طيب الريس الأمين العام لـ«الأوقاف وشؤون القصر» في حوار مع «البيان»:

إنجاز مشروعات وقفية بـ43 مليوناًخلال عامين

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قال طيب الريس الأمين العام لمؤسسة الأوقاف وشؤون القصر، إن العمل جارٍ لإنجاز عدد من المشروعات الوقفية ما بين مبانٍ ومساجد، بتكلفة إجمالية تصل إلى نحو 43 مليون درهم، متوقعاً الانتهاء منها خلال العامين المقبلين، في وقت أشار فيه إلى وجود الكثير من المخططات قيد الدراسة لإقرارها والبدء بتنفيذها.

وأضاف الريس في حوار مع «البيان» أن المؤسسة تدرس كذلك استراتيجية عملها في «عام زايد»، وتسعى لبلورة تصور شامل للمبادرات التي سيتم إطلاقها في هذا العام، بما يعزز ثقافة الوقف في المجتمع، مؤكداً أن حكومتنا الرشيدة لا تتيح المجال للعمل الخيري الوقفي وحسب، وإنما تشجع وتدفع باتجاه إرساء قيم الخير والمسؤولية الاجتماعية لدى كافة الشركات والمؤسسات سواء كانت خاصة أو عامة ولدى الأفراد والفئات الاجتماعية أيضاً.

وأوضح أن الإطار العام للاستراتيجية المقبلة للمؤسسة ينقسم إلى قسمين، الأول هو تمكين الوقف من تمويل القسم الأكبر من نشاطاته من خلال مصادر ذاتية، بينما يركز القسم الثاني على تعزيز المشاركة الاجتماعية والمؤسساتية في دعم جهود وبرامج العمل الوقفي الذي اعتبره نواة القطاع الاقتصادي الثالث الذي تمارسه المؤسسات والجمعيات الخيرية لغايات تنموية، داعياً في الوقت عينه إلى تعزيز الاهتمام الاجتماعي بقطاعات الصحة والتعليم وبناء مراكز تدريب وتأهيل لمن تشملهم رعاية ومعونات الوقف لتمكينهم من العمل والإنتاج والعيش الكريم.. وتالياً نص الحوار:

مواكبة المتغيرات

ما الاستراتيجية القادمة للمؤسسة لتعزيز مكانة الوقف في المجتمع المحلي؟

ينقسم الإطار العام لاستراتيجيتنا إلى قسمين، الأول هو تمكين الوقف من تمويل القسم الأكبر من نشاطاته من خلال مصادر ذاتية، أي من خلال عائدات المشاريع التي تديرها المؤسسة، إذ إن متطلبات الحياة تتغير مع مرور الوقت، ويجب علينا مواكبة هذه المتغيرات حتى لا تتسع الفجوة في شكل ومستوى المعيشة بين من هم تحت مسؤولية الأوقاف والمواطن العادي، وهذا يؤدي إلى زيادة مسؤوليات مؤسسة الأوقاف مما يستوجب أن نطور مصادر التمويل باستمرار.

وفي الحقيقة هناك تحديات علينا التعامل معها من أجل تحقيق هذا الهدف، أهمها: البيئة النظامية الداعمة للأوقاف وقدرتها على التعامل مع التطور الاستثماري الذي تشهده الحياة الاقتصادية في المجتمع، إضافة إلى تعزيز دور المراكز الراعية لتطوير العمل الوقفي ورفع مستوى التنسيق بينها وبين مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر وإقناع الوقفين بمفهوم التطوير حتى لا نبقى في إطار الوقف التقليدي.

المشاركة الاجتماعية

وماذا عن القسم الثاني للاستراتيجية؟

القسم الثاني من استراتيجيتنا هو تعزيز المشاركة الاجتماعية والمؤسساتية في دعم جهود وبرامج الأوقاف، فمهما حققت مؤسسات الوقف بشكل عام من نتائج على صعيد تمويلها الذاتي، إلا أنه يبقى لديها الكثير من الآمال بأن تحقق مستويات أخرى من النجاح، بالإضافة إلى أن مشاركة المجتمع تحمي القيم الأصيلة وتبني مجتمعات قائمة على المسؤولية المشتركة والإيثارية وحب الخير للآخرين، وهذا بنظري هو الغاية الأساسية للأعمال الخيرية الجماعية.

