جلسة »الخطاب الإعلامي الديني العربي.. الدور المنتظر«

المشاركون يؤكدون على أهمية التسامح وتعزيز الحوار بين الأديان

ت + ت - الحجم الطبيعي

قدم المشاركون في جلسة «الخطاب الإعلامي الديني العربي.. الدور المنتظر»، رؤية جديدة للخطاب الإعلامي الديني العربي، وحللوا الخطاب من خلال نظريات جديدة أو لنقل معاصرة، ويمارس الإعلام الديني العربي تأثيراً كبيراً في الجمهور في ظل وجود 51 فضائية عربية حسب إحصائيات عام 2011.

وسلطت جلسة الضوء على مضمون الخطاب الديني في الإعلام العربي قبل نشوب الثورات وبعدها.. وقدمها الإعلامي والمذيع أحمد الزاهد من إذاعة نور دبي، حيث انقسمت القاعة في التصفيق لأحد المتدخلين من القاعة، عندما نهض ووجه اتهاماته للمتحدثين من المنصة بأن الإسلام ليس ديناً للتبريك فقط، بل هو دين ودولة، ما أشعل القاعة بالتصفيق، وفوجئ معظم الحضور في القاعة بهذا الرأي.

كان أول المتحدثين د. حسن حنفي، مفكر وأستاذ من مصر وتحدث عن فورة ظهور الخطاب عن الإسلام بعد قيام ثورات الربيع العربي. وتساءل أين كان هؤلاء قبل هذه الثورات! هناك من انتقل من مدح الأنظمة الاستبداية إلى مدح الأنظمة الثورية.

ولم يتحدث عن مصر التي يوجد فيها نسبة 40 % من الذين يعيشون تحت مستوى الفقر. وقال (هؤلاء الإعلاميون ابتدعوا البرامج الخطيرة، برنامج عن الجن والعفاريت والشفاء بالقرآن وأهملوا القضايا الاجتماعية الجذرية). وتساءل أين مناقشة المخاطر التي تحيق بالأمة الإسلامية؟ في حين أن الخطاب في الإعلام الديني يتحدث عن الشريعة ولكن أين الحقوق؟ أين العقوبات؟

وقال: (الشريعة يجب أن تعطي حقوق الناس قبل أن تصدر العقوبات بحقهم. هناك برامج مملوءة بالأحكام المطلقة وأحادية الرأي. لقد غاب الحوار مع الآخرين. هذا الإعلام لا يزال يأخذ من الكتب القديمة).

وأضاف حنفي، (ان الخطاب الديني يعتبر أهم الخطابات المؤثرة، فهو أهم من الخطاب السياسي والثقافي وذلك لقدرته على التأثير في الناس. فبعد الثورات العربية الأخيرة، بدأت الجماعات الدينية بتشجيع الثورات وبانتقاد النظم السابقة، ولكن أين كانت هذه الجماعات في الأعوام السابقة).

وتحدث الداعية خالد الجندي، مؤسس وصاحب قناة أزهري، وقال: (ما هو التجديد المطلوب حالياً في واقعنا العربي؟ الفكر الغيبي يطغى على الخطاب الإعلامي الديني. بينما الدين يحتوي على عبادات ومعاملات. العبادات مقدسة بينما المعاملات لها طابع الاجتهاد. وذلك يتحدد حسب الزمان والمكان والشخص والظرف. لا يوجد في الإسلام رجال دين، بل لدينا علماء. لا وصاية ولا كهنوت. ومن يتحدث عن الجين يجب أن يكون ملماً بالعلم والثقافة والشخصية والموهبة. خاصة أن وسائل الإعلام حولت العالم إلى قرية صغيرة، وخاصة في ذوبان الحدود بين الفضائيات. ولعل اكبر جريمة نقترفها في العالم العربي حالياً هي خلط الدين بالسياسة).

وأضاف: (لقد تورط الإعلام الحالي في وضع الفتوى بدل الحكم، والحكم بدل الفتوى، ما أدّى إلى كارثة حقيقية بين الجمهور العربي والإسلامي، وخاصةً بعد أن تحول العالم إلى قرية صغيرة. يجب أن يتمتع كل من يتكلم في الدين بعدد من الصفات الأساسية مثل العلم، والثقافة، والشخصية المناسبة، والموهبة في التحدث وذلك لحساسية المواضيع الدينية وأهميتها. إن خلط الدين مع السياسة هو أكبر كارثة في زمننا الحالي ممّا أثر بشكل سلبي على كلاهما).

ثم تحدث المطران عطا الله حنا، رئيس أساقفة الروم الأرثدوكس في القدس، حيث اشاد بالمنتدى الذي يثير المسائل الجادة، وحيّا القدس التي تتعرض لأبشع عمليات التهويد في الوقت الحاضر. وشدد في خطابه على ضرورة توحيد الخطاب بين المسيحيين والمسلمين. وهو يعرض دائماً إلى السؤال الجوهري خاصة من الغرب. (وأنا أقول لهم بأن علاقة المسيحيين بالمسلمين تفوق العلاقة الاعتيادية، بل هي في صميم الحضارة العربية الواحدة. وهم يدافعون معاً عن فلسطين وعاصمتها الروحية).

انتقاد الخطاب المتزمت

وانتقد الخطاب المتزمت التكفيري، لأنه يصب في مصلحة الاستعمار في نهاية المطاف. لا يريدنا الاستعمار أن نتعايش ونتفاهم بل يردوننا في حالة تصادم. كل احتلال في العالم يمارس سياسة «فرّق تسد»، وهي مقولة تصح على جميع الأزمان. أما الخطاب التكفيري فهو ليس خطاباً دينياً. وكتبنا المقدسة مليئة بالشواهد الايجابية. ودور العبادة ليست للتحريض وقال المطران عطا الله حنا: إن علاقة المسلمين والمسيحيين في الوطن العربي ليست علاقة حوار وتلاقٍ فحسب، إنّما هي قومية وحضارة عربية واحدة، إن الخطاب الديني المتطرف الذي لا يقبل ولا يحترم الآخر يصبّ في مصلحة الاستعمار القديم والجديد وخاصةً في فلسطين

وقال: (نحن نتمنى من دعاة الدين أن يكون خطابهم خطاباً دينياً حقيقياً، لأن الخطاب الذي يكفّر ويسيء للآخرين ليس خطاباً دينياً. إذا أردنا أن نواجه الاحتلال في فلسطين علينا أن نتوحّد مسلمين ومسيحيين في مواجهة هذه الخطابات المتطرفة التي يطمح إليها الاحتلال).

مآثر

استشهد المطران عطا الله حنا، بعمر بن الخطاب وصلاح الدين الأيوبي في مآثرهما وتسامحهما مع المسيحية.

وقال عبد الإله بلقزيز، كاتب ومفكر من المغرب: (إن الدين دخل في علاقة غير طبيعية مع السياسة منذ أواخر عشرينيات القرن العشرين ووصلت هذه العلاقة ذروتها في العقود الثلاثة الأخيرة، وذلك بعد أن تحول إلى تجارة مربحة من أجل استقدام أشخاص معينين إلى السلطة ووضعهم في موقع تصدّر الفتاوى، وهم ليسوا أهلاً لها. وتحدث عن الاستثمار الديني الرأسمالي الذي أودى بالمجتمع المدني.

Email