رؤى وأحلام و«كوابيس»، تجثم على الأنفاس والصدور، تخنق أصحابها بالليل وهم نيام أو في بدايته، تقض مضاجعهم، يشعرون كأن أيدي مخلوق غريب ــ لا يرونه ــ تمتد نحوهم، إنها قصص وحكايات عجيبة وغريبة، يربطها أصحابها بالجن وأفعاله غير المرئية ولكنهم يؤكدون أنها موجودة ويشعرون بها، ودليلهم يُختصر في سؤال مهم: لماذا نشعر في بعض الأوقات بقشعريرة في الجسد وبحرارة تفاجئنا؟!! ثم يفسرونها هم أو تُفسر لهم من جانب «القراء» أو من جانب «المشعوذين» بأن جناً يتواجد داخل البيت، وهو الذي يقوم بهذا العمل والمتسبب فيه، أو أن الخادمة «نثرت» ماء على الأثاث، وما عليهم إلا أن يقرؤوا آيات معروفة من القرآن الكريم وبعض الأذكار، أو الحصول على «حجاب» أو «طلسم» يجعلونه في طيات ملابسهم، أو حرق الأثاث! ولم تكذّب زوجة هي وزوجها كلام هذا «المشعوذ»، فأحرقا جميع أثاث البيت في الصحراء للتخلص من السحر!

من جانب آخر؛ فإن بعضا من الموظفين والعاملين في المطارات وغيرها، والذين يقومون بوظائف وأعمال تجعلهم يقابلون أشخاصا من جنسيات مختلفة ومن دول معروفة بالسحر وعريقة فيه وينهون إجراءاتهم.. فإنهم ـ ولهم الحق ـ يخشون على أنفسهم من أن يمسهم سحر ويريدون أن «يتحصنوا» ضد ما يتلفظ به هؤلاء الأشخاص، حتى يؤثرون على الموظفين لتسهيل أمورهم!

«البيان» استطلعت آراء عدد من العلماء والمختصين في هذه المشكلة التي تؤرق الكثيرين، وباتت تستحوذ على جزء كبير من تفكيرهم، فيروا أن السحر حق.. والعين حق، ولكن لا يكون الشيطان قويا إلا بضعف الإنسان، وبعده عن الله، وفي نفس الوقت يؤكدون أن كيد السحر ضعيف لا يخرق حواجز التحصن بالله، ولا يصمد أمام الرجوع إلى الله كما قال سبحانه: «مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ».

الدكتور أحمد بن عبد العزيز الحداد، كبير مفتين، مدير إدارة الإفتاء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي قال لـ «البيان»: «لا ريب أن السحر حاصل لبعض الناس.. قد تعرضوا له وأوذوا به، إلا أن الذي أجزم به أن السحر قد ظلم ظلما كبيرا، حيث أصبح مطية كل الناس؛ مريضهم وصحيحهم وغنيهم وفقيرهم وذي النعمة والنقمة، فكل من أصيب في بدنه أو ماله أو أخفق في تيسير أمره نسب ذلك إلى السحر، فالكل مسحور، والكل موتور»، ويضيف: ما هكذا ينبغي أن يكون الناس من الثقة بالله تعالى وحمده على السراء والضراء، فالكوابيس من امتلاء البطن أو هم النهار، والمرض الذي هو قدر الله في العبد، وشح الرزق هو قسمة من الله تعالى للمرء، والخلافات الأسرية سببها عدم الإنصاف، أو عدم البر أو عدم بذل الحقوق، فما دخل هذا كله في السحر؟!

