رئيس لجنة الطفل في جمعية حقوق الإنسان: تجاوزات خطيرة ولا يسمع بها أحد

قانون «وديمة» يحصّن الأطفال ضد العنف

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد عبد الرحمن غانم رئيس لجنة الطفل بجمعية الإمارات لحقوق الإنسان أن قانون "وديمة" يسد فراغا قانونيا ويُجرّم مرتكبي التجاوزات بحق الأطفال، منوهاً إلى أن هناك تجاوزات كبيرة تقع للأطفال ولا أحد يسمع بها نظراً لتكتم الاهالي عن هذه التجاوزات التي تكون أحياناً من أقرب الناس للطفل وهم والديه.

وذكر غانم في حديثه للبيان عن قصة رجل تخلى عن أبنائه حيث أرسل أحد أبنائه الذي لم يتجاوز من العمر 11 عاماً إلى السودان وطالب من رجل هناك بأن يأخذ جواز سفر ابنه كي لا يتمكن من العودة للدولة ولم يكتف هذا الأب الذي تجرد من مواصفات الأبوة من تسفير ابنه، بل ألحق به اختيه الأولى تبلغ 13 عاما، والثانية 14 عاما.

ولكن هذه المرة إلى باكستان، وأرسل لهما من يأخذ منهما جوازات سفرهما، كما فعل مع ابنه ليمنعهما من العودة، تزداد المأساة سوءا بعد أن نعلم أن الفتاة ذات الأربعة عشر خريفا تزوجت بمباركة الأب برجل تفصل بينه وبينها أجيال.

وأضاف غانم أنه يتبادر إلى ذهن القارئ بأن الدولتين المذكورتين لهما علاقة بجنسية الأم، وأن الأب أرسلهم إلى أمهم أو أهلها، ليس ذلك بصحيح حيث أن الأم من جنسية خليجية ولا علاقة لها بقريب أو بعيد بتلك الدولتين، هذه القصة جرت قبل 3 أعوام لأطفال كان خطؤهم الوحيد أن والدهم "مزواج" فهو صاحب سوابق في العلاقات الزوجية الفاشلة، وكانت أمهم إحدى ضحاياه.

قصة المأساة

وبسبب ظروفها الصعبة وكونها لا تملك مسكنا، ولا مصدر رزق وتعيش مشردة على ما يتفضل به الناس، فتبيت مرة عند أقاربها، وتارة عند المحسنين البسطاء، وأحيانا لا تجد من يؤويها لذلك لم تكن اغلب الوقت على علم بما يخطط طليقها لأبنائها، وتارة يكون ضرر علمها أكثر من نفعه.

وأضاف رئيس لجنة الطفل بجمعية الإمارات لحقوق الإنسان أنه بعد مكوث الطفل في السودان 8 أشهر، وتمكنه من العودة إلى الإمارات جاء مباشرة إلى مقر جمعية الإمارات لحقوق الإنسان، وكان بحالة اكتئاب وانهيار وتعب، وبدأ بسرد قصته على أعضاء اللجنة ورئيسها، الذين أصابتهم الدهشة، وتملكهم العجب، وكانوا مندهشين مما سمعوا، فقد تعرض هذا الطفل مع اخوتيه للعديد من أشكال العنف الأسري وأنواعه رغم صغره، وعاش حالة تشرد محزنة.

وقال إنه تم التنسيق مع إحدى المؤسسات المعنية برعاية الأطفال والنساء بإمارة دبي حيث مكث الطفل فيها مدة، وبعد ما يقارب 7 أشهر أخذه أبوه إلى سلطنة عمان، وكرر فعلته اللامسؤلة، وحجز جواز سفره وأبقاه عند أقارب أمه، وتواصل الطفل كونه كان قد تعرف على اللجنة مع رئيسها، ومن خلال التنسيق مع المؤسسات الحكومية تمت إعادته للدولة ، وقد تبنت الطفل سيدة إماراتية من المحسنات الأفاضل ويعيش عندها منذ 3 أعوام، لافتا إلى أنه يوجه الشكر لهذه الأم الحنون التي قامت بدور كبير للحفاظ على الطفل.

وذكر غانم أنه فيما يتعلق بالفتاتين فقد تمت إعادتهما كذلك إلى الدولة بعد التواصل مع الجهات الرسمية المعنية، أما عن الأب فكان دائما يستنكف عن الحضور ويرفض الاستماع لرئيس اللجنة أو أحد أعضائها أو الإلتقاء معهم، وكان يعتقد أنه مالك الأطفال ويحق له فعل ما يشاء بهم.

