مدير إدارة الإفتاء في «إسلامية دبي» لـ « البيان»:

توكيل الجمعيات الرسمية بشراء الأضاحي وذبحها جائز شرعاً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

بيّن فضيلة الدكتور أحمد الحداد مدير إدارة الإفتاء في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي أن توكيل الجمعيات والمؤسسات الرسمية في الدولة، بشراء الأضاحي وذبحها وإيصالها للمضحي أو من يريد إيصالها له في الداخل أو الخارج، جائز شرعاً وذلك حرصاً على الوقاية الناس من فيروس كورونا المستجد.

وقال إن الأضحية سنة مؤكدة ينبغي للمسلم عدم التفريط بها إذا كان مستطيعاً.

وأوضح فضيلته في حوار مع «البيان» حول الأحكام الخاصة بالأضحية، أنه لا يشترط من الفرد أن يشتريها بنفسه أو أن يجلبها إلى بيته، بل يصح أن يوكل أحداً بشرائها وذبحها، ولا سيما هذا العام فإنه لا يتم للمرء أن يضحي إلا عن طريق توكيل الجمعيات والمؤسسات الرسمية في الدولة، بشراء الأضاحي وذبحها، وإيصالها للمضحي أو من يريد إيصالها له في الداخل أو الخارج، حرصاً من الدولة على حماية الناس من فيروس كورونا المستجد. وأشار فضيلته إلى أن الإمساك عن قص الشعر وقلم الظفر لمن أراد أن يضحي سنةٌ، من أول العشر إلى أن تذبح الأضحية، «وهذا الأمر للندب لا للوجوب»، وأنه لا كفارة أو إثم على المسلم في حال حلق شعره ناسياً بعد دخول شهر ذي الحجة. وتالياً الحوار:

سنة

بداية هل الأضحية واجبة أم سنة؟

الأضحية كما نعلم هي الذبيحة من بهيمة الأنعام التي تذبح ضحوة، أي وقت ارتفاع النهار والأوقات التي تليها مدة يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة، وهي من السنن المؤكدة التي ينبغي للمستطيع ألا يفرط فيها، فقد حث عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال: «ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحبَّ إلى الله عز وجل، من هراقة دم، وإنها لتأتي يوم القيامة، بقرونها، وأظلافها، وأشعارها، وإن الدم، ليقع من الله عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض، فطيبوا بها نفساً» كما أخرجه ابن ماجه.

وقد سأله الصحابة رضي الله تعالى عنهم عن فضل الأضاحي كما روى زيد بن أرقم رضي الله عنه، قال: قلنا: يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ قال: «سنة أبيكم إبراهيم» قال: قلنا: فما لنا منها؟ قال: «بكل شعرة حسنة» قلنا: يا رسول الله فالصوف؟ قال: «فكل شعرة من الصوف حسنة» أخرجه أحمد وغيره.

ولذلك ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الأضحية سنة مؤكدة لحثه صلى الله عليه وسلم عليها من قوله وفعله، بل ذهب الأحناف إلى وجوبها على القادر لحديث «من وجد سعة لأن يضحي فلم يضحِ، فلا يحضر مصلانا» كما أخرجه الحاكم وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، وذلك على اصطلاحهم في التفرقة بين الفرض والواجب.

عيوب

ما العيوب التي تمنع الإجزاء في الأضاحي؟

العيوب التي تمنع صحة الأضاحي هي إجمالاً كل ما ينقص لحمها أو ينفِّر منه، وقد بينتها السنة المطهرة كحديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أربع لا تجوز في الضحايا: العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والكسير التي لا تنقي» كما أخرجه أبو داود وغيره.

أصناف

وما نوع وأوصاف الأغنام الصالحة للهدي والأضحية وعمر كل منها؟ وهل إذا زاد العمر ثلاثة أو أربعة شهور على الحد المقرر شرعاً يجوز ذبحها للهدي والأضحية أم أنه لا يمكن أن يزيد العمر بأي حال على الحد الذي حدده الشرع؟ وهل تشترط أن تكون من أثمن الأصناف؟

كما تقدم، يشترط في الأضحية أن تكون سليمة من كل عيب ينقص لحمها أو ينفِّر منه؛ لمرض أو هزال أو عرج أو عور أو قطع الإلية أو كامل الأذن أو أكثره..

