زيارة مصمم برج خليفة اختزلت محاضرات لطلبة «أميركية دبي»

دبي تلهم الشباب دراسة المعمار

دبي أدهشت الطلبة المهندسين المعماريين

ت + ت - الحجم الطبيعي

«دبي أسطورة.. استلهمت عقولنا وميولنا لدراسة الهندسة المعمارية».. هكذا استهل مجموعة من طلبة الجامعة الأميركية في دبي حديثهم عن كلية الهندسة المعمارية والفن والتصميم.

والدوافع الرئيسية للالتحاق بهذا التخصص، إذ سبقت الإجابة السؤال بالرد الجماعي للطلبة بأن دبي وما تمتلكه من أبراج تعانق وغيرها من المعالم، حفزت الجميع على اختيار الهندسة المعمارية مساراً أكاديمياً، ثم التفكير والبحث عن طموحات لا سقف لها تتجاوز حدود العالمية.

سلسلة معمارية

الدكتور نبيل شناف، عميد كلية الهندسة المعمارية والفن والتصميم في أميركية دبي، قال إن التخصص يبدو حديثاً، لكنه ذو أهمية بالغة للطلبة وللدولة معاً، إذ اعتبر الكثير من الطلبة كما ورد سابقاً دبي مدينة مثالية لدراسة الهندسة المعمارية نظراً لما تحتويه من ثروة معمارية منتشرة في جميع أنحائها، كذلك أثرت الطفرة العمرانية في الإمارات الأخرى في توجيه الطلبة نحو دراسة التخصصات الهندسية بمختلف أقسامها.

وأضاف شناف إن شهادة الدارسين معترف بها محلياً وعالمياً، في دولة الإمارات وأيضاً على مستوى الولايات المتحدة الأميركية، إذ يحصل الطلبة بموجب دراستهم على اعتراف من أميركا..

ومن المتوقع قريباً الحصول على اعتماد لممارسة الطلبة الخريجين العمل في أميركا إن أرادوا، مشيراً إلى أن الجامعة حرصت على تقوية العلاقة بين جمعية المهندسين والطلبة الدارسين، سعياً منها إلى فتح أبواب تعليمية وآفاق أرحب، وتوجيههم نحو الخيارات التي تخدم مستقبلهم المهني.

واستطرد: تسعى بلدية دبي إلى توثيق خور دبي كإرث عالمي بشكل يحافظ على ملامح الهوية الوطنية والتراث الإماراتي..

وهذا يتطلب فرز مخرجات تساهم في تحقيق ما تصبو إليه جميع الجهات والمؤسسات في دبي، لافتاً إلى أن بعض المدن في الإمارات اتخذت لها هوية معمارية معينة، مثل إمارة الشارقة التي غلبت الأقواس والقبب على شكلها المعماري العام، لذلك حرصت الجامعة على تعزيز الفكرة لدى الطلبة بأخذ روح العمارة وليس شكلها، كذلك واكبت الجامعة التطور بالتفاعل مع البرامج والشركات الرقمية.

تصورات مستقبلية

وأضاف ان طلبة التخصص أعدوا تصورات مستقبلية لبعض المشاريع في إمارة دبي، تتمثل أعمالهم في تحويل إمارة دبي إلى مدينة صحية مستدامة تتميز بشكل عمراني يربط بين الحديث والقديم، كما اعتمدت مشاريع الطلبة على دراسة واستبيان...

موضحاً أن أعداد الطلبة في التخصص تبدو مرتفعة، إذ كانت الخطة في السابق استقبال 36 طالباً سنوياً، لكن الآن تستقبل الكلية نحو 50 من الطلبة الراغبين في دراسة التخصص، ويخضعون لتدريب عملي قبل الحصول على التخرج.

التخصص الأمثل

اختار الطالب باتريك فنيانوس التخصص أسوة ببعض أفراد أسرته الذين سبقوه في الدراسة قديماً، فحينما تعرف على التخصص عن قرب وجد أنه الخيار الجامعي الأمثل في ظل التطور الحضاري والخيالي والزحف العمراني الذي تشهده الإمارات عموماً ودبي على وجه الخصوص..

فضلاً عن توفر الأدوات اللازمة وتطورها مؤخراً، مثل وسائل المسح الفوتوغرافي وحصر المعلومات عن الموقع المراد تشييده عبر أجهزة وتقنيات حديثة توفر عناء الصعود إلى ارتفاعات وغيرها من المهام الهندسية للاستشاري.