وأشير هنا إلى أن العمل الوقفي يعتبر اليوم نواة القطاع الاقتصادي الثالث وهو النشاط الذي تمارسه المؤسسات والجمعيات الخيرية لغايات تنموية، وهذا القطاع لا غنى عنه اليوم لتعزيز المشاركة الاجتماعية في عملية التنمية، فهناك القطاع العام «الحكومي» والقطاع الخاص، ولكل من هذين القطاعين دوره في تحسين مستوى وشكل معيشة الناس. وخلال السنوات القليلة الماضية، تنامى الاهتمام العالمي بالقطاع الثالث لما يملكه من قدرة على حشد الجهود الاجتماعية لتوفير مصادر تمويل للقطاعات الحيوية مثل التعليم والصحة، والخدمات المقدمة للفقراء، والاهتمام برفع قدرتهم على المشاركة في الإنتاج والحياة العامة.

تجارب

ما أبرز النماذج الدالة على أهمية القطاع الاقتصادي الثالث؟

يمكن استعراض عدة تجارب لدى الدول الصناعية المتقدمة، ولعل التجربة اليابانية من أبرز التجارب الوقفية ذات الطابع المستدام في العالم وهي تنطلق من أسس عقلية سياسية علمية تنموية، وفي سنة 1975 كانت الحكومة اليابانية شبه عاجزة عن تلبية الحاجات الاجتماعية فاتجهت نحو تأسيس المؤسسات الوقفية كحل جذري لهذه المشكلة، وشجعت الشركات الكبيرة على وقف جزء من أرباحها للعمل الاجتماعي الخيري مقابل تخفيضات ضريبية مشجعة.

لذلك نرى العديد من الشركات العملاقة والمعروفة اليوم تساهم بإنشاء مشاريع خيرية وتنموية وتعمل على سد العجز الحكومي في اليابان مثل شركة ميتسوبتشي الكتريك وهوندا موتور وسوني. كما قامت وزارة التجارة الدولية والصناعة بتشجيع هذه الإنجازات حتى أن شركة ميتسوبيتشي قامت ببناء مدرسة لأصحاب الهمم وأوقفت جزءاً من أرباحها لتمويلها.

هناك أيضاً التجربة البريطانية التي بدأت في نهاية القرن السابع عشر، حيث اجتمعت جهود العطاء الخيري فيما سمي بالمؤسسة الخيرية المتحدة أو مؤسسة العطاء الاجتماعي والتي قامت بإنشاء العديد من المدارس والمستشفيات الخيرية. ومع بداية القرن العشرين بدأت بريطانيا بإنشاء أوقاف كبيرة.

ميزات كبيرة

وماذا بالنسبة لتجربة الإمارات في هذا الشأن؟

نحن في الإمارات لدينا ميزات كبيرة، فحكومتنا الرشيدة لا تتيح المجال للعمل الخيري الوقفي وحسب، بل تشجع وتدفع باتجاه إرساء قيم الخير والمسؤولية الاجتماعية لدى كافة الشركات والمؤسسات سواء كانت خاصة أو عامة ولدى الأفراد والفئات الاجتماعية أيضاً. لقد رفعت حكومة دولة الإمارات شعار الخير على مدار سنة كاملة لإحياء القيم الأصيلة ومأسستها لتكون نواة العلاقات الاجتماعية في الدولة، وأتمنى أن تستفيد الشركات والمؤسسات من هذا الشعار لرفع مستوى مسؤوليتها الاجتماعية.

مشاريع وقفية

هل لك أن تخبرنا عن المشاريع الوقفية قيد التنفيذ أو التي تعتزمون تنفيذها؟

لدينا الكثير من المخططات قيد الدراسة للبدء بإقرارها وتنفيذها، وهناك أيضاً مشاريع وقفية بدأنا بتنفيذها فعلاً، موزعة بين إنشاء مبانٍ ومساجد، ويجب الإشارة إلى أن جميع مشاريع المساجد المشار إليها هنا تتم تنفيذاً لوصية الواقف نفسه، باستثناء مشروع بناء مسجد البدر (مسجد أوقات) في منطقة عود المطينة الثانية، حيث تم عن طريق تعويضات مساجد متنوعة في إمارة دبي بالإضافة إلى جمع التبرعات من المجتمع، وهو مشروع مكون من مسجد يتسع لـ 350 مصلياً وسكن إمام ومؤذن وخادم مسجد وتكلفته المحتملة 5 ملايين درهم.