ويقول الدكتور الحداد إنه ينبغي للناس أن يكون إيمانهم بالله كاملا وثقتهم به كبيرة وتوكلهم عليه كبيرا، فإذا تحصن المرء في صباحه ومسائه وعند دخوله وخروجه فإنه قد عاذ بمعاذ، فلا يكون للشيطان عليهم سبيل، ومن علم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له هان عليه ما يجده من متاعب الحياة، فيحتسب ذلك عند الله تعالى، ويتكل عليه وسيكفيه ما أهمه وما أغمه، وإذا قدر عليه شيء من ذلك رقى نفسه وضرع إلى ربه فذلك خير له من الذهاب إلى «الراقين» الصادق منهم أو الكاذب، مشيرا إلى أن الرقية الآن أصبحت مهنة يتنافسون فيها من أجل التكسب، لا من أجل نفع الناس، فالله تعالى أنزل المعوذتين للاسترقاء والتحصن بهما، وأمر عباده بذلك، وكما فعل المصطفى «صلى الله عليه وسلم»، ولا يحتاج المرء إلا أن يقرأ بهما متعوذا، وذلك لعلمه سبحانه بضعف عباده وحاجتهم إليه فإن هم لجأوا كفاهم وآواهم وحماهم، فأين الناس من ذلك؟.. وإن أعرضوا عنه وكلهم إلى ما يريدون وسلط عليهم أضعف خلقه و أشرهم.

ويضيف أن كيد السحر ضعيف لا يخرق حواجز التحصن بالله، ولا يصمد أمام الرجوع إلى الله كما قال سبحانه: «مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ»، وقال: «إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى». وهكذا يخبر الله تعالى عن السحر والسحرة، فلماذا يجعله الناس بهذه الهالة التي أحبطت حالهم ومآلهم، ونسبوا إليه كل فشل وبلاء. «فنصيحتي للناس هي الرجوع إلى الله والتحصن بأسمائه وصفاته وأذكار الصباح والمساء والرقية بالقرآن والأذكار، فذلك كله كافٍ وافٍ شافٍ بإذنه سبحانه».

المشاكل الزوجية

من جانبه قال الدكتور سيف الجابري، مدير إدارة الأبحاث بدائرة الشؤون الاسلامية والعمل الخيري بدبي، إن الله عز وجل أوضح أن الحياة الزوجية تتأثر بالسحر تأثراً كبيراً، لأن كثيراً من هؤلاء السحرة يجدون ضالتهم في المشاكل الزوجية والتفريق بين الزوج وزوجه، وخاصة أن هناك من أصحاب النفوس الضعيفة الذين يتربصون بالآخرين تحت أي سبب، والسعي بشتى الطرق لإفساد العلاقة بين الزوج وزوجته أو الخاطب بخطيبته، كما قال القرآن الكريم «ويتعلمون منهم ما يفرقون به بين المرء وزوجه».

وأكد الدكتور سيف الجابري أن من يحتاط من هذه الوسائل ينجيه الله من تبعاتها.. ومن هذه الوسائل القرآن الكريم والسور والآيات التي يستدل منها على أنها تبعد وسوسة الشيطان وتمنع السحر وتمنع الحسد، مشيراً إلى أنه من ضمن الحالات الزوجية المنهارة، والتي على وشك الانتهاء، كان السبب فيها هو «السحر» و«العمل» للتفريق بين الزوجين.

ويضيف أن على الأزواج والزوجات الابتعاد عن كل ما يضرهم ولا ينفعهم واستشارة أهل الاختصاص ليستبدلوا خوفهم أمنا، محذراً من أن «السحر» انتشر بين الناس كانتشار النار في الحطب، ويقول إن كثيرين مهيئون فعلاً لتقبل السحر ونتائجه.

وعن قرّاء «الرقية» الذين انتشروا في الدول العربية والإسلامية، قال الدكتور الجابري إن القراء أنواع والرقية الشرعية موهبة لا يمتلكها الكل، وهناك من يتخذها هواية أو حرفة أو صنعة، ومن خلالها وعن طريقها يأكل أموال الناس بالباطل، ويضيف «هناك من الناس من يقرأ الفاتحة مرة واحدة على شخص ويشفى بإذن الله، وهناك من يقرأها مئة مرة ولا تنفع معه»، و«لذا فإن على الجهات المسؤولة أن تفتح قنوات شرعية للرقية الشرعية أمام الصالحين واهل الاختصاص، لغلق الباب أمام المرتزقة والمنتفعين».

