رؤية منتدى الاتصال تستند إلى توجيهات حاكم الشارقة

سلطان بن أحمد القاسمي لـ«البيان»: البيئة الرقمية ليست ترفاً بل ضرورة لبناء إدارات الاتصال الحكومي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكد الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، رئيس مجلس الشارقة للإعلام أن المنتدى الدولي للاتصال الحكومي الذي ينطلق غداً ويستمر يومين وجد لحاجة ملحة وبات الآن ضرورياً أكثر من أي وقت مضى، مشيراً إلى أن البيئة الرقمية في ممارسة الاتصال الحكومي لم تعد شيئاً من الترف بل ضرورة لا بد منها في بناء إدارات الاتصال الحكومي، مشيراً إلى أن تبني بعض المؤسسات الصحفية الورقية الكبرى التكنولوجيا الحديثة جعلها تواكب متطلبات العصر.

وقال الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي في حواره مع «البيان»: تزامناً مع انطلاق منتدى الاتصال الحكومي التاسع، الذي تعقد دورته التاسعة تحت رعاية صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة في إكسبو غداً، فإن التحديات المحيطة كثيرة وعلى الحكومات استشراف المستقبل وعدم التوقف لاسيما مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها وتنوعها، وعلى المؤسسات المواكبة وإيصال المعلومة الصحيحة للمتلقين الذين يبحثون عن المعلومة الدقيقة وسط ما تتناقله تلك الوسائل، لافتا إلى أن التحقق من المعلومات بالرجوع إلى المصادر الرسمية أفضل وسيلة للتعامل مع الأخبار المفبركة والشائعات. وتالياً نص الحوار:

ما الجديد الذي يحمله منتدى الاتصال الحكومي في دورته هذا العام في ضوء المتغيرات التي تشهدها الساحة العالمية بأبعادها العربية والإقليمية والدولية؟

لدينا هذا العام، طرح جديد للمنتدى بعيداً عن التركيز على الشعار الواحد، حيث يحمل المنتدى هذا العام أربعة محاور أساسية، وهي ترسيخ ثقافة التفاعل في الحكومة، والتكنولوجيا كممكن للمجتمعات والاتصال عبر الثقافة، والرفاه الفردي والمجتمعي، وتمثل هذه المحاور الخصائص والثقافة والفلسفة التي تتطلب من فرق الاتصال السير عليها لتطوير مختلف المهارات.

إنجازات

ما هي أهم الإنجازات التي حققها المنتدى منذ انطلاقه، وكيف تم استثمار مخرجات الدورات السابقة؟

في كل دورة من دورات المنتدى نحرص على ترجمة توصياتها إلى برامج عملية تنفيذية فمنذ انطلاق الدورة الأولى عملنا على الفور على تنفيذ أولى التوصيات بإطلاق جائزة الشارقة للاتصال الحكومي لتعزيز تنافسية القطاع، كما تم إطلاق الأجندة الحكومية لإمارة الشارقة لتنظيم العمل وتعزيز الحضور الإعلامي لإمارة الشارقة، وإطلاق برامج تدريبية شاملة بهدف دعم الكفاءات وتطوير العمل، أما على مستوى المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة تم استحداث المركز الدولي للاتصال الحكومي كإحدى توصيات المنتدى، ويعد أول مركز متخصص في مجال الاتصال الحكومي في المنطقة العربية والعالم، وهو مبادرة نوعية واستراتيجية، ومؤسسة فكرية علمية معرفية بحثية وتطبيقية متخصصة، ومرجعاً مهماً في كافة مجالات الاتصال الحكومي محلياً وإقليمياً ودولياً.

كما ساهم المنتدى في تعزيز التعاون بين المؤسسات الأكاديمية والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، إذ تم تشكيل لجنة أكاديمية قامت بإعداد بعض الإصدارات ككتاب الاتصال الحكومي: ممارسات ودراسات، وكتاب الاتصال الحكومي: النظرية والتطبيق، والذي سيتم اتخاذه كمقرر دراسي لمساق الاتصال الحكومي في جامعة الشارقة على أمل أن تعمم التجربة في مختلف جامعات الدولة، ومن ضمن التوصيات أطلقنا شبكة الاتصال الحكومي التي تجتمع بشكل دوري في الشارقة بما يخدم الإمارة ويساهم في تطوير منظومة العمل، كما أنه تم إطلاق الشبكة العربية للاتصال الحكومي محاولة منا لتكامل البرامج العربية لتطوير القطاع ودعم كفاءاته العاملة، مواكبة لتطورات العصر، ومراعية لاهتمامات الجمهور، إذ بات الجمهور واعياً ومتخصصاً أكثر فلابد من تلبية حاجته من المعلومات بكل شفافية.

