«خليفة التربوية» تستشرف مستقبل التعليم ما بعد «كورونا»

خلال الجلسة الرمضانية الافتراضية | من المصدر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أجمعت قيادات تعليمية على تميز منظومة التعليم الإماراتية في إدارتها تداعيات الأزمة الطارئة المترتبة على تفشي وباء كورونا في العالم، وأشاروا إلى جهوزية مختلف الجهات ذات العلاقة التي جعلت من استمرار التعليم حقيقة على أرض الواقع على الرغم من توقف المدارس والمعاهد والجامعات في كثير من دول العالم إلا أن الرؤية الاستباقية لقيادتنا الرشيدة جعلت من التعلم عن بُعد بديلاً استراتيجياً في مواجهة هذه الظروف الصحية الطارئة.

جاء ذلك خلال الجلسة الرمضانية الافتراضية التي نظمتها جائزة خليفة التربوية عبر تقنيات الاتصال المرئي بعنوان «التعليم عن بُعد.. الرؤية والتوجهات المستقبلية»، وشهدها معالي المهندس حسين بن إبراهيم الحمادي وزير التربية والتعليم، ومحمد سالم الظاهري عضو مجلس أمناء جائزة خليفة التربوية، وأمل العفيفي الأمين العام لجائزة خليفة التربوية، وأعضاء اللجنة التنفيذية للجائزة وعدد من القيادات التربوية والأكاديمية.

وأدار الجلسة الدكتور خالد العبري عضو اللجنة التنفيذية للجائزة، وتحدث فيها كل من فوزية غريب وكيل وزارة التربية والتعليم المساعد لقطاع العمليات المدرسية، والدكتور عبداللطيف الشامسي مدير مجمع كليات التقنية العليا، والدكتور غالب الحضرمي البريكي مدير جامعة الإمارات بالإنابة.

نجاح

وفي بداية الجلسة، أكد معالي حسين بن إبراهيم الحمادي أهمية هذه الجلسة الرمضانية الافتراضية التي تسلط الضوء على نجاح الإمارات في إدارة هذه الأزمة العالمية المترتبة على تفشي وباء كورونا في العالم، مشيراً إلى أن دولة الإمارات كانت جاهزة في إدارتها لهذه الأزمة وقدمت نموذجاً متميزاً لضمان استمرار الأعمال، ومن بينها التعليم حيث نجحت الدولة في تطبيق استراتيجية التعليم عن بُعد، وأعتقد أن الممارسات المتميزة التي تمت في الميدان التربوي في التعليم عن بُعد سيكون لها آثار كبيرة في تطوير التعليم في مرحلة ما بعد كورونا، كما أقترح أن تخصص الجوائز التربوية مثل جائزة خليفة التربوية مجالاً حول التعلم عن بعد أثناء أزمة كورونا والجهود المتميزة التي تمت فيه من قبل الإدارات المدرسية والمعلمين والطلبة وأولياء الأمور ومختلف الجهات التي دعمت استمرار التعليم إبان هذه الأزمة العالمية.

ومن جانبه، أشار محمد سالم الظاهري إلى أن نجاح استمرار الأعمال في الدولة يترجم رؤية استشرافية للقيادة الرشيدة عندما استثمرت في البنية التحتية التقنية في مختلف القطاعات وخاصة في قطاع التعليم، حيث بذلت القيادة الرشيدة جهوداً كبيرة خلال العقود الماضية في تطبيق أفضل الممارسات العالمية في التعليم الإلكتروني في ذلك الوقت وتم تزويد المدارس والمؤسسات التعليمية بالبنية التحتية الرقمية وتأهيل الطلبة للتفاعل مع التعليم الإلكتروني، وكذلك إعداد المعلمين وتدريبهم عبر منظومة متطورة خلال العقدين الماضيين، ومع تطور هذه الرؤية لتوظيف التقنيات في العملية التعليمية وجدنا أنفسنا اليوم نقطف ثمار هذه الرؤية الخلاقة التي مكنت مدارسنا وجامعتنا من مجابهة التحديات في هذه الأزمة الصحية، وانطلاق مسيرة التعليم عن بعد بكفاءة وجهوزية عالية تضيف رصيداً جديداً إلى سجل التميز الإماراتي في مختلف مؤشرات التنافسية العالمية.

