نخب متخصصة تدعو إلى حجب مواقع تروّجها وتكثيف رقابة الأسرة

الألعاب الإلكترونية العدوانية.. إدمان العنف

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ساعات طويلة يمضيها الطفل في ممارسة ألعاب إلكترونية حربية تحفل بمشاهد العمليات التفجيرية، يتقمَّص فيها دور البطل الذي يفجر ويقتل وينهب.

الخطورة تكمن في غياب شبه كامل لبعض الأسر التي تترك الطفل ضحية يسهل استقطابها وتطويعها بعد أن تتشبع بالأفكار المتطرفة التي تجعله إن لم يمارس الفعل الإجرامي فإنه يوجد له مبررات للأشخاص الذين يقومون بالأعمال الإجرامية.

نخب متخصصة أمنية وتربوية ودينية اعتبرت تحويل ساحات مواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية إلى مواقع استقطاب للأفكار المتشددة، أمراً بالغ الخطورة ولا تكفي معه بالمطالبة بإحكام الرقابة، وإنما تستوجب، لخطورة تأثيرها واستهدافها للجيل الناشئ، تفعيل نظام إلكتروني لحجبها ومكافحتها، وتعزيز المشاركة الإيجابية لدى أفراد المجتمع من خلال التبليغ عن كل ما يشتبه فيه بأنه موقع للترويج لإحدى المنظمات وبالتالي احكام السيطرة على ممارسة مثل هذه الألعاب.

مبادرات "الداخلية"

اللجنة العليا لحماية الطفل بوزارة الداخلية كشفت لـ«البيان» بأنها قد نفَّذت بالتعاون مع الجهات الحكومية المحلية والاتحادية المعنية على مستوى الدولة، مبادرات تثقيفية لحماية الأطفال، من أي استغلال يعرضهم للخطر عبر شبكة الإنترنت من خلال إجراءات تعزز تلك الحماية، وأشار مركز وزارة الداخلية لحماية الطفل إلى أن المبادرات توفِّر الحماية ورصد ومراقبة جرائم الأطفال عبر شبكة الإنترنت، والإساءات أو محاولات الاستغلال ونشر الوعي عن كيفية الاستخدام الأمثل للإنترنت، موضحاً أنه تم تنفيذ دورات تدريبية متخصصة استفاد منها 360 ممرضاً في الصحة المدرسية منهم 168 في أبوظبي و148 بالعين مقابل 44 في المنطقة الغربية، بالتركيز على حالات العنف التي يتعرض لها الأطفال وكيفية التبليغ عنها.

ويرى الدكتور أسامة عبد الباري رئيس قسم علم الاجتماع في كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة الشارقة ان مسالة تعلق الأطفال بمثل هذه الألعاب تطور طبيعي لإهمال الوالدين في عملية متابعة ما يشاهده أبناؤهم وإدمانهم على ألعاب مرتبطة بالعنف المكثف، وبالتالي فإنه من الطبيعي ان تتغير مفاهيمه واتجاهاته تبعا لما يشاهده لذلك تظهر حالات عدوانية وعنف يشتكي منها الآباء والمربون في المدارس، مشيراً الى انه بالبحث عن الأسباب نجد ان الأسرة تلعب دوراً كبيراً في هذا السياق تجعلنا نضعها في المقام الأول لا نها ببساطة فرطت في وظيفة التنشئة الاجتماعية.

برمجة دماغ

من جهتها ترى الدكتورة هبة رستم المستشارة النفسية والخبيرة الأسرية في أكاديمية آسيا للاستشارات ان الألعاب الإلكترونية بشكل عام تعمل على برمجة الدماغ حيث تدخل على اللاوعي ويكون الدماغ في حالة استرخاء فتصل الى الطفل رسائل من دون اي ادراك وهنا تكمن الخطورة، خاصة مع ممارسة اللعب لساعات طويلة، لا سيما أن هذه الألعاب تقدس وتمجد الجريمة بكل أشكالها.

من جهته قال المحامي أحمد مهير خميس بن مسحار المهيري عضو جمعية الحقوقيين في دبي: لا يخفى على أحد أن الإنسان بطبيعته يتأثر بالبيئة من حوله والمحيط الذي يعيش فيه وبالصاحب والرفيق فكل هذه العوامل تأثر في تكوين شخصيته وأخلاقه وأسلوب تعامله مع الآخرين وأفراد مجتمعه، وبما أن هذا التطور له محاسنه ومساوئه فقد استغله الإنسان كل حسب توجهه وحاجته في استخدام هذه التقنيات.وذكر ان التطور التقني تم استغلاله من قبل المنظمات الإحرامية والإرهابية فبواسطة هذه التقنيات أصبح من السهل دخول المنازل من دون استئذان والتواصل مع صغار السن وملء عقولهم بالأفكار المتطرفة.

