مدير «التسوية الودية للمنازعات» في محاكم دبي لـ«البيان»:

إنجاز قضايا بـ 3.4 مليارات درهم منذ بداية العام

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قال محمد أمين المرزوقي مدير إدارة مركز التسوية الودية للمنازعات في محاكم دبي، إن المركز نجح في تسوية 1372 منازعة بقيمة 3.42 مليارات درهم، وبنسبة 30% من أصل 7391 حالة تم الفصل فيها، مشيراً إلى أن معدل التسوية السنوي في المنازعات يتراوح بين 35-60 %، تبعاً لمدى تعاون الأطراف، والظروف.

وكشف في حوار مع «البيان» عن وجود توجه لخصخصة قطاع التسويات، ومنح مكاتب محاماة صلاحيات لهذه المهمات تحت إشراف مباشر من المركز، بما يوفر خيارات اكثر لأصحاب الحاجة، وتعزيز ثقافة الصلح في حل المنازعات، بعيداً عن ساحات مراكز الشرطة والمحاكم، في وقت أشار فيه إلى وجود مشاورات مع معهد دبي القضائي من أجل استحداث دبلوم في تسوية المنازعات، لتخريج مصلحين متخصصين في هذا الجانب، بما يرفع نسبة تحقيق الصلح في المنازعات المعروضة أمام المركز.

كما أفصح المرزوقي عن آليات جديدة سيتم التوافق عليها مع جهات العلاقة لإيجاد آلية لتحقيق التسوية في قضايا الشيكات المرتجعة، لا سيما الشرطة والنيابة العامة والبنوك، بحيث يكون المركز جهة الاختصاص الأولى التي تنظر في مثل المنازعات قبل فتح بلاغات بشأنها في مراكز الشرطة، بغرض تخفيف وطأة الشق الجنائي المترتب عليها.

كيف جاءت فكرة إنشاء المركز وما أهدافه؟

أنشئ المركز بموجب القانون رقم 16 لسنة 2009، الذي أصدره صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، للنظر في المنازعات التي يتم تحديدها بقرار من مدير عام المحاكم، وحلها ودياً بين أطرافها، وفق قوانين ولوائح قانونية تضمن الحقوق لكل الأطراف تحقيقاً لاستراتيجية إمارة دبي في عملية تيسير التقاضي، وتفعيل سلك طرق قانونية وفعالة لحل المنازعات ودياً، من خلال قضاة ومختصين وطاقم من الإداريين الأكْفاء، بهدف تقليل القضايا والمنازعات المحالة إلى المحاكم، والسرعة في نظرها بالفعالية القصوى، ومحاولة الإصلاح بين الخصوم، وفق آلية وإجراءات محددة وبسيطة بعيدة عن الإطالة والتعقيد والتكاليف المالية سواء عن الأفراد أو الحكومة، وبمنأى عن الخلافات الشخصية التي قد تتطور إلى حد القطيعة والنكاية والمضايقات.

وما اختصاصات هذا المركز؟

يؤهل المركز بشكل متواصل عدداً من المصلحين من أصحاب الخبرات في الإجراءات القانونية للتواصل مع أطراف النزاع، والنظر في احتياجاتهم والتفاوض معهم بتحفيزهم للإقبال على الصلح من باب الأخوة الاجتماعية والقيم الإسلامية والفوائد الاقتصادية، التي تعود على الطرفين في حال قبول الصلح.

ومن ثم يقوم المصلح بعرض الحلول المتاحة للوصول إلى حل يرضي الطرفين، وتشمل اختصاصات المركز النظر في منازعات قسمة المال الشائع، وتلك التي قيمة أصل الدين فيها لا يتجاوز 100 ألف درهم، إضافة إلى نظر أي نزاع يرغب أطرافه تسويته أمام المركز بصرف النظر عن قيمة أصل الدين فيه.

ما أنواع النزاعات المنظورة على وجه التحديد؟

ينظر المركز في 3 أنواع من المنازعات، بصرف النظر إن كان أطرافها أفراداً أو شركات، وهذه الأنواع هي التجارية والمدنية والعقارية، فالمنازعات التجارية تختص بالبنوك والشيكات التي يعتبرها القانون معاملات تجارية، أما المدنية فتتصل بخلاف بين أشخاص على قرض، أو خلاف بين شخصين على إنجاز مهمة ما مقابل مبلغ مادي، وعدم إنجاز الطرف الثاني لهذه المهمة، أو قسمة المال الشائع وهي الأصعب، لأنها تكون بين أفراد كثر وتأخذ وقتاً أطول قد يمتد إلى شهرين.

