قيادة تؤمن بالشباب وشغف يصنع المستقبل.. لا شيء مستحيلاً في الإمارات

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شيء مستحيلاً في الإمارات .. قيادة رشيدة تؤمن بقدرات الشباب، وشغف وإصرار من أبنائها لصنع المستقبل، وتحقيق الطموحات والأهداف والرؤى.

على امتداد الأشهر الماضية تصدر وسائل الإعلام اسم معالي سارة الأميري، وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، قائدة الفريق العلمي لمهمة استكشاف المريخ «مسبار الأمل»، ليتبدى لنا فعلياً أنها الشخص المناسب للمهمة المناسبة، لنعود بالذاكرة لحديثها في جلسة مصورة تعود لعام 2017، ضمن سلسلة مؤتمرات تيد العالمية عام 2017 بدبي، تحت عنوان لا بدّ من التوقف عنده اليوم، موضوعه «تغيير المفاهيم»، لتشير لحلمها حينما كانت فتاة صغيرة بعمر الـ12 سنة، حيث رأت وقتها صورة لمجرة «أندروميدا» الأقرب إلى درب التبانة.

قالت سارة الأميري: «لاحظت وأنا لا أزال صغيرة في حينها بأن «أندروميدا» تبعد 2.5 مليار سنة ضوئية عن الأرض.

ومن هنا بدأت شيئاً فشيئاً أتعلم المزيد عن الفضاء ومعانيه وتوصلت إلى أن هذا الامتداد الشاسع للمجرات والنجوم والثقوب السوداء والصخور والجليد ومختلف الأشياء والكواكب داخل تلك المجرات وسواها مما يشكل جزءاً من هذا الكون كان مجرد عملية حسابية ونظريات علمية وعلوم فيزياء انكب الناس على دراستها هنا على الأرض لقرون وتوصلوا إلى وضعها في إطار جذاب مفهوم، ليس بالسهل لكن البسيط، فشرحوا كيف بدأ الأمر وتطوّر في قالب من القواعد والقوانين التي حكمت هذا الامتداد الشاسع الذي يفهمه عقلنا البشري نوعاً ما».

سرعان ما أدركت الأميري أنها رغبت بالفعل أن تخوض مجال دراسة تلك العلوم لكنها سرعان ما أدركت أن علم الفضاء، ذلك الشكل من الفيزياء من الإبداع والوصول إلى فهم أساسي في هذا المجال كان مقتصراً على بعض الدول على جزء صغير من هذه الأرض والناس.

وأضافت: «في ذلك الوقت لم يكن لدينا في الإمارات مركز للفضاء فاخترت موضوع شغفي الثاني ألا وهو برمجة الكمبيوتر وحصلت على شهادة في هذا المجال». «وفي عام 2006»، بدأت الإمارات أولى خطواتها في برنامج الفضاء الذي انطلق قبل عشر سنوات تقريباً. وأخذ التطور مساره في مجال الأقمار الاصطناعية حيث انضممت لمؤسسة الإمارات للعلوم والتقنية المتقدمة بعد ثلاث سنوات في 2009 بمحض الصدفة.

وتحدثت الأميري عن محطات من الدهشة رافقت أولى مراحل انضمامها لفريق عمل كان مطلوب من كل فرد فيه تحقيق هدف محدد داخل المشروع ضمن فترة زمنية محددة بحيث كان مفروضاً على الجميع أن يضطلع بمسؤولية الوصول.

وأردفت: هكذا سارت الأمور والأحداث وشكلت تحدياً حقيقياً لشخص بعمرها لا يبلغ إلا 21 عاماً. لكنها كانت من النوع الذي يرحب بالتحديات ولا يخشى خوض غمار الصعاب بالرغم من إمكانية الفشل الذي سيترافق بنظرها مع شيء لا بدّ يمكن تعلمه من التجربة وهي كانت من الأشخاص الذين لا يرفضون التجارب دون الغوص فيها.

نقطة تحول
وقالت «بعد خمس سنوات ومع حلول 21 نوفمبر من العام 2013، حيث كان للإمارات قمر اصطناعي في الفضاء يلتقط صوراً لدبي والإمارات عموماً ويساعد في تطوير المشروعات الأخرى.

