الانتصار على شح الإمكانيات

«السقا» و «السعن» .. بدائل لمواجهة ضيق العيش

أم محمد تخض الحليب لتحويله الى لبن | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

وعاء جلدي جعل من صعوبة الحياة وقلة الإمكانيات في الماضي على الإنسان سبيلاً ليسخر قدراته في البحث عن وسائل وبدائل لمواجهة ضيق العيش، ولعل «السقا والسعن» من أبرز الشواهد التي توضح انتصار الإنسان القديم على شح الإمكانيات ووسائل الراحة في الماضي.

في لقاء مع الوالدة أم محمد وهي متخصصة في خض اللبن في الماضي قالت: «السقا» مصنوع من جلود الضأن أو الماعز المدبوغ، حيث يخرز من قاعدته ويصر ويجمع مكان الايدي والارجل من خلال خياطتها وربطها بشرائح جلدية، فيما يبقى مكان الرقبة كفوهة «للصميل» يعبأ ويفرغ من خلالها الحليب قبل وبعد خضه ليصبح لبناً.. وهناك نوع آخر «للصميل» يصنع من المعدن الأبيض الخفيف، اسطواني الشكل له فوهة في الوسط بغطاء محكم ومتماسك، تساعد على سهولة عملية الخض من خلال ربطها بحبال مرتبطة بالحامل الذي يتكون من ثلاثة أعمدة خشبية والتي يسهل نصبها وتثبيتها أثناء عملية الخض وجمعها ونقلها عند الانتهاء.

خطوات

وأشارت أم محمد إلى أن السقا أو السعن يصنع من جلود الماعز، وهناك خطوات عديدة يمر بها الجلد قبل أن يدخل حيز الاستخدام، حيث تكون البداية منذ سلخ جلد الماعز بعد قطع رأسه، والتي تتطلب عناية دقيقة ومهارة عالية للحفاظ على الجلد وضمان عدم تعرضه للتشققات أو الخدوش، وبعد عملية السلخ يتم تنظيف الجلد من بواقي اللحم والشوائب العالقة به إيذانا للقيام بنقعه في الملح ودفنه تحت الرمال لمدة لا تقل عن يومين، كما يعمل بعض الأشخاص على ملئه بالماء والملح والتمر ودفنه تحت الرمال وذلك ليصبح الجلد أكثر مرونة وقوة للاستخدام الطويل ويسهل التخلص من بعض الشوائب والروائح العالقة فيه.

دبغ الجلد

وبعد ذلك تأتي عملية «دبغ الجلد» ويقصد بها استخدام بعض المواد مثل القرط والملح لإتمام إزالة الشعر والشوائب العالقة في الجلد، كذلك تكمن أهمية هذه العملية في أنها تساعد على تماسك الجلد والحفاظ عليه لفترات طويلة، وبعد تنظيف الجلد والعمل على تماسكه تتم الخطوة الأخيرة وهي سد الفتحات الصغيرة بواسطة الخياطة وتطويع شكله بحسب طريقة استخدامه، وبعد أن تنجز مراحله النهائية يتم وضع الماء فيه بشكل متواصل حتى لا يجف ويتعرض للكسر مع مرور الوقت.

وأضافت أم محمد أن استخدام «السقا والسعن» في الماضي لأغراض متعددة، حيث كان يستخدمه البعض في نقل الماء من البئر ومنابع المياه إلى المنزل، واستخدمه البعض لتبريد وحفظ المياه لفترة طويلة، ويراعى عند صناعته أن توجد بعض الأماكن لتعليقه في أماكن مختلفة من المنزل، فهو بمثابة الثلاجة التي لا تخلو منها منزلنا اليوم، وكانت هذه الأشياء التي تصنع من جلود الحيوانات حاضرة في كل منزل إماراتي، كما أنها كانت من المستلزمات الرئيسية التي تجهز عند السفر وشد الرحال من مكان لآخر، واستخدم السقا كذلك لصنع اللبن، حيث كانت النساء تضع فيه الحليب، ويعلقنه في «الوتاد» الذي يرتكز على ثلاث قوائم ويعلق فيه السقا، ليسهل رج «خض» الحليب بشكل منتظم يساعد على تحويله إلى لبن بعد إضافة الماء له.

Email