وقال إن هذه القصة ترينا بوضوح كم نحن بحاجة لقانون يحمي الأطفال من تصرفات الأقارب قبل الغرباء، مبشرا بأن هذا ما يعمل عليه قانون وديمة الذي سيسد فراغا شديدا في هذا الإطار.

وأشار إلى أن لجنة الطفل تأسست عام 2010 بعد أن كانت تندرج في لجنة التمكين الاجتماعي، حيث ارتأت إدارة الجمعية أنه لا بد من أن يحظى الطفل بأخذ حقه، وتكون له لجنة خاصة بسياسات معينة، وعليه تم تأسيسها، منوها إلى أن من أهدافها الدفاع عن حقوق الطفل وتحقيق مصالحه.

أهداف ورسالة

وقال إن من أهداف اللجنة ترويج ودعم ثقافة حقوق الطفل في المجتمع، بث روح التسامح والآخاء الإنساني في الأطفال والشباب، تنمية روح العمل التطوعي والجماعي عند الأطفال، غرس وتكريس المبادئ الإسلامية وتنمية الوازع الديني، إصدار نشرات ومطبوعات تثقيفية للأطفال، إقامة المحاضرات والندوات وورش عمل، توثيق العلاقات والروابط بين المؤسسات المهتمة في هذا المجال.

وعن دوافع انشاء اللجنة قال إن أعضاء الجمعية لاحظوا من خلال الواقع والمعلومات والبيانات أن هناك فراغا ما في عالم الطفل بالدولة من جهة المؤسسات التي تعنى به، خاصة وأن قضاياه عادة ما تكون حساسة ولها خصوصية معينة لذا وجب تخصص أعضاء معينين للإشراف على شؤونه تحت لجنة خاصة.

وبين أن من أهداف تأسيس اللجنة كذلك نشر التوعية عن الطفل وحقوقه بين الأطفال بالدرجة الأولى وبين الأهالي والمعنيين بالدرجة الثانية، وعليه تم عمل العديد من الندوات، والورش، والزيارات الميدانية، وتنظيم الفعاليات الخاصة بالطفل، وتم كذلك اختراع لعبة للأطفال تحت اسم "حقوقي" حيث تمكن الطفل من خلال اللعب في التعرف على حقوقه القانونية، فيصبح الطفل على علم وثقافة بحقوقه واحترامها وحقوق الآخرين.

وأشار غانم إلى أن بعض الشكاوى التي ترد للجمعية تختص بـ " العنف المدرسي" حيث تنتهج المدارس سياسة تضر بالطالب في حال تأخر والده عن سداد الرسوم المدرسية كأن تعزله عن أصدقائه في الصف أو أن تمنعه من حضور الحصص الدراسية أو أن تبقيه في الإدارة طيلة ساعات الدراسة اليومية، منوها إلى أن هذه الأعمال من شأنها أن تضر بنفس الطفل ضررا بالغا وتسيء إليه بقدر عظيم، وهي تصرفات لا ترتبط بالإنسانية ولا بالإنسان.

وعلل غانم قلة عدد الشكاوى بعدم الوعي الأسري، إضافة إلى عجز وخوف الأطفال عن الإبلاغ في حال حدوث أي تجاوزات بحقهم سواء من الغرباء أو من الأقارب، وعليه تبقى حالات الأطفال في الظل دون أن يتعرف عليها أحد، مطالبا الأهالي بالإبلاغ عن الحوادث التي تقع بحق أبنائهم وعدم الخجل من ذكرها مهما كانت، وخاصة إذا علموا أن ذكرهم لتلك المشكلات التي يتعرض لها أبناؤهم قد تنقذ طفلا من الأطفال يتعرض لنفس التجاوزات، مؤكدا أن هناك تجاوزات خطيرة تقع للعديد من الأطفال دون أن يعلم بها أحد.

ولفت إلى أن عدم الإبلاغ أو الإهمال عما يتعرض له الأطفال من تجاوزات يعني وقوع الأهالي أو من يعلمون بهذه التجاوزات تحت طائلة المسؤولية القانونية، حيث يحملهم قانون وديمة مسؤولية انتهاك حقوق الأطفال سواء بالمشاركة بتلك الانتهاكات أو بالتستر عليها وهو ما لم يكن موجودا في القانون سابقا.

وأثمرت سياسة الدولة بشأن الأطفال نتائج جعلتها في مصاف الدول الأولى في تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل حيث بلغ عدد الأطفال الذين يحصلون على مساعدة اجتماعية خلال العام 2012 33 ألفا و292 من إجمالي الذين يحصلون على المساعدة والبالغ عددهم 83 ألفا و306 أفراد وبما نسبته 39.9 % من مجموع الأفراد المستفيدين من الضمان الاجتماعي وقد تضاعفت قيمة تلك المساعدات خمس مرات في السنوات الأخيرة .

