المدير العام للمركز الوطني للتأهيل في أبوظبي لـ« البيان »:

خطط لدعم وتشغيل المتعافين من الإدمان

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الجرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

يعكف المركز الوطني للتأهيل على وضع خطط لدعم المشاريع التجارية الخاصة بالمتعافين من الإدمان، بالتعاون مع عدد من الجهات في الدولة، إلى جانب توفير فرص عمل لهم، وتخصيص برامج تشجيعية، لابتعاث طلبة من مواطني الدولة للدراسة في التخصصات العلمية التي يحتاج إليها المركز، وذلك بهدف تطوير الكادر الطبي الموجود في المركز، إضافة إلى زيادة الطاقة الاستيعابية من خلال ثلاث عيادات خارجية جديدة، في وقت وصل إجمالي عدد المرضى في القسم الداخلي للمركز حتى العام الماضي 2014 إلى 2049، فضلاً عن وجود نحو 2280 مريضاً يخضعون إلى إجراءات تقييم وإعادة تقييم في العيادات الخارجية للمركز.

ذلك ما أوضحه الدكتور حمد الغافري، المدير العام للمركز الوطني للتأهيل بأبوظبي، في حوار مع «البيان»، لفت فيه إلى أن المركز حقق خلال الفترة الماضية العديد من الإنجازات، أبرزها يتمثل في أن نسبة العلاج في المركز تجاوزت الـ42%، بينما تراوح نسبة النجاح عالمياً بين 30 و35%، فضلاً عن افتتاح وحدات جديدة، مختصة بعلاج المدمين من مختلف الجنسيات المقيمة في الدولة والمراهقين، وذلك بعدما كان المركز قصراً على علاج المدمنين من مواطني الدولة.

تأهيل الوافدين

وأشار الغافري إلى أن إدخال الوافدين ضمن الفئات المستفيدة من الخدمات التي يقدمها المركز، نابع من إيمان القائمين على المركز الوطني للتأهيل، بضرورة خفض الطلب على المخدرات من خلال توفير خدمات العلاج، وإعادة التأهيل للمرضى والوقاية منه.

ونوه بأن متعاطي المخدرات يصنفون ضمن أكثر فئة تعرضاً لحالات الموت نتيجة تناول جرعات زائدة، مشيراً إلى أن الإحصائيات الخاصة بحالات الجرعات الزائدة التي سجلها المركز خلال الأعوام الأربعة الماضية بلغت 33 حالة، 42% منهم تبلغ أعمارهم أقل 30 عاماً، بينما راوحت أعمار 58% منهم بين 30 و45 عاماً، فيما أوضحت إحصائيات المركز أن 76% من مجموع حالات الجرعات الزائدة كان ممن يتعاطون الأفيون.

وقال إن المركز عمل على تقسيم الأسرة المخصصة للمرضى إلى ثلاثة أقسام حسب المراحل العلاجية المختلفة التي تشمل: أجنحة التشخيص المزدوج، وأجنحة إزالة السميات، وأجنحة إعادة التأهيل.

خطط التوسع

وعن مشاريع المركز وخططه المستقبلية، أكد الغافري أن المركز يعمل حالياً على زيادة الطاقة الاستيعابية في العيادة الخارجية، من خلال إنشاء ثلاث عيادات خارجية جديدة، واحدة للرجال والثانية للنساء وعيادة للرعاية اللاحقة، لافتاً إلى أنه سيتم إدخال عدد من المراكز الخدمية لهذه العيادات تضم مركزاً لرعاية الأطفال من أبناء المرضى، ومركزاً آخر مخصصاً لزوار أهالي المرض.

وتابع: «أطلق المركز برامج متخصصة لعلاج المراهقين وذوي التشخيصات التبادلية، ويعمل حالياً على تحديث برامج العلاج والتأهيل وبرامج الوقاية، واستقطاب كوادر مؤهلة في مجال الإدمان، والمشاركة في حملات التوعية ونشر ثقافة الوعي في المجتمع، وتوسيع أطر التعاون في اتفاقيات التعاون مثل منظمة الصحة العالمية وجامعة هارفرد ماكلين».

