البحث عن اللؤلؤ مهنة الأجداد

جمعة الرميثي .. معلم الأجيال مهنة الغوص

 النوخذة جمعة الرميثي

ت + ت - الحجم الطبيعي

النوخذة جمعة الرميثي يبحر بنا في رحلة بحرية تراثية عرفها الإنسان الإماراتي قديماً، رحلة الكد والبحث عن الرزق، رحلة مليئة بالمخاطر والتعب والمغامرات، يرويها النوخذة الرميثي رئيس جمعية الصيادين في المرفأ والمسؤول عن أحوال وأوضاع الصيادين في المنطقة الغربية بإمارة أبوظبي.

أبحر بنا في سفينة ذكرياته إلى عبق الماضي، وبدأ حديثه: «علاقتي بالبحر علاقة قديمة جداً، والغوص نعتبره (عيشتنا الأولية) أي مصدر رزقنا للعيش، وهو نفط ذاك الزمن القديم، فهو مصدر الدخل الأهم في الماضي، والغوص بحثاً عن اللؤلؤ يحتل مكانته اللائقة في التراث الشعبي لدولة الإمارات العربية المتحدة، فهو يبرز أصالة الإنسان في المجتمع الإماراتي..

ونحن في زمننا الحالي نحرص حرصاً شديداً على المحافظة على مهنة الغوص بحثاً عن اللؤلؤ والصيد وغيرها من الحرف والصناعات المرتبطة بالحياة البحرية التي عرفها ولد الإمارات وبرع فيها وورثها لأولاده من بعد».

وأضاف قائلاً: «أنا باعتباري نوخذة معروفا منذ الخمسينات، أدعم جميع فئات الصيادين والغواصين ومحبي البحر سواء كانوا كباراً أو صغاراً، وبابي مفتوح لجميع أبناء الإمارات لنعلمهم تراثنا القديم وليستمر هذا التراث ينقله أبناؤنا الحاليون لأولادهم، ويتوارثونه جيلاً بعد جيل».

إرث إنساني

ويضيف: «سأخبركم اليوم عن مهنـــة الغوص بحثاً عن الجوهرة البيضاء مـــن أعماق البحر، التجهيز للرحلة يكون قبل شهر من إعلان النوخذة عن انطلاق الرحلة، حيث يتقدم البحارة الذين يرغبون في الذهاب للرحلة، وتبدأ الاستعدادات والتجهيزات».

وفي وقت إقلاع سفينة الغوص يكون على متنها النوخذة ومساعدوه وعدد من الغواصين ومساعد الغواص، وهو من يقوم برفع الغواص وسحبه من الماء. وبدون هؤلاء لا يمكن للسفينة أن تشق طريقها بحثاً عن المغانم.. فرحلة الغوص تحتاج إلى العمل الجماعي الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى رحلة غوص ناجحة.

رحلة البداية

ويشرح جمعة أنه مع أذان الفجر الذي يرفعه أحد البحارة يبدأ المشوار البحري ويستيقظ جميع من على ظهر المركب بمن فيهم النوخذة لصلاة الفجر، ومن ثم يتناولون التمر والقهوة ليمدهم بالقوة والطاقة للعمل، بعدها تبدأ رحلة الغوص، والغواص الجيد كل ما عليه فعله قبل الغطس تجهيز عدة الغوص كاملة، ومن ثم أخذ نفس عميق قبل الغطس مع ربط شبكته بإحكام..

والشبكة هي الوسيلة التي سيتم من خلالها تجميع اللؤلؤ ووضعه فيها بكل حرص شديد، حيث تكون مدة بقاء الغواص في أعماق البحر بما لا يزيد عن دقيقتين ونصف ثم يقوم بهز الحبل منبهًا زملاءه لسحبه الى السطح برفق قبل أن ينقطع عنه الأكسجين.

استراحة محارب

وبعد ذلك تبدأ فترة الاستراحة ينام الجميع في وقت الظهيرة، وبعد الاستيقاظ يبدأ من جديد العمل فيتعاون الجميع على فلق المحار حتى غروب الشمس، والبحارة أثناء عملهم يكررون الأهازيج والأغاني التراثية البحرية، حيث تعد الأغاني البحرية عاملاً مهما لبث الحماس والتعاون بين البحارين وتدفعهم للعمل بكل شغف وقوة وتخفف عنهم التعب والإرهاق وتزودهم بالصبر على فراق الأهل والأحبة.

ويقول جمعة الرميثي في نوعية اللؤلؤ: (يعتمد جمال اللؤلؤ على عمق غوص الغواص، فكلما كان الغوص أعمق كان نتاج ما يحمله الغواص أجود، فغوص البحار ما بين 5-35 متراً يعرف بـ«الخور» ونتاج هذا الغوص يعد من أجود أنواع اللؤلؤ، وغوص الغواص لحوالي 3-4 أمتار يسمى بـ«المغطس»، أما غوص الغواص لحوالي متر ونصف فيسمى «ميني»».

العود أحمد

وفي نهاية الرحلة البحرية والعودة للدار يقول النوخذة: «بعد العمل الشاق والمتواصل طيلة أشهر متواصلة، بعيداً عن الأهل والأقارب والأحبة، نعود للديار بعد أن حظينا بكنوز البحر، متوجهين للقاء الأحبة وهم ينتظرون عودتنا يوماً بعد يوم بكل شوق..

وعند سماع أنباء العودة يجتمع النساء والأطفال والأقارب لاستقبالنا على الشواطئ وهم يغنون الأغاني التقليدية مبتهجين بسلامة عودتنا». انتهت رحلت الغوص، مع النوخذة جمعة الرميثي ولم تنتهِ ذكرياتها، فتراث الأجداد سيبقى خالدًا راسخًا ما بقيت الحياة.

Email