نسخ عطرية للسيدات قريباً

علي شهدور: المنافسة هاجسنا اليومي والإبداع أداتنا

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يهدأ على الإطلاق، إما يجول في صالة التحرير، أو في مكتبه مجتمعاً؛ ينادي، يتحدث، يرد على هاتفه الذي لا يتوقف رنينه، يتشاجر أحياناًَ، وتضج ضحكته في أحيان أخرى، كل نصف ساعة تقريباً لا بد أن تسمع صوته في صالة التحرير، وخلال العشرين دقيقة التي منحنا إياها لهذا الحوار بعد تأجيله 4 مرات لانشغاله، رن هاتفه 5 مرات، ووصلت رسائل لم أتمكن من حصرها، وتمت مقاطعتنا من قبل رؤساء الأقسام والمحررين أكثر من 5 مرات.

علي شهدور مدير عام التحرير في «البيان»، وافق على الإجابة عن الأسئلة كافة، إلا أنه اشترط ألا نخصص له أكثر من ربع صفحة بالكثير، وعلى الرغم من أنني لم أجد حلاً لهذه المعادلة الصعبة، فإنني رأيت من الإنصاف الاكتفاء بقدر محدود من الأسئلة هذه المرة، وأن أصل معه لحل وسط يرضيه هو، والقراء، وموظفي «البيان»، وصاحبة الحوار التي تدرك أنها لن تنجو بفعلتها بعد نشره.

وتحدث شهدور عن المنافسة بين الصحف الأخرى ووسائل التواصل الاجتماعي، وما إذا كانت الصحف الورقية إلى زوال أم لا، وعن أسباب الرنين المتواصل لهاتفه، وكيفية سير العمل بدءًا من أول حرف تتم كتابته، مروراً بطباعة الصحيفة، وانتهاء بوصولها للقراء ومنافذ البيع في الرابعة صباحاً.

الحوار حمل الكثير من التفاصيل التي ينتظرها القارئ عموماً، وموظفو «البيان» خصوصاً. ومن لا يعرف مدير التحرير إلا عن طريق صوره، أو اسمه، أو مشاركاته في وسائل التواصل الاجتماعي، هنا يمكنه معرفة المزيد، والاقتراب أكثر من تفاصيل «مهنة المتاعب» كما يسمونها. فقط اقرأوا بقلوب مفتوحة الحوار التالي:

المنتج النهائي

القراء يرون المنتج النهائي للصحيفة، ولا يعرفون ما مر به حتى وصل إليهم، هل تحدثنا عن حجم الأعمال التي تقف خلف إنتاج الصحيفة يومياً؟

نعم؛ هم يرون ما نحب أن يروه «المنتج النهائي بشكله الجميل»، لكن خلف هذا المنتج فرق عمل لا يمكن للناس أو القراء أن يتخيلوه، سواء في إدارة التحرير، أو النشر الإلكتروني، أو إدارة الطباعة، أو التوزيع.

فالجهد يبدأ فعلياً منذ الصباح الباكر بخروج المحررين الميدانيين كافة إلى مختلف المؤسسات والفعاليات في جميع إمارات الدولة، ليعودوا ظهراً ويقدموا الأخبار والتغطيات التي تمر بالتصحيح والتدقيق، ثم رسم وتصميم الصفحات، واختيار العناوين، وذهاب الصفحات للمطبعة تباعاً من كل قسم، وهكذا يستمر العمل من فريق إلى آخر حتى ما قبل فجر اليوم التالي، أي إلى أن تصل الصحيفة إلى المشتركين ومنافذ البيع.

المنافسة والتطوير

بحيادية، كيف ترى «البيان» بين الصحف الصادرة في الدولة؟

نحن نحب المنافسة، نحترم الجميع بالطبع، فكل صحيفة موجودة لها تاريخها، ويمتد تاريخ الصحافة الإماراتية إلى ما قبل قيام الاتحاد، وهذا التاريخ يجب أن يُقدّر، سواء لصحف عربية أو ناطقة بالإنجليزية أو غيرهما، أو أية مطبوعات أخرى موجودة، أو جديدة دخلت الساحة، كلها لها تقديرها.

نحب المنافسة جداً، ولا نقول إننا في في المركز الأول أو الأخير، هناك منافسة شديدة سواء من صحف الإمارات أو الصحف العريقة الأخرى مثل الشرق الأوسط أو الحياة، فعلينا أن نحافظ على مستوى يليق من الكتابة والطرح لنحافظ على قراء «البيان» ونكتسب جدداً.

ما الصحيفة التي تتمنى أن تكون «البيان» مثلها؟

البيان نفسها، نحن لا نرى ونركز إلا على «البيان».

خطوط حمر

ما الخطوط الحمر التي يسمع عنها الجميع في العمل الإعلامي؟ وهل للبيان خطوط حمر خاصة بها؟

نحن نسير حسب قول وأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، حيث أكد سموه أن لا خطوط حمراء في عمليات النشر، شريطة تحري الدقة في الأخبار، والكتابة بحيادية وموضوعية، وأن تكون متأكداً من المعلومة ومصداقيتها ويكون لها مصدر حقيقي لا مجرد نقل دون التأكد، ويسري ذلك على الأخبار والمقالات أيضاً، فيتعين أن يكون المقال ذا أسس وموزوناً، والأهم أن يكون حقيقياً.

