نصف قرن في الوظيفة وكرسيه لا يزال مُضاءً

الحسيني رائد طب الأسنان في دبي

لا يزال يعالج الصغير والكبير بخبرته وسعة قلبه

ت + ت - الحجم الطبيعي

31 عاماً مضت والممرضة الفلبينية فلورينا لارا تعمل إلى جانبه حول كرسي العلاج الذي لا تنقطع إضاءته في عيادة الأسنان التابعة لمركز شرطة دبي الصحي، عن طيب نفسٍ وحبٍّ للعمل وإصرار على المواصلة. تلك إشارة على قدر هذا الطبيب، الذي تجاوزت سنوات عمله في دبي 46 عاماً..

ولا يزال في قمة عطائه وأكثر، تراه يعالج عشرات المرضى يومياً بجهد «شبابي» وأكبر، أما بوصلة طموحه فلا تتجه أبداً إلى التقاعد، طالما أنّ في النفس حِسّاً للعطاء وحباً للعمل، لعله يبلغ حاجز النصف قرن في وظيفته ومهنته التي أحب؛ ولها أخلص.

إنه الطبيب السبعيني خميس حسن الحسيني، استشاري طب الفم وأمراض اللثة وجراحتها، أول طبيب أسنان في دبي، قَدِم عام 1969 تحت مسمى بعثة الكويت الصحية..

وفي دبي قدَّم خدمات نوعية في ظروف استثنائية، وبروح إنسانية مفعمة بالإيجابية، منسجماً مع طيبة أهل البلد وبساطتهم، وكأنه أدّى قسمين: «أبقراط» للأطباء، و«الحسيني» لإسعاد المرضى. ليس أدل على استنباطنا هذا، من ردة فعل مرضاه، فكل من يدخل عيادته أو يخرج منها، يبادر بتقبيل رأسه امتناناً وشكراً وتقديراً لهذا الطبيب الذي أعطى بلا حدود.

بلا مواعيد

الحسيني الذي وجد نفسه في ظروف غير التي تصوّر قبل السفر من بلده مصر إلى الكويت فدبي، استقر مبكراً في مستوصف بر دبي التابع لمكتب الكويت قبل قيام الاتحاد، وفتح قلبه قبل باب عيادته..

وظل يستقبل عشرات المرضى يومياً، بلا مواعيد ولا تسويف أو تأجيل، لدرجة أن يبلغ عدد مرضاه 100 شخص وأكثر في اليوم، قادمين من دبي والإمارات الشمالية، إذ لم يكن في ذلك الوقت سواه طبيباً للأسنان في دبي، وآخر في الشارقة كما يقول.

لأنه من الأوائل؛ طرقنا باب عيادته في المركز الصحي لشرطة دبي، ليس بقصد العلاج، إنما لنروي قصة إنسان لا يرى في حياته سوى العطاء..

ولا يقبل لغيره إلا السعادة. لا تغيب عن وجهه الابتسامة، وكلماته الجميلة لا تصمت، أما مرضاه فيتناوبون في تقبيل رأسه ذهاباً وإياباً، وفي درجه حفنة حلويات لا يخرج أحد من عنده إلا بواحدة منها، تلك بعض ملامح عطاء الحسيني، الذي دخل عتبة السبعينات من العمر ولا يزال يؤدي في أسمى المهن.

رائد طب الأسنان

في جعبته مئات شهادات التقدير والتكريم، واحدة منها من مؤتمر ومعرض الإمارات الدولي لطب الأسنان «ايدك»، مضمونها «الحسيني رائد طب الأسنان»، أما إنجازاته فحدث عنها ولا حرج، فهو مرجع لتدريب الأطباء حديثي التخرج ممن اجتازوا اختبار هيئة الصحة للحصول على ترخيص مزاولة مهنة طب الأسنان.

طوال سنوات عمله العلاجية والتأسيسية لحقل طب الأسنان في دبي والإمارات عموماً، في بعثة الكويت وهيئة الصحة بدبي ووزارة الصحة، ساهم الحسيني في إنشاء عيادات شرطة دبي وتوسعتها إلى 4 عيادات..

وإنشاء عيادة في السجن المركزي، وعيادة في أكاديمية شرطة دبي، كما كانت له يد في إنشاء مختبر طب الأسنان الذي وفرّ على الشرطة كثيراً من الوقت والجهد والمال. وكانت له بصمات في إنشاء مركز طب الأسنان بجميع التخصصات في بر دبي، وإنشاء عيادة متنقلة في الراشدية، وعيادات أسنان الصحة المدرسية.

مدى الحياة

إنجازاته الغزيرة خلال سنوات عمله الكثيرة، أهّلته لأن يصبح رئيس الأطباء في مستوصف بر دبي، ورئيس قسم طب الأسنان في منطقة دبي الطبية، وقد رُشّح ليكون رئيس قسم الأسنان في منطقة دبي الطبية مدى الحياة، وكُرّم أكثر من مرة في جائزة التميز لإدارة الجودة في شرطة دبي..

وجائزة التميز لوزارة الداخلية، وغيرها الكثير من الإنجازات والاكتشافات، إذ قدّم بحثاً علمياً عن ارتفاع نسبة الفلورايد في مياه الشرب، وساهم في تعديلها من 10 أجزاء من المليون، إلى 0.5 جزء من المليون، واعترفت بذلك منظمة الصحة العالمية، علاوة على اكتشافه المبكر لأمراض خطيرة كثيرة لدى المراجعين في عيادته، منها سرطان الفم، ومساهمته في شفاء المرضى منها.

تقدير وإجلال

منذ الستينات وحتى أوائل الثمانينات، عمل الدكتور خميس الحسيني في مستوصف بر دبي، عالج النساء والرجال، والكبار والصغار، من كل الجنسيات؛ ببساطة ورحابة صدر، وبلا حواجز أو تعقيدات، قبل أن ينتقل إلى عيادة شرطة دبي.. نتوقف هنا لنورد جملة كتبها الحسيني على ورقة يحتفظ بها في عيادته، قال فيها:

طبيب الأسنان يؤدي خدمة عامة بقالب من التميز والمعاملة الحسنة، ولا يسعى إلا إلى هدف وحيد، هو «رضا المراجعين». أما الدكتورة وفاء البلوشي إحدى خريجات طب الأسنان، المتدربات في عيادته، فكتبت عنه سطور تقدير وإجلال، قالت فيها: احترام المرضى وتقديرهم له، شاهد على سعادة لا تصفها الكلمات؛ ودليل صريح على إنجازات إنسانية سامية جسَّدها هذا الطبيب الذي يعالج بابتسامته وعلمه وخبرته ودعواته ومحبته للناس.

Email