تمنح أقرانها الصغار طاقة نور وأمل

بدرية الجابر صمّاء تضج بالحياة

ت + ت - الحجم الطبيعي

من رحم المعاناة يُولد الإصرار، وبالتحديات يَصقل الإنسان شخصيته ويُشكّل مستقبله.. أحياناً يتأثر سلباً بالانصياع لها، وإن أراد؛ قَلَبها إيجاباً وأحالها إلى مسببات نجاح وتقدم، وغالباً ما تكون الإعاقات التي يولد بها أي إنسان؛ سبباً مباشراً في تغيير نظرة الناس؛ من شفقة عليه إلى إعجاب وتقدير لمجهوده الذي أثمر إنجازاً لافتاً.

نموذج مضيء

بدرية الجابر المصابة بالصمم، تعد نموذجاً مضيئاً يحمل بين طياته كثيراً من التحديات التي استطاعت أن تغيّرها لتصبح دافعاً ووقوداً تكمل به طريقها في الحياة.. في قصتها الكثير من القيم والعبر التي تصلح لأن تكون نموذجاً يمنح طاقة نور وأملاً لسواها ومن هم في مثل حالتها، حيث إنها تعمل معلمة حاسوب وعلوم بمركز دبي لرعاية وتأهيل المعاقين، للطلبة الذين يعانون من الإعاقة نفسها «الصم»، وهذا هو مكمن التحدي بالنسبة لها.

وأوضحت بدرية أن طفولتها لم تكن طبيعية؛ فاتصالها بالعالم الخارجي ظل مليئاً بالشوائب التي تقف عائقاً أمامها في تعلُّم المهارات الحياتية، فضلاً عن عدم قدرة المحيطين بها على فهمها، أو قدرتها هي على التواصل معهم، مشيرة إلى أنها عانت كثيراً بسبب التأثير النفسي السيئ الذي ألمّ بها من جراء ذلك.

إصرار وعزيمة

أضافت أنها ومع مرور الوقت؛ قررت ألا تستسلم لذلك الشعور السلبي الذي ربما يحملها إلى مآلات لا ترضاها لنفسها، خصوصاً أنها تحمل من الإصرار والعزيمة ما يجعلها حريصة على تطوير نفسها، وهو ما نفذته بالفعل من خلال البدء بتعلم لغة الإشارة، والالتحاق بالدورات المتخصصة التي مكنتها تدريجياً من بناء قاعدة لغوية ثرية استطاعت من خلالها، التواصل بشكل إيجابي مع محيطها، لتتعلم وتمضي في حياتها دون مساعدة من أحد.

وعلى هذا الطريق مضت حتى تمكنت وبمساعدة مركز دبي لرعاية وتأهيل المعاقين من تطوير قدراتها التعليمية، لتصبح معلمة داخل صفوفه، تأخذ بيد من هم في حالتها من الأطفال ذوي الإعاقة، فهي أرادت بذلك مساعدة الصغار الذين بدؤوا للتو رحلة حياتهم، آملة أن تكون سبباً في إسعادهم وتغلُّبهم على بعض المصاعب التي قد يواجهونها أثناء دراستهم في المركز.

رد الجميل

وأكدت أنها شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه هؤلاء الطلبة، خصوصاً أنها عايشت معاناتهم من قبل، لذلك فهي الأقدر على معرفة مطالبهم، موضحة أن الرعاية المقدمة الآن لهذه الفئة من ذوي الإعاقة، أصبحت الآن أفضل كثيراً من ذي قبل، وذلك لتوافر الاختصاصيين والأجهزة السمعية المساعدة.

وأشارت إلى أن أكثر ما يزعج المعاق سمعياً هو التأثير النفسي السيئ فيه، والذي ينتج عن عدم تواصله بسهولة مع محيطه المجتمعي، فضلاً عن عدم فهم الآخرين لطلباته، مؤكدة أن الأمور الآن اختلفت كثيراً مع زيادة الاهتمام بفئات ذوي الإعاقة من خلال المراكز المتخصصة، فضلاً عن الخطوة الأكثر أهمية وهي دمجهم مع الأسوياء في المدارس، وهو ما يعتبر خطوة كبيرة مميزة في استيعاب الأشخاص ذوي الإعاقة.

روابط مشتركة

قالت بدرية الجابر إنها تشعر جيداً بطلبتها المعاقين داخل المركز، وتقدر مشاعرهم، وهي تعاملهم انطلاقاً من كونها معاقة مثلهم في المقام الأول، آخذة بأيديهم لخوض غمار الحياة بقوة دونما خوف من أي صعوبات قد تواجههم مستقبلاً، مشيرة إلى أن الطلبة يعتبرونها قدوة لهم، وذلك بفضل الروابط والصلات التي تحمل أحلاماً ومشاعر مشتركة، ما يجعل علاقتها بهم ذات أبعاد نفسية جيدة تنعكس نتائج إيجابية في تطور قدراتهم التعليمية والحياتية.

Email