حميد القطامي لـ«البيان»: استراتيجية مستقبلية تركز على «الجينوم» والخلايا الجذعية وكوادر في علم الأوبئة

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد معالي حميد القطامي، مدير عام هيئة الصحة في دبي، أن الهيئة قرأت المشهد مبكراً قبل أن يظهر فيروس «كورونا» المستجد «كوفيد 19» بهذه القوة وقبل أن يبدأ في الانتشار عالمياً، واتخذت جميع التدابير وهيأت نفسها لما يمكن أن نسميه المرحلة الأصعب واتخذت العديد من الخطوات الاستباقية ومنها تشكيل لجنة عليا في الهيئة تعمل على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع منذ بدء الأزمة، بالتنسيق مع جميع المؤسسات والجهات المعنية، وممثلين للهيئة في مختلف اللجان الاتحادية والمحلية المعنية بالكوارث والأزمات، إضافة إلى تنفيذ خطة وقائية محكمة، ومجموعة من البرامج وورش العمل التي استهدفت تنمية الوعي المجتمعي بالفيروس وطرق انتقاله وكيفية الوقاية منه، مشيراً إلى أن الهيئة لديها خطة معتمدة لمجموعة من المشروعات المستقبلية، المرتبطة بتخصصات طبية دقيقة، منها «الجينوم» وتوفير كوادر فائقة المستوى في علم الفيروسات والوبائيات.

وقال حميد القطامي لـ«البيان»: «تم تأمين منافذ إمارة دبي الجوية والبرية والبحرية، من خلال الكشف على جميع القادمين من مختلف البلدان، وخاصة التي انتشر فيها الفيروس، وزيادة قدرة وإمكانيات نظام رصد الأوبئة والفيروسات الذي تمتلكه الهيئة وهو الأكثر كفاءة والأحدث عالمياً، كما وفرت الهيئة المزيد من أجهزة الفحص والتحليل، بجانب المخزون الكبير من المستلزمات الطبية والمخبرية، وتوفير جميع الأدوية اللازمة والمساعدة على الشفاء، والمخزون الكافي من الدواء تحسباً لأية سيناريوهات، كما تم تزويد الكوادر الطبية والطبية المساندة والتمريضية بجميع الوسائل التشخيصية والعلاجية إلى جانب رفع مستوى كفاءة المستشفيات والمراكز التشغيلية، وخاصة المراكز التي تم تحديدها لإجراء فحوصات كورونا».

جهود

وأضاف: «نظراً لانشغال المستشفيات في تلك الفترة باستقبال المصابين بفيروس (كوفيد-19) وتخوف الناس من مراجعة المستشفيات والمراكز الصحية كان علينا التفكير في كيفية توصيل الخدمات للمرضى في بيوتهم، لتجنيبهم عملية الخروج من منازلهم مثل التطبيب عن بُعد، ومشروع «طبيب لكل مواطن» لتقديم الاستشارات الطبية «أون لاين»، وبأفضل الوسائل الذكية، حيث قدمت المبادرة أكثر من 20 ألف استشارة طبية خلال الأشهر الستة الماضية، وعززت من الخدمات الطبية المنزلية الذكية، لتقديم خدمات طبية آمنة ورعاية صحية متكاملة لكبار السن وأصحاب الهمم في منازلهم، وصل عددها في شهر أبريل الماضي فقط قرابة 5300 زيارة، كما قامت الهيئة بتوصيل أكثر من 820 ألف عبوة دواء للمرضى في منازلهم على مستوى الدولة وبالمجان منذ مارس وحتى نهاية مايو، ضمن مبادرة «خليك في البيت واحنا نوصلك دواك»، بالإضافة إلى فتح قناة جديدة للتطبيب عن بُعد من خلال مشروع «سلامة»، حيث أصبح بمقدور المريض التواصل مباشرة مع طبيبه للمتابعة والعلاج، ومن دون شك، خففت هذه الخدمات كثيراً من معدلات المراجعات على المستشفيات والمراكز الصحية، وقللت من العبء الزائد عليها في هذه الفترة، وبالتالي لا تصل المستشفيات إلا الحالات الطبية الضرورية، ومن ثم ارتفع مستوى التركيز على مكافحة «كورونا» ورعاية وعلاج المصابين به».

وأشار إلى أنه مع بداية انتشار الجائحة أبرمت الهيئة مجموعة اتفاقيات مع القطاع الصحي الخاص، لاستخدام منشآته الطبية وتخصيص المزيد من غرف العزل الصحي، متى تطلب الأمر ذلك، وتم تخصيص عدد من المستشفيات الخاصة فقط لمواجهة «كورونا»، واستيعاب أية إصابات زائدة محتملة وأسست منصة للتطوع، وذلك للاستفادة من طلبات التطوع التي تتلقاها من أفراد المجتمع، الذين أبدوا رغبة للمساعدة والعمل في أي مجال.

