خط على الرمال مدناً كالأحلام

مسيرة زايد .. محطات عامرة بالإنجازات

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بين السادس من شهر أغسطس عام 1966 ــ تولى الباني والمؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي ــ والثاني من شهر نوفمبر عام 2004 وفاته محطات عامرة بالإنجازات، فقد خط زايد الخير على الرمال مدناً كالأحلام، فحوّل الأحلام إلى واقع وجعل الواقع أحلاماً بالنسبة لغيره.

وبينما كان الغير يتباهى بإنجاز مشروع أو اثنين كان زايد يبني في الصحراء دولة مع توليه مقاليد الحكم في الإمارة والتي أصبحت عاصمة لدولة الاتحاد.

ففي الداخل تحولت الصحارى ــ بصمت ودون ضجة ــ إلى واحات غناء وازدهرت الحياة وقبل ذلك جرى بناء الإنسان لاستيعاب مئات بل آلاف المشاريع سبقتها قرارات كانت مصيرية في سبيل قيام دولة الاتحاد ممهدة الأرض لبدء ملحمة بناء ممهورة بتوقيع زايد، رحمه الله.

وتفتحت عينا الشيخ زايد وسط البيئة القاسية والحياة الصعبة التي عاشها سكان إمارة أبوظبي في قلب الصحراء وعلى ضفاف السواحل في تلك المرحلة من تاريخها، حيث بدأ في الاطلاع على أصول الدين وحفظ القرآن الكريم ونسج من معانيه نمط سلوكه ونهج حياته ورؤيته للمستقبل.

شجاعة وحكمة

وعرف عن الشيخ زايد بن سلطان بن زايد بن خليفة بن شخبوط بن ذياب بن عيسى آل نهيان شجاعته وحكمته في بسط الأمن والسلام والنظام ونظمه للشعر واهتمامه بالزراعة والمياه والري، حيث بنى فلج «المويجعي» مما أدى إلى ازدهار قرية «المويجعي» في مطلع الستينيات.

فيما بدأت المرحلة التالية من حياته عندما انتقل من أبوظبي إلى مدينة العين، حيث أظهر شغفه المتزايد بالمكونات التقليدية التي يتصف بها البدوي الأصيل كالصيد بالصقور وركوب الخيل والهجن وإتقان الرماية.

وأمضى في العين وضواحيها السنوات الأولى من فجر شبابه وترعرع بين تلالها وجبالها وصحرائها واستمد الكثير من صفائها ورحابتها واشتهر بشجاعته وإقدامه وهو لا يزال صبياً، وشكلت مكونات تلك الفترة بكل تجربتها وأبعادها خصائص زعامته الفذة وفلسفته في الحياة.

وأتقن زايد عندما أصبح شاباً فنون القتال وبدأت ثقافته تكتسب بعداً جديداً فولع بالأدب والشعر والتاريخ وأبدى اهتماماً كبيراً بمعرفة وقائع تاريخ العرب وأمجادهم، فيما كان من أمتع أوقاته الجلوس إلى مجالس كبار السن ليستمع منهم عما يعرفونه من سير الآباء والأجداد وبطولاتهم، حيث بدأت الشخصية القيادية للشيخ زايد تتبلور وتظهر بجلاء خلال هذه الحقبة من بداية الأربعينيات.

أما حياته العملية، فبعد أن عُين حاكم المنطقة الشرقية من إمارة أبوظبي خلال عام 1946 أظهر الشيخ زايد قدرات كبيرة في إدارة شؤون العين والمناطق التابعة لها، وكرس كل طاقاته وجهوده لخدمة المواطنين وتحسين أحوالهم المعيشية وتقدم صفوفهم في العمل رغم شح الإمكانيات التي كانت متاحة.

تنمية الزراعة

ولجأ زايد إلى تنمية الزراعة وحفر الأفلاج وكان يشارك الرجال النزول إلى جوف الأرض ويرفع معهم التراب، حيث شهدت تلك الفترة عملية إصلاح زراعي محدودة أسهمت في تطوير المنطقة وازدهارها، واستحدث أول نظام للري ألغى به تجارة الماء التي كانت سائدة في المنطقة الشرقية، مؤكداً أن مياه الأفلاج الآتية من جوف الأرض يجب أن تكون من حق كل الناس الذين يعيشون فوق هذه الأرض.

وافتتح أول مدرسة في العين خلال عام 1959 وهي المدرسة «النهيانية» ثم أنشأ مستشفى العين وسوقاً تجارية وشبكة محدودة من الطرق نظراً لشح الإمكانيات المادية وقتها واكتسب منذ ذلك الوقت حب مواطنيه وثقتهم فيه.

ولم تتوقف طموحات زايد وتطلعاته عند ما أنجزه في مدينة العين بل كانت نظرته الثاقبة للأمور وملكته الفطرية على استشراف المستقبل تمتد إلى أبعد من العين.

وقد عبر عن طموحاته وتطلعاته لتحقيق هذه الأهداف بقوله «كانت أحلامي كثيرة.. كنت أحلم بأرضنا تواكب حضارة العالم الحديث ولكنني لم أستطع أن افعل شيئاً ولم يكن بين يدي ما يحقق الأحلام ولكنني كنت واثقاً من أن الأحلام ستتحقق في يوم من الأيام».