أما السِّن المجزئة فالثَّني من المعز، وهو الذي أتم سنة ودخل في الثانية، والجذع من الضأن، والذي سقطت أسنان اللبن منه، أو أتم ستة أشهر وكان سميناً، أو المسنة من البقر وهي التي لها سنتان ودخلت في الثالثة، والإبل، وهو الذي أتم خمس سنين، ولا يجزئ أن يضحي بغير السن المجزئة فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تذبحوا إلا مسنة، إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن» كما أخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله تعالى عنه.

وأطيبها الجذع من الضأن لحديث عمر رضي الله تعالى عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((نعم الأضحية الجذع من الضأن)).

توكيل

وهل يشترط من الفرد أن يشتري أضحيته بيده وأن يجلبها إلى بيته؟

لا يلزم ذلك، بل يصح أن يوكل أحداً بشرائها وذبحها، فما كل الناس يتيسر له الذهاب إلى السوق أو يحسن الذبح، ولا سيما هذا العام فإنه لا يتم للمرء أن يضحي إلا عن طريق توكيل الجمعيات والمؤسسات الرسمية في الدولة، بشراء الأضاحي وذبحها، وإيصالها للمضحي أو من يريد إيصالها له في الداخل أو الخارج، حرصاً من الدولة على حماية الناس من فيروس كورونا المستجد الذي ينتشر بينهم عند الاختلاط، فعلى الناس أن يوكلوا ويحققوا السنة، وذلك عمل صحيح ولهم الأجر كاملاً إن شاء الله تعالى.

نهي

المتعارف عليه أن من أراد أن يضحي أو يضحى عنه، لا يأخذ من شعره ولا بشرته ولا أظفاره شيئاً حتى يضحي، فهل هذا النهي يعم أهل البيت كلهم؟ ومتى يبدأ المسلم بعدم حلق شعره وقص أظفاره؟

نعم هذا الإمساك عن قص الشعر وقلم الظفر لمن أراد أن يضحي سنة من أول العشر إلى أن تذبح الأضحية، فقد روت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئاً))، وفي رواية: ((فليمسك عن شعره وأظفاره))، وهو شامل لمن أراد أن يضحي ولمن تشمله أضحيته. وهذا الأمر للندب لا للوجوب.

والحكمة في ذلك أن تكون الأضحية كفارة لجميع أجزاء جسده، لأن ذلك تشبه بالمحرم كما قد يفهم بعضهم، إذ لو كان كذلك للزم أن يتشبه بالمحرم في كل محرمات الإحرام، ولا قائل بذلك.

لا كفارة

في حال حلق المسلم شعره ناسياً بعد دخول شهر ذي الحجة، وقد نوى أن يضحي، فهل عليه كفارة؟

لا كفارة عليه ولا إثم، إذْ لم يقل بوجوب الإمساك إلا السادة الحنابلة لظاهر الحديث، والجمهور على الاستحباب كما قال الإمام الترمذي: ورخص بعض أهل العلم في ذلك – أي القص - فقالوا: لا بأس في أن يأخذ من شعره وأظفاره، وهو قول الشافعي، واحتج بحديث عائشة رضي الله تعالى عنها ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالهدي من المدينة، فلا يجتنب شيئاً مما يجتنب منه المحرم)).

شروط الذبح

متى يجوز ذبح الأضحية؟ وماذا نفعل بالأضحية نوزعها أم نعطيها؟ وهل نقسمها أثلاثاً أم أرباعاً؟

تذبح الأضحية بعد صلاة العيد، ويستمر جواز ذبحها يوم العيد وأيام التشريق الثلاثة، وقيل فقط يوم العيد وتالياه، كما ذهب إلى ذلك الإمام مالك رحمه الله تعالى، فلا تجزئ الأضحية أن تذبح قبل صلاة العيد، وكذلك لا تجزئ بعد مضي أيام التشريق؛ لانتهاء وقت الأضاحي تحديداً بانتهاء أيام التشريق لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب)).

