يواظب على الحراسة ويرفض التقاعد مع زيادة الراتب

سالم عبدالله.. 27 عاماً على بوابات المدارس

الوالد سالم عبدالله درسٌ وطني في التربية والتعليم - تصوير: ناصر بابو

ت + ت - الحجم الطبيعي

هو أحد القلائل من المواطنين الذين لايزالون يحتفظون بمسمى «حارس مدرسة» كوظيفة، عددهم على مستوى الدولة لا يزيد على 10، كما قال، بعد أن تقاعد كثير منهم، وحلّ مكانهم حراس أمن الشركات من جنسيات آسيوية.

الوالد سالم عبدالله علي، اقترب في سنه من السبعين عاماً، ولايزال يرفض مغادرة بوابات المدارس إلى البيت.

لا للتقاعد

لا عجب في ذلك إن تعلق الأمر بمن أمضى أكثر من 27 عاماً برفقة أصدقاء العمر وزملاء العمل، في حراسة بوابات التربية والتعليم، صباحاً ومساء، وما تخلل تلك الفترة من ذكريات تشده بقوة إلى المكان وأهله. الغرابة تتجلى حين تدرك أن راتب سالم عبدالله سيزيد نحو 25% فور تقاعده، ورغم ذلك فهو يصرّ على العمل براتب أقل، ولا يريد التقاعد، ولا يأبه للزيادة التي تنتظره!

ثلاث مدارس عمل فيها الوالد عبدالله هي: مدرسة بلال بن رباح للبنين في دبي، وخولة بنت الأزور للبنات، ومركز قرطبة المسائي لتعليم الكبار للبنات. أما رفقاء دربه حراس المدرسة ورجال أمنها المناوبون فهم: عبدالله محمد ومال الله ونوح أحمد، وجميعهم مواطنون، يجدون في عملهم متعة تفوق القيمة المادية....

كما يؤكد الوالد سالم، طالما أن الأمر يتعلق بمستقبل أبناء الوطن، وفيه تأكيد على هيبة التربية والتعليم، بوجود المواطن عند نقطة البداية.

رغم أن عمل الأصدقاء الأربعة يسير بنظام المناوبات يوماً بيوم، حيث تبقى المدرسة محروسة في الليل والنهار من أحدهم على الأقل، إلا أنهم لا يتركون زميلاً وحيداً في غالب الأيام، إذ يحرصون على الحضور إلى المدرسة ومرافقة الحارس المناوب لأطول وقت ممكن، من باب التخفيف عنه، والظفر بأوقات أخرى جميلة لا تنسى.

أسرة المدرسة

رجل أمن المدرسة، أو الحارس، أمامه مسؤوليات كبيرة تتعلق بالحفاظ على سلامة الطلاب والطالبات، وحراسة المدرسة بما فيها من أجهزة ومعدات، ومنع الغرباء من الدخول إلى حرم المدرسة، وفي الأثناء لا يخلو المشهد من متاعب تتعلق بالطلبة أنفسهم، لاسيما الصغار الذين لا يأبهون بالقانون،..

ولا يدركون جدوى الوقاية وسلبية الخطأ، وهو ما عانى منه الوالد عبدالله، في مدرسة البنين حين كان تعامله مع مجتمع الصغار البريء والمزعج أحياناً، رغم ذلك تراه يستوعب كل ما يتلقاه منهم برحابة صدر وابتسامة ومحبة دائمة بلا ملل أو ضجر.

منذ العام 1988 وإلى اليوم، يواصل الوالد سالم عبدالله ورفقاء العمل من المواطنين الذين أحبّوا وظيفتهم، وأخلصوا للمكان، من باب التأكيد على أهمية التربية والتعليم..

وهو لايزال يقف عند مدخل مركز قرطبة المسائي لتعليم الكبار؛ كل مساء يستقبل مئات الطالبات ويودعهن، ومعهن المعلمات والمديرة وأولياء الأمور، وبذلك أضحى الوالد سالم عبدالله أحد أفراد أسرة تربوية ممتدة، من الصعب أن يغترب عنها بعد كل تلك السنوات؛ ذلك ما يبرر رفضه التقاعد وإصراره على الحراسة.

Email