موقف الشرع والقانون

المهر.. حق خالص للمرأة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

(العقد شريعة المتعاقدين)، هذا هو القول المتعارف عليه من عصور بين العامة، حيث العبارة توضح وبدقة.. الحقوق والواجبات طالما هناك عقد مبرم بين طرفين، ولا يختص العقد بالجوانب التجارية، حيث إن أهم وأقدم عقد وأقدسه هو عقد الزواج، إلا أن هذا العقد يشوبه بعض الغموض لدى العامة، أو شيء من النقص في المعلومة الواجبة لدى ربما النساء، خاصة فيما يتعلق بمهر الزوجة، أو بما يمكن أن يتضمنه هذا العقد من شروط وهي لها حق بذلك، كما للطرف الثاني وهو الزوج بالطبع حق في تضمين العقد شروطه وعليه يتم توثيق العقد بالشروط المتضمنة، بعد الاتفاق على كافة الجوانب، لذلك قيل (العقد شريعة المتعاقدين). ومن هذا المنطلق ارتأت عائشة مبارك حسن مبارك الطالبة بالكلية الجامعية للأم والعلوم الأسرية، أن تسلط الضوء على هذه المسألة، لإجلاء ما غمض فيها على المرأة، وتوضيح المتاح والممكن لها، والحق والواجب في إبرام عقد الزواج، وتفاصيل المهر المستحق للمرأة، من حيث تحديده وتقسيمه.

شرط الفتاة

اليوم تمت خطبة فلانة بنت فلان وتمت الموافقة على العريس ابن فلان وتم الإتفاق على المهر والمؤخر ولكن للبنت شرط ؟! تريد مهرها ومؤخرها مقدما قبل الدخول بها فما القول هنا؟ وهل يجوز شرط البنت شرعا؟ هنا تطرح تساؤلات عديدة ويثار الجدل بين العائلات بين من يجوز ولا يجوز ومن الممكن تعنيف البنت على طلبها مع أنه حق من حقوقها الشرعية التي نصت عليها المادة رقم 49 من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 بتعريف المهر على أنه: "هو ما يقدمه الزوج من مال متقوم بقصد الزواج و لاحد لأقلّه، ويخضع أكثره لقانون تحديد المهور".

و هنا نفهم أن (المهر أو الصداق) هو حق للمرأة بعد ما تم الاتفاق علية بين الزوج وأهل الزوجة، حد المال الذي يقوم الزوج بدفعه لزوجته مقابل زواجه بها حيث لا زواج من دون مهر، ولا يوجد حد أدنى له، ولكن نصت بعض النظم في بعض الدول لتحديد الحد الأقصى له.

وذلك بأمر المغفور له الشيخ زايد رحمه الله بأن لا يزيد المقدم عن 20 ألف درهم والمؤخر عن 30 ألف درهم، وهذا هو المقصود بقانون تحديد المهور. و قد نصت الآيات الكريمة على حق المرأة في المهر فقد قال تعالى (وآتوا النساء صدقاتهن نحلة) (سورة النساء الآية 4 ) أي: أعطوا النساء مهورهن عطاءً مفروضًا عليكم، وقال تعالى: (فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف) (النساء الآية 25) وقد شرع المهر لتطيب نفس المرأة ناحية زوجها، ودليل على حب زوجها لها وتقديسه للحياة الزوجية ورغبته في مشاركتها، وتعاونه معها في مواجهة أعباء الحياة الزوجية مما يبعث الطمأنينة إلى قلبها، فيدخل المهر في مال المرأة وحقها الخاص ويأخذ حكمه شرعا، فلا يحق للزوج انتقاص جزء منه ولا يحق لأحد من أهل الزوجة أن يأخذ منه شيئا من دون رضاها. وقد نصت المادة رقم 50 من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي على: "أنه ملك للمرأة تتصرف فيه كيفما شاءت، ولا يعتد بأي شرط مخالف".

