مادة لزجة تخرج من مكانها فتضغط على العصب

«الديسك» يتسع ليشمل كل الأعمار

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بين كل فقرتين في العمود الفقري؛ قرص يعمل على امتصاص الصدمات، يتكون من مادة بنيتها شبيهة بـ «الجيلاتين»، محاط بحزام ليفي خارجي يحافظ على تثبيت القرص الداخلي في مكانه، ويمنعه من الانزلاق والضغط على النخاع الشوكي أو على الأعصاب الخارجة من النخاع الشوكي.

الدكتور حسان القادري استشاري جراحة الأعصاب والدماغ والعمود الفقري، أوضح أن مرض «الديسك» يعني فتق النواة اللبية، وهي غالباً مادة لزجة طرية معزولة عن الجسم، تخرج من مكانها نتيجة حدوث تمزق في الأربطة المحيطة بها، وتدخل في القناة العصبية، ولا يتعرف عليها الجسم بشكل جيد، فتسبب التهاب الأعصاب، وتنقص تغذيتها التي كانت تحصل عليها بشكل طبيعي نتيجة الامتصاص من مكانها، فتتصلب وتضغط على العصب مسببة الألم والخدر.

ويصيب «الديسك» في أغلب حالاته، المناطق التي تشهد القدر الأكبر من الحركة والانحناءات، مثل منطقة الرقبة، أو المنطقة القطنية أسفل الظهر بنسبة 90% تقريباً، فيما يصيب منطقة وسط الظهر في حالات نادرة جداً.

كافة الأعمار

وأشار الدكتور حسان إلى أنه من المتعارف عليه أن مرض الديسك يصيب الأعمار فوق الأربعين عاماً، أما في الوقت الحاضر فلم يعد هناك سن معينة للإصابة بهذا المرض؛ فقد يصيب الشباب في سن العشرين، وهناك حالات بين اليافعين (10 - 14) سنة، وهي غالباً ما تكون من نوع «الديسك الردي» الناتج عن الحركات الخاطئة أثناء ممارسة الرياضات العنيفة.

تؤدي عوامل عدة إلى حدوث قطع في الرباط الليفي الخارجي المحيط بالديسك، مثل العامل الوراثي، وحمل الأوزان الثقيلة أو التعرض لحادث عنيف، أو نتيجة ضعف في بنية هذا الرباط، بسبب التقدم في السن أو الوزن الزائد للمريض، ما يؤدي إلى انزلاق القرص الجيلاتيني الداخلي، وخروجه من المكان الذي قطع فيه الرباط الليفي الخارجي، ثم يبدأ في الضغط على النخاع الشوكي أو الأعصاب الخارجة منه.

«عرق النسا»

وقال القادري: إن هناك عوامل تساعد على ظهور المرض، مثل كبر السن الذي يؤدي إلى ضعف الجزء الخارجي، إلى جانب قلة اللياقة البدينة والتدخين وزيادة الوزن، وكلها توثر على الألياف الخارجية للديسك، بالإضافة إلى الجلوس الخاطئ أمام التلفاز أو الكمبيوتر لفترات طويلة، أو حمل أوزان ثقيلة، أو حدوث دوران فجائي للعمود الفقري.

وأضاف: إن هناك أعراضاً عدة إما أن تكون مجتمعة أو منفردة، منها ألم شديد أسفل الظهر تزداد حدته مع الحركة أو الانحناء إلى الأمام أو أثناء السعال، وقد يحدث اعوجاج للعمود الفقري بسبب تشنج عضلات الظهر، وشعور المريض بألم يمتد من أسفل الظهر ربما يصل إلى الفخذ أو الساق أو القدم، وهو ما يعرف لدى العامة بـ«عرق النسا».

ويشعر المريض أيضاً بتنميل وخدران حسب المنطقة التي يغذيها العصب المضغوط، بالإضافة إلى ضعف في عضلات الساق أو عضلات القدم أو قلة إحساس في منطقة معينة.