الوهم

ويقول الشيخ عبدالله موسى، المستشار الأسري واختصاصي أول توجيه وإرشاد بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي: «بعض الناس في الحقيقة يكون مضطرباً نوعاً ما، إما بسبب حالته المرضية كمرض مزمن فيسيطر عليه مع المرض الوهم الذي هو أخطر من المرض الحقيقي، لأن المرض الحقيقي يعالج بالطب، أما الوهم فيسيطر على عقل الإنسان، فيأتيه الشيطان بالأوهام والظنون والخيالات، ويشككه بالسحر وغيره، فتضطرب عنده الهرمونات بسبب تفكيره، فيبدأ يشعر بالضيق والخوف»، ويؤكد موسى أن الحزن أكبر مفتاح لوساوس الشيطان، فالتعوذ منه والشعور بالفرح يجعلان الشيطان يهرب، ويضيف: يقول أحد العلماء متى ما شعرت بالحزن أو الوساوس فافرح، لأن الشيطان يهرب من فرح ابن آدم ( إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ).

ويقول إن الواجب على المسلم ألا يسمح للوساوس أن تتمكن منه، وأن يحاول طردها بالاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، والله تعالى يقول (وإما ينزغنكَ من الشيطان نزغٌ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم).

ويضيف الشيخ عبدالله موسى: «إن بعضاً من هؤلاء يكون قد أصابهم الوهم من بعض جهلة الرقاة.. وأذكر أني اُستشرت في حالة أخت لصديقي كانت تشعر بالخوف والقشعريرة والكوابيس وخلافات مع زوجها فلما حققت معها، ذكرت لي انها ذهبت الى راقٍ، وقال لها أنت مصابة بسحر مأكول من الخادمة بعد أن سألها بهذه الجمل: هل تشعرين بألم في ظهرك وغازات وتساقط شعر؟ قالت نعم، فقال إن هذا سحر، فقالت له بأنها رأت ماء على أثاث البيت، فقال لها هذا سحر من الخادمة فلابد من حرق الأثاث! فلم تكذب خبراً هي وزوجها فأحرقا جميع أثاث البيت في الصحراء للتخلص من السحر، ولم تجد نتيجة بعد ذلك! فقلت لها أنا سأتصل أمامك بهذا الراقي وأخدعه بأني مريض ومتضايق، واتصلت أمامها وتكلمت معه.. فقال لي بعد أن سألني نفس الأسئلة: أنت مصاب بسحر مأكول.

ولما سمعت (تخبيطه) استبشر وجهها بالنور والفرح، وقالت: الحمد لله عرفت أنه كذاب، والآن حالتها تحسنت ونومها هادئ. والشاهد أنه عندما يفكر الإنسان في شيء يعتقد أنه موجود يسبب له أعراضاً نفسية مضطربة، وبعضهم يكون نومه مضطرباً بسبب ابتعاده عن الصلاة».

ويضيف أن بعضهم ـ وهذا قليل ـ يخضع لسحر أو مس، وهذا علاجه سهل جداً بالقرآن الكريم، أما الوهم فهو أخطر من السحر، والحسد والعين موجودان وقد يصيبان الإنسان بالضعف الخارجي كضعف الجسد أو الداخلي كضعف الهرمونات، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (العين حق)، ودواؤها الأذكار والتعويذات والتبرك، فإذا خاف الانسان على نفسه وعياله من عين نفسه، يقول بسم الله على نفسي وعيالي وتبارك علي وعلى عيالي، وإذا خشي على الناس من عينه، قال تبارك الله عليك ما شاء الله. فالعين حق ويجب أن نحذر منها بالتحصينات الشرعية.

وعن بعض الموظفين الذين يقومون بأعمال تجعلهم يقابلون أشخاصاً من دول افريقية معروفة بالسحر، يقول الشيخ عبدالله موسى: «أنصحهم أن لا يخافوا إلا من الله، وعليهم إن شكوا في أمرهم أن يقرؤوا آية الكرسي، والمعوذتين أثناء الاشتباه، لأن هذه آيات قوية في دفع البلاء».

ويضيف أن بعض جهلة الناس يصدقون كل دجال يعطيهم «طلسماً» ويقول له ضعه في جيبك ولا تفتحه أبداً وستجد التوفيق والترقية، وقد كذب بتلك الكلمات العشوائية التي يوهمه بها أنه محفوظ، وبالفعل يشعر بذلك لأنه أعطى لعقله إشارة التفاؤل، لأن العقل هو المسيطر على سعادة النفس، وان أقنعها بخيبة أمل عاشت معه، وقد ثبت علمياً أن مركز المخ يعطي إشارات لجميع أعصاب الجسم أن فلاناً مسحور أو سعيد أو غير ذلك.

