إبراهيم بو ملحه لـ« البيان »:150 مليون درهم موازنة «محمد بن راشد الإنسانية» السنوية

التخصص داخل العمل الخيري يعزز الكفاءة والميزانيات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

أكد إبراهيم بو ملحه مستشار صاحب السمو حاكم دبي للشؤون الثقافية والإنسانية نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة محمد بن راشد للأعمال الخيرية والإنسانية، أن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي راعي المؤسسة، رعاه الله، هو دستور المؤسسة وبقية الجمعيات والمؤسسات الخيرية في العمل الخيري والإنساني، والداعم الرئيسي لهذا القطاع الذي يواكب التقدم الشامل في الإمارات ورؤية القيادة الرشيدة فيها تجاه العمل الخيري محلياً وإقليمياً وعالمياً.

وشدد بو ملحه في حوار مع «البيان» على ضرورة تخصص عمل الجمعيات والمؤسسات الخيرية من جهة مناطق النشاط، ونوع المساعدات، والجنسيات، لتحقيق التكامل فيما بينها وتخفيف العبء على موازنات تلك الجمعيات والمؤسسات التي دعا إلى ضرورة إنشاء مظلة شاملة لها، باجتماعات وجداول أعمال دورية وخطط مشتركة، وإلزام الشركات بتوفير التأمين للعاملين فيها لتقليل عدد طلبات الحصول على المساعدات الطبية.. فإلى نص الحوار:

رؤية وأهداف

بماذا تلخصون رؤية وأهداف المؤسسة والفئات المستفيدة منها داخلياً وخارجياً؟

مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، كغيرها من المؤسسات العاملة في هذا النشاط لمساعدة المحتاجين داخل الدولة وخارجها، دون النظر إلى اعتبارات الجنسية أو الديانة، أو اللون، أو العرق، ودستورنا في العمل الإنساني هو صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، راعي المؤسسة، الوقّاف على حاجات الآخرين، والحريص على توفيرها وخصوصا وقت الأزمات والكوارث سواء تلك الناجمة عن الطبيعة مثل الفيضانات والأعاصير أو عن أفعال البشر وحروبهم، ونزاعاتهم، وخلافاتهم التي لا تبقي نيرانها ولا تذر.

ورؤيتنا المساهمة الفاعلة والمتميزة في بناء عالم أفضل وحياة كريمة للإنسان، أما أهدافنا فتتلخص بتحقيق المبادئ الإنسانية السامية من خلال تقديم المساعدات للفقراء والأيتام والمرضى من المواطنين والمقيمين، والمساهمة في عمليات الإنقاذ والغوث الدولية في المناطق المتضررة من الكوارث وويلات الحرب ومساعدة الفقراء فيها بجل المساعدات الممكنة.

مساعدات

ما أبرز المساعدات التي تقدمونها داخل الدولة؟

مشاريعنا الداخلية تشمل المساعدات المالية للأسر بما فيها معاشات شهرية، وتوفير مصاريف العلاج الذي يعد من أهم البرامج الحائزة على اهتمام المؤسسة، إلى جانب البرامج التعليمية الشاملة، والمير الرمضاني، وبناء وصيانة المساكن للمواطنين، ومشاريع موسمية مثل مفاطر رمضان وهدية العيد والحج والقرطاسية وأخرى.

كما سبق وأنجزنا بناء 4 مجمعات سكنية في المناطق الشمالية باسم «قرى محمد بن راشد آل مكتوم»، يضم كل واحد منها 60 مسكناً تلبي احتياجات الأسر المواطنة، بتكلفة إجمالية لكل مجمع بلغت 44 مليون درهم، ونطمح بدعم أكبر من مؤسسات وشركات القطاع الخاص لتبني مثل هذه المشروعات، علماً أن مسؤولية القطاع الخاص تجاه المجتمع آخذة بالتحسن لكنها ليست كافية أمام تزايد الاحتياجات.