هل صحيح أن بعض رؤساء ومديري التحرير «ملكيين أكثر من الملك»، كما يقال، فيخفضون سقف الحرية أكثر من المسموح خوفاً على مناصبهم، أو بهدف إرضاء بعض المسؤولين؟

لا، طبعاً، مستحيل، نحن لدينا فرصة ذهبية لرفع سقف الحرية وصادرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بنفسه، ونتنازل عن هذه الميزة!، السقف الذي منحتنا إياه الحكومة عال جداً، ويرى الجميع ما ننشره من قضايا، ونقد، وغيرها من الأمور.

بالإضافة إلى نقل الإنجازات، نحن الآن في زمن فيه الشفافية على مستوى عال جداً، الجميع بإمكانه أن يعبر عن رأيه بكل حرية، سواء عبر البث المباشر في الإذاعة، أو على شبكات التواصل الاجتماعي، فكيف لصحيفة تهوى السبق والمصداقية ألا تستغل هذا الجانب المتاح لها أصلاً وتتنازل عنه!.

هاجس يومي

بأمانة، ما الذي يخيفك فعلاً في هذا العمل والمنصب؟

أخشى دائماً من الصحف الأخرى، بمعنى أن آتي صباحاً وأرى صحيفة أخرى نشرت خبراً أو قصة أو تصريحات خاصة، ليست منشورة في صحيفتنا.

رغم كل تلك السنوات في هذا العمل، لم يختف هذا القلق أو على الأقل يخف؟

«لين باجر» لن ينتهي هذا القلق، إذ هو الهاجس الذي يتوجب على كل صحيفة العمل به، وإلا لما بات هناك شغف يومي للتميز والمنافسة، على الرغم من أنني على يقين كباقي كل الصحافيين أننا لسنا وحدنا في هذا المجال، بمعنى أننا نعمل والصحف الأخرى كذلك، والكل يسعى للتميز.

ومن الطبيعي جداً أن تكون لدى الصحف الأخرى أخبار ليست لدينا والعكس صحيح، لا يمكن أن تصبح الصحف كلها نسخة واحدة، لكن الأهم، أن نستمر وألا نتخلف عن الآخرين كثيراً، وأن يكون لدينا أكثر مما لدى الصحف الأخرى، لنقف أمام القراء بقوة وثقة كل يوم، لأننا نحمل لهم الجديد والحصري.

المزايا الوظيفية

«التوطين» كيف تراه في «البيان» مقارنة مع المؤسسات الأخرى؟

هذا الهاجس الذي نعمل منذ سنوات على إنجازه، وكل عام نطرح برامج لتأهيل وتدريب المواطنين في قطاع الصحافة والنشر، وقطعنا أشواطاً كبيرة في هذه المسألة، لكن في بعض الأحيان أو أغلبها يواجهنا معوق الراتب والمزايا التي تمنحها الدوائر الأخرى، وهي أكثر مما يمكننا تقديمه، فيفضل المحرر المواطن بعد أن تم تأهيله وتدريبه ويصبح له اسم في عالم الصحافة، أن ينتقل إلى مكان يمنحه حوافز مادية أكثر وعدد ساعات عمل أقل، لأن المعروف أن ساعات العمل الصحافي ممتدة ومتعبة.

الصحيفة الورقية

هل تقلق ولو بنسبة 1 % من فكرة أن الصحف الورقية إلى زوال؟

لا أقلق، لأنني لا أزال أرى حتى على مستوى العالم، تلك الصحف الورقية التي أغلقت أبوابها اعتقاداً منها بأنها تستطيع الاعتماد على التكنولوجيا، عادت وفتحتها من جديد، لا يزال الناس حتى في أوروبا وأميركا يفضلون أن يكون الأمر متوازناً بين الصحيفة الورقية والإلكترونية، وعلى الرغم من عمليات التقنية التي تزداد وتحاول الصحف مواكبتها، إلا أن الناس ستظل بحاجة إلى الصحيفة الورقية، ولن يُستغنى عنها.

هل يمكن برأيك الوصول إلى معادلة يمكنك من خلالها إرضاء القارئ والمحرر ومصدر الخبر؟

لا، مستحيل، إذا رضي القارئ، «يزعل» أحياناً المسؤول أو مصدر الخبر، وأحياناً المحرر نفسه يستاء من اختصار أخباره لضيق المساحات، وغيرها من الأسباب، لكننا دائماً نحاول الوصول إلى معادلة نرضي فيها الجميع، ننشر مشاكل واحتياجات القارئ على سبيل المثال ونوازن بينها وبين رد المسؤول، وهكذا.

ما المعارك الحقيقية ـ إن سميناها كذلك ـ التي تواجهها يومياً؟

مع الصحافيين والمحررين، إذا لم ينجز أحدهم ما عليه من مهام على سبيل المثال، أو ماطل وتأخر في الإنجاز، كل المعارك لها علاقة بالروتين اليومي للعمل.