حالات المهر

تحديده بمقدار معين في عقد الزواج، وفي هذه الحالة تستحق الزوجة ما سمي أو ما تم تحديده من المهر، وعدم تحديد المهر في عقد الزواج أو تحديده بشكل غير صحيح أو نفي من العقد ( أي تم الاتفاق على عدم حق الزوجة في المهر ) في هذه الحالة يجب للمرأة على زوجها دفع مهر مثلها من النساء، ويظل ذلك دين في رقبته حتى يسدده. وقد أجاز الشرع والقانون تعجيل المهر كله أو تأجيله كله أو تعجيل جزء و تأجيل جزء. في حالة تعجيل المهر كله يقوم الزوج بدفع كامل المهر للزوجة فور إبرام عقد الزواج و قبل الدخول بها.

أما في حالة تعجيل جزء وتأجيل جزء، فيقوم الزوج بدفع الجزء المعجل للزوجة فور إتمام أو إبرام عقد الزواج، لكون المرأة تستحق المهر من زوجها بإبرام عقد الزواج الصحيح، ويتأكد المهر كله في ذمة الزوج بالدخول أو الخلوة الشرعية الصحيحة.

أما المؤجل منه والمسمى بالمؤخر فيحين وقت استحقاقه للزوجة بحلول أحد الأجلين الفاصمين لعروة النكاح بين الزوجين (وفاة الزوج أو الطلاق البائن)، وعلى هذا يتضح أن المؤخر هو جزء من المهر تم الاتفاق على تأجيل سداده من الزوج لزوجته بحلول أحد أسباب فصم عروة النكاح بينهما، فبانفصام عروة النكاح بين الزوجين تستحق الزوجة آجل مهرها أو المسمى بالمؤخر، وفي حالة الوفاة تأخذه من تركة الزوج قبل أن توزع التركة حيث يعد دين في ذمته، ولا ترِكة قبل سداد الديون. وقد نصت المادة رقم 53/2 من قانون الأحوال الشخصية الاتحادي على أنه "إذا رضيت الزوجة بالدخول على زوجها من دون أن تقبض مهرها من الزوج فهو دين في ذمته".

لا إكراه

و في هذا المقام ثار تساؤل هل يجوز للمرأة أن تمتنع عن الدخول في طاعة زوجها قبل سداده المهر؟

الاجابة.. نعم؛ تستطيع المرأة الامتناع عن الدخول على زوجها إلى أن يقوم بسداد المهر حسب الاتفاق على كيفية سداده، وقد أباح الشرع والقانون للمرأة ذلك فقد نصت المادة رقم 53/1 من قانون الأحوال الشخصية على أن "يحق للزوجة الامتناع عن الدخول حتى يدفع لها حال مهرها" سواء تم الإتفاق على دفع كل المهر (المقدم والمؤخر) أو تم الإتفاق على دفع المقدم منه فقط أو تأجيل جزء آخر (المؤخر) بانفصام عروة الزوجية بين الزوجين.

ولا يجوز شرعاً ولا قانوناً إكراه المرأة على أن تتنازل عن أي حق من حقوقها الزوجية والشرعية شريطة تطليق زوجها لها فهذا محرم شرعا، إلا إذا كرهت الزوجة العيش مع زوجها، وخافت ألا تقيم حدود الله فأباح لها الشرع أن تدفع له ما قبضته من مهر، وأن تتنازل عن ما تبقى منه على أن تخلع نفسها من عصمته، وقد قال الله تعالى في محكم آياته (الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) سورة البقرة الآية 229)

تأجيل

 

في حالة الاتفاق على تأجيل المهر كله لبعد الدخول بالزوجة، فيظل المهر كاملا دين في ذمة الزوج يقوم بدفعه للزوجة فور طلبها له، أو بحلول أحد الأجلين ( وفاة الزوج أو الطلاق البائن).

Email