تطور وتقدم

هل تعتقدون أن قطاع العمل الخيري يواكب التقدم الذي تشهده الإمارات ؟

لو نظرنا إلى حجم المساعدات الإنسانية والإغاثية لدولة الإمارات في جميع أنحاء العالم بما في ذلك هنا في الداخل، لوجدنا أن دولتنا هي الداعم الأكبر عالميا في هذا القطاع، وصاحبة السبق في سرعة الاستجابة لاحتياجات المنكوبين وأصحاب المعوزة، ناهيك عن أن جمعياتنا الخيرية العاملة في الدولة، تتفوق كثيراً عن غيرها من الجمعيات في الدول الأخرى بما فيها دول الخليج العربي، سواء لجهة العدد، أو حجم الميزانيات المصروفة بالمليارات، أو نوع المساعدات والمشروعات المعتمدة بجانب أهميتها، أو عدد المنتفعين، أو حتى الأماكن التي تصل إليها في الدول الفقيرة والمنكوبة، أو لجهة سخاء وإحسان المتبرعين والداعمين لها، وبالتالي هناك اهتمام واسع من قبل جميع مؤسسات العمل الخيري بالحفاظ على هذا التميز والريادة، ومضاعفة الجهود لتقديم الأفضل والأسرع تماشياً مع توجهات وأهداف الدولة على هذا الصعيد.

مبادرات

كيف تأثر عمل المؤسسات والجمعيات بعد إطلاق مبادرات محمد بن راشد العالمية؟

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، راعي المؤسسة، رعاه الله، مواكب ومتابع لعمل المؤسسة بصفة خاصة، وبقية الجمعيات والمؤسسات الخيرية بصفة عامة، وحريص على تطوير العمل الخيري محلياً وعالمياً، والحضور بقوة وفاعلية وقت الأزمات والطوارئ، لسد احتياجات الفقراء والنازحين والمشردين، وقد بادر سموه لإطلاق العديد من المبادرات التي تعكس مساهمة سموه في العمل الخيري، فهناك أكثر من 28 مبادرة، لها أمانة عامة تتابع أداء كل المؤسسات المنضوية تحت مظلة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، وتحضها على تقديم المزيد من أجل الارتقاء بالعمل الإنساني، وسد حاجات الناس، وتنفيذ الكثير من المشاريع في الداخل والخارج، ونحن ملتزمون بما يصدر عن هذه المبادرات من توجهات وتعليمات، والمشاركة فيها بشكل فاعل.

وأداء المؤسسات تأثر بشكل واضح للأفضل، وبات لزاماً عليها تطوير خدماتها وتكثيف جهودها، لا سيما وأن الكثير من الدول بما فيها العربية والمجاورة تشهد أوضاعا صعبة تستدعي مواصلة التفكير في كيفية مساعدتها وفق الظروف المتاحة والموازنات الممكنة، وهو ما يضعنا جميعا أمام تحدٍ بشأن توفير موارد أكبر لترجمة تعليمات المبادرات، وتنفيذ ما يصدر عنها من خطة عمل.

أنشطة

ما الهدف من وجود أكثر من جمعية أو مؤسسة خيرية تقدم مساعدات عامة ومشتركة؟

أعتقد أن فكرة التخصص في نشاط الجمعيات الخيرية، هو الطريق الأقصر لتحقيق التكامل في العمل فيما بينها، وتخفيف العبء على ميزانياتها وتحسين كفاءاتها وأدائها، بما ينعكس إيجابيا على المستفيدين، وهذا ما طرحناه في اجتماعات سابقة، ونؤكد عليه الآن، علما أن التخصص يشمل كذلك الجنسيات، والمناطق الجغرافية للمحتاجين، ونوع الاحتياجات كالصحة والتعليم والآبار الجوفية والمساجد، لكن فكرة العمل الخيري الشامل المعمولة بها الآن لدى غالبية الجمعيات يزيد من العبء على ميزانيتها، وكوادرها ومواردها.