وفي ما يتعلق بالنزاعات العقارية فتتعلق بإنجاز مبنى على سبيل المثال، أو خلاف على نسبة إنجاز أو جودة المواد المستخدمة فيه، وأيضاً الخلافات الدائرة بين المطورين والمستثمرين، وفي مثل هذا النوع من النزاعات نلجأ إلى تعيين خبير هندسي لتقديم تقريره لنا، للوقوف على الحقيقة ورد الحق الى صاحبه بأسلوب ودي ومُرضٍ للأطراف.

كم بلغ إجمالي المنازعات المفصولة خلال العام الحالي وما نسبة الحل الودي فيها؟ وما المعدل السنوي للتسويات؟

نظر المصلحون المختصون في القسم منذ بداية العام الحالي نحو 7391 منازعة، تمت تسوية 1372 منها بقيمة 3.42 مليارات درهم، وبنسبة 30%.

أما معدل التسوية في المنازعات فيتراوح بين 35-60% وهي نسبة متغيرة ومرتبطة بمدى تعاون الأطراف وظروف السوق في تحقيق الحل.

ما آلية حل النزاعات؟

آلية حل النزاعات تعد بديلاً عن الطرق التقليدية، فيقوم المتنازع بتسجيل نزاع، وليس دعوى قضائية، من ثم يتولى المركز البحث عن حلول له عن طريق دعوة أطرافه أو من يمثلهم، بالاطلاع على الوثائق والمستندات والأدلة المتعلقة بها، وعرض الصلح عليهم وتقريب وجهات النظر بينهم، وصولاً إلى حل ودي بينهم، تحت إشراف قاض مختص، كما قد يستعين المركز بمن يراه مناسباً من خبراء ومختصين لتقديم الخبرة الفنية في المسائل المعروضة ويحدد في قرار الاستعانة بالخبير المهمة المكلف بها.

ما المدة التي حددها المركز للتوصل الى حل سواء بتسوية النزاع أو إحالته إلى المحكمة؟

نسعى لحل النزاعات المعروضة علينا خلال مدة أقصاها شهر واحد من تاريخ حضور الأطراف، ويمكن تمديد م هذه المهلة لمدة مماثلة أو أكثر بقرار من القاضي المختص، وفي حال تم الصلح بين أطراف النزاع فإنه يتم إثبات ذلك بموجب اتفاقية مذيلة بتوقيع الطرفين المتخاصمين، ويعتمدها القاضي المختص وتكون سنداً تنفيذياً غير قابل للطعن فيه، ويمكن تنفيذه بشكل فوري، بعكس الأحكام الصادرة عن المحاكم، التي تعتبر قابلة للطعن.

أما في حال تعذر تسوية النزاع ودياً لأي سبب كان فإنه يتم في هذه الحالة، إحالة النزاع إلى المحكمة المختصة لتسجيل دعوى قضائية، والبدء بإجراءات التنفيذ القسري، وفق الطرق القانونية المعروفة لدى إدارة التنفيذ في المحاكم، وهي الإجراءات نفسها الخاصة بتنفيذ الأحكام.

الشيكات المرتجعة

ما دور المركز في فض المنازعات المتعلقة بالشيكات المرتجعة وسداد قيمة القروض وكيف تنظرون إلى هذه المشكلة وهل لديكم مقترحات بشأنها؟

لا شك في أن مسألة التعثر في سداد أقساط القروض، والمبالغ المستحقة بموجب الشيكات، من القضايا المقلقة والكثيرة، ونحن في المركز لدينا مساع للحد من تداعياتها التي تنعكس سلباً على النسيج الاجتماعي والاقتصادي، لما لها من آثار مدمرة على المدينين، الذين قد لا يتمكنون من الإيفاء بالتزاماتهم المالية وقد يتعرضون للحبس والغرامة نتيجة ذلك، من خلال التوصل إلى تفاهمات مع الجهات ذات العلاقة وخصوصاً الشرطة والنيابة العامة والبنوك من أجل تسهيل حل مثل هذه النزاعات بطريقة ودية، بداية من مراكز الشرطة، وتخفيف وطأة الشق الجنائي الوارد في القوانين ذات الصلة، لا سيما في ما يخص الأفراد، دون الحاجة إلى توقيف هؤلاء المدينين أو تحويل ملفاتهم إلى النيابة العامة ومنها إلى المحاكم، مثلما نسعى إلى توسيع صلاحياتنا واختصاصاتنا بحيث يكون المركز هو الخيار الأول أو الوجهة الأولى التي يقصدها الدائن قبل التوجه إلى مراكز الشرطة.