الجاثوم

قال الشيخ عبد الله: «بالنسبة للذي يشعر في نومه كأن أحداً يجثم على صدره فلا يستطيع الحراك وبالعامية نسميها (الجاثوم)، فهذا ليس سببه الجن! بل بسبب تصاعد أبخرة للدماغ، فيصاب الإنسان أثناء نومه بشلل كلي، بحيث يثقل لسانه ولا يستطيع أن يتحرك، ومدته سبع ثوانٍ، كما ثبت ذلك علمياً، فالنائم عندما تأتيه هذه الحالة يشعر بالخوف، ويربط الأمر بالجن. الوقاية والعلاج

يرى الدكتور سيف الجابري أن عدم التعري ونظافة الأماكن والبيوت، وقراءة المعوذات وغيرها من سور وآيات التحصين والأذكار، من أهم الوسائل فعالية في هذا الأمر.

ويقول إن السحر حق والعين حق، ولا يكون الشيطان قوياً إلا بضعف الإنسان وبعده عن الله، وخاصة المرأة في حالات عدم الطهر، ومن المهم اتباع نهج الرسول «صلى الله عليه وسلم» والصالحين.

وعن الكوابيس، يؤكد الدكتور الجابري على أن هناك من الناس «الموهوم» و«الموسوس»، وهذا الوهم والوسوسة خطيرة جداً على صحة الإنسان النفسية والجسدية، وهذه الوساوس والأوهام لها علاجها، إما العلاج النفسي أو قراءة سورة الناس.

اللجوء إلى المشعوذين للعلاج يجعلهم ضحايا مرتين

 

 

قال المحامي يوسف البحر: لقد وردت إلينا العديد من هذه القضايا، ولكننا حرصاً منا على عدم زيادة الخلافات الأسرية، وتفهمنا لواقع الأمر فإننا نلجأ بداية الأمر إلى تقريب وجهات النظر، وحل الخلاف ودياً، وهو ما قد تم بفضل الله في أكثر من قضية قبل وصولها للقضاء.

وأضاف أنه نظراً لانتشار هذه الظاهر ومعاناة الكثير من المس أو الحسد أو توهم الشخص بذلك، ولأن المشاكل التي تنتج عن المس أو الحسد تؤثر أكثر ما تؤثر في العلاقات الأسرية، وخصوصاً بين الزوجين، فإن البعض قد يلجأ إلى المشعوذين للعلاج وهو ما قد يجعلهم ضحايا مرتين، مرة ضحايا للمرض أو العرض الذي يعانون منه، ومرة أخرى ضحايا لضعاف النفوس والدجالين والمشعوذين الذين يدعون قدرتهم على العلاج من المس أو الحسد، وينتج عن ذلك بالطبع العديد من المشاكل الاجتماعية والأسرية، فنجد أن هناك قضايا وخلافات تنتج بين الزوجين بسبب لجوء الزوجة مثلاً للدجالين بغير علم زوجها، ولكن بعد أن تقع ضحية للدجال ويعلم زوجها بالأمر تنتج بينهما الخلافات التي تصل إلى حد الطلاق، كما أن هناك بعض السيدات يلجأن إلى الدجالين للاستعانة بهم في حماية أزواجهن أو التدخل في العلاقات الزوجية، وهو ما يؤثر بالسلب في هذه العلاقات ويزيد من المشاكل ولا يحلها أبداً.

وعن معالجة هذا الأمر من المحامي أو المحكمة؟ قال البحر: بالنسبة إلينا كمحامين فإننا نلتزم الحيادية والموضوعية والسرية الكاملة في مثل هذه القضايا، حيث نعتمد برنامجاً معيناً في تناول هذه القضايا نظراً لما لها من خصوصية وحساسية وكونها تمس المجتمع الصغير وهي الأسرة، ولذا فإننا نلجأ في بداية الأمر بعد سماع وجهة نظر موكلنا، إلى سماع الطرف الآخر ومحاولة فهم الواقع بموضوعية، ثم نحاول قدر المستطاع حل هذه الخلافات وتوعية الطرفين ومحاولة التوفيق بينهم، وذلك لأن دور المحامي ليس فقط تمثيل موكله في المحكمة، وإنما يجب عليه أن يحاول قدر الإمكان عدم توصيل النزاع للمحكة وحله ودياً إذا ما وجد لذلك سبيلاً.