وأضاف باتريك ان الهندسة المعمارية تشمل دراسة بعض المحاور المهمة مثل دراسة معايير الأمن والسلامة عند بناء المباني، لكن بالرغم من ذلك يعتبر تخصص الهندسة المعمارية من التخصصات القائمة على الإبداع والخبرة معاً، على غرار الصحافي والرسام وغيرهما، وقد يتطلب من الدارسين كذلك التسلح بالمزيد من المعرفة بعالم التكنولوجيا، نظراً لاجتياح العديد من البرامج التقنية المساندة في عملية الرسم والتصميم.

زيارة ومحاضرة

ورجحت هبة حمدي سبب إعراض الإناث عن الالتحاق بالتخصص إلى الفكرة الخاطئة المتداولة عند البعض، وتعارض العادات والتقاليد مع عمل المرأة مستقبلاً في المجال الهندسي، وشيوع الفكرة السائدة عند بعض الأهالي والأسر بأنه مسار يناسب الذكور بصورة أكبر...

مؤكدة أن الحقيقة مختلفة، إذ تطورت آلية العمل نتيجة توفر الكثير من الأدوات والمعدات الحديثة، كذلك تحتاج المهنة إلى عقول تهوى التخصص، لها القدرة على الابتكار والتجديد، وتضاف إلى ذلك القدرة على تحمل المسؤولية، لأن المهندسة أو المهندس هو المسؤول عن جميع مراحل البناء من البداية إلى النهاية، وارتكاب خطأ واحد ينجم عنه الكثير من المشكلات.

ولفتت إلى أن الزيارة القصيرة لويليام بيكر مصمم برج خليفة، اختزلت الكثير من المفاهيم والمحاضرات الطويلة عن فن العمارة، إذ استهل حديثه عن فكرة تصميم البرج..

وتحدث بشفافية عن أبرز الصعوبات التي واجهته خلال تشييد البرج، مثل استخدام أكبر الناقلات في العالم لرفع معدات البناء إلى الأعلى، واستعرض كذلك أهم النقاط الرئيسية التي يجب على المصمم الانتباه إليها مثل وضع الخيارات عند حدوث الحرائق، وحجم العمق في الأرض، وآلية إجراء الصيانة مستقبلاً، وغيرها الكثير من الاشتراطات التي يتعين على المهندسين المعماريين الالتفات لها.

دبي مدهشة

عندما تقابل الطالبة ميثاء المطروشي بعض الدارسين في الخارج والمبتعثين إلى بعض الدول، كثيراً ما تتناقش معهم عن ماهية الدراسة في الخارج، ومقارنتها بجامعات وكليات الإمارات، واستشفت على ضوء تلك الأحاديث أن بلادنا تبدو الدراسة فيها أفضل بكثير من الدول والجامعات المشهورة في ما يتعلق بالهندسة المعمارية...

والدليل تلقي طلبات كثيرة من جامعات عالمية عريقة لتنظيم الأنشطة المشتركة وعقد الشراكات الهندسية في بعض المجالات، كذلك أبدى الكثير من الطلبة الأميركيين دهشتهم عند زيارة دبي ومشاهدتهم للأشكال المعمارية الهندسية المختلفة في معظم أرجاء الإمارة.

طلبة الجامعة يصممون معلماً سياحياً افتراضياً

سباق دبي مع الزمن، وموعد استضافتها للحدث العالمي «إكسبو 2020»، وامتلاكها أعلى الأبراج في العالم، وغيرها الكثير من المعطيات، دفعت الطالبة بشاير العامري ومن معها من طلبة كلية الهندسة المعمارية والفن والتصميم، نحو وضع مصور لمشروع أطلقت عليه «دانة الدنيا»، ترتكز فكرته على إنشاء سبعة مراكز ضخمة على هيئة «دانات» متفرقة، تقع في قلب المدينة، وتحديداً على شارع الشيخ زايد، بالقرب من مركز دبي التجاري العالمي.

يهدف المشروع أو الفكرة إلى إقامة معلم سياحي وتجاري عالمي مفعم بالحياة والمفاهيم الصحية، عبر الابتعاد عن الطرق المعبدة للسيارات، وزراعة أكبر عدد من الأشجار والنباتات.

وحض جميع فئات المجتمع على المشاركة، ما سيحقق حتماً نتائج لا حصر لها في مختلف الجوانب، لا سيما في الجانب الصحي، عبر تقليل نسبة المصابين بمرض السكري، وغيرها من الأمراض المنتشرة، وتقليل نسبة انتشار ثاني أكسيد الكربون في المنطقة، لكونها تخلو من السيارات.