خبرات

لنتحدث عن دور المنتدى في تطبيق وترجمة استراتيجية القوة الناعمة للإمارات؟

المنتدى، إلى جانب أنه فرصة للتعلم، هو فرصة ثمينة لنقل خبراتنا وثقافتنا للضيوف الذين هم في العادة من الشخصيات التي تتمتع بقوة في دولها ونوفر أيضاً لهم المعلومات المطلوبة، ملتزمين بالشفافية والوضوح، فما حدث في الدورة الخامسة 2016 عندما تحدثت المشاركة ماري روبنسون رئيسة أيرلندا سابقاً ومفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان سابقاً، وتطرقت إلى عمل منظمات حقوق الإنسان في الإمارات وأنه لا يتاح لها العمل بحرية، فإنها أعطيت الفرصة كاملة للإدلاء برأيها وبعدها رد الكاتب والإعلامي حبيب الصايغ، رحمه الله، بأن الإمارات تسعى لتحقيق قيم إنسانية مستمدة من أعرافها ودينها وحضارتها، وأنه من خلال تجاربه يرى أن أبواب جميع مؤسسات الدولة مفتوحة أمام منظمات حقوق الإنسان، التي فقدت مصداقيتها في التقارير الخاصة بحقوق العمال في الدولة، بسبب أن هذه المنظمات اعتمدت في معلوماتها على مصادر أحادية الجانب، من خلال تواصلها مع حالة واحدة من العمال والتركيز عليها، ولم تتواصل مع منظمات ومؤسسات حكومية في الدولة، وهو ما اعتبره الحضور من ضيوف ومشاركين دلالة حية وأكيدة على أن سقف الحرية مفتوح في الدولة التي تنتهج الشفافية وتستمع للآخر.

آلية

ما الآلية التي تختارون بها ضيوف المنتدى؟

تمثل توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، بالنسبة لنا موجهاً رئيساً، إذ يوجهنا سموه لانتقاء من يقدمون لنا مضموناً، وشخصيات تضيف للحدث بحكم خبرتها وسيرتها وما تحمله في جعبتها من أفكار وأطروحات، كل حسب المحور المطروح للنقاش.

في أي اتجاه تذهب التحديات التي تواجه الصحافة الورقية في عصر الإعلام الرقمي وما هي السبل المتاحة لتبقى متواجدة في المشهد الإعلامي؟

يرى الكثير من المحتفين بالإعلام الجديد أنه يحمل الكثير من المزايا التي تغيب عن نماذج الوسائط الإعلامية التقليدية، فهو من الناحية التقنية يستفيد من التطورات التكنولوجية الحديثة، حيث يستثمر الإمكانيات الاتصالية التي توفرها الشبكة كالقدرة على التحميل، والقدرة على تقليل تكاليف التوزيع المادي والتي تخفف بدورها من الحواجز على مستوى دخول سوق المضامين الإعلامية، هذا بالإضافة إلى أن الحضور المتزامن وسهولة حمل الأجهزة (الحواسيب، والهواتف المحمولة، وأجهزة التصوير والفيديو) لخلق وتوزيع المضامين، يعني أن حجم الأخبار والتحقيقات التي يقوم بها الصحفيون سيكبر بسرعة.

وفي المقابل يتبنى الكثيرون الخطابات الكارثية التي تميل إلى التشكيك في مصداقية وموضوعية الإعلام الجديد، وعلى الرغم من تزايد الحديث عن موت الصحافة الورقية، إلا أنني أعتقد بأن المبادرات التي قامت بها بعض المؤسسات الصحفية الورقية الكبرى بتبني التكنولوجيا الحديثة جعلتها تواكب متطلبات العصر، كما أن مراعاتها لاهتمامات الجمهور الذي أصبح أكثر وعياً وتخصصاً من خلال تلبيتها لحاجاته من المعلومات بكل شفافية جعلها تستمر في سوق العمل.

وأخيراً يمكنني القول إن الصحافة الإلكترونية لها جمهورها كما أن للصحافة الورقية جمهورها، وفي الأخير يبقى القارئ هو سيد الموقف.

قنوات

ما هي برأيكم الآليات الأبرز لخلق قنوات من الاتصال الذي يقوم على الشفافية، ويعزز ثقة الشباب بمكانتهم ودورهم في المجتمع؟

علينا أن نبحث عن الجمهور ونصل إليه من خلال الوسائل التي يستخدمها ويعتمد عليها كمصدر للمعلومات، ولابد أن ندرك أن استخدامنا لمواقع التواصل الاجتماعي يختلف عن استخدامنا لوسائل الإعلام التقليدية، والموقع الرسمي للمؤسسة، إذ إن طبيعة هذه الوسائل قائمة على التفاعل المباشر مع الجمهور، ومن خلالها يمكننا رصد اهتماماتهم واستفساراتهم، خاصة وأن فئة الشباب، والتي تعد الفئة الأكبر والأكثر تأثيراً في المجتمع، يعتمدون عليها بشكل كبير كمصدر للمعلومات والأخبار، إلى جانب أنهم قاموا بإطلاق العديد من المبادرات المجتمعية من خلال هذه الوسائل.