لا يخفى على أحد أن الشيك يحمل صفة جنائية، وإذا ما تمت إحالة أي صاحب شيك مرتجع إلى مركز الشرطة فإنه قد يتم توقيفه وحبسه، وهذا، يعني أنه قد يقع في دائرة الخطر بحكم أنه ربما يفقد وظيفته أو، ربما تلحق بأعماله أضرار تمنعه عن البحث عن حلول ممكنة لسد الديون المترتبة عليه.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في حال اختار البنك رفع دعوى على الأشخاص ممن لم يتمكنوا من الوفاء بتعهداتهم والتزاماتهم المالية، فإن ملف تلك الدعوى يجب أن يحوّل إلى المركز بغض النظر عن قيمة المطالبات فيه وعرض المسألة عليه ليباشر مهامه واختصاصه، وبمجرد موافقة الأطراف على الصلح يعمد المركز إلى فتح ملف نزاع حسب الإجراءات المعتادة وإثبات الصلح في اتفاقية تسوية واعتماده من القاضي المختص.

وبموجب هذا المقترح فإن المركز يمنح الأطراف في مثل هذه النزاعات مهلة شهر واحد، لتبادل الحلول مع المصلحين والمختصين للتوصل إلى صيغة جدية ومرضية للأطراف، وفي حال لم يتم ذلك فإن ملف النزاع يصبح قضية جنائية.

 

دراسات لإشراك القطاع الخاص في حل المنازعات

أكّد محمد أمين المرزوقي مدير إدارة مركز التسوية الودية للمنازعات في محاكم دبي أن ثمة مشاورات ودراسات من أجل إشراك القطاع الخاص في حل المنازعات، للتوصل إلى تسويات بشأنها، من خلال اعتماد مكاتب مختصة تعمل تحت إشراف المركز، أسوة بمهام الكاتب العدل، التي منحت إلى بعض مكاتب المحاماة، بهدف توفير المزيد من الحلول والخيارات للمراجعين، وتخفيف العبء والتكاليف على الأجهزة القضائية، إضافة إلى منح الاتفاقيات التي يتوصل إليها المحامون خارج المحاكم بين بعض الأطراف المتنازعة بطريقة ودية، طابعَ السند التنفيذي والقانوني، خصوصاً أنه في حالة إخلال أطراف الاتفاقية غير المصدقة من المحاكم أو المركز بعد التوصل إليها مع الأطراف، فإنه يستدعي إحالتها إلى المحاكم لإصدار الحكم بإثبات الحق الوارد في مثل هذه الاتفاقيات، التي اكتفى أطرافها بتوقيعهم عليها لدى محام دون اعتمادها رسمياً من المحاكم أو الجهات المخولة بالتصديق عليها.

كما نسعى من وراء خصخصة التسوية إلى نشر ثقافة الصبح والحلول الودية بين الناس، لأنه في حال وجد أطراف النزاع هذه الخدمة متوفرة لدى مكاتب المحاماة فإنهم سيفضلونها على فتح الدعاوى القضائية في المحاكم، لأنها أقل تكلفة ووقت وجهد وأسرع طريق للحصول على الديون.

وثمة مشاورات مع معهد دبي القضائي من أجل إطلاق دبلوم في التسوية بهدف تطوير قدرات المصلحين وتدريب الجدد منهم بطريقة مهنية وكفؤة، على أن يتضمن ذاك الدبلوم القوانين المتعلقة بالحلول الودية، ومقتطفات من علم النفس لتأهيل المصلحين للتعامل مع المتنازعين بطريقة تتكيف مع اختلافاتهم الشخصية، لاستيعابهم وإقناعهم بالحلول الودية، إضافة إلى تقوية لغتهم الانجليزية.

كما نأمل أن تتوسع دائرة صلاحيات المركز، بحيث تضاف إليه المنازعات العمالية، وتلك المتعلقة بالأحوال الشخصية، وكما قلنا قبل قليل هناك مباحثات مع البنوك والشرطة والنيابة العامة، بشأن التقليل من منازعات الشيكات المرتجعة والتوصل إلى حلول ودية بشأنها، بحيث يصبح مركز التسوية المحطة الأولى التي ينظر فيها بمثل هذه النزاعات بدل فتح بلاغ في مراكز الشرطة وتحويله إلى النيابة العامة، استجابة لتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتسريع البت في المنازعات والقضايا، والحفاظ على حقوق ووقت وجهد المتقاضين، وكذا الحرص على حل المنازعات بشكل ودي حفاظاً على تماسك المجتمع، وبقاء عجلة المصالح الاقتصادية للمتقاضين في حالة دوران دائم، وتوفير التكاليف المترتبة عليهم في حال عرض خلافهم على القضاء.