وتابع: « رفعت الهيئة وبشكل سريع ومبكر، الطاقة الاستيعابية لعمليات العزل الصحي في مستشفيات الهيئة والقطاع الخاص، إلى جانب تخصيص بنايات مجهزة بشكل متكامل من حيث المواد الطبية وكذلك المعيشية، للعزل الصحي، تحسباً لأية احتمالات، وما زالت الهيئة ماضية في التوسع بتخصيص بنايات مجهزة ومستشفيات خاصة لزيادة الطاقة الاستيعابية، استعداداً لأية سيناريوهات، وذلك بالتعاون والتنسيق مع القطاع الصحي الخاص».

الخدمات الذكية

وأكد أن الخدمات الذكية التي كانت الهيئة توفرها قبل ظهور «كورونا»، ساهمت في تخفيف الكثير من الضغط على المنشآت الطبية بداية من مواجهة الهيئة لهذه الجائحة ومكافحتها ومن بين الخدمات الذكية «طبيب لكل مواطن».

وقال: «الهيئة ومنذ اليوم الأول الذي بدأت فيه خطتها لمكافحة فيروس «كورونا»، أخذت بعين الاعتبار مصلحة المراجعين لمستشفياتها ومراكزها الصحية، فهناك أكثر من مليوني مراجع للعيادات الخارجية في منشآت الهيئة سنوياً، وقرابة 3 ملايين و400 ألف حالة طارئة تستقبلها مستشفيات الهيئة، إضافة لأكثر من 32 ألف عملية تجرى سنوياً، بينها 18 ألف عملية كبرى، وحرصنا على تقديم خدماتها الطبية بشكل معتاد، واستثنينا من ذلك المراجعات الطبية غير الضرورية، بالتعاون مع المتعاملين الذين تفهموا الوضع، وساهموا كثيراً في تركيز المستشفيات على الحالات المرضية التي تحتاج بالفعل إلى عناية وسرعة تدخل، والآن وبعد انحسار الجائحة عادت مستشفيات راشد ودبي ولطيفة وحتا لتقديم خدماتها بشمل معتاد، أما بخصوص مراكز الرعاية الصحية الأولية، فقد تم تصنيفها إلى 3 أقسام، الأول يخص مكافحة «كورونا»، والثاني تم تخصيصه لتطعيمات الأطفال ورعاية النساء الحوامل، والقسم الثالث لاستقبال الحالات المرضية المزمنة، وهناك خطة الآن للتوسع في هذا القسم ليشمل عدداً أكبر من المراكز، وجميع كوادرنا الطبية المتخصصة تقف بكل مسؤولية ومهنية وتفانٍ، في مواجهة «كورونا» والتصدي له، وتوفير أفضل سبل الرعاية الصحية للمصابين».

خط الدفاع الأول

وحول طرق حماية خط الدفاع الأول قال: «في بادئ الأمر، كان التركيز في برامج التوعية وورش العمل، على صقل خبرات الكوادر الطبية وتنمية مهاراتها للتعامل مع هذا التحدي بأساليب وقائية تحميها وتحفظ لها سلامتها وصحتها وحياتها، ومنذ البداية أيضاً زودت الهيئة جميع الكوادر الطبية بمعدات وتجهيزات الحماية والسلامة المهنية، بما في ذلك أجهزة القياس الحرارية للاطمئنان عليهم دائماً، وأجهزة التعقيم، بجانب الوسائل الأخرى المعززة لوقايتهم وحمايتهم، ومنع انتقال العدوى إليهم، كما نفذت الهيئة ورش عمل مكثفة خاصة بالبروتوكولات العالمية التي تم اعتمادها للتعامل مع الفيروس».

وأضاف: «في ضوء ذلك حصل 212 طبيباً في الهيئة على امتياز الإقامة الذهبية، وذلك بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وتقديراً من سموه للكادر الطبي والعاملين في القطاع الصحي، وكان هناك أيضاً الدعم اللامحدود من سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، والمتابعة الحثيثة اليومية من جانب سموه لخط دفاعنا الأول وهذا في حد ذاته وساماً للهيئة وجميع العاملين فيها».

وعن دور القطاع الخاص في دبي خلال الجائحة قال: «إن هيئة الصحة لديها شراكة استراتيجية مع القطاع الصحي الخاص وعلاقات وثيقة وتعاون، وهذا ثابت في سياسة الهيئة، التي بدأت تنفيذها قبل سنوات وفي هذا الظرف الذي يمر به العالم، ارتفع مستوى التعاون بشكل لافت ومميز، وهو شريك أساسي في التصدي للفيروس، وهناك مستشفيات خاصة رفعت مستوى الطاقة الاستيعابية، وزادت من عدد الأسرة الخاصة بالعزل والحجر الصحي، ومستشفيات حولت أبنية تملكها إلى مراكز للعزل، إلى جانب توفير متطلبات الحماية والسلامة المهنية والشخصية لجميع الكوادر الطبية والطبية المساندة والفنيين، كما أن هناك تعاوناً مع القطاع الخاص في جانب الفحوصات الطبية، واستخدام مختبرات مجموعة من المستشفيات في عملية الفحص، إضافة إلى تعاون آخر مهم، تم بمقتضاه توفير فحوصات المطار، إلى جانب الفحوصات الطبية الاستباقية التي استهدفت كبار السن وأصحاب الهمم وكل من تحول ظروفه الصحية دون الوصول لمراكز الفحص، وكذلك المناطق عالية الكثافة السكانية وسكنات العمال».