ألا تستاء بسبب «الإعلانات» التي قد تطغى على الصفحات وتحد من المادة التحريرية؟

لا، بالعكس، أنا أسعد كلما زادت الإعلانات، لكننا في الوقت نفسه نطلب زيادة الصفحات بما يمنحنا المجال للمادة التحريرية.

نسخ ناعمة

ما المفاجآت التي تخبؤها البيان للقراء بعد 35 عاماً؟

دائماً نحاول تقديم الجديد للقراء، وسيرون الجديد سواء على الصحيفة الورقية أو على نسختها الإلكترونية، فحجم الصحيفة سيصبح أصغر أي أقل عرضاً طبقاً للمقاس العالمي الجديد، ونوعية الورق ستختلف، وسنفاجئ السيدات والفتيات من المشتركات في الصحيفة بنسخ خاصة لهن بروائح العطر والبخور، وقد أحضرنا نوعية خاصة من الحبر لهذا الغرض، كما سينضم عدد من الكتّاب الجدد للصحيفة.

النظرة الأولى

قال علي شهدور إن نظرته الأولى إلى الصحيفة في الصباح الباكر، تكون بقصد التدقيق على عناوين الصفحة الأولى، رغم أنه يكون قد رآها في مساء اليوم السابق، وذلك بغرض التأكد إذا بقيت كما اتفق عليه ليلاً، أو تغيرت للأفضل، لكنه لا يستمتع بقراءتها صباحاً لأنه يكون قد قرأ معظمها قبل طباعتها، وأحياناً بسبب ذلك؛ عندما يقرأ بعض الأخبار يظن أنها نشرت سابقاً، وينسى أنه قرأها مساء قبل الطباعة.

المحرر الشامل

أكد مدير عام التحرير في «البيان»، أن الصحيفة واكبت التطور وسايرت وسائل التواصل الاجتماعي، فمحرر «البيان» اليوم يعد محرراً شاملاً وذكياً، يستطيع أن ينشر ورقياً وفي الوقت ذاته على الموقع الإلكتروني ومواقع التواصل، ففي مختلف المنتديات والمؤتمرات نرى على سبيل المثال الصحافيين الآخرين يسجلون ويقومون بالتغطية.

في حين محرر «البيان» يعمل على التغطية للصحيفة الورقية، ويلتقط صوراً للحدث وينشرها على الموقع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي، وأعتقد بأن هذه واحدة من التحديات التي تواجه صحافة الإمارات، وهي مواكبة وسائل التواصل الاجتماعي والاستفادة منها أيضاً بأقصى ما يمكن.

آراء

«كلام جرايد» فهم خاطئ

قال علي شهدور مدير عام التحرير في "البيان" إن سماع جملة «كلام جرايد» يشعره بالغيظ، موضحاً أن هذا الفهم خاطئ وأن المسألة ليست «كلام جرايد»، إنما هي تصريحات وكلام للشيوخ والقادة والمسؤولين في الدولة والعالم، ومديري مؤسسات وهيئات ووزراء، وآراء للشعب، وكل ما تنجزه الدولة تنقله الصحف للناس وتعرفهم به، إضافة بالطبع إلى وسائل الإعلام الأخرى، وبرأيي من يرى أنها «كلام جرايد» ولا تعجبه، فليس عليه أن يشتريها.

وضوح

متى يستبد بك الغضب؟

عندما يأتي الصحافي بأعذار غير صحيحة لخبر فاته، مثلاً خبر ينشر في الصحف كافة إلا «البيان»، ليس من المنطقي أن أصدق أن الصحافي كان هناك ولم يكتب الخبر، ولا أرضى أن يدّعي أنه كان في الحدث، وأنا على علم بعكس ذلك، لكن هذا لا يعني على الإطلاق أني آخذ الأمور بشكل شخصي، فمن أتعارك معه بسبب خبر في الصباح، لن يستغرب أحد لو رآنا نتغدى معاً.

تطوير

مسيرة بدأت منذ 2004 ولم تتوقف

أوضح علي شهدور أن «البيان» بدأت منذ 2004 العمل على تطوير المنتج الورقي والموقع الإلكتروني، فتم أولاً تغيير لون صفحات الجريدة، ثم تصغير حجمها، ثم استقطبنا كتاباً عالميين، وحققنا إنجازات كثيرة، والآن «البيان» هي الصحيفة العربية الأولى التي أدخلت الـ "إنفوغراف" في صفحاتها وتميزت به، وقطعنا شوطاً كبيراً في هذا المجال، وبات لدينا فريق عمل متكامل للإبداع والابتكار، وحصلت على جوائز عالمية.

واستثمرت «البيان» في موقعها الإلكتروني، وهي تستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لنشر أخبارها، ونحن مستمرون في الابتكار وطرح أفكار ومبادرات جديدة لصالح القارئ من كل الفئات، وستكون هناك أفكار جديدة لم تسبقنا إليها الصحف الأخرى.

Email