محمد رستم رئيس نيابة الأسرة والأحداث في حوار مع » البيان «:

عقوبات العنف الأسري تحتاج إلى تشديد

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

كشف المستشار محمد رستم المحامي العام رئيس نيابة الأسرة والأحداث في دبي أن 70% من قضايا الخلافات الأسرية التي تصل إلى النيابة تتعلق بالاعتداء بالضرب والتهديد والشتم وأن 90% منها تتعلق باعتداء الزوج على زوجته لأسباب عدة تتمثل باختلاف وجهات النظر وطريقة تربية الأبناء والنزاع حول من يدير دفة القيادة في المنزل، وبين أن معدل الصلح في الملفات التي تصل للنيابة يصل إلى 40%، ورأى رئيس نيابة الأسرة والأحداث خلال حواره مع «البيان» أنه من الضروري أن يتم إعطاء القضايا الأسرية مساحة أكبر من المواد والنصوص بحيث تكون مستقلة عن باقي الجرائم المشابهة والمرتكبة بين أشخاص لا تربطهم علاقة أسرية، ومثال ذلك إيجاد نص صريح في مواد العقوبات يلزم القاضي بتطبيق عقوبة مشددة في حالة تكرار الاعتداء من قبل الأزواج.

ما أهمية إنشاء نيابة الأسرة والأحداث؟

تتبع نيابة الأسرة والأحداث النيابة الكلية في النيابة العامة، وقبل التأسيس عام 2009، كانت قضايا الأسرة والأحداث تتوزع على النيابة الكلية دون تمييزها عن القضايا الأخرى، إلا أن خصوصية هاتين الفئتين، وأهميتهما في المجتمع إلى جانب الحرص على إنهاء ملفات قضاياهما في أسرع وقت ممكن، سواء بالحفظ أو الصلح أو الإحالة للمحكمة، دفع باتجاه إنشاء نيابة متخصصة لهما، بحيث يتم إعطاء أعضاء النيابة فيها مساحة أكبر من الوقت والاهتمام والتركيز أثناء النظر والتحقيق في الملفات والبلاغات ذات الشأن، حيث إن توزيع قضايا الأسرة والأحداث على بقية النيابات ينعكس بصورة سلبية على مصلحة المتخاصمين، خصوصاً أن أعضاء النيابات المختلفة قد يكونون مشغولين في قضايا أخرى غير قضايا الأسرة والأحداث وتأخذ من الجهود المبذولة حيالها.

وما هي أبرز اختصاصات النيابة؟

تختص نيابة الأسرة والأحداث بأمرين أساسيين، هما الجانب القانوني المتمثل في التصرف مع المتهمين وإحالة القضايا إلى المحكمة المختصة، وثانيهما دور اجتماعي يتمثل في محاولة الصلح بين أطراف النزاع، ويتضمن الشق القانوني التحقيق والاتهام ومتابعة سير الدعوى لأخذ حق المجتمع من خلال التصرف في الجرائم التي يرتكبها الأحداث، حتى في حالة وجود متهمين بالغين في ذات الجريمة، إضافة إلى التحقيق والتصرف في الجرائم التي ضمن نطاق الأسرة الواحدة، حيث يؤخذ في درجة القرابة حتى الرابعة.

كيف توائمون أداءكم مع استراتيجية تحقيق السعادة للجمهور؟

للنيابة العامة بكل تفرعاتها بما فيها نيابة الأسرة دور فاعل في الدولة، من خلال ترجمة رؤية وتطلعات القيادة الرشيدة فيها بأن تكون جميع الدوائر الحكومية على وجه التحديد متميزة ومتنافسة في ما بينها في تحقيق الاستقرار والسعادة في المجتمع والنشء والأسرة، ومحاولة احتواء النزاعات الأسرية والحفاظ على الخصوصية بين المتخاصمين. وتقليل عدد الملفات المحالة إلى المحاكم قدر المستطاع، وتعزيز ثقافة الصلح والتسوية والتسامح بين المتخاصمين، وتعريف أطراف النزاع بحقوقهم والإجراءات القانونية المتبعة من قبل النيابة.

الخلافات الأسرية

ما أكثر نوع من قضايا الاعتداء ارتكاباً بين الأسرة وكم نسبتها؟

70 % من قضايا الأسر متعلقة بالاعتداء بالضرب والسب والتهديد، و90% من قضايا الاعتداء داخل الأسرة متعلقة باعتداء الزوج على زوجته، لأسباب عدة أهمها اختلاف وجهات النظر، وطريقة تربية الأبناء، والنزاع حول من يدير دفة القيادة في المنزل، وتحمل الزوجة لأعباء كثيرة في التربية والمنزل، إضافة إلى سوء سلوك أحد طرفي النزاع وغيرها من الأسباب المتعلقة بالعناد والأنانية وفرض والعصبية، كل ذلك يؤدي إلى صعوبة الحوار بين الطرفين، وظهور أعراض الملل التي تنتهي بالتعدد أو الخيانة، إلى جانب تدخل أهل أحد الطرفين ما يزيد من حجم المشكلات.

