خبراء الأرصاد الجوية لـ «البيان»:

المنطقة العربية معرضة للعواصف جراء التغيرات المناخية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد خبراء الأرصاد الجوية والمناخ في حديثهم لـ «البيان» أن المنطقة العربية معرضة للعواصف والأعاصير جراء التغيرات المناخية الكبيرة التي تطرأ على العالم.

ويرى خبراء المناخ أن التغيرات المناخية متعددة الظواهر، فتزايد الفيضانات في مناطق لم تعهد هذه الأمطار وذوبان الجليد في كثير من مناطق العالم والتصحر الشديد للعديد من المناطق، وتزايد العواصف الرملية والأعاصير الجوية وسقوط الثلوج بكثافة وارتفاع درجات الحرارة كلها تنبئ بأن دول العالم تتجه نحو تغير كبير في الطقس.

وأوضح الخبراء أن قضايا الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية والكوارث الطبيعية المترافقة معها من أعاصير جوية وعواصف رملية وطقس متغير، أصبحت هاجساً يشغل معظم دول العالم سواء على مستوى الحكومات ومنظمة الأرصاد العالمية ومراكز الأرصاد أو على مستوى الجمعيات المهتمة بالبيئة وصحة الإنسان عموماً.

أنظمة الرصد الجوي

وأكد عمر اليزيدي مدير إدارة البحوث والتطوير والتدريب في المركز الوطني للأرصاد الجوية والزلازل أهمية أن تبدأ المراكز الوطنية للأرصاد الجوية في الوطن العربي بعمليات تطوير شاملة لتحديث أنظمة الرصد الجوي والاعتماد على البرامج والنظم العددية للوصول إلى النتائج الدقيقة في الرصد الجوي.

وقال: «نحن في إدارة التطوير بالمركز نعمل بصورة مستمرة لتطوير الآليات المبتكرة لتوصيل المعلومات المناخية أولاً بأول لصناع القرار والمؤسسات المعنية والجمهور في الوقت المناسب، خاصة في الحالات الجوية الاستثنائية بهدف سرعة الاستجابة والتعاطي مع تلك الحالة بالسرعة المطلوبة»، لافتاً إلى أن المركز الوطني للأرصاد الجوية يمتلك بنية تحتية قوية وحديثة ومحطات ورادارات منتشرة في جميع أنحاء الدولة تعمل على مدار الساعة لمراقبة الطقس والمناخ بما فيها الحالات الجوية الاستثنائية.

ظاهرة النينو

ويرى الدكتور منصور الرفاعي مدير مركز التميز والأبحاث والتغير المناخي في جامعة الملك عبد العزيز بالمملكة العربية السعودية، أن التأثيرات المناخية التي حصلت في موسم الأمطار في العام الماضي من بداية نوفمبر إلى أبريل وما رافقها من تغيرات مناخية ظاهرة وواضحة في جميع دول العالم، ومنطقة الخليج بما فيها شبه الجزيرة العربية ودولة الإمارات ليست بمنأى عن هذه التغيرات، فالمناخ منظومة واحدة ومتكاملة على مستوى العالم وهناك تغيرات كبيرة لتلك المنظومة وهي تغيرات في الجو وحركة الغلاف الجوي في المستويات العليا، ففي عام 2015 شهد العالم ظاهرة جديدة وهي تسخين المحيطات التي عرفت بظاهرة «النينو»، واستمرت لفترة طويلة ومن ثم كان لها دور في تسخين الطقس على مستوى العالم.

وأوضح أن الدراسات العلمية التي قام بها مركز التميز والأبحاث والتغير المناخي أكدت بما لا يدع مجالاً للشك أن منطقتنا العربية تتأثر بقوة نشاط هذه الظاهرة، وكلما زادت حدتها وارتفعت درجة الحرارة واستمرت فترة زمنية طويلة، فإن لها تأثيراً في زيادة كميات الأمطار على مناطق متفرقة في شبه الجزيرة العربية ومنها مرتفعات جنوب السعودية وغربها وأجزاء من شرقها وجنوبها الشرقي وأيضا في دولة الإمارات وسلطنة عمان.

العواصف الرعدية

وأشار إلى أن عددا من الباحثين يعتقدون في هذا الصدد أن حدة ظاهرة التغير المناخي تفاقمت بشكل أكبر مع التسخين العالمي الحاصل في درجات الحرارة، وأيضا التسخين الحاصل في المسطحات المائية، حيث ان التسخين في المحيط الهندي أدى إلى انتقال كميات كبيرة من المياه ودفعها على مستوى قريب من سطح الأرض إلى مناطق شبه الجزيرة العربية، ومع حركة الاضطرابات الغربية التي تأتي من الخطوط الوسطى كان هناك تفاعل كبير بين الخطوط المدارية والخطوط والوسطى، وسببت الكثير من زخات الأمطار والعواصف الرعدية وكان هناك ما يعرف بـ«الحمل العميق»، وهي عبارة عن ظاهرة تكون سحابي عال جداً ينتج عنه ليس فقط هطول أمطار غزيرة ولكن أيضا زخات كبيرة من حبات البرد والتي شهدتها دول الخليج خلال العام الماضي.

التحذيرات الجوية

وحول دور مراكز الأرصاد العربية في تخفيف آثار التغيرات المناخية، أوضح أن مراكز الأرصاد مطالبة بتطوير وتحديث أنظمة الرصد الجوي في دول الخليج خاصة والدول العربية عامة للحصول على دقة كبيرة في المعلومة الارصادية ولكي يكون التنبؤ بصورة أوضح، وأيضاً تطوير منظومة الإنذار المبكر والتفاعل مع المجتمع بشتى الوسائل الإعلامية لتوعية المواطنين في الحد من خطورة تلك الظواهر، وبشكل عام هناك دور كذلك على أفراد المجتمع بأخذ تحذيرات الأرصاد الجوية على محمل الجد.

التكيف مع المتغيرات

ومن جانبها قالت بوخديمي الهوارية من الأرصاد الجوية الجزائرية ان هناك مؤشرات كثيرة تؤكد حدوث التغيرات المناخية في الوطن العربي، وقالت: «في الجزائر تعرضنا لأحوال جوية غير مسبوقة ولم تحدث منذ 50 عاماً، تمثلت في ارتفاع كبير في درجات الحرارة، كما حدث في عام 2012، كما تعرضت المدن الساحلية لعواصف مطرية قوية وتجاوزت التراكمات المطرية فيها حاجز 100 ملم خلال 3 أيام».

وأوصت بوخديمي بوضع سياسات وطنية للحد من آثار التغير المناخي على المجتمع والبيئة، والتي تتمثل في مراعاة آثار التغير المناخي المتمثل في تطرف هطول الأمطار وارتفاع درجة الحرارة في التخطيط الحضري المتوسط والطويل المدى، ووضع خطط استراتيجية فعالة للتكيف مع هذه المتغيرات المناخية، وذلك ببناء السدود واستغلال مناطق تخزين المياه بما فيها النظم الطبيعية وتحسين البنية الأساسية الخاصة بتجميع وتوزيع المياه داخل المدن، وإجراء الدراسات العلمية المعمقة للتغير المناخي.

كارثة عالمية

وتحدث الدكتور أحمد عبد العال محمد رئيس مجلس إدارة الأرصاد الجوية المصرية عن أسباب حدوث ظاهرة «التطرف المناخي» بقوله إن الاستخدام الكثيف للنفط ومشتقاته وكذلك الفحم وغاز الميثان على نطاق واسع في العالم أدى إلى تكوّن طبقة من الملوثات أعلى الغلاف الجوي، حيث تقوم الأرض بامتصاص أشعة الشمس طوال النهار وفي الليل تخرج هذه الإشعاعات الضارة إلى الفضاء والتي لا تتمكن من الخروج بسبب كثافة الغلاف الجوي ووجود غازات الاحتباس الحراري، ومن ثم ترتد هذه الأشعة مرة أخرى إلى الأرض فتؤدي إلى التسخين وهو السبب الأساسي في تأثير ظاهرة التغيرات المناخية التي شهدتها العديد من دول العالم ومنها الدول العربية.

وأضاف أن تسخين الأرض لو ارتفع 1.5 درجة سيؤدي إلى كارثة عالمية، ولذلك جاء المؤتمر العالمي لتغير المناخ في باريس بمنتصف ديسمبر العام الماضي، حيث أقر ممثلو 195 بلداً اتفاقاً دولياً للتصدي للاحتباس الحراري عبر تحويل الاقتصاد العالمي من الاعتماد على الوقود الأحفوري خلال عقود إلى الاعتماد على الاقتصاد الأخضر.

الطاقة النظيفة

وبيّن أن دور الأرصاد الجوية في هذا الصدد يتلخص في تعريف صناع القرار السياسي في الدول العربية بأسباب التغير المناخي وكيفية الحد منه بحيث يتم اللجوء إلى استخدام الطاقة الجديدة والمتجددة كطاقة نظيفة بعيداً عن الطاقة الملوثة، مشيراً إلى أن الاحتباس الحراري تشكل خلال فترة طويلة من الزمن قد تمتد إلى 40 عاماً، ولذلك نحن نحتاج إلى 30 عاماً لتكسير هذا الملوثات في الغلاف الجوي وبالتالي يعود العالم بيئة نظيفة خالية من الملوثات.

دراسة متكاملة

ومن جانبه، يؤكد الدكتور محمد السماوي مدير دائرة الأرصاد الجوية الأردنية أن قضية التغيرات المناخية في الوطن العربي تحتاج إلى دراسة شاملة ومتكاملة يشارك فيها الجميع، ويجب أن تستند إلى معطيات وأرقام تاريخية موثقة لتعطينا نتائج دقيقة فيما يتعلق بمستقبل منطقتنا العربية ومدى تعرضها للتغيرات المناخية وبالتالي نستطيع وضع الخطط والاستراتيجيات اللازمة لمواجهتا أو للتقليل من آثارها.

ويؤكد الدكتور عبد المجيد حداد من برنامج الأمم المتحدة للبيئة مكتب شرق آسيا أن المنطقة العربية تعد من أكثر مناطق العالم تعرضاً لمخاطر التغير المناخي وبالتالي ينعكس ذلك على الخطط البيئية وخطط التنمية المستدامة، مشيراً إلى برنامج الأمم المتحدة لديه مساهمات مهمة بالتعاون مع الدول في التخفيف من حدة الانبعاثات والاحتباس الحراري.

برامج

 قال الدكتور عبد المجيد حداد من برنامج الأمم المتحدة للبيئة إن لدى الأمم المتحدة خططاً متوسطة حتى عام 2030 تركز على مساعدة الدول للوصل إلى المرونة الكامل في التعامل مع قضايا البيئة المستدامة، كما أن لديها 7 برامج رئيسية متعلقة بالبيئة ويعد برنامج التغير المناخي من أهمها. 

Email