ونوه بأن المركز يعمل على إطلاق النسخة العربية من المجلة الدولية للوقاية والعلاج من التعاطي والاضطرابات المرتبطة به، لتكون أول مجلة عربية متخصصة تتضمن بحوثاً ودراسات تهم المنطقة وتركز على مشكلة الإدمان.

علاج ودمج

في ما يخص الخطة العلاجية التي يعتمدها المركز في معالجة المدمنين على المخدرات، أوضح الغافري أن المركز الوطني للتأهيل يسعى إلى تقديم خدمات علاجية وتأهيلية متميزة ومبنية على الدليل العلمي لضمان نجاح التدخلات العلاجية، وهو يحرص على مراعاة المريض كفرد لتلبية احتياجاته النفسية والطبية والاجتماعية.

وأضاف: «تنقسم الخدمات المقدمة إلى خدمات عيادة خارجية والقسم الداخلي (مراحل إزالة السمية، والعلاج والتأهيل)، وأخيراً مرحلة الاندماج في المجتمع، من خلال برامج العيادة أو فترة منزل منتصف الطريق».

وقال: «المركز ما كان ليقدم رسالته السامية من دون الدعم غير المحدود من قبل صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ومتابعة سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير شؤون الرئاسة، إذ يعتبر المركز مصدراً وطنياً وإقليمياً، ونموذجاً لتوفير مختلف العلاجات من الإدمان، وفقاً لأرقى المعايير العلمية والعالمية».

سرية واحترام

ولفت إلى أن المركز يتبنى سياسة صارمة تجاه سرية المعلومات وعلاقات المرضى ببعضهم كالاحترام والجدية في حضور البرامج المكثفة، ويلتزم المرضى بفترة علاج حسب حالة كل منهم لا تقل عن ستة أسابيع في القسم الداخلي، وفترات أطول في العيادة الخارجية، حسب حالة المريض، ونوع المادة التي يتعاطاها.

وأشار إلى أن المركز يحرص على التواصل مع الجمهور من خلال الرقم المجاني 8002252، منوهاً بأن إجمالي عدد المكالمات الهاتفية الاستشارية التي يتلقاها المركز خلال الشهر الواحد، تراوح بين 150 و200 مكالمة شهرياً.

توظيف المتعافين

وعن دوره في توفير فرص العمل للمواطنين، أشار الغافري إلى أن المركز يفتح أبوابه لمواطني دولة الإمارات الراغبين في العمل في مجال الوقاية والعلاج والتأهيل من الإدمان، ويحرص من خلال استراتيجيته الجديدة على استثمار الطاقات والخبرات وتطوير الكفاءات المواطنة للاستفادة منهم في مجال علوم الإدمان والمخدرات، إذ تم وضع خطة سنوية لتوفير احتياجات المركز من الموارد البشرية المتخصصة.

وأكد أن المركز نجح حتى الآن في توظيف العديد من الأشخاص الذين اجتازوا فترات التأهيل، في عدد من الهيئات والمؤسسات في الدولة، وذلك برغم العقبات التي يواجهها المركز في توظيف هذه الفئة، مشيراً إلى أن المركز يعمل حالياً وبتعاون مع نخبة من المؤسسات التعليمية المحلية، على تنظيم برامج تدريبية وتعليمية، في اللغة الإنجليزية ورخصة قيادة الحاسب الآلي ICDL، خاصة بالمدمنين في المركز، يحصلون من خلالها على شهادات معتمدة، تساعدهم على البحث عن عمل عند انتهاء فترة وجودهم في المركز.

وأوضح أن المركز عمل على تخصيص برامج تشجيعية، لابتعاث طلبة من مواطني الدولة للدراسة في التخصصات العلمية التي يحتاج إليها المركز، وذلك بهدف تطوير الكادر الطبي الموجود في المركز.

