنساني يخضع إلى مبادئ سلوكية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بحماية الطبيعة والاستخدام المستدام للموارد.

وقد تم الاعتراف بأهمية تراث الصقارة في عام 2010 حينما أدرجتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) في قائمة التراث الثقافي غير المادي للإنسانية باعتبارها »تقليداً اجتماعياً يحترم الطبيعة والبيئة ويتم توارثه من جيل إلى جيل بطريقة تجسد روح الانتماء والاستمرار والهوية الوطنية«.

رحلة لصقر شاهين في قلب آسيا

تمكن أحد صقور الشاهين من تقديم معلومات قيمة ومهمة لبرنامج الشيخ زايد لإطلاق الصقور.

حيث قطع الطائر رحلة ملحمية زادت عن 12755 كيلومتراً منطلقاً من كازاخستان باتجاه الشمال الغربي ليحلّق فوق أراضٍ شاسعة في روسيا حتى وصل إلى الطرف الشمالي الشرقي منها، ثم قفل عائداً في رحلة الهجرة الشتوية جنوباً ليمر فوق كازاخستان مرة أخرى ويواصل طريقه إلى أوزبكستان التي يوجد فيها حالياً.

وساهمت الرحلة في تقديم معلومات مهمة للبرنامج بعدما تم تجهيز الطائر بأجهزة تتبع عبر الأقمار الصناعية لمراقبة تحركاته ومعرفة المزيد عن عادات وسلوكيات هذا الطائر الذي يحتل مكانة متميزة في تراث الصيد بالصقور في دولة الإمارات والذي تم مؤخراً الاعتراف به ضمن التراث الثقافي غير المادي للإنسانية.

وتتم متابعة الصقور بعد إطلاقها باستخدام أحدث تقنيات التتبع والمراقبة، الأمر الذي يحافظ على الموقع الريادي العالمي الذي تحتله أبوظبي في مجال الحفاظ على الأنواع المهددة.

وأكد البرنامج أن البيانات التي تجمع من الصقور التي يتم إطلاقها هي عامل أساسي في وضع استراتيجية طويلة الأمد لتأسيس مجموعات برية مستدامة تتمتع بالقدرة على الاستمرار في المستقبل.

ويندرج صقر الشاهين وصقر الحر ضمن القوائم الخاصة باتفاقية الاتجار الدولي بالأنواع المهددة بالانقراض حيث يصنف صقر الشاهين ضمن الملحق الأول للاتفاقية »الأنواع المهددة بالانقراض« كما لا يزال الصقر الحر مدرجاً ضمن الملحق الثاني »أنواع غير مهددة بالانقراض لكن يجب تقييد الاتجار بها«.

Email