وترى هبة الله محمد عبد الرحمن متخصصة علم اجتماع أن الألعاب الإلكترونية إحدى الوسائل التي يرغبها الأبناء ويسعون للحصول عليها وممارستها ولكن في ظل غياب الحوار عما يدور فيها وملاحظة الوالدين أثناء لعب الأبناء ولغة الجسد التي تظهر عليهم والحالة النفسية والمزاجية المصاحبة أثناء ذلك، فهنا لابد أن نتوقع تغير في السلوك الصادر عن أبنائنا، وقالت إن هناك من لديه الوعي من الآباء بتوجيه طاقات الأبناء واستغلال أوقات الفراغ لديهم بعد انتهاء العام الدراسي ومنهم من يتركهم على راحتهم لاعتقادهم ان أجسامهم وعقولهم بحاجة لراحة وهنا تكمن الخطورة فتلك الراحة التي يتبناها أصحاب الاتجاه الثاني تجعل الأبناء يبحثون عما يشغلهم.

حظر شامل

وطالب المستشار الدكتور راشد بن كشيش الظاهري أمين عام جمعية الإمارات للرياضات الإلكترونية بتشديد الرقابة على هذه النوعية من الألعاب خاصة مع الممارسين لها من صغار السن والمراهقين، داعياً أولياء الأمور إلى متابعة أبنائهم وتكثيف الرقابة عليهم ومنع دخول مثل هذه الألعاب إلى الدولة .

ويرى محمد المهم متخصص في علم النفس التربوي ان التنظيمات الإرهابية تبحث عن وسائل متخفية لغزو عقول الأطفال واستهدافهم لدرجة باتت فيها الألعاب تتناغم مع التوجهات السياسية لأصحابها والخطورة كما يقول المهم الى جانب الأفكار السلبية في قدرة الطفل الذي يمارس اللعبة من التواصل مع غرباء من خلال تطبيق «الدردشة» ما يعني خطورة استقطابه دون وعي منه وتطويعه لهدف معين أو فكرة ما من دون إحساس الأهل.

اما المشرف التربوي في مدرسة الحكمة الخاصة أسامة بطة فيرى ان الألعاب التي تحضُّ على العنف والكراهية ونبذ الآخر باتت منتشرة والهدف منها هو غرس مفاهيم مضللة في نفوس الأطفال، وقال ان تكرار مشاهد القتل تؤثر على نفسية الطفل لتفاجئ الأسرة بشخص آخر لديه مفاهيم مغلوطة .

متابعة حثيثة

من جهته قال الدكتور رشاد سالم مدير الجامعة القاسمية في الشارقة: على الأسرة تربية ومتابعة الآباء برفق والابتعاد عن العنف والتوجيه بشكل صحيح، لافتا الى ان هذه الألعاب فيها مضيعة للوقت وتصرفات يرفضها الإسلام وتؤثر في صحة الإنسان الصحية وخُلقه حيث إنها تشغل وقت ممارسيها بشيء غير مفيد عبر طرح أشياء منافية للعقل والأخلاق وتذهب الأمن والأمان للفرد والمجتمع وإساءة استخدامها تجعل الأمن عرضة للخطر .

نافذة خطيرة

من ناحيته أكد المستشار الإعلامي لخدمة الأمين خليل آل علي خلال ندوة ناقشت خطر الابتزاز الإلكتروني في دبي أن ألعاب الإنترنت تمثل نافذة خطيرة، للتسلل إلى الأطفال والمراهقين، واستغلالهم .

مرشد إرهابي

كشفت الملازم موزة الخابوري مديرة فرع البرامج المجتمعية بالشرطة المجتمعية والدعم الاجتماعي في رأس الخيمة عن العديد من المخاوف التي تحدث عنها أفراد في المجتمع خلال جلسات التواصل التي يقومون بها مع الأسر والمدارس، وكان أبرزها الألعاب الإلكترونية ومدى الخطورة التي تنطوي عليها بسبب ما تحتويه من مضامين اجرامية ولا أخلاقية وذكرت انهم بصدد رفع توصيات للجهات المختصة بذلك، واصفة هذه الألعاب بأنها المرشد للإرهاب، وغزو فكري يهدد الأبناء في عقر دارهم.