رفع نسبة التوطين

لفت الدكتور حمد الغافري، المدير العام للمركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، إلى أن المركز يسعى إلى رفع نسبة التوطين في الوظائف التخصصية في علم الإدمان كالطب النفسي وعلم النفس السريري والخدمة الاجتماعية والتمريض النفسي، وخصوصاً في ظل التوسعات المستقبلية للمركز، وهو ما يتطلب المزيد من الكفاءات البشرية، وخصوصاً الكوادر المواطنة من مختلف التخصصات الطبية والفنية، إذ يعمل المركز على تعريف المواطنين بالوظائف المتوافرة، من خلال المشاركة في معارض التوظيف والموقع الإلكتروني.

رفاق السوء

من المقولات التي يؤمن بها المركز الوطني للتأهيل إن «الإنسان إذا أضاع ثروته، فإنه لم يخسر الكثير، وإن أضاع قراراته وعزيمته، فقد خسر كل شيء»، فرحلة الإدمان على المخدرات دائماً ما تبدأ بتشجيع رفاق السوء، وبدافع الفضول وحب التجربة، وما إن يقع الشخص في براثنها حتى يقف آسفاً على ضياع سنين عمره هباء، ويكتشف أنه كان مغيباً فيها عن الحياة، ولم يهنأ خلالها بلحظة سعادة، إلا بضع ثوانٍ زائفة زينتها له جرعات المخدرات.

سعيد.. استعاد وعيه بعدما كاد أن يقتل ابنه

 أثناء وجودنا بالمركز تمكنا من التواصل مع احد الأشخاص الذين اجتازوا فترة العلاج بالمركز بنجاح، اسمه سعيد، شاب خليجي متزوج ولديه 4 أطفال، أفاق من كبوته عندما أدانته محكمة جنايات أبوظبي بتعاطي المخدرات، وقضت عليه بالسجن، وأودع المركز الوطني للتأهيل.

أدمن تعاطي الأفيون والهيروين والحبوب والحشيش وهو في الـ22 من عمره، وكشفت عينة البول إدمانه.

يقول عن بداية دخوله عالم الإدمان: «لم أكن أعاني مشكلات أسرية، ولكن رفاق السوء وحب الفضول والطيش جعلوني أتشجع على خوض هذه التجربة، إذ كنت أسمع أن المخدرات تمنح شعوراً بالسعادة، فقلت في خاطري: سأجرب مرة واحدة».

وعن الإحساس الذي كان ينتابه وقت التعاطي، يوضح: «في البداية كان ينتابني إحساس بالسعادة، فأصبحت أتعاطاه بشكل مستمر حتى تحولت إلى شخص مدمن على المخدرات، لكن بعد فترة قصيرة جداً تبدأ الأعراض السلبية والنفسية والجسدية في الظهور، وتأخذ الأمور مجرى آخر»، موضحاً أن المخدرات حولته إلى إنسان مضطرب نفسياً، وانطوائي لا يستطيع السيطرة على تصرفاته، أو سلوكياته مع أفراد أسرته الذين أصبحوا يخافون منه.

يتابع: «أكثر ما آلمني هو اعتيادي على ضرب أفراد أسرتي، وكنت أرى نظرة الخوف والحزن في أعين أبنائي، حتى إنني ذات يوم عندما لم أجد المال لشراء المخدرات، أمسكت بأحد أبنائي وأردت أن ألقيه من النافذة، لولا ستر الله وتدخل زوجتي».

عندما قضت المحكمة بمعاقبة بعقوبة السجن، امتلك سعيد بمساعدة ذويه الشجاعة لمواجهة مشكلته مع الإدمان، وأول ما فكر فيه هو اللجوء إلى المركز الوطني للتأهيل في أبوظبي، وفي هذا يقول: «بداية الأمر، دخلت المركز إرضاء لوالدي وزوجتي، ظناً مني أنها فترة قصيرة وسأخرج وأعود بعدها لمواصلة تعاطي المواد المخدرة، لكن ما إن أدخلت إلى المركز حتى بدأت نظرتي إلى التعاطي بالتحول، حيث استجبت للعلاج بكل مراحله، إلى أن عدت من جديد إلى أهلي وأسرتي».