وفي مجال دور الحضانة ارتفع عدد دور الحضانة بنسبة 57% بين سنتي 2008 - 2011 كما ارتفع عدد الأطفال في دور الحضانة بنسبة 60 % في الفترة نفسها. ووصل عدد دور الحضانة في الإمارات في سنة 2011 إلى 339 دار حضانة منها 42 دار حضانة في الوزارات والدوائر الحكومية التي يتم افتتاحها بموجب قرار مجلس الوزراء رقم 19 لسنة 2006 وتتقاضى دور الحضانة الحكومية رسوما رمزية لتشجيع المرأة وتحفيزها للعمل ولتوفير الرعاية لأطفالها قريبا من مكان عملها.

وقد اتخذت الوزارة إجراءات نحو دمج الأطفال المعاقين في دور الحضانة في خطوة رائدة حيث وضعت معايير ملائمة لاستيعاب الطفل من ذوي الإعاقة في دار الحضانة تتضمن عددا من الشروط الصحية والاجتماعية والتربوية بالإضافة إلى شروط البناء والمرافق وتلائم الأطفال المعاقين وقد أثمرت هذه التجربة عن وجود ما يقرب من 47 دار حضانة تدمج الأطفال المعاقين يبلغ عدد الأطفال المعاقين فيها 154 طفلا وعلى الوزارة تعميم هذه التجربة على نطاق أوسع بعد نجاحها.

وتتضمن الخطة الاستراتيجية والتشغيلية للسنوات 2011 ـ 2013 إطلاق عدد من المبادرات للنهوض بحقوق الطفل وتوفير الرعاية له.

ومن تلك المبادرات مبادرة احتواء بشأن نظام الكفالة العائلية ومبادرة كلنا أطفال التي تهدف إلى دمج الأطفال من ذوي الإعاقة أقل من خمس سنوات في دور الحضانة، وإعداد دليل معايير دمج الأطفال من ذوي الإعاقة في دور الحضانة، وتحديد المعايير الاجتماعية لضمان تقديم جودة خدمات الرعاية والتطوير في مرحلة التعليم المبكر، وهي معايير جودة عالمية لضمان حماية الأطفال في دور الحضانة ومبادرة برلماني التي تهدف لتعزيز ثقافة المشاركة البرلمانية لدى الأطفال، وغيرها كثير من المبادرات مثل مبادرة استراحة الطفل ومبادرة البوابة الالكترونية للحضانات ومبادرة معكم أصنع مستقبلي.

 

ثقافة قانونية

 

طالب عبد الرحمن غانم رئيس لجنة الطفل بجمعية الإمارات لحقوق الإنسان وزارة التعليم والهيئات والمؤسسات المعنية بالتدريس والتحصيل العلمي أن تدرج مادة خاصة بحقوق الطفل في المدارس الابتدائية وألا يكتفوا بحصة واحدة طيلة العام الدراسي، منوها على ضرورة إدراج مادة تعليمية تعلم الطفل بحقوقه وترشده لطرق الحماية وكيفية التصرف في حال وقع في خطأ ما أو تم الاعتداء عليه من طرف ما.

وطالب غانم المؤسسات التي توفر خدمات الاتصالات ووسائط التواصل الاجتماعي والقائمين على البث الفضائي وقنواته وأقماره، بفلترة موادها كي لا يقع الأطفال والقُصّر في شباك العابثين واللاعبين وعديمي الضمير والدين، والمتاجرين بالأخلاق والقيم، وكي لا يكون الأطفال صيدا لهم.

مشيرا أنه يعلم بأن مطلبه ذلك ربما يكون بعيدا عن التحقق، وعليه يطالب الأهل بعمل تلك الفلاتر في أجهزة أطفالهم التي يستخدمونها ببرامج باتت متوفرة كي يجنبوهم الكثير من المآسي ويحموهم من الهجوم الشرس الذي يجتاح ثقافة المسلمين ويشوه أخلاقهم ونفوسهم.

 

تشريعات ترعى حقوق الطفل وتؤمن مستقبله

 

عززت الإمارات جهودها لحماية الطفل وتوفير أفضل الظروف لتنشئته وحمايته من أي أذى أو سوء معاملة من خلال استكمال منظومة القوانين والتشريعات الاجتماعية التي ترعى حقوقه كاملة وتصون كرامته وتؤمن مستقبله.