وهناك أيضاً مشروع مبنى تجاري سكني مكون من طابق أرضي تجاري وثلاثة طوابق سكنية في منطقة البدع، ويحتوي على ثلاثة محال تجارية في الطابق الأرضي و21 شقة سكنية في الطوابق الثلاثة الأخرى وتبلغ التكلفة المقدرة للمشروع 7 ملايين درهم و492 ألف درهم.

ولدينا أيضاً مشروع قيد التنفيذ في منطقة هور العنز وهو عبارة عن فيلتين بتكلفة مليونين و200 ألف درهم، ومشروع بناء مسجد «بن شناف» في منطقة البرشاء جنوب بتكلفة 4 ملايين درهم، ومشروع بناء فيلتين متلاصقتين في منطقة السطوة بتكلفة مليونين و250 ألف درهم، ومشروع بناء فيلا في منطقة الجميرا الأولى بتكلفة تقدر بمليونين و500 ألف درهم.

وأيضاً لدينا مشروع في منطقة وادي الصفا 2 وهو عبارة عن بناء مسجد يتسع لـ 1200 مصلي بتكلفة تقدر بـ 10 ملايين و450 ألف درهم، ومشروع تصميم وبناء 5 فلل في منطقة القرهود بتكلفة تقدر بـ 9 ملايين درهم.

عوائد ثابتة

ومتى يتوقع إنجاز هذه المشاريع؟

من المتوقع الانتهاء من هذه المشاريع واستلامها خلال مدة تتراوح بين 14 و18 شهراً، وفي حال بدء تشغيلها ستتوفر لمؤسسة الأوقاف وشؤون القصر عوائد ثابتة تحددها حالة أسعار وأجور العقارات في ذلك الوقت.

لماذا يقبل المتبرعون على وقف العقارات رغم أن هناك مصارف وقفية أخرى في المؤسسة؟

يحظى القطاع العقاري بثقة الجميع كونه الطريق الأكثر أمناً للاستثمار لأنه عبارة عن أصول مادية ثابتة لا تخسر مهما اختلفت أسعارها، وعندما يصبح للوقف مصادره الخاصة، أي عندما يمتلك كمية من المشاريع الكافية لتنمية رأس ماله الخاص، يصبح بالإمكان أكثر اللجوء للمشاريع متعددة الوظائف ومشاريع الخدمات الصحية والتعليمية والتأهيلية.

«شؤون القصر» تدرس استراتيجية العمل لـ «عام زايد »

أعلن طيب الريس الأمين العام لمؤسسة الأوقاف وشؤون القصر، أن المؤسسة تدرس استراتيجية عملها في «عام زايد»، ووضع تصور شامل للمبادرات التي سيتم إطلاقها، إذ إن إرث وفكر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، شامل وواسع وممتد مما يتيح فرصاً كبيرة لابتكار مبادرات جديدة.

وقال الأمين العام للمؤسسة: «نحن سنركز على تعزيز ثقافة الوقف وتطوير نوعية المشاريع وأهدافها ومخرجاتها، وسنسعى لأن يكون «عام زايد» نقلة نوعية للمؤسسة ولمشاريعها ورؤيتها. ثم إننا واثقون أنه سيكون محطة مميزة في تاريخ الدولة، وسيترك أثراً إيجابياً كبيراً على كافة قطاعات العمل التقليدي والخيري على حد سواء».

وأضاف الريس: «شكلت مبادرات القيادة الرشيدة دافعاً كبيراً لتطوير العمل المؤسساتي في القطاعين العام والخاص، وفي عام الخير أطلقنا جملة من المبادرات التي نتمنى أن تكون قد ساهمت في ترجمة قيم الخير والتعاون في المجتمع المحلي». دبي - البيان

5 مبادرات في عام الخير بمخصصات 5 ملايين درهم

أسهمت مبادرة عام الخير في تحفيز العمل الخيري الإنساني في الدولة وألهمت الكثير من المؤسسات والشركات للقيام بواجبها ومسؤولياتها الاجتماعية، وكانت مؤسسة الأوقاف وشؤون القصر إحدى المؤسسات المتفاعلة مع هذه المبادرة من خلال إطلاق 5 مبادرات التي خصصت لها نحو 5 ملايين درهم، مثل: أصحاب الهمم، تيسير، شريك الخير، على الخير اجتمعنا وشفاء.