جهود

وأشارت أمل العفيفي إلى أهمية هذه الجلسة ودورها في تسليط الضوء على تكامل مختلف عناصر العملية التعليمية وتضافر الجهود الذي مكن منظومة التعليم من الاستمرار خلال انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد في مختلف أرجاء العالم، وقالت العفيفي نحن فخورون بهذا المنجز التعليمي الذي تحقق بتوجيهات من قيادتنا الرشيدة التي علمتنا أنه لا مكان للمستحيل في قاموس دولة الإمارات، وهذه الرؤية هي التي دفعت بأكثر من مليون طالب وطالبة إلى مقاعد الدراسة عن بعد تطبيقاً للإجراءات الاحترازية لمواجهة هذا الوباء، وفي الوقت الذي تعطلت فيه المدارس والجامعات في كثير من دول العالم فإن مسيرة التعليم لم تتوقف في وطننا الغالي.

وقال الدكتور خالد العبري: إن الجهوزية هي العنوان الأبرز لمنظومة التعليم في دولة الإمارات خلال هذه الأزمة الصحية الطارئة، فقد نجحت وزارة التربية والتعليم ومختلف الجهات الحكومية في إدارة هذه الأزمة ومواجهة تحدياتها.

من جانبها، قالت فوزية غريب: في إطار البعد الاستراتيجي لخطط التطوير في وزارة التربية والتعليم، وسعيها لتنويع قنوات التعليم، وتحديث أساليبه وأدواته، وتجاوز كل التحديات التي قد تحول دونه، وضماناً لاستمراره وديمومته في الظروف الطبيعية والطارئة وعند حدوث الأزمات، والكوارث، فقد طبقت الوزارة خطة التعليم المستمر عن بُعد للطلبة جميعهم بكافة فئاتهم ومراحلهم الدراسية، موظفة التكنولوجيا، والمنصات التعليمية التي استثمرتها الوزارة في تيسير التعليم، مستفيدة من ممارساتها السابقة في التعلم الذكي.

تدريب

وكان التطبيق قد بدأ بفترة تجريبية سبقها برنامج تدريبي مكثف عن بُعد للمعلمين والتربويين، وبعد تقييم فترة التجريب، اتخذ القرار باستمرار التطبيق تطبيقاً كاملاً في الفصل الدراسي الثالث، ليشمل ذلك التدريس بصيغتيه: التدريس المتزامن الموجه لجميع الطلبة في نفس الوقت، وغير المتزامن الموجه للطلبة في أوقات متفرقة، كما شمل ذلك التقييم، والتدريب، وفي خطتها المستقبلية ستقوم الوزارة بإيجاد صيغة مستدامة لتفعيل التعلم عن بُعد في التدريس بعد أن لمست الكثير من النتائج الإيجابية المشجعة في هذا المجال، ومن هنا فإنها تؤكد أن التربية والتعليم عمليتان مستمرتان لا تتوقفان تحت أي ظرف من الظروف، ولا سيما في دولة الريادة دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما تطرق الدكتور عبداللطيف الشامسي في كلمته إلى أن التعلم عن بُعد لن يكون تحولاً مؤقتاً بل إن التجربة الناجحة لهذا التحول في الإمارات فرضت علينا التفكير لما سيكون عليه التعليم بعد هذه المرحلة، وفقاً للنتائج الملموسة التي حققناها وما أبداه الطلبة من جيل اليوم الشغوف بالتقنيات من مهارات عالية في التعامل مع منظومة التعلم عن بُعد، فمن المتوقع أن التعليم لن يعود في المستقبل القريب كما كان قبل شهرين، بل سيجد طريقاً «هجيناً» يجمع ما بين التعليم داخل المباني الجامعية أو المدرسية والتعلم عن بُعد بأدواته التكنولوجية.

فالتعلم عن بُعد قدم للطلبة تجربة منتظرة بالنسبة لهم، وخاصة أننا في كليات التقنية العليا أسسنا حرماً جامعياً رقمياً لنمكن الطلبة من معايشة تجربة تعلم متكاملة تتجاوز المحاضرات والدروس إلى الحياة الطلابية عن بُعد، بما فيها من أنشطة لاصفية وإرشاد أكاديمي ومهني وتطوع وأندية طلابية واستشارات ومراكز دعم أكاديمي وحتى الأنشطة الترفيهية.

إيجابية

وقال الدكتور الشامسي: «إن عامل الجهوزية مهم، فالتعلم عن بُعد حقق نجاحاً ومكّن طلبتنا من مواصلة دراستهم من منