مبادرة «أقارب ولكن».. توعية بمخاطر الصفات الوراثية

إعاقات الأبناء... ضريبة زواج الأقارب

■ زواج الأقارب.. عادات لها مخاطرها | ارشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

فتحت مبادرة «أقارب ولكن» التي انجزها مركز دبا الفجيرة لتأهيل المعاقين بعد أن أمضى عامين من الدراسة والبحث والتوعية في هذا الجانب، باب التساؤلات حول مدى إمكانية تقليل ظهور الإعاقات في الأبناء بالإستناد إلى منع أو تقليل زواج الأقارب في المجتمع الإماراتي الذي لا يزال حتى وقتنا الحالي يميل في الزواج إلى القرابة.

وأوضحت منى هلال مديرة مركز دبا الفجيرة لتأهيل المعاقين، أن إدارتها بادرت بإطلاق هذه المبادرة الإنسانية في المقام الأول، بعد إستيضاح وجود 20 حالة إعاقة من منتسبي المركز نتيجة زواج الأقارب، بل وتكرار الإعاقة في اكثر من طفل في العائلة الواحدة، ما يسبب عللاً مرضية ونفسية لأفراد تلك الأسر، وأشارت أن أهداف هذه المبادرة التوعوية بمخاطر الصفات الوراثية المتنحية التي قد تكون واضحة للعيان لبعض الأسر ما يستدعي منهم توسيع دائرة الزواج من خارج العائلة. فضلا عن الحد من ظهور الإعاقات في جيل الأبناء على قدر الإمكان، باقتراح التعاون بين كافة الجهات المعنية بالدولة لتحقيق هذا الهدف.

الوقاية

وتجد أن الأخذ بأسباب الوقاية الممكنة من ظهور الإعاقات عامل ناجح في حماية الكيان الأسري بالمجتمع، وفرصة في بناء جيل يتمتع بالصحة في مقابل التقليل من الإنفاق الحكومي على بناء مراكز رعاية وتأهيل المعاقين التي أضحت تكتظ بتزايد أعداد الإعاقات في المجتمع.

وتشير أن التقدم العلمي المنجز في هذا القرن يؤكد على وجود تقنيات طبية جديرة بالكشف ولو بنسب معينه عن مدى إمكانية ظهور الإعاقة أو تكرارها في الأسرة الواحدة، وهو ما يجب أن نستند عليه لتطويق مجتمعنا من مخاطر انتشار الإعاقات الشديدة أو المزدوجة التي أضحت تهدد استقرار بعض الأسر.

الفحص

وتروي أم عبدالرحمن: أنها أم لخمسة أطفال اثنان منهم يحملان ذات الإعاقة النادرة تعرف بـإعاقة stuve wiedemann وهي من الإعاقات الوراثية التي تتبع الصفات الجينية للأم والأب، وتشدد أن الوقاية خير من العلاج في ما يتعلق بالإعاقات الوراثية، فالتوعية والفحص الدقيق قبل الزواج مهم جدا لتلافي تعريض الأبناء إلى إعاقات وراثية تعيق مشوار حياتهم واستقرار أسرهم.

فمثل هذه الإعاقة تضطر بالأسرة إلى الترحال دائما للعلاج، وتحتاج الأم في وضعها إلى الكثير من الصبر والتحمل فضلاً عن حاجتها لأشخاص متخصصين يساهمون في رعايتهم وتأهيلهم بما يمكنهم من العيش في الحياة.

وأوضحت الأخصائية الإجتماعية شيخة المطوع من مركز دبا الفجيرة لتأهيل المعاقين والمشرفة على فعاليات المبادرة منذ إنطلاقتها.

أن البداية كانت مع استبيان مسبق لقياس معرفة الطلاب والطالبات في مرحلة الثانوية بأخطار تكرار زواج الأقارب، ووضع لوحات إعلانية توعوية في شوارع مدينة دبا الفجيرة والمناطق التابعة لها، بالإضافة إلى تنفيذ ندوتين بالتعاون مع مؤسسة الأسرة العربية التابعة لجامعة الدول العربية بحضور شخصيات لها خبرة كبيرة في هذا المجال.

وبحضور جمال البح رئيس منظمة الأسرة العربية في جامعة الدول العربية، والدكتور سيف الجابري من دائرة الفتوى والشؤون الإسلامية في دبي وعدد كبير من طلبة المدارس الثانوية في منطقتي الفجيرة والشارقة التعليميتين.

توعية الطلاب

وتضيف: استهدفت المبادرة طلاب وطالبات الثانوية العامة والمقبلين على الزواج من الجنسين وأولياء الأمور في كافة مناطق الفجيرة.

مشيرة أن الهدف من المبادرة التي أطلقها المركز تحت مظلة وزارة الشؤون الإجتماعية هو الحد من الإعاقات الناجمة عن زواج الأقارب و تغيير المفهوم الثقافي في العادات والتقاليد المتوارثة في الأسرة الإماراتية التي تشجع على زواج الأقارب، والتأكيد على أهمية التعريف بأساليب الوقاية من الأمراض الوراثية الناجمة عنه، من أجل الحد من وجود أطفال معاقين أو مصابين بأمراض وراثية خطرة.

رأي طبي

وحول هذا الموضوع أوضحت الدكتورة زينب جاسم عثمان طبيب اختصاصي في طب المجتمع ومسؤولة عيادة فحص ما قبل الزواج بمركز مريشيد الصحي بالفجيرة، ان إمكانية ظهور الإعاقات في المجتمع بمنع زواج الأقارب قد يكون من الصعب أو نتائجه غير مضمونة. فالإعاقات قد تظهر مع تكون الجنين أو خلال مرحلة الولادة بتعرضه لنقص الأكسجين أو بعد الولادة كتعرضه لحادث أو إصابته بمرض وراثي أو جيني معين يؤدي به للإصابة بإحدى الإعاقات الجسدية أو العقلية.

فظهور الإعاقات بالمجتمع لها مسببات كثيرة، وجزء منها قد يكون وراثيا ً، وهي التي يجري عليها الحديث حول ضرورة الفحص والاطلاع على السجل المرضي والوراثي للعائلة.

ومن ادوار عيادة ما قبل الزواج الاطلاع على سجل أمراض العائلة وتقديم المشورة لطرفين في وقت الضرورة والاشتباه بتناقل الأجيال للأمراض الوراثية وذلك بتقديم النصح في عمل فحوصات أكثر دقة في المختبرات التخصصية.

وأوضحت أن الفحوصات المخبرية للمقبلين على الزواج إلزامية، سواء للمواطنين أو المقيمين، وهو للمشورة ولا تهدف إلى منع الزواج، بل إلى التوعية بمخاطر انتقال الأمراض الوراثية المتعلقة بأمراض الدم أو الأمراض المعدية.

وتعلق بأمراض الدم التي تعد اكثر انتشاراً من بينها فحوصات الأمراض المعدية والمنقولة جنسياً وتشمل فيروس نقص المناعة المكتسبة «الإيدز»، فيروس التهاب الكبد «ب»، فيروس التهاب الكبد «ج»، والزهري. كما تتضمن الفحوصات أمراض الدم الوراثية وتشمل: بيتا ثلاسيميا «أنيميا البحر المتوسط»، الأنيميا المنجلية، واختلاف الهيموجلوبين.

وتدابير وقائية أخرى وتشمل فصيلة الدم والعامل الريسوسي، والمناعة ضد الحصبة الألمانية للمرأة التي لم تحصل على تطعيم مسبق، أو التطعيم ضد التهاب الكبد البائي «ب» للشريك المصاب.

وذلك بغرض إعطاء المشورة الطبية حول احتمالية انتقال تلك الأمراض للطرف الأخر في الزواج أو الأبناء في المستقبل وإعطاء الخيارات والبدائل أمام الخطيبين من أجل مساعدتهما على التخطيط لأسرة سليمة صحياً، والتقليل من الأعباء المالية الناتجة عن علاج المصابين على الأسرة والمجتمع، اضافة لتقليل الضغط على المؤسسات الصحية وبنوك الدم، وتجنب المشاكل الاجتماعية والنفسية للأسر التي يعاني أطفالها، ونشر الوعي بمفهوم الزواج الصحي الشامل.

استشارات دقيقة

ولفتت إلى قيامهم في بعض الحالات المشكوك في فحوصاتها الطبية أو التي تحمل في سجلها الوراثي العائلي تاريخاً لبعض الأمراض الوراثية الخطيرة والتي نخشى أن تنتقل بعد الزواج لجيل الأبناء، بتوجيههم إلى عمل فحوصات اكثر دقة من الناحية الوراثية والجينية في مختبرات علم الوراثة الموجود بمركز الثلاسيميا بمستشفى لطيفة بإمارة دبي لتجنب إنجاب أبناء يحملون صفات وراثية تسبب المعاناة الأسرية والنفسية والاجتماعية للأسر في المستقبل.

التوعية اولا

أوضحت الدكتورة زينب جاسم أن التوعية والثقافة الصحية لأفراد المجتمع حول مخاطر الأمراض الوراثية خصوصا التي تكثر في زواج الأقارب هي الوسيلة المتاحة أمام الدولة للوقاية من مخاطر الإعاقات والأمراض الوراثية. وأضافت انه تم فحوصات ما قبل الزواج خلال العام الماضي شملت 2204 أشخاص، منها 1469 مواطناً و735 مقيماً في الدولة.

Email