اليوم المقرر لإطلاق القمر الاصطناعي الثاني ووجود الثالث قيد التطوير، شكل نقطة تحوّل في حياة الأميري على حدّ تعبيرها حيث كانت قد حققت شيئاً من الإنجازات في مجال الفضاء تقول لكنها أرادت التوسع أكثر في مجال العلوم والتكنولوجيا والفضاء وإيجاد فرصة ما للعمل ضمن المؤسسة على مركبة فضائية غير مأهولة.

وقد تناهى إلى مسامعها في ذلك اليوم بالذات أن الإمارات تفكر في مشروع يرمي لاستكشاف المريخ» فتسارعت الصور في ذهني من جديد أندروميدا واستكشاف الفضاء وكل ما أردت القيام به في فترة ما من حياتي «.


وقالت: طُرح علينا في ذلك الوقت بعض الأسئلة الاستراتيجية لناحية رغبة الإمارات بالاحتفال بالذكرى الـ50 لتأسيسها بتقديم مساهمة علمية للإنسانية جمعاء وللعلم.

وكان المشروع يقضي ببناء مركبة فضائية تذهب إلى كوكب المريخ لما يشكله من محط اهتمام للبشر اليوم من أجل جمع بيانات ليست بحوزة العلماء وللحصول على إجابات لا نملكها على أسئلة مطروحة حول الكوكب الأحمر.

والأهم أن الإنجاز كان يجب أن يتحقق قبل الثاني من ديسمبر، موعد احتفال الدولة بالخمسينية الأولى على تأسيسها.


وتكمل الأميري قائلةً: «كانت التقديرات بأنه لا يوجد أمامنا أكثر من 100 يوم لتحديد هدف المهمة واختيار الأسئلة العلمية التي لا يوجد مهمة حتى العام 2021 تجيب عنها، وهو أمر يستغرق عادةً عاماً كاملاً في إطار المشاريع الفضائية التي تمتد بحدودها الطبيعية لعقد من الزمن.

وعملنا سريعاً على تشكيل فريق من العماء يختص بمختلف النواحي العلمية والجغرافية للمريخ، ووضعنا مختلف الاحتمالات.

الأشهر الأولى كانت بالنسبة لي وللفريق منهكة وطويلة، حيث إضافةً للعمل الاعتيادي النهاري كنا نعقد اجتماعات ليلية طويلة، حيث غالباً ما كنت أتناول العشاء أمام شاشة الكمبيوتر على وقع نقاشات حول موضوع جديد بالنسبة لي متعلق بأحدث الاكتشافات على المريخ».

تجارب
وتابعت: «أتذكر في واحد من الاجتماعات التي بدأت نحو السادسة أو السابعة مساءً وكان مقرراً أن تبقى حتى الثالثة صباحاً كان يجب أن يتم إطلاق نموذج قمر صناعي على ارتفاع عال (HAPS) يحلق في طبقة الستراتوسفير على ارتفاع 20 كلم تقريباً فغادرت الاجتماع بحدود الساعة العاشرة أو الحادية عشرة واتصلت بعائلتي، وقدت المركبة إلى الموقع في قلب الصحراء في الثانية بعد منتصف الليل، حيث كان ينبغي الإعداد للتحليق فجراً وقد قام الفريق بعمل رائع بالفعل ونجحنا في التحليق فوق الإمارات إلى أبعد نقطة ممكنة دون الإخلال بنظام الطيران لمطار دبي في المجال الجوي الأكثر نشاطاً، وهو أمر مهم بذاته.

لكن في الواحدة والنصف من بعد الظهر أي حين بلغنا غلاف الستراتوسفير رأيت بأم عيني السبب الذي يجعلنا نقوم بما نفعل وسبب عملنا على تحديد تلك المهمة.

لقد رأيت الأفق والخط المائي لدبي وحافة الفضاء حيث اعتام السماء الذي يبدأ بالحدوث في تلك الطبقة وقد جعلت تلك الرؤية كل الجهود التي قمنا بها والتعب الذي أصابنا في تحديد أهداف مهمة مسبار الأمل شيئاً يستحق العناء».