هل تعتقدون أن قوة الاتصال الحكومي قادرة على تغيير السلوكيات الخاطئة، أو المفاهيم المغلوطة، وتغييرها نحو التفاعل الإيجابي؟

نعتقد أن حملات الاتصال الحكومي قادرة على المدى البعيد على تعديل سلوكيات الأفراد أو توجيهها نحو السلوكيات المطلوبة، إلا أن الاتصال الحكومي لابد أن يكون ثقافة مجتمعية متكاملة بمعنى ألا يقتصر دوره على المؤسسات الحكومية فقط، بل لا بد من تضافر الجهود لتحقيق الأهداف التنموية المرجوة.

تجاوز الاتصال المؤسسي مهمة توفير الخدمات المعلوماتية وتلقي الملاحظات، لا سيما مع تطور الواقع الافتراضي بما يشمله من وسائل اتصال اجتماعي وغيره، من هذا المنظور، كيف يمكن توظيف الواقع الافتراضي لتحقيق مزيد من التطور في واقع الاتصال مع الأفراد والمؤسسات؟

لم تعد البيئة الرقمية في ممارسة الاتصال الحكومي شيئاً من الترف بل أصبحت ضرورة لا بد منها في بناء إدارات الاتصال الحكومي، فالفضاء الإلكتروني يوفر للمستخدمين من أفراد الجمهور فرصاً ثمينة للوصول إلى المعلومات والاستفادة منها بالشكل الأمثل وبأقل التكاليف الزمنية والجسدية والمادية مع توافر إمكانيات توصيل آرائهم وانطباعاتهم حول الخدمات المقدمة من الجهات الحكومية بشكل مباشر، داعياً المؤسسات الاستثمار في تأهيل وتدريب الكوادر الوظيفية على كيفية الاستفادة من المزايا التي تتيحها وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق المزيد من التفاعل.

ما هي الطريقة المثالية في رأيكم للتعامل مع الشائعات وتحديداً في الوقت الراهن، وهل تعتقدون أن الرد الرسمي هو أسرع وأنجح وسيلة لتطويق الشائعات والتعامل معها؟

أفضل وسيلة للتعامل مع الأخبار المفبركة والشائعات هو التحقق من المعلومات من خلال الرجوع إلى المصادر الرسمية، كما أن وجود فريق عمل مختص باتصالات الأزمات يعتبر من الأمور المهمة في كل مؤسسة، إذ إن البيان الرسمي الصادر عن المؤسسة من خلال المتحدث الرسمي باعتقادي يمكن أن يكون أفضل وأسرع وسيلة للتصدي للشائعات.

الاتصال الحكومي جزء رئيس من عملية التطوير والتنمية

أعرب الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، عن ارتياحه للتطور الملحوظ في التعاطي مع وسائل الإعلام، مؤكداً أهمية المكاشفة والتواصل البناء لأن المجتمع يبحث عن الحقائق والمعلومات من مصادرها الرسمية ما ينعكس بشكل إيجابي على الدائرة أو المؤسسة التي تنتهج سياسة إظهار الحقائق والتعاطي بصورة صحيحة.

وأضاف: رؤية المنتدى الدولي للاتصال الحكومي تستند إلى رؤى صاحب السمو حاكم الشارقة.. قدوتنا في الاتصال الحكومي، باعتبار الاتصال الحكومي جزءاً رئيساً من عملية التطوير والتنمية، مشيراً إلى المساعي، من خلال برامج في الاتصال الحكومي، لإيجاد منظومة متميزة في فكر الاتصال الحكومي تتشارك فيها كافة الجهات الحكومية والخاصة وعبر تعاون مختلف الجهات والمؤسسات الحكومية في الإمارة، مؤكداً: لدينا برامج وورش تدريبية بشكل متواصل تساهم في تعزيز فكر الاتصال الحكومي في المؤسسات والجهات المختلفة، ما انعكس بشكل مباشر على دعم الكفاءات العاملة في هذا القطاع وتطوير العمل في مختلف المجالات.

محاور

وقال: يستهدف منتدى الاتصال الحكومي الانتقال من صيغة الشعار الواحد إلى المحاور المتعددة، تحقيق أوسع قدر من التفاعل مع الجمهور وأكبر فائدة ممكنة من المواضيع والقضايا التي يتبناها، وفي الوقت نفسه يأتي الانتقال استجابة للتحديات والظروف التي أحدثتها التكنولوجيا في أدوات وآثار الاتصال، إذ خلقت حالة دائمة من التفاعل بين المؤسسات والجمهور، وجعلت من تسهيل وتفعيل العلاقة بينهما شرطاً لنجاح أي مؤسسة، وأي مشروع تنموي حضاري.

64

يشارك في الدورة التاسعة من منتدى الاتصال الحكومي 64 متحدثاً من المسؤولين والخبراء والمختصين من 16 دولة، يناقشون على مدار يومين في «إكسبو الشارقة»، عصر الاتصال الشامل ترسيخ ثقافة التفاعل في الحكومة، والتكنولوجيا كممكن للمجتمعات، والاتصال عبر الثقافة، والرفاه الفردي والمجتمعي.

Email