وفي هذا الإطار أصدر صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في 26 يونيو 2012 قانونا اتحاديا بشأن رعاية مجهولي النسب و يهدف إلى كفالة حقوق مجهولي النسب وحرياتهم المدنية وحماية حياتهم الشخصية وحقهم في الأمن الشخصي والحفاظ على مصالحهم، إضافة إلى حمايتهم من التعرض للإساءة أو المعاملة غير الإنسانية والإهمال.

ونص القانون على إلزام وزارة الشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع وزارة الداخلية على توفير الأسر الحاضنة لمجهولي النسب ممن تتوافر فيهم الشروط المنصوص عليها في هذا القانون وإنشاء دار تتولى رعايتهم والعناية بهم وتقديم الرعاية الشاملة لهم بالتعاون مع الجهات المختصة.

شروط وضوابط

وشدد القانون على مجموعة من الشروط الواجب توافرها في الأسر الحاضنة كأن تكون أسرة حسنة السيرة والسلوك وألا يقل عمر أي من الزوجين عن 25 سنة وأن تكون الأسرة قادرة على إعالة أفرادها والمحضون ماديا كما يجب أن تقدم الأسرة الحاضنة تعهدا بحسن معاملة الطفل وتربيته تربية صالحة وحمايته وتنميته.

وفي الاطار ذاته اعتمد مجلس الوزراء في 13 نوفمبر 2012 مشروع قانون اتحادي في شأن حقوق الطفل اطلق عليه اسم قانون "وديمة" يتكون من 72 مادة تضمن حقوقه كافة التي كفلتها المواثيق الدولية وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ومبادئ الدستور الإماراتي.

حيث يضمن القانون الحقوق الأساسية والحقوق الأسرية والصحية والتعليمية والثقافية والاجتماعية للطفل، إضافة إلى حقه في الحماية وآليات توفير الحماية للأطفال، بجانب فصل كامل يختص بالعقوبات.

تمييز

وأكد القانون تمتع جميع الأطفال بهذه الحقوق دون تمييز بسبب الأصل أو الدين أو الموطن أو المركز الاجتماعي ونص على اتخاذ جميع التدابير لحماية الأطفال من أشكال التمييز كافة إضافة إلى أولوية الحماية والرعاية والإغاثة في حالات الطوارئ وتقديم مصلحتهم في جميع الإجراءات واحترام خصوصيتهم في جميع الأحوال مع مراعاة مسؤوليات وحقوق من يقوم على رعايتهم.

رعاية أسرية

وأكد القانون جميع الحقوق الأساسية للطفل كحقه في الحياة وفي الأمان على نفسه والتعبير عن آرائه..وشمل القانون مجموعة كبيرة من الحقوق الأسرية والصحية والتعليمية للأطفال كحقهم في الرعاية والنفقة والخدمات الصحية و حمايتهم من مخاطر التلوث البيئي ومن الإصابة بالأمراض المعدية ومن بيع التبغ أو المنتجات الكحولية لهم أو حتى التدخين في وسائل المواصلات العامة بوجودهم.

 

حقوق مشروعة

 

حظر القانون تداول أو عرض أو حيازة أو إنتاج أية أعمال مرئية أو مسموعة أو مطبوعة أو ألعاب الكترونية تخاطب غرائز الطفل الجنسية أو تشجعه على الانحراف، مشددا العقوبة في ذلك لتصل إلى حبْس سنة وغرامة لا تقل عن 100 ألف درهم.

وأكد مشروع القانون حق كل طفل في التعليم وحظر أشكال العنف كافة في المؤسسات التعليمية وحمايتهم من الاستغلال أو سوء المعاملة وحظر تعريضهم للإهمال أو التشرد أو التسول. كما نص القانون على ضرورة أن يقوم كل شخص بالغ بمساعدة أي طفل يطلب منه إبلاغ السلطات المختصة بمعاناة ذلك الطفل أو أي طفل آخر ويعاقب بالغرامة التي لا تزيد عن 50 ألف كل من يخالف ذلك.

وألزم القانون المحاكم المختصة و قبل أن تحكم بالحضانة لأي شخص تقديم تقرير مفصل عن الحالة الاجتماعية والحالة الجنائية لطالب الحضانة .

وشدد مشروع القانون العقوبة على كل من يستخدم الأطفال في تصوير أو تسجيل أو نشر أو توزيع أية مواد إباحية..لتصل العقوبة للسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات، وذلك حفاظا على كرامة الطفل وكينونته وحماية أخلاقه وسمعته.

Email