وأضافت: تمكنا في نهاية الأيام الـ100 من التوصل لوضع الأهداف العلمية للمهمة ، حيث ستقدم المهمة للعلماء الصورة الشاملة الجامعة الأولى للغلاف الجوي للمريخ كي نتمكن للمرة الأولى من فهم المناخ على الكوكب الأحمر على امتداد العام المريخي.. لقد سألني البعض عن مسألة قيام مركبات فضائية أخرى بزيارات للمريخ وأننا نعلم درجات الحرارة القصوى والمتوسطة والدنيا هناك، ونعلم كذلك بوجود عواصف غبارية وبعض الخصائص الأخرى فما الذي يميز مهمتكم كانوا يسألون؟ حسناً، البيانات الحالية التي لدينا والمتعلقة بالمريخ تستعين بتوقيتين مختلفين من اليوم على المريخ وتغطي مساحات محددة من الكوكب الأحمر أي وكأننا نرسل مهمة إلى الأرض مثلاً ونطلب تسجيل درجات الحرارة في الثانية من بعد الظهر وفي الصباح في منطقتين لنقل إنهما ألاسكا وصحراء الإمارات وتقديم تقرير يوجز الحال عن المناخ على كوكب الأرض بما لا يقدم نقطةً مرجعية مناسبة.

أمل
وواصلت سارة الأميري قائلة: إن الأمة برمتها تعلق آمالاً على فريق من الشباب وتبعث برسالة للمنطقة بأسرها. البعثة تحمل كذلك اسم الأمل لأننا نقدم إسهامات في مجال فهم الكوكب على نطاق العالم.

إننا نقوم بكل ما يتطلّب الأمر في رسم ملامح المنطقة لكي نصبح مساهمين إيجابيين في مجال العلوم التي تشكل بالنسبة لي الصيغة العالمية الأوسع نطاقاً للتعاون لا حدود تقف في وجهها أو تعيقها بل يسيّرها شغف الأفراد لصالح فهم البشر.


وقالت: «كان مرصد هابل الفضائي موجهاً إلى نقطة بهذا الصغر وهذا ما جاءت به، وإن النقاط الصغيرة المضيئة التي ترون ليست بنجوم بل مجرات أي مئات مليارات النجوم في كل نقطة من تلك البقعة الصغيرة المحددة في صفحة السماء التي ننظر إليها.

كل مئة مليار من المجرات تحوي مليارات النجوم تخيلوا كم منها محاط بنطاقات صالحة للحياة وكم من الكواكب التي يمكن أن تكون موجودة في محيطها وكم من احتمالات الحياة التي تتواجد على الأرجح في تلك البقعة الصغيرة من السماء؟ .. وإني أود أن تتخيلوا اليوم الإسهام الإيجابي الذي تقومون به هنا من على هذا الكوكب العادي ضمن هذا النظام الشمسي العادي في هذه المجرة العادية والذي يبرر مدى الاحتمالات اللامتناهية في مثل هذه الصورة الصغيرة ومدى الإيجابية واللاتناهي الذي تقدمه إسهاماتكم على مثل هذا الكوكب اللامحدود.

واختتمت سارة الأميري قائلة: إن أهم ما نقوم به من خلال المهمة يتمثل في توفير قطعة مفقودة من الأحجية تتعلق بفهمنا لما حصل وما يجري حالياً لعنصري الأكسجين والهيدروجين على المريخ.

وتأتي أهمية هذين الغازين من واقع تكوينهما للمياه، حيث كانت المياه المتدفقة تتواجد على سطح الكوكب الأحمر في مرحلة ما إلى أن حصلت بعض التغيرات بعضها يتعلق بالمناخ بحيث بدأ الغازان يُفقدان من الغلاف الجوي وإننا نريد أن نفهم ما إذا كان لمناخ الكوكب دور في ذلك. كوكب المريخ يقع في نطاق صالح للحياة حيث المياه تحتل أهميةً كبرى لوجود الحياة.

رسالة أمل
تقول معالي سارة الأميري: أطلقت تسمية الأمل على المسبار لمسوغ أهم وأبعد من العلوم التي يسهم في تقديمها.

فمنطقة الشرق الأوسط تحفل اليوم بالاضطرابات التي تجعلها تمرّ بواحدة من أحلك الأوقات وإن ما نقوم به عبر بعثة الأمل الإماراتية لاستكشاف المريخ من شأنه أن يبعث برسالة مفادها أن أكثر من 50 % من سكان منطقة الشرق الأوسط هم من الشباب وأن مهمة الأمل يتولى إدارتها شباب يافعون لا تزيد أعمارهم على 35 عاماً ضمن فريق مؤلف بنسبة 34 % منه من النساء حيث متوسط الأعمار يبلغ 27 عاماً.

Email