كم وصلت نسبة الإدانة في القضايا التي أحلتموها إلى المحاكم؟

نحو 94% من القضايا المحالة إلى المحكمة تأخذ إدانة للمتهمين فيها، وهذه النسبة عالية وتشير إلى كفاءة فرق التحقيق، ومستوى خبراتها وتميزها في العمل النيابي، وهي بمثابة علامة على أننا نسير في الاتجاه الصحيح نحو تحسين الأداء، وترجمة الخطط المرسومة، مع الإشارة إلى أننا لا نغفل الـ6% من القضايا التي يتم فيها تبرئة المتهمين، بل نتدارسها، ونعيد النظر فيها، وهي بالمناسبة ليست أخطاء فنية أو قانونية أثناء التحقيق، وإنما تعود لتقديرات القاضي الذي يميل أحياناً لتبرئة المتهم نتيجة عدم اقتناعه بأقوال الشهود على سبيل المثال لا الحصر خاصة في القضايا الأسرية.

كم نسبة الصلح بين الملفات المنظورة العام الماضي؟

معدل الصلح في الملفات المنظورة أمام أعضاء نيابة الأسرة والأحداث يصل إلى 40%، وهذه النسبة تحققت نتيجة للمجهود الذي يؤديه وكلاء النيابة، وقسم الرعاية الاجتماعية، والتركيز في التحقيقات على مثل هذه القضايا والاختصاص بها، ونطمح إلى رفع هذه النسبة إيماناً بدورنا المجتمعي والإنساني والتربوي، وحفاظاً على بقاء العلاقات الأسرية مترابطة، لا يشوبها أي حقد أو ضغينة، حتى غدت التسوية بين الأطراف هدفاً أساسياً لنا بمؤشر أداء نقيسه بشكل دوري لنتحقق من مدى ترجمتنا لرؤيتنا ورسالتنا وأهدافنا الاستراتيجية التي يجمعها عقد واحد وهو تحقيق العدالة، ورد الحقوق لأصحابها، وتقليل عدد الملفات المحالة إلى المحاكم، وتحقيق الاستقرار والسعادة في المجتمع، وتحديداً في نطاق الأسرة.

وفي ما يتصل بالمعطيات التي تؤشر على وجود فرصة لإقرار الصلح، فلدى أعضاء النيابة خبرات تؤهلهم لقياس مستوى الضرر من خلال الملفات التي ينظرونها ، وبالتالي يلجأون لإقناع الطرفين بالصلح والتسامح ورأب الصدع في ما بينهم، بالقدر الذي يضمن حيادهم وموضوعيتهم، والأمر سيان في بعض الدعاوى التي يتم فيها التنازل من قبل المشتكي أو المجني عليه كقضايا الشيكات والسب والقذف التي تنقضي بالصلح أو السداد أو التنازل بحكم القانون.

كما توجد حالة أخرى للصلح وهي ما تسمى مبدأ «الملائمة»، بحيث ترى النيابة أن حفظ القضية أفضل من إحالتها للمحكمة كقضايا السب بين الزوجين، فعند إحالة مثل هذه القضايا إلى المحكمة فإن الأطفال والأبناء يتضررون من صدور حكم على أحد وليي أمرهم، وانضمام اسمه إلى قائمة أصحاب السوابق، وفي النهاية إذا كانت القضايا الأسرية بين الأختين أو الزوج والزوجة أو الأخ وأخته فإنه بسعينا للصلح نحمي الأسرة من التفكك.

تحديات

ما العقبات التي تعترض عملكم في الوصول إلى الأدلة الكفيلة؟

الصعوبات التي تواجهنا في التعامل مع القضايا الأسرية أن أغلبها تقع داخل أسوار المنزل، وهذا يعني تعذر الوصول السريع إلى الحقيقة بسبب عدم وجود شهود، لأن المتهم ينكر التهم الموجهة إليه في غياب طرف ثالث يروي الحكاية الصحيحة للمحققين. والصعوبة الثانية تكون عندما يستعين أحد الطرفين بشهادة الأبناء الذين قد يُجبرون على التحيز مع الأب أو الأم، أو نتيجة ميلهم إلى أحدهما، أو ربما يتعرضون لضغوطات لتحريف الحقيقة عن مسارها الصحيح، وفي أحيان أخرى يستعين المدعي أو المدعى عليه بالخادمات اللائي قد يضطررن لقلب الواقع خشية من فقدان عملهن أو عقاب الكفيل.

كما أن أغلب القضايا يكون أحد الطرفين فيها متعصباً لرأيه ووجهة نظره، وهذا ما يفرض على المحققين التحلي بالحكمة والصبر والحكمة في التعامل مع مثل هذه القضايا التي نسعى إلى الصلح والحل فيها لأن الاستعجال فيها يدعها تذهب نحو المحاكم، وبالتالي مزيداً من التأزم والتشتت، ناهيك عن العواقب المترتبة عن صدور أحكام قضائية يدفع ثمنها الأطفال.