ويقول سعيد إن حياته قبل دخول المركز كانت ملأى بالمآسي والظلام، لكنها تغيرت إلى حياة سعيدة، «فمن أول يوم دخلت فيه المركز حتى اليوم وهو يدعمني معنوياً ونفسياً، ويثني علي ويشجعني دائماً، ويزيد من ثقتي بنفسي، وهو ما انعكس إيجاباً على دوري بصفتي رب أسرة، يحرص على حماية وإسعاد أفراد أسرته والتقرب إليهم».

الطرق المؤدية إلى المركز

يحصل مريض الإدمان على الخدمات التي يقدمها المركز بإحدى طريقتين: الأولى عن طريق تحويله من السلطات القضائية بعد ضبطه، وذلك تطبيقاً للمادة 42 من باب العقوبات بقانون مكافحة المواد المخدرة التي تنص على أنه يجوز للمحكمة - في غير حالة العود - بدلاً من الحكم بالعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون أن تحكم بإيداع الجاني إحدى وحدات علاج الإدمان المشار إليها في الفقرة الأولى من المادة (4) من هذا القانون، وذلك بعد أخذ رأي اللجنة المشرفة على العلاج.

الطريقة الثانية: تقدم المريض وطلبه للعلاج بشكل طوعي، وهذه الخطوة قد تكون أهم قرار يتخذه مريض الإدمان في حياته، ومن شأنها أن تسهم بقدر كبير في استعادة المجتمع لشخص قادر على الإنتاج والعطاء والاستمتاع بالحياة كغيره من أفراد المجتمع.

«داخلية الوطني» تطلع على برامج المركز الوطني للتأهيل

اطلعت لجنة الشؤون الداخلية والدفاع للمجلس الوطني الاتحادي أمس على أهداف لمركز الوطني للتأهيل وبرامجه واستراتيجيته وخططه المستقبلية، والخدمات التي يقدمها للوقاية والعلاج من الإدمان إضافة إلى تأهيل المدمنين.

واستفسر أعضاء اللجنة برئاسة الدكتور يعقوب النقبي رئيس اللجنة خلال زيارتهم أمس، المركز في أبوظبي، من الدكتور حمد بن عبدالله الغافري المدير العام للمركز عن الخدمات التي يقدمها المركز للمرضى المدمنين وأسباب التعاطي وفترة العلاج والتنسيق بين المركز والجهات الأخرى، وجهود المركز في الحد من انتشار المواد المخدرة والمؤثرات العقلية في المجتمع. وشارك في الزيارة الدكتورة أمل القبيسي وعبيد حسن بن ركاض وسعيد ناصر الخاطري.

وقال النقبي: إن اللجنة نظمت زيارات ميدانية لعدد من الجهات ذات الصلة بدراسة ومناقشة موضوع حماية المجتمع من المواد المخدرة لإعداد تقرير شامل حول الموضوع، من خلال التواصل المباشر مع الجهات المعنية في الدولة، حيث زارت اللجنة مركز التأهيل الخاص في الشارقة والقيادة العامة لشرطة دبي.

مناقشة سياسات المدارس الخاصة للوقاية من المخدرات

نظم المركز الوطني للتأهيل بالتعاون مع جهات حكومية ووطنية معنية بقضايا المخدرات أمس بفندق دوست ثاني أبوظبي ورشة عمل بعنوان «الاحتياجات والتحديات» وذلك لمناقشة سياسات المدارس الخاصة بالوقاية من المخدرات في الدولة. وتهدف الورشة إلى استعراض ومناقشة الاحتياجات والتوصل إلى إجراءات منظمة بالمدارس تساعد على التعاطي مع جميع قضايا المخدرات وبحث إمكانية وضع خطط إعداد هذه السياسات وتطبيقها.

وأكد الدكتور حمد عبدالله الغافري مدير عام المركز الوطني للتأهيل أن المركز بتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورعاية ومتابعة مستمرة من سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة يسعى إلى إعداد استراتيجية عامة للتصدي للإدمان بالتنسيق والمشاركة مع جميع الجهات المعنية وتطوير برامج للتوعية والوقاية واستحداث برنامج لرصد المرض.

Email