كيف استفدتم من التقنيات الحديثة في تقديم المساعدات؟

مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية، قطعت شوطاً طويلاً في التحول الإلكتروني، وبات عملها الإداري والوظيفي أكثر تميزا ودقة وفاعلية، سواء لجهة الحسابات والعائدات والمصروفات، أو المساعدات والمشروعات، أو أسماء المستفيدين، أو أرشفة الملفات، أو حتى من ناحية المتابعة الإدارية لها من قبل المؤسسات الرسمية المسؤولة عن تنظم عملها والرقابة عليها، وهذا الإنجاز الذي يحاكي تطلعات الحكومة نحو التحول الإلكتروني.ولو أمعنا النظر في حجم العمل والإنجاز في مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للأعمال الخيرية والإنسانية سواء داخل الدولة أو خارجها لوجدناه كبيراً وكثيراً ومتنوعاً، وخير دليل الموازنات المصروفة ، إذ أنشانا في المناطق الشمالية 4 مجمعات سكنية ، يضم كل واحد منها 60 مسكنا تلبي احتياجات الأسر المواطنة، بتكلفة إجمالية لكل مجمع بلغت 44 مليون درهم.

ما حجم مواردكم المالية وكم تبلغ موازنتكم السنوية؟

عندما أنشئت المؤسسة عام 1997 بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، خصص لها سموه ميزانية سنوية ثابتة تتراوح بين 60 إلى 100 مليون درهم، ولا تتأثر بحجم تبرعات المحسنين التي تصل إلى 40 مليون درهم سنويا، نتلقاها على شكل زكاة.

كما سعت المؤسسة منذ البداية في التفكير في إنشاء أوقاف تدر عليها موارد سنوية، فكان باكورتها برج ديرة في ميدان بني ياس بتبرع من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بدخل سنوي 18 مليون درهم، إضافة إلى 10 عقارات أخرى بإيرادات 40 مليون درهم، لتصل الموازنة السنوية للمؤسسة إلى نحو 150 مليون درهم تقريباً.

كيف يتم التنسيق مع سفاراتنا وبعثاتنا والمنظمات الإنسانية أوقات الإغاثة؟

التنسيق يتم على مرحلتين، الأولى عند وقوع الكارثة، والثانية بعدها، وفي الحالة الأولى نقيس مدى الضرر الناتج، بناء على اتصالاتنا مع الجهات المختصة هناك، ومن ثم نحدد نوع مساعداتنا. أما في الحالة الثانية، فيأتي دور الإغاثة، ونقل وتوزيع المساعدات بالتعاون مع شركائنا، وعادة ما تحرص المؤسسة على شراء تلك المعونات من البلاد المستفيدة أو من البلدان المجاورة، للإسراع في توفيرها، ودعم الاقتصاد هناك، وأحياناً نشحنها من الدولة من خلال طائرة «جامبو» تعمل تحت تصرف المؤسسة بتوجيهات من صاحب السمو راعي المؤسسة، وما أن يتم توفير تلك الاحتياجات حتى نتوجه بطواقمنا إلى هناك، ونشرف على عملية التوزيع وحصر الاحتياجات اللازمة مثل المستشفيات أو المدارس والمرافق العامة الأخرى.

هل تحتاج المؤسسات والجمعيات إلى مظلة للعمل تحتها؟

جميع الجمعيات والمؤسسات الخيرية في دبي تعمل تحت مظلة إدارة العمل الخيري التابعة لدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في الإمارة، لتحقيق الربط فيما بينها، والرقابة والتدقيق عليها، ومتابعة عملها لضمان تحقيق الأهداف المرسومة لها بما يتوافق مع توجه الحكومة ورؤية الدولة في مجال الأعمال الخيرية والإنسانية، بيد أن هذا الربط ليس كافيا، ولا يلبي طموحاتنا، فنحن بحاجة إلى مظلة أوسع على مستوى مؤسسات وجمعيات العمل الخيري، لتعزيز التواصل والتنسيق والتشاور فيما بينها، بحيث يكون لها اجتماعات دورية، وجدول أعمال، ومقترحات وتوصيات لتطوير هذا القطاع، وخطط وبرامج مشتركة تحقق التكامل فيما بينها خصوصا في بعض المواسم من السنة وأثناء إطلاق الحملات الإغاثية التي تحتاج إلى جهود مضاعفة.