تفصيلاً، قالت العامري إن الدانات تتضمن خدمات معينة، بحيث تضم الدانة الأولى المطاعم، وتضم دانة أخرى فيها المكاتب والشركات التجارية، تتخللها بحيرات غير عميقة تحتوي على مياه معاد تدويرها، مؤكدة أن المشروع يحمل بين طياته الكثير من الأهداف الاجتماعية والصحية إلى جانب الاقتصادية، مثل دمج المسنين في العملية، من خلال مشاركتهم في زراعة المنطقة وتشجير النباتات..

وتفعيل دورهم في المجتمع بصورة أقوى، وقد أبدى المسنون رغبتهم في المشاركة أثناء زيارة مجموعة من الطلبة إلى مراكز المسنين. وأشارت الطالبة ميثاء المطروشي إلى أن الإمارات متوجهة نحو الاستدامة..

وبذلك حرص الأعضاء في المشروع على دراسة الخليات النباتية، من أجل للوصول إلى زراعة أنواع مستوردة وحديثة من النباتات، ما يتطلب تفاعل كل الأطراف والجهات وتضافرها نحو تحقيق الاستدامة، وتشجيع المتخصصين على إنشاء الأبحاث العلمية واستخدامها في هذا الجانب، مضيفة أن ملامح المشروع مستوحاة من مهنة الغوص قديماً، وأعد الطلبة المشاركون استبانة شملت العديد من الجنسيات بأعمار مختلفة.

وتحدثت آية الله أيمن، طالبة، عن الرؤية المستقبلية لمواقف السيارات، في حال عدم توافر الطرق داخل المشروع، بحيث تكون مواقف السيارات خلف الدانات والمباني التجارية، كذلك ستتوافر شبكة طرق في ظلال الدانات وما يجاورها من مبانٍ تجارية وسكنية، ما يضن استخدام المجتمع للمترو بصورة مكثفة وأقوى..

ويحفز إلى استخدام أداة نقل رئيسة عوضاً عن المركبات، ما يؤدي إلى تخفيف حدة الازدحام في الشوارع، وتقليلها بصورة كبيرة. وحرصت الطالبة ديما زوايدة، وأعضاء المشروع، على إجراء مسح ميداني في المنطقة المستهدفة، كي يستقبل مرتادو المكان أشعة الشمس بكفاية، في ظل عدم التعرض لها...

وارتفاع نسبة المصابين بنقص فيتامين «د»، فضلاً عن إنشاء خلية متكاملة لإنتاج الطاقة الشمسية، والاستفادة منها عبر إنارة المكان، مشيرة إلى أنه بين الأجندة الموضوعة للمشروع الافتراضي إنشاء متحف يتحدث عن تاريخ الإمارات ودبي بصفة خاصة، يستعرض في الوقت نفسه أبرز الإنجازات المتحققة على مدى السنوات الماضية.

مشاريع التخرّج مفتاح تفوّق طلبة هندسة العمارة

 طلبة كلية هندسة العمارة يتمتعون بحس فني عال، وعندما يهمون بالدخول إلى الجامعة يضعون في تصورهم أن كل محترف بدأ من الصفر، ولكن بالدراسة والمثابرة وبالإصرار يصلون إلى مرحلة متقدمة، ويبدعون في تخيل إنشاء المشاريع كل حسب رؤيته، وخلال دراستهم يطلعون على أعمال مصممين عالميين ومحليين ومنهم من يرافق مصمماً ما ويتأثر به وبتصاميمه..

لكن كل تصاميم له طابع فني يتميز به صاحبه وينسبه إلى شخصه لنفسك، لذا يتنافس الطلبة في إنجاز مشاريعهم بهدف الارتقاء بالتصميم إلى مرحلة التفرد، ويبدأ الطلبة باكتشاف قواعد التصميم ومراحله مع مرور سنوات الدراسة واكتساب الخبرة من أساتذتهم أو من من سبقوهم في هذا المضمار الفني. ومع تقدم الطالب وتخرجه وعمله يبدأ في رسم طريقة ومنهج فريد في التصميم..

ومن خلال هذا المنهج يصيغ أفكاراً خاصة به ويُعرف به فيما بعد.. ويؤكد أساتذة الجامعة موضوع التصميم الفني المتميز الذي يجمع بين الجمال، والمضمون، والهدف، والأداء. وتبقى مشاريع تخرج الطلبة معيار تفوقهم وتفتح لهم طريق النجاح والتفوق في المستقبل.

Email