رحم الله زايد فما زرعه بالأمس يحصده أبناء اليوم مكانة مرموقة للوطن على الساحة الدولية ومشروعات تنموية كبرى ونهضة طالت مناحي الحياة كافة.

أول رحلة

شكلت أول رحلة قام بها زايد خارج البلاد خلال عام 1953 إلى بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية والتي أعقبها بزيارات إلى عدد من الدول العربية والإسلامية، رؤية واضحة زادت من قناعاته بمدى حاجة البلاد إلى التنمية والتطور واللحاق بركب الحضارة والتقدم.

وبرزت بعد هذه الجولات شخصية زايد القيادية وقدراته السياسية ليكون رجل البلاد القوي المنتظر في إمارة أبوظبي.

وقبل الشيخ زايد ــ منذ توليه مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في السادس من أغسطس من العام 1966 ــ بويع زايد حاكماً لإمارة أبوظبي - تحمل المسؤولية الجسيمة لتبدأ مرحلة تحول تاريخي في البلاد.

 

«أخبار الساعة»: حكم زايد علامة فارقة في تاريخ أبوظبي

قالت نشرة «أخبار الساعة» إن الذكرى الخمسين لتولي مؤسس دولة الإمارات وباني نهضتها وعزتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليد الحكم في أبوظبي في السادس من أغسطس 1966؛ تأتي وقد حققت الإمارات إنجازات عظيمة، بل وأصبحت من أكثر دول المنطقة تنمية وتطوراً، وها هي الآن تتصدر الكثير من مؤشرات المنطقة والعالم في عدد من المجالات المتعلقة بالتنمية البشرية.

وتحت عنوان «في الذكرى الخمسين لتولي الشيخ زايد حكم أبوظبي»، أضافت أن تولي الشيخ زايد حكم إمارة أبوظبي كان حدثاً مهماً بل نقطة فارقة في تاريخ الإمارة كما هي الحال في تاريخ دولة الإمارات وفي هذه المناسبة قال صاحـب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، إنه قبل نصف قرن بدأ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، قيادته المباركة لمسيرة نهضة الوطن التي توجت بأبهى الإنجازات العظيمة، وأن رؤية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الحكيمة ستظل مملوءة بالطموح والتفاؤل والثقة كما هي نبراس في القلوب والعقول لمواصلة الإنجازات المشرفة لرفعة الوطن وتقدمه.

تنمية فريدة

وأوضحت النشرة ــ التي يصدرها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ــ أن أبوظبي كانت عندما تولى الشيخ زايد، رحمه الله، حكمها عبارة عن جزيرة تتكون من مجموعة من السبخات البحرية المعزولة عن البر الرئيسي إلا أن التنمية الاجتماعية والاقتصادية الفريدة التي شهدتها الإمارة منذ توليه حكمها جعلتها في سنوات قليلة محط أنظار المنطقة والعالم، وها هي الآن وصلت إلى مصاف المدن العالمية الكبرى وحققت إنجازات كبيرة وغير مسبوقة على صعيد الطفرات الاقتصادية والعمرانية والتنموية المتواصلة التي جعلت منها المدينة النموذج في المنطقة.

وأشارت إلى أن هناك الكثير من المدن التي تغيرت وتطورت وحققت قفزات كبيرة في حياتها وحياة قاطنيها إلا أن قلة منها فقط مرت بدرجة التحول الكبيرة نفسها التي مرت بها مدينة أبوظبي، فقد واجه جيل الأجداد والآباء من سكان الإمارة في الماضي تحديات جمة وعانوا صعوبات العيش لكن سرعان ما تحولوا من الحياة القاسية والاعتماد على طرق مجتمعهم القبلي في التأقلم مع البيئة الحارة والرطبة ليجدوا أنفسهم في رغد من العيش بعدما بلغ نصيب الفرد 184.1 ألف درهم من الدخل الوطني في عام 2014 وهذا من أعلى الأنصبة في العالم.

أرقى العواصم

ولفتت النشرة إلى أن الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ارتقى بالإمارة وجعل مدينة أبوظبي من أرقى العواصم في العالم، فقد ارتقى بدولة الإمارات إلى أعلى مراتب المجد العالمية بين الأمم في التقدم والتنمية الإنسانية، فبينما كانت أبوظبي تخطو خطوات سريعة وهي تتهيأ لتصبح عاصمة لدولة الاتحاد - أول تجربة اتحادية ناجحة في المنطقة - كانت دولة الإمارات تنمو وتتطور بخطى ثابتة ولكنها متسارعة جداً حتى أصبحت في سنوات قليلة أيضاً نموذجاً للدول التي حققت معدلات تنمية ورفاهية عالية جداً بل لقد أصبح الاتحاد نموذجاً للدول الاتحادية على مستوى العالم ليس من حيث توزيع الصلاحيات بين الإمارات المشكلة للاتحاد فقط وإنما من حيث التكامل والانسجام اللذين قل نظيرهما في الكثير من الدول التي شهدت تجارب اتحادية.

Email