وأكد طيب الريس أن أهمية هذه المبادرات لا تكمن فقط في عوائدها اللحظية على المستفيدين منها، وإنما في تأسيس شبكة واسعة من الأعمال الخيرية نسيجها المؤسسات والجهات التي تجتمع لتقديم أشكال جديدة من الخدمات، مشيراً إلى أن شكل الخدمات الخيرية والإنسانية بحاجة للابتكار مثلها مثل أي عمل آخر في القطاع العام أو الخاص، وأن الابتكار في الخير يجب أن يكون عنوان المنافسة في المجتمعات التي تسعى لأن تكون متميزة وفريدة في شكل استقرارها ورفاهيتها.

أصحاب الهمم

وفيما يتعلق بتفاصيل المبادرات السابقة، قال الريس إن مؤسسة الأوقاف شؤون القصر أطلقت ونفذت عدداً من المبادرات في عام الخير منها

مبادرة «أصحاب الهمم» واستهدفت التعاون مع المؤسسات والنوادي التي تهتم بأصحاب الهمم في دبي وإمارات أخرى، وخصصت نحو 850 ألف درهم لدعم الخدمات المقدمة لمنتسبي الجهات المستهدفة، وعلى سبيل المثال قامت المؤسسة بطباعة مصحف البصيرة بلغة برايل لتمكين فاقدي البصر من قراءته.

تيسير

كما أطلقت المؤسسة ونفذت مبادرة «تيسير» للتعاون مع الجهات المساندة للعمل الإغاثي داخل الدولة وخارجها، مثل مبادرة سلمى، إدارة القصر، مدرسة الأهلية الخيرية الخاصة، ووقف رواق عوشة، بالإضافة إلى توفير كسوة عيد الفطر لمنتسبي خدمة الوقف، وخصصت لهذه المبادرة لها 2.165 مليون درهم.

شريك الخير

وسعت المؤسسة من خلال مبادرة «شريك الخير»، إلى تعزيز التعاون والشراكة مع المؤسسات الخيرية التي تساهم في دعم الأسر المتعففة، مثل أسرة القصر المتضررين، مركز ماريا القبطية لتحفيظ القرآن، مركز الصحابة لتحفيظ القرآن الكريم، مركز محمد بن راشد لطباعة المصحف الشريف، وخصصت 838 ألف درهم للمساهمة في نشاطات هذه المؤسسات.

على الخير اجتمعنا

وفي مبادرة «على الخير التقينا» ركزت «الأوقاف وشؤون القصر» على تعزيز التعاون مع الفرق المساندة والداعمة للعمل الاجتماعي في الإدارة، مثل إفطار الصائمين، مؤسسة التراحم الخيرية، مؤسسة عائشة أم المؤمنين، جمعية دار البر، ومركز كلمة، وخصصت نحو 610 آلاف درهم لدعم هذه المبادرة.

الوقف ليس بناء المساجد وحسب

وجه طيب الريس رسالة للواقفين تمثلت بأن الوقف ليس ببناء مساجد فقط، بل إن وقف الأموال أو الأصول لبناء مراكز بحث علمي للجامعات على سبيل المثال هو فكر متقدم، وكذلك وقف المال والأصول وما أمكن للمراكز العلمية التي تبحث عن علاجات جديدة للأمراض المستعصية أو لتوفير أدوية بأسعار رخيصة ومتاحة للجميع هو مساهمة في حماية المجتمع ووحدته واستقراره ورفاهيته.

وتمنى الريس أن يتعزز الاهتمام الاجتماعي بقطاعات الصحة والتعليم وبناء مراكز تدريب وتأهيل لمن تشملهم رعاية ومعونات الوقف لتمكينهم من العمل والإنتاج والعيش الكريم، إن أعظم عمل للخير هو الذي يعالج الأسباب لا النتائج فقط، "وهذا يقودنا للحديث أيضاً عن ضرورة أن يتيح الواقف لمؤسسات الأوقاف استثمار المال أو الأصل في مشاريع التنمية الاجتماعية المختلفة، وفي دعم مشاريع الشباب والمشاريع ذات الملكية الجماعية لأنه بهذه الطريقة يقضي على أسباب الفقر ولا يعالج نتائجه فقط".

وتابع: "لست سعيداً حين أقول إنه علينا التعلم منها لأن الوقف في الدولة الإسلامية القديمة كان يشمل كافة نواحي الحياة، وكان يصرف من أموال الوقف على المترجمين الذين ينقلون ثقافات اليونان والإغريق للعربية حتى يدرسها المسلمون، وكان يصرف من أموال الوقف على الزراعة والصناعة والتدريب المهني".دبي - البيان

Email