 

"تنظيم الاتصالات" تحذر من مجموعات إجرامية تستغل الفضاء

حذرت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الدولة من إمكانية استغلال بعض المجموعات الإجرامية التي تعتنق الفكر الهدام، ميزة الدردشة الإلكترونية في بعض الألعاب الإلكترونية، بهدف نشر فكر وثقافة الإرهاب والقتل بين الشباب والمراهقين، والتأثير في مشاعرهم، والتلاعب بعقولهم، عن طريق الرسائل والمحادثات التي يقوم بها خبراء في التأثير بعقول ومشاعر الشباب، لاستغلال نقاط الضعف في نفوسهم، والبناء عليها لتوجيههم في الاتجاه الخاطئ.

وأوضحت الهيئة أنّ انعزال فئة من المراهقين والشباب عن المجتمع، وقضاء أكثر أوقاتهم في ممارسة الألعاب الإلكترونية داخل غرفهم الخاصة بعيداً عن رقابة أسرهم، الأمر الذي يؤدي إلى ضعف خبرتهم العملية والحياتية في التواصل مع المجتمع، ويجعلهم فريسة سهلة للمتربصين.

وأضافت الهيئة أن التطور الكبير الذي يشهده العالم في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يحتم على الدول والحكومات إيجاد منهجيات واضحة للتعامل مع المخاطر المحتملة المرافقة لهذا التطور، في ظل غياب منظومة القيم والمبادئ الحقيقية، وظهور أشياء غير واقعية من خلال الإدمان على بعض الألعاب الإلكترونية، وغياب تفاعل الشباب مع البيئة الاجتماعية، فضلاً عن ضحالة الخلفية الثقافية والمعرفية والدينية لفئة من الشباب، يجعلهم فريسة سهلة الوقوع في شباك مجموعات تتربص شراً بالمجتمع المؤمن والآمن، وبالوطن وإنجازاته ومقوماته.

محاولة تجنيد

وقال المهندس محمد الزرعوني مدير إدارة السياسات والبرامج في الهيئة: إن المجموعات التي تعتنق الفكر الهدام تحاول تجنيد الشباب والمراهقين من خلال التقرب منهم عن طريق بعض الألعاب الإلكترونية، حيث يبدأون محادثات عادية معهم بطريقة تقنية تكشف عن مكنونات أنفسهم، ونقاط ضعف في شخصياتهم، يتم استغلالها من قبل هذه المجموعات في توجيه الشباب إلى الطريق الخاطئ.

وأكد الزرعوني أهمية وعي المراهقين والشباب بأن الشخصيات الموجودة على الدردشة في الألعاب الإلكترونية، هي شخصيات مزيفة لا تفصح عن حقيقتها، داعياً إلى الحذر من الانجرار وراء الأفكار والآراء الهدامة، ومناقشة ذويهم في الأمر .

كما يشار إلى أن أصحاب الفكر الهدام يستغلون الألعاب الإلكترونية عامة، والألعاب القتالية المنتشرة على وجه الخصوص، التي تعتمد على الأسلحة، ويختارون اللاعبين في مستويات جيدة للتأكد من أنهم مدمنون على هذه الألعاب، وبالتالي يصبح من السهل اصطيادهم.

تحت المراقبة

وتنصح الهيئة أولياء الأمور بوضع أجهزة اللعب في غرف المعيشة، لضمان عدم استفراد المتربصين بالأطفال والشباب، وتسجيل الدخول عن طريق حسابات معروفة للأهالي، والاطلاع على مضمون تلك الحسابات دورياً للتأكد من عدم تعرض أبنائهم لأي محاولة لتغيير آرائهم ومعتقداتهم . ودعت الهيئة إلى رعاية الأهالي لأبنائهم بشكل أكبر.

تنصّل من المسؤولية

وفقاً للأستاذ الدكتور أحمد العموش عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة الشارقة فإن الأسرة قد تنصلت من مسؤولياتها، وتركت الأبناء يعيشون في فضاء إلكتروني واسع دون معرفة ماذا يتابع ومع من يتحدث، وفوق هذا وذاك لا تزال غير مدركة لخطورة الوضع، لذا فإن عليهم أن يكونوا اكثر حرصاً، فالتحدي كبير ولابد من الرقابة المحكمة وليست العادية، معتبراً ان توجيه فكر الشباب أمر في غاية الخطورة وما يزيد من صعوبة الأمر التطور التكنولوجي إلى مهد الطريق وجعل البيئة خصبة للوصول الى العقول وتبديلها وفقاً للمطلوب.

Email