تشخيص المرض

وأكد الدكتور حسان أن الفحص السريري للمريض يوضح نقص أو غياب المنعكسات الوترية العميقة، إذ يمكن أن يودي رفع الساق بشكل مستقيم إلى حدوث ألم في الظهر أو الساق، مبيناً أن أفضل طريقة لتشخيص الديسك هي إجراء تصوير بالرنين المغناطيسي الذي يحدد الإصابة بدقة ووضوح، أو بالتصوير الطبقي المحوري، وقد يساعد التخطيط الكهربائي للعضلات على تحديد جذر العصب المصاب بدقة.

وينصح القادري مريض ديسك الظهر بالراحة التامة في السرير لمدة تتراوح من أسبوع إلى أسبوعين، في وضع استرخاء مع وضع كمادات ساخنة وتدليك خفيف للمنطقة القطنية، وتناول العلاج الدوائي المتمثل في المسكنات ومضادات الالتهاب.

ويأتي العلاج الطبيعي أيضاً بنتيجة جيدة بعد إجراء التمرينات العلاجية بالإضافة إلى العلاج الحراري، وهو موجات قصيرة أو أشعة تحت حمراء أو موجات فوق صوتية، أو العلاج الكهربائي أو العلاج المائي، كما يمكن عمل حقن موضعي للجذر العصبي أو المفصل الزلالي المصاب، وهذه الطريقة لها مفعول قوي جداً في علاج كثير من الحالات، ولا تسبب أي مضاعفات، فيما يقرر الطبيب المختص التدخل الجراحي في حال عدم جدوى الخطوات السابقة بعد 6 شهور على الأقل.

ديسك الرقبة

يتكون قسم العنق «الرقبة» المتصل بالعمود الفقري من سبع فقرات ويعتبر الجزء الأكثر قابلية للحركة، إذ تتولى المفاصل والأقراص التي توفر الاتصال بين أجزاء الفقرات، السماح للفقرات بالحركة، وبالتالي تمكن العنق والظهر من الانحناء والدوران، ومرض ديسك الرقبة غالباً غير مرتبط بالحركة.

وبين الدكتور حسان أن من أهم أعراض ديسك الرقبة، شعور المريض بألم في أسفل الرأس من الجهة الخلفية، يصيب الرقبة ثم يمتد ليصل إلى الكتفين، ويزداد الألم كلما زاد الإجهاد والتعب، وقد ينتج المرض عن الجلوس الطويل في مكان العمل وقلة الحركة، ويمكن أن يصاحب آلام ديسك الرقبة، صداع في الرأس خاصة في المنطقة الخلفية.

علاج الرقبة

وقال: إن علاج ديسك الرقبة يتمثل في الوقاية بداية، عن طريق الاستراحة، وارتداء الطوق، وتناول المسكنات والأدوية التي تساعد على ارتخاء العضلات، بالإضافة إلى العلاج الطبيعي، وقد يكون من المفيد استخدام حقن «الستيرويد» لبعض الأشخاص، وذلك من أجل استرخاء جذور الأعصاب.

أما العلاج الجراحي؛ فيلجأ إليه في حالات اعتلال النخاع، مثل فقدان الإحساس والحركة العصبية الحادة، وفي حالة عدم جدوى العلاج التحفظي، ويتم باستئصال القرص الذي يضغط على العصب، ثم ربط الفقرات بعضها ببعض.

اعتقاد خاطئ

يظن بعض المرضى أن العلاج الفيزيائي سواء من خلال تناول الأدوية أو العلاج الطبيعي، يمكنه إعادة الديسك إلى مكانه، وهذا الاعتقاد خاطئ، إذ لا يوجد أي علاج يمكنه إعادة النواة اللبية إلى مكانها بعد خروجها منه، فبعض العلاج يمكنه تقليص المادة وإحداث ضمور نسبي فيها، ما يقلل نسبة الضغط على الأعصاب الخارجية، من خلال الحقن الموضعي أو الكي بالليزر، أو الكي نبضات ارتجاجية للمنطقة القطنية تحت التصوير بالأشعة، مع التأكيد أن لمرض الديسك مخاطر عدة تنطوي على عجز المريض عن الحركة بسبب الألم أحياناً.

Email