وهناك ثمة قضايا بسيطة تردنا إلى نيابة الأسرة والأحداث ويمكن حلها أو معرفة الجاني من المجني عليه فيها في دقائق معدودة، لكنها قد تمتد لأيام وأسابيع والسبب أنها واقعة بين طرفين متخاصمين من داخل الأسرة، وتجمعهما صلة قرابة.

كيف تتأكدون من صحة أقوال أطراف الخلاف بمن فيهم الشهود؟

لدى أعضاء النيابة طرق ووسائل للتأكد من صحة أقوال المتخاصمين أهمها الاعتماد على الأدلة ومراقبة أقوال الشهود ومطابقتها، ومعرفة إذا ما تضمنت أي متناقضات أو لا، خصوصاً أن غالبية هؤلاء الشهود لا يمكن أن يتفقوا على التفاصيل أثناء الإدلاء بشهادتهم، وبالتالي يصبح الوصول إلى الحقيقة أقرب مع التدقيق في تلك التفاصيل.

المرأة أقدر على التحقيق من الرجال في قضايا الأسرة والأحداث

أوضح المستشار محمد رستم المحامي العام رئيس نيابة الأسرة والأحداث في دبي أن نيابة الأسرة والأحداث هي من أوائل النيابات في تعيين أعضاء نساء لديها، إذ التحقت في مرحلة التأسيس 3 نساء ورجلان، وارتفع العدد لاحقاً ليصبح 5 نساء و4 رجال، والهدف من تعيين الإناث في هذا الحقل هو أن المرأة بشكل عام أقدر على التحقيق من الرجال في بعض قضايا الأسرة والأحداث، لا سيما أننا نتحدث هنا عن دور مجتمعي أساسه الصلح، وليس عن دور قضائي قانوني بشكل بحت وتحقيق وتوجيه اتهام، فالمرأة أقرب إلى فهم واستيعاب الأطفال والإناث وتدرك تماماً نفسية الأنثى في المخاصمات التي تقع بين امرأة وأخرى.

وبالطبع فإن هؤلاء المحققين تجمعهم الخبرة القانونية والاجتماعية والنفسية، وهم مدربون ومؤهلون لامتصاص غضب الأطراف المعنية في القضايا من دون التأثر بذلك الغضب، كما لديهم مهارات متقدمة تجعلهم قادرين على القيام بالمهام والمسؤوليات الموكلة إليهم على أكمل وجه، نظراً لالتحاقهم بدورات عديدة تخدم قطاع عملهم بما في ذلك دورات الإصلاح الأسري التي باتت ضرورية للمحققين خصوصاً بعد توجيهات النائب العام بإعطاء الصلح بين المتنازعين فرصة كبيرة وإنهاء ملف القضية دون تحويله إلى المحاكم قدر الإمكان.

مهام

ويتولى قسم خلال قسم قضايا الأسرة والأحداث مهام دراسة وإعداد تقارير بحث حالة عن الأحداث تساعد القاضي في إصدار التدبير المناسب للأحداث، وكذلك في بعض قضايا الأسرية، وتقديم الدعم اللازم بخصوص الصلح، والحلول التي تسهم في علاج الكثير من المشكلات المنظورة أمامها، وكذا مساعدة أعضاء النيابة أثناء التحقيق في الخلافات التي تقع في نطاق الأسرة الواحدة مثل تلك التي تقع بين الأزواج، وعرض الصلح فيها ومحاولة تقريب وجهات النظر في ما بينهما، وتبصيرهم بتبعات عدم إعطاء الصلح فرصة مع إجراء دراسات تحليلية سنوية للقضايا التي تم عرضها على نيابة الأسرة للوصول إلى الأسباب وراء ارتكاب الجرائم، واقتراح الحلول اللازمة للتقليل منها.

إحصائيات

أوضح المستشار محمد رستم المحامي العام رئيس نيابة الأسرة والأحداث في دبي أنه لا يمكن تحديد العدد الحقيقي للخلافات الأسرية، لأنها تقع في المنزل ومرهونة بالتبليغ عنها من قبل الطرف المتضرر.

وثمة أناس يفضلون السكوت عن الشكوى حفاظاً على سمعة العائلة والخصوصية، وكذالك احتراماً لمشاعر الأبناء وخوفاً على مستقبلهم واستقرارهم، علاوة أن بعض الحالات تتوجه إلى محكمة الأحوال الشخصية في حال تعرضت الزوجة إلى اعتداء أو سب أو ما شابه ذلك، فتشتكي إلى القاضي مباشرة الذي ينظر قضيتها سواء كانت الطلاق للضرر أو بداعي الحصول على النفقة أو كسب الحضانة وغيرها من الطلبات ويفصل فيها، من غير اللجوء إلى مراكز الشرطة وفتح بلاغات فيها.

Email