سعة قادر

إذا كان في العائلة فقراء يفتقرون إلى المال، فهل نتصدق عليهم بثمن الأضحية أم نضحي؟

الأضحية لا تطلب إلا من ذي سعة قادر عليها، فمن قدر عليها فلا ينبغي أن يحرم نفسه من هذه السنة، أما نفع غيره بثمنها فهو من الإحسان الصِّرف، والصدقة المتقبلة إن شاء الله تعالى، ولا يكون أضحية، فينبغي أن يضحي ويعطيهم، أو يوكلهم بشراء الأضاحي فيضحون عنك ويأكلونها، فإن الله تعالى قد شرع للفقراء قسماً منها فقال: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}

فمن ضحى وأعطى هؤلاء الفقراء أضحيته فقد ضحى ونال أجر الصدقة، ولا سيما لمثل هؤلاء الفقراء الذين لا يكادون يأكلون اللحم إلا نادراً.

عمل عظيم

في حال كان يعيش أحد الأبناء وزوجته في منزل والده، فهل تجزئ أضحية واحدة عن الجميع أم عليهم أضحيتان؟

- نعم تجزئ أضحية واحدة عن كل أهل البيت الذين لهم عائل واحد، ولا سيما إذا أشركهم بنيته في أضحيته، كما فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم، إلا أن من كان موسراً فينبغي ألا يبخل على نفسه بذلك الفضل العظيم، فإنها من أعظم الأعمال عند الله.

دعاء

هل هناك دعاء معين أدعو به عند ذبح الأضحية؟

نعم يسن أن يهلل ويكبر ويقول عند الذبح أو النحر: ((بسم الله والله أكبر؛ اللهم تقبل مني))، أو تقبل من فلان إن كان يذبحه عن غيره. وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليها السلام فقال: يا فاطمة، قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملته، وقولي: إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي، لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، وروى الحسن بن علي رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأسمن ما نجد، البقرة عن سبعة، والجزور عن عشرة، وأن نظهر التكبير وعلينا السكينة والوقار».

لا مباهاة

وما حكم الترف في عدد الأضاحي والموائد التي تقام في العيد؟

ليس في الخير سرف ما دام أن المرء يقصد وجه الله تعالى وإطعام المساكين، فالنبي صلى الله عليه وسلم ساق مئة بدنة في حجته هدياً وأضاحي، المهم ألا يريد بذلك المباهاة، فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يكرهون ذلك كما تقدم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: كنا نضحي بالشاة الواحدة فيذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته ثم تباهى الناس بعد فصارت مباهاة.

أحمد الحداد: ليس في الخير سرف ما دام المرء يقصد وجه الله تعالى وإطعام المساكين

الاشتراك في أضحية البقر والإبل جائز أما الغنم فلا

أكد الدكتور أحمد الحداد مدير إدارة الإفتاء في «إسلامية دبي»، جواز الاشتراك في أضحية الإبل والبقر، وأن البدنة منها تجزئ عن سبعة، أي عن سبع بيوت، وسبع مضحين كذلك. فقد روى مسلم من حديث جابر بن عبدالله، رضي الله تعالى عنهما قال: «كنا نتمتع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة، فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها».

أما الغنم فبين فضيلته أنه لا يجزئ الاشتراك فيها، وإنما الشاة الواحدة تجزئ عن المضحي وأهل بيته مهما كثروا، فقد روى أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه قال: «كنا نضحي بالشاة الواحدة، يذبحها الرجل عنه وعن أهل بيته، ثم تباهى الناس بعد، فصارت مباهاة». وذكر مدير إدارة الإفتاء أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بشاة واحدة عن نفسه وأهل بيته كما روى أنس رضي الله تعالى عنه قال: ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين، فقرب أحدهما فقال: «بسم الله اللهم منك ولك، هذا عن محمد وأهل بيته» وقرب الآخر فقال: «بسم الله، اللهم منك ولك، هذا عمن وحَّدك من أمتي».

Email