 وإذا وصل الأمر للقضاء يضيف يوسف البحر: إن القضاء في دولة الإمارات وفي إمارة دبي مشهود له بالكفاءة والنزاهة، حيث إن جميع المحاكم بها مركز للتوجيه والإصلاح الأسري، والذي يهدف بدوره إلى محاولة حل النزاع ودياً أيضاً بين الزوجين، وهناك نسبة عالية جداً من القضايا تم حلها ودياً عن طريق مركز التوجيه الأسري، كما أنه هناك دوائر شرعية متخصصة مشكلة من قضاة شرعيين للنظر في مثل هذه القضايا، وهي تنظر النزاع في سرية تامة وتحكم فيه بما أنزل الله وذلك عن طريق الاستعانة بالمحكمين الشرعيين في معظم الحالات التي تستدعي ذلك.

 

البحر: لا يوجد نص في قانون العقوبات لمعالجة قضايا الدجل

قال المحامي يوسف البحر: لقد نظرنا في قانون العقوبات الاتحادي فلم نجد نصاً يجرم أفعال السحر والدجل والشعوذة، وإنما يتم معالجة مثل هذه القضايا بنص المادة رقم 399 من قانون العقوبات التي تعاقب على جرائم النصب والاحتيال، والتي قد يفلت الدجال أو المشعوذ من العقاب بسبب عدم توافر شروط هذه المادة، ولذا فإننا نناشد المشرع للتدخل بتعديل قانون العقوبات ليشمل مثل هذه الأفعال بالتجريم والعقاب، كما أننا نرى أن تتم زيادة التوعية الإعلامية في وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة لتوعية أفراد المجتمع بخطر الدجالين والمشعوذين الذين يدعون علاج الحدس والسحر، إضافة إلى أنه يمكن عمل مراكز توعية دينية ويعين فيها دعاة متخصصون في مثل هذه الأمور ليلجأ إليها المرضى بدلاً من اللجوء للدجالين والمشعوذين.

وأوضح أنه يجب التفرقة بين الحسد وبين المس من الشيطان أو الجن وبين حقيقة كل منهما وأسبابه وتأثيره، فالمس هو أن يقترن الشيطان بالإنسان اقتراناً يختلف في درجاته وطبيعته وأسبابه وتأثيره، فنجد أن الإنسان الغافل عن ذكر الله يقترن به الشيطان اقتراناً يزين له سوء الأعمال، وذلك كما ورد في القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة الزخرف (آية:36): «ومن يَعْشُ عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين»، وهذا النوع من المس يمكن أن يزول بزوال سببه أي بالتقرب إلى الله بالإكثار من الاستغفار وذكر الله وبالطاعات والبعد عن المعاصي.

كما أن هناك مساً من نوع آخر وهو يعتبر مساً مرضياً أو عضوياً، حيث يتلبس الشيطان في جسم الإنسان بدرجات متفاوتة، ويسبب له العديد من حالات الهياج أو التشنج العصبي، وقد ينتج هذا المس من عدة أسباب منها ما قد ينتج عن العشق، كأن يعشق الجني الأنسي أو تعدي الإنسي على الجني الذي قد يكون في أماكن الظلام أو متشكلاً في صورة حيوانات كالقطط أو الكلاب، ومنها ما قد ينتج عن الغفلة الشديدة عن ذكر الله، حيث كلها أسباب تعود في مجملها إلى الغفلة عن ذكر الله أو التصرفات الخاطئة، ولذا فإن الوقاية من المس بنوعيه تكمن في ذكر الله في جميع الأوقات والأماكن والتقرب إليه بالاستغفار والطاعات.

وأما الحسد فله عدة وجوه تتلخص جميعها في تمني زوال النعمة عن شخص ما، وقد تختلف درجة الحسد حسب طبيعة المحسود، فمنهم من يتمنى مجرد زوال النعمة فقط حتى لو لم تنتقل إليه، ومنهم من يتمنى انتقالها إليه أو حصوله على مثلها .