العزل الصحي

وحول دور ومراكز العزل الصحي في الإمارة قال مدير عام هيئة الصحة في دبي: «إن عملية العزل تتم وفق بروتوكولات ومعايير عالمية ومن خلال وسائل هي الأكثر أمناً، حيث ينقل المريض الذي ثبتت إصابته بفيروس «كورونا» من بيته أو مكان إقامته إلى منشأة العزل الصحي، وذلك بواسطة سيارة إسعاف مخصصة لهذا الغرض؛ تم تجهيزها بأدوات الحماية الشخصية والوقاية من المرض، أما عن طبيعة أماكن العزل، فقد تم تهيئة أجواء الاستشفاء فيها ضمن أصول وقواعد الرعاية الصحية المتكاملة والآمنة في الوقت نفسه، وهي عبارة عن غرف منفردة، كل منها مزود بأدواته وتجهيزاته الطبية ومستلزماته العلاجية واحتياجاته المعيشية، بما في ذلك وسائل النظافة والتعقيم والعناية الشخصية والغرفة خاضعة لإشراف طبي متكامل ومحترف، ومتابعة دقيقة ومراقبة، إلى جانب ذلك هناك عمليات تطهير للنفايات وتعقيم متواصل لجميع الغرف والممرات».

وأضاف: «واكبت الهيئة جميع المستجدات الطبية على مستوى العالم، وأحدث ما فيها، وفي مقدمة ذلك الأدوية، حيث تنفتح الهيئة على كبرى الشركات المنتجة للدواء، وعليه فإن جميع العلاجات والأدوية المطروحة عالمياً والتي تستخدمها المؤسسات الصحية الرائدة في مكافحة فيروس «كورونا»، متوفرة في القطاع الصحي بدبي».

وأوضح أن الهيئة تحرص على متابعة جميع التجارب العالمية المتبعة في مكافحة فيروس «كورونا»، ومن ثم الاستفادة من نقاط القوة في هذه التجارب مع دراسة نقاط الضعف.

ما بعد «كوفيد19»

وقال معالي حميد القطامي: «إن مرحلة ما بعد«كوفيد19» ستشهد قفزة نوعية تتماشى مع الدروس التي تم استفادتها من مرحلة «كورونا»، وقد أعدت الهيئة خطة معتمدة لمجموعة من المشروعات المستقبلية، المرتبطة بتخصصات طبية دقيقة، منها «الجينوم» إلى جانب تطوير مشروعاتها القائمة، ومنها الخلايا الجذعية وبلازما الدم، وكذلك مختبرات الدم وعلم الوراثة.

وأضاف: « تتبني الهيئة حزمة من البرامج التأهيلية والداعمة لقدرات وكفاءات الأطباء والأطباء المساندين والتمريض والفنيين، وحتى الإداريين، وتحرص على التوسع في التخصصات الطبية النادرة وتوفير كوادر فائقة المستوى في علم الفيروسات والوبائيات، وغيرها من علوم الأمراض والدواء».

وأشار إلى أن هناك العديد من الفرص الداعمة لمخططات الهيئة من أهمها وجود سياسة واضحة لدى «صحة دبي» لبناء الشراكات، وفرص عديدة الآن للتوسع في تنفيذ هذه السياسة لتشمل المزيد من المؤسسات الصحية والمراكز البحثية والجامعات الرائدة داخل الدولة وخارجها، ولدينا فرصة مهمة لبناء قاعدة بيانات ومعلومات تخص علم الفيروسات، مع ربطها بأفضل المراكز البحثية دولياً.

120

عزز رجال الأعمال والشخصيات المجتمعية، من قدرات الهيئات والمؤسسات المعنية في مواجهة تحدي «كوفيد 19»، حيث تلقت مساهمات مالية وعينية لرفع مستوى كفاءتها وإمكانياتها لتخطى الأزمة العالمية، وبلغت حصيلة الدعم 120 مليون درهم في الأيام الأولى لمواجهة الفيروس، بخلاف الأبنية المجهزة بالكامل، التي قدمها مبادرون لتحويلها إلى غرف للحجر الصحي، وكذلك سيارات الإسعاف، وسيارات أخرى ودراجات لتعزيز قدرات الهيئة في عملية توصيل الأدوية للمنازل.

Email