ثقافة الصلح

أصل القضاء في الإسلام هو التسوية، لكن في حال لم يتوصل القاضي إليها بطريقة ودية، فإنه يصدر حكمه بناء على الأدلة التي يقدمها الطرفان المتنازعان، وحكومة دبي سعت، من خلال مركز التسوية الودية إلى نشر ثقافة الصلح في المجتمع في كل القضايا والاختصاصات، وتخفيف العبء على المحاكم، من خلال إجراء التسوية في المنازعات التي تعرض عليها، ومنع وصولها الى ساحات المحاكم، إضافة الى اختصار الوقت والتكاليف، خصوصاً أن التسوية لا تأخذ بالعادة أكثر من شهر، ورسوم تسجيل دعاويها هو نصف رسوم المحاكم، في حين أن كثيراً من النزاعات تستغرق نحو ثلاث سنين في المحاكم.

شروط

دورات عملية ونظرية للمصلحين في المنازعات

قال مدير إدارة مركز التسوية الودية للمنازعات في محاكم دبي: «يفترض أن يكون المصلح في المنازعات خريج قانون أو ملماً به، ولديه خبرة واسعة في المسائل القانونية الخاصة في مجال الاختصاص، ثم بعد ذلك يخضع المصلح إلى دورات عملية ونظرية داخلية في المركز وخارجه في المراكز المعاهد القضائية، وعليه اجتياز هذه الدورات»، مؤكداً أن التخصص في النظر في النزاعات، سواء كانت مدنية أو عقارية أو تجارية أو أحوالاً شخصية وعمالية، يسهم بشكل كبير في الحصول على نتائج مثمرة للتفاوض مع الأطراف المتنازعة، وتحقيق التسوية في أسرع وقت ممكن، وهي مهارة تحتاج إلى فنون وأساليب احترافية.

ومن هنا قال محمد أمين المرزوقي: «ننطلق بتأكيداتنا لأهمية أن تكون هناك مقررات ودروس خاصة بالتسويات في كليات القانون في الدولة، استجابة لسياسة الحكومة التي اعتمدها المجلس التنفيذي للإمارة عام 2015 من أجل إيجاد بدائل لفض المنازعات، خصوصاً أن إحالة المنازعات إلى المحاكم ترهق ميزانية الحكومة، وتستهلك جهد الموظفين المسؤولين عن الفضل في القضايا ووقتهم». دبي - البيان

خدمة

تسهيلات قضائية تمهّد طريق التسوية

يقدم مركز التسوية الودية للمنازعات في محاكم دبي، تسهيلات في الإجراءات، تختصر الوقت والتكلفة على الأفراد والشركات، كما يقبل مراجعة الأفراد العاديين إذا كانت لديهم وكالة صالحة، ولكن في المحاكم، فإن المراجعة والمرافعة مقتصرة على المحامين والأهل والأقارب من الدرجة الرابعة، وهذا القيد غير موجود لدينا، إذ يستطيع أي شخص لديه وكالة رسمية مصدقة عند كاتب العدل، ليمثل شخصاً آخر.

وقال مدير مركز التسوية الودية للمنازعات في محاكم دبي: قمنا بهذا الإجراء للتسهيل على الناس، وحتى لا يكون هناك حرج لدى البعض.

كما أن هذا الأمر يفيد البنوك التي يمكنها إرسال موظفين منتدبين لديها ليمثلوها في جلسات المصالحة والتسوية بعد توكيلهم بمعاملات رسمية من كاتب العدل، وبذلك يوفرون الملايين لقاء أتعاب مكاتب المحاماة الموكلة بالمطالبة بحقوقهم. دبي - البيان

تبعات

شيكات مرتجعة

يمثل الشق الجنائي المتعلق بالشيكات عامل قلق بالنسبة للمستثمرين، مخافة ألا تمكنهم الظروف الاقتصادية من الإيفاء بالتزاماتهم المالية المستحقة بموجبها لظروف طارئة، وبالتالي تحمل تبعات ذلك من الناحية القانونية لجهة الحبس أو الغرامة أو بكلتا العقوبتين، وقد يتحولون في وقت قصير إلى متهمين بسبب شيك مرتجع قد لا تكون قيمته كبيرة أولا يكون قد تم تحريره بسوء نية أمام القانون لما يصاحبه من تبعات اقتصادية واجتماعية وأسرية.

Email