تكاليف

بعض المساعدات التي تقدمها الجمعيات الخيرية ليست كافية لأصحابها فما تعليقكم؟

إذا أردنا أن نكون واقعيين، فلا بد من الاعتراف بأن الميزانيات المخصصة لكل نوع من المساعدات الخيرية لا تكفي لتغطية احتياجات أصحاب المعوزة بشكل كامل، وبالتالي نضطر إلى توزيعها حسب نوع كل حالة، فمثلاً إذا كانت الطلبات وتكاليفها قليلة فإننا قد نسددها بالكامل، وأحيانا نتكفل بنسبة كبيرة منها، ، لأن دور المؤسسات والجمعيات الخيرية هو المساهمة والمعونة في توفير الاحتياجات أو حد الكفاية وليس توفيرها بالكامل.

وماذا تقترحون في هذا الشأن ؟

أعتقد أنه بات لزاما على جميع الشركات توفير التأمين الصحي للموظفين والعاملين فيها من أجل تخفيف الضغط على المؤسسات الخيرية التي تتلقى طلبات مساعدات صحية كثيرة، غير قادرة على توفيرها بالكامل.

ذكريات

ما زال إبراهيم بو ملحة يخبئ في خزانة ذكرياته مشاهد ومواقف مؤلمة عاينها بنفسه أثناء تقديم المساعدات والإغاثات في بعض الدول التي تأثرت بتغيرات الطقس، أو بحروب البشر، ويعتصر قلبه حزناً وعذاباً كلما استحضرها من شدة قسوتها، ويروي لنا كيف شهد عملية إنقاذ طفل باكستاني عمره 12 يوماً من تحت ركام منزل والده الذي دمره زلزال في 2004، حيث ظل محتجزاً أربعة أيام دون أن يصاب بأذى، ويرضع من ثدي أمه المتوفية هي و15 من أفراد الأسرة.

كما يستحضر صورة قاسية أخرى للاجئين السوريين الذين شاهدهم وهم يمشون حفاة على الثلج في مخيم اللجوء الذي اضطروا فيه إلى تثبيت الخيم بكتل من الثلج، بينما تغطوا داخلها بقطع من الكرتون، قبل أن تداهمهم موجة ماطرة اقتلعت خيمهم من أرضها، وبللتهم بالمياه، وشردتهم.

تزايد عدد المحتاجين داخل الدولة وخارجها أبرز التحديات

أكد إبراهيم بوملحة أن أبرز التحديات التي تعترض مسيرة العمل الخيري هو تزايد عدد المحتاجين داخل الدولة وخارجها، وكمية الاحتياجات المطلوبة، ونوعيتها، سواء كانت للأفراد او الجماعات، في ظل محدودية الميزانيات المرصودة لها والتي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تستوعبها جميعا، لكن ما يثلج صدورنا هو حجم الدعم الذي نقدمه داخلياً وخارجياً والإنجازات على أرض الواقع خاصة في الخارج من حيث المشاريع والمساجد والآبار.

وقال: نحن على يقين بأن كل إنسان يقصدنا في المؤسسة هو صاحب حاجة، لكن قد يحدث أحيانا أن يرفق أحد في ملف حالته الاقتصادية أو الصحية أوراقا ومستندات مشكوك فيها، وفي هذه الحالة ليس لنا شأن في تحويله إلى الجهات الأمنية والقضائية، لأنه معذور، وقد اضطر إلى ذلك من شدة حاجته، لكن يمكن القول إن جميع الحالات الواردة إلينا تخضع للدراسة، ولكن ليس باستفاضة حتى لا نتأخر في تقديم المساعدة أو نعقد إجراءات صرفها، فيكفينا مراجعة بعض البيانات المتعلقة بالراتب والمداخيل والممتلكات سواء كانت عقارات أو سيارات، دون الحاجة لإجراء بحوث ميدانية للحالات التي ترد إلينا، وبناء عليها نقيس مستوى الحاجة، ونسارع إلى مساعدتها.دبي- البيان

Email