حفرة لصناعة الاسمنت على طريقة الأجداد

محمد صالح النقبي.. حارس «المهكَّة»

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

نذر المواطن محمد صالح عبيد النقبي من مدينة خورفكان نفسه من أجل العمل في المحافظة على تاريخ الآباء والأجداد من المهن الشعبية والحرف اليدوية القديمة، حيث أشار إلى أن دولة الإمارات عموماً والمنطقة الشرقية تزخر بالكثير من المهن والحرف القديمة التي توارثها الآباء عن الأجداد ومنها مهن قد اندثرت ومهن شعبية أخرى ما زالت تقاوم ظروف العصر ولها نكهتها الخاصة ومازال الناس يقبلون عليها.

«بو صالح» يردد دائماً على نفسه وأسماع أبنائه: بأنه يحافظ على تاريخ الأجداد من خلال إحياء بعض من تلك التي وعى عليها منذ كان صغيراً وتمرس فيها، كمهنة صناعة الاسمنت الأبيض عن طريق حفرة عميقة مستوية في الأرض تسمى «المهكة» وهي التي انتهى عصرها منذ نهاية الخمسينيات من القرن الماضي وتحديداً في عام 1956 مع عصر إنتاج الاسمنت بالآلات، لافتاً إلى أنه يشارك سنوياً في معارض ومهرجانات محلية، يعرض محتويات "المهكة" وشرح طريقة عملها وتعريف الآخرين بهذه المهنة التي يعرفها لما يزيد على الأربعين عاماً.

وأوضح عن كيفية صناعة الإسمنت بواسطة المهكة: أنه عرف الطريقة منذ كان عمره 8 سنوات تقريباً حتى أتقنها، وهي طريقة تقليدية تستعمل على نطاق ضيق، حيث تحفر حفرة في الأرض بعمق مترين وبطول 6 أذرع " 3 أمتار " وعرض مترين، وتكون بمثابة غرفة عميقة نوعاً ما ومغلقة "مطوية" من الأطراف كافة ومنحدرة منعاً لتساقط الأحجار والرمال فيها، حيث يتم صناعتها وعملها بطريقة خاصة لا يعرفها إلا أصحاب الخبرة في هذا المجال.

ويوضع في داخلها جذوع النخيل طولياً وعرضياً ومن ثم يوضع فوقها محار اليشم الأبيض الكبير وبكميات كبيرة، ويحرق بدرجة حرارة عالية، وتترك على هذه الحال حتى تخمد النار من تلقاء نفسها قد تصل إلى ثلاثة أو أربعة أيام ويتم رشها بالماء، ومن حرارة الضغط داخل الحفرة فإن مكونات المواد المذابة تسيل إلى الأسفل وتشكل "النورة" أي الترسبات التي تكون بيضاء اللون وتجمع في أوان و"تشخل" أي تُغربل بصورة جيدة لاستخلاص مادة الاسمنت منها، ويستخدم لدهان وإصلاح المنازل المهترئة والمراكب والسفن وغيرها.

وأضاف محمد عبيد حول هذه المهنة: أنها من الحرف القديمة التي اشتهرت بها دول الخليج والإمارات عموماً، والساحل الشرقي بصفة خاصة، واستخدمت المهكة من جذوع النخيل ومحار "اليشم" الكبير وإحراقه لتحويله إلى مادة ناعمة "عبارة عن أسمنت أبيض" لتجهيز المنازل والقوارب ودهنها بالمادة البيضاء والذي يباع بمبلغ روبية أو روبيتين هندية في ذلك الوقت.

مهن قديمة

عن شغفه بالتراث والمهن القديمة، ذكر النقبي: أنه يعمل على الحفاظ على المهن القديمة من الاندثار، فقد سيطرت التقنيات الإلكترونية الحديثة على أفكار وأمزجة الناس.

وأضاف أنه يقوم بصنع الأحذية الخشبية "القرحاف" والخناجر بالتقنيات القديمة ذاتها، وبيعها ليتم الاحتفاظ بها ضمن قطع التراث القديمة، والتي تعبر عن ثقافة وحضارة المنطقة التراثية، إضافة إلى احتفاظه ببعض المخطوطات والصور القديمة التي تشير إلى فترات ماضية، فضلاً عن مشاركته في الفعاليات والمعارض التراثية كافة، مشيراً إلى أنه فخور بما يقوم به، ويعمل بقدر استطاعته على تقديم الحرف أمام الجمهور ليتعرفوا إلى ثقافة الحرفة والإنسان القديم الذي طوع خامات الطبيعة لخدمته، وسد احتياجاته.

Email