منها المسفار والمتعة والعرفي

المجتمع الإماراتي لا يعترف بالمسيار وأخواته

مسميات الزواج الحديثة محدودة في الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يمكن تقييد أي من تقليعات الزواج الحديثة، تحت مسمى مشروع العمر، لأنها غالباً ما ترتبط بتاريخ انتهاء أو ظرف معين، مثل السفر أو العمل، بما معناه الفشل حتماً والطلاق في نهاية الطريق.

 وثمة أنواع كثيرة للزواج ظهرت أخيراً، منها: «المسفار» وهو زواج السفر للعمل والدراسة، و«العرفي» و«المسيار» وخلافه، إلا أن معظمها لا تستوفي شروط الزواج وأركانه، حسب ما أوضح عدد من ذوي الاختصاص، ورغم انتشار مثل هذه الزيجات في مجتمعات كثيرة، إلا أنها تبقى محدودة في مجتمع دولة الإمارات.

بلا مصطلحات

عبدالله موسى المستشار الأسري ومتخصص أول توجيه وإرشاد في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، قال: إنه لا يوجد لدينا في محاكم الدولة، الأنواع المتعارف عليها حديثاً للزواج، مثل زواج «المسيار» وسواه، إنما تعتمد المحكمة زواجاً واحداً رسمياً دون ذكر مصطلحات في عقد القران على غرار بعض الدول الأخرى، التي تفصل بين الزواج العادي وزواج «المسيار» عند كتابة عقد القران.

وأشار إلى أن زواج المسيار يعد مشروعاً بين الطرفين بصفته يستوفي شروط وأركان الزواج، ومن المتعارف عليه أن زواج المسيار لا يلزم الرجل بنفقة أو سكن وخلافه..

لكن في دولة الإمارات يمكن للمرأة مخالفة ذلك في ما بعد، والمطالبة بجميع حقوقها بصفتها زوجة، لأن ما ورد بين الطرفين من حيث النفقة وعدد زيارة الرجل لزوجته، يبقى مجرد اتفاق شفهي لا يمكن كتابته في عقد القران، بخلاف بعض المجتمعات الأخرى.

هدف واضح

ولفت موسى إلى أن الزواج المشروط بمدة معينة باطل، والهدف الرئيسي لمعظم «التقليعات» الحديثة للزواج واضح وصريح، وهو إشباع الرجل لرغباته بذريعة عدم وقوعه في الحرام. أما قضية زواج بعض الطلبة خلال فترة ابتعاثهم من فتيات، فتلك مسألة خلافية بين العلماء..

فيما يظل الإجماع على أن زواج «المتعة» والزواج «العرفي» محرّم، وكثيراً ما نتجت عن هذه الزيجات مشكلات عند تعرض المرأة للحمل، مشيراً إلى قصة أحد الأشخاص الذي عجز عن توثيق زواجه بعد أن حملت زوجته، لكون الزواج حصل خارج الدولة وخارج حدود المحكمة، فاضطر إلى السفر إلى تلك الدولة، والبحث عن الشهود، وبعد جهد وعناء تمكن من إثبات زواجه.

وحذر المستشار الأسري، الشباب من الاتجاه إلى مثل هذه الزيجات، كونها تعتمد على تجاوز ولي الأمر، فالزوجان قد يواجهان مشكلات مزمنة مع أفراد أسرهم؛ الفتاة على سبيل المثال قد تفقد العلاقة الجيدة مع والدها أو شقيقها إلى الأبد، مضيفاً أن المجتمع الإماراتي لا يزال بعيداً عن هذه الأنواع الشاذة من الزواج.

مصلحة وشرط

بدورها قالت وداد لوتاه الخبيرة والمستشارة الأسرية، إن المجتمع شوّه مفهوم زواج المسيار رغم صحته شرعاً، والبعض خلط بينه وبين أنواع أخرى باطلة، فزواج المسيار يختلف عن سواه لأنه يعتمد على حضور ولي أمر المرأة والشهود إلى جانب المأذون بموجب ورقة رسمية، إذ يتمثل زواج «المسيار» في بقاء الزوجة في بيت أهلها، بحيث يزورها الزوج «يُسير» في الشهر مرة أو أكثر أو أقل..

وفقاً للاتفاق الشفهي بينهما، وللزوجة مطلق الحرية في مرافقة زوجها خلال عطلة نهاية الأسبوع أو أوقات أخرى إلى بيته حسب الاتفاق بينهما، مشيرة إلى أنها استقبلت العديد من الاتصالات الهاتفية من رجال يطالبونها بالزواج من نساء ثريات أو لمصلحة ما، شرط أن لا يتحملوا النفقة، مستغلين رغبة بعض النساء في الزواج بسبب بلوغهن عتبات العنوسة.

عقد جديد

وأضافت: إن الزواج العرفي بدأ ينتشر أخيراً في المجتمع الإماراتي، ولكن في نطاق أرقام محدودة، لا ترتقي إلى الظاهرة عند مقارنتها بالدول الأخرى، ومعظم المتزوجين بنظام الزواج العرفي، هم من طلبة الجامعات والكليات، أو من طلبة السنة الأخيرة في المرحلة الثانوية.

ويتجه الشاب والفتاة إلى الزواج العرفي لحل مشكلة عاطفية بينهما، ويقنع كل منهما الآخر بصحة الزواج، باعتباره يرتكز على الإيجاب والقبول، إلى جانب المأذون والشهود الذين هم أصدقاؤهما بالأصل، مؤكدة أنه لا علاقة لارتفاع نسبة العنوسة بظهور الزواج العرفي أو سواه من أنواع الزواج مثل المسيار.

وأشارت لوتاه إلى أن الزواج العرفي يمكن توثيقه في المحكمة لاحقاً في بعض الدول، إلا أن الأمر في دولة الإمارات مرفوض جملة وتفصيلاً، بل يحتاج الطرفان إلى عقد قرانهما من جديد، لاسيما إذا تعرضت الفتاة للحمل خلال الأشهر الثلاثة الأولى، لأن الزواج بعد هذه الفترة يتسبب في أن يصبح الطفل مجهول الأب، أو كما يطلق عليه «ابن زنا».

الزواج أركان وواجبات و«الوناسة» باطل شرعاً

قال الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، إن للزواج في الإسلام شروطاً وأركاناً وواجبات، إذا توفرت، كان زواجاً صحيحاً بأي مسمى كان، وإن هذه المصطلحات الحديثة للزواج نتجت عن ظروف بيئية أو اجتماعية، وهي لا تغير من الحق شيئاً.

شروط واجبة

وأضاف: يشترط في الزواج أن يكون من مسلمة أو كتابية تؤمن بدينها اليهودي أو النصراني، وليست هناك محرمية بينهما من نسب أو رضاع أو مصاهرة، وأن لا تكون ذات زوج أو معتدة لزوج..

وأن لا يتضمن النكاح شرطاً ينافي مقتضى النكاح، كأن لا يعاشرها إلا في وقت محدد، وأن لا يتضمن توقيتاً زمانياً أو مكانياً. وأركانه الإيجاب والقبول والولي والشهود، وواجباته المهر والإنفاق والعشرة بالمعروف، فإذا توفرت هذه الشروط والأركان، وانتفت موانعه، صح النكاح بأي اسم كان، ويجب أن يترتب عليه الأثر من دخول ونفقة وتوارث وعدد ونحوها.

وأكد أن بعض أنواع الزواج الحديثة لا تتوافر فيها هذه الشروط، مثل زواج المتعة، فإنه باطل بإجماع المسلمين أهل السنة والجماعة، لأنه مؤقت بزمن محدد، وشرط النكاح عدم توقيته، ولأنه لا يترتب عليه أثر الواجبات من نفقة وتوارث ونحوهما، عدا النسب إن أمكن إثباته..

وكذلك «الزواج العرفي» الذي يكون بين الرجل والمرأة من غير ولي ولا شهود، فإنه سفاح لا يصح أن يسمى نكاحاً، ولا يترتب عليه أثر من آثار النكاح، وأيضاً الزواج «المدني» الذي يجري في بعض البلاد غير الإسلامية الذي يقتصر على التوثيق البلدي بين الرجل والمرأة دون أي اعتبار آخر.

باطل شرعاً

واعتبر الحداد زواج «الوناسة» باطلاً شرعاً، والمتمثل في زواج الرجل بامرأة بشرط تنازلها عن حقها في المعاشرة الزوجية، وتمتعها بكامل حقوقها الأخرى، لأنه طالما يتضمن عدم الدخول فإنه لا يصح للشرط الذي ينافي مقصوده..

وبعض أهل العلم يصححه ويلغي الشرط إذا توفرت أركانه الأخرى، لحديث البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من اشترط شرطاً ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن اشترط مئة شرط، شرط الله أحق وأوثق»، ومثل ذلك زواج السفر ونحوها من المسميات.

أما عن «زواج العمل» الذي ظهر حديثاً لتجنب الخلوة بين الموظف والموظفة، فقال الحداد في هذا الجانب: إذا اشترط فيه أن لا يكون بينهما دخول فهو كزواج الوناسة السابق ذكره وتفصيله، من البطلان عند بعض أهل العلم.

والجواز وإلغاء الشرط وترتب الأثر عند الآخرين من وجوب نفقة إذا مكنت المرأة نفسها ووجوب التوارث والعدة والمحرمية بينه وبين أولاده إلخ، إذا توفرت فيه الأركان والشروط الأخرى وانتفت الموانع.

زواج المصلحة

في ما يتعلق بالزواج القائم على مصلحة مالية أو مصلحة عمل، قال الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، إذا توفرت شروطه وأركانه فهو صحيح؛ إلا أن هذا القصد غير سديد، فإنه يؤول غالباً إلى الفشل، وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «لا تنكحوا المرأة لحسنها؛ فعسى حسنها أن يرديها..

ولا تنكحوا المرأة لمالها؛ فعسى مالها أن يطغيها، وانكحوها لدينها، فلأمة سوداء خرماء ذات دين أفضل من امرأة حسناء لا دين لها».

وصحّ في الحديث الحث على تحري ذات الدين بغض النظر عن المقومات الأخرى، وإن كانت مقصودة لدى كثير من الناس كما روى الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين، تربت يداك».

رجال يتزوجون سراً خوفاً من الأولى

وصف الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد كبير مفتين مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، توجه بعض الرجال إلى زواج السر و«المسيار» و«العرفي» وخلافه، خشيةً من الزوجة الأولى، أو هرباً من كثرة المشكلات معها، أو مع أفراد عائلته، بأنه ضعف في الشخصية..

وينبغي للرجل إذا كان راغباً في الزواج من الثانية أو الثالثة أو الرابعة، أن يكون على قدر المسؤولية، أو يدع ذلك ويصبر على ضعفه، فإنه كما قال الشاعر: من راقب الناس مات هماً وفاز باللذة الجسور.

وتابع: الزواج ليس قضاء الأرب بشهوة النكاح وحسب، بل هو حقوق ومسؤوليات متبادلة، فلا بد لمن أراد التعدد أن يبذلها، وإلا فليدع الناس من أذاه، فزواج المسيار أو العرفي، إذا توفرت أركانه، فلا يعني أن يجعله سراً، فإن نكاح السر باطل عند السادة المالكية، وكثير من أهل العلم؛ لما فيه من ضياع الحقوق، لذلك لم يكتف السادة المالكية بالشهود بل أوجبوا الإشهار..

وأن لا يتواصوا بكتمانه ولو كانوا مائة شاهد، والمرأة التي لا تقبل لزوجها التعدد هي ظالمة لنفسها ومتعدية على حقوق زوجها، فإن الشأن في المرأة المسلمة أن لا يكون لها الخيِرة من أمرها في شرع الله تعالى، ولها أن تطلب العدل وحسن العشرة فقط، فإن لم يفعل فأمامها القضاء ينصفها، لذلك أنصح من يعدد أن يقيس وضعه على تحمل المسؤولية، أو أن يصبر على الواحدة، ففي ذلك خير كثير.

الزواج العرفي وصمة عار

طالبت وداد لوتاه، الفتيات بالتفكير ملياً قبل الإقدام على الزواج العرفي وخلافه من أنواع الزواج المرفوضة شرعاً وقانوناً، لأن الزواج بهذا الأسلوب، وصمة عار ستلتصق بالفتاة طالما أنها قبلت «العرفي» أو زواج السفر وخلافهما من أنواع الزواج الأخرى التي لا تتطلب حضور ولي الأمر.

والمفارقة أن الرجل الذي يريد الزواج العرفي حتماً لا يرضى على أخته هذا الزواج، موجهة نداءً لجميع الفتيات بعدم الثقة بأي شخص والاندفاع بالمشاعر سريعاً، نحو الشاب الذي يرتدي الأقنعة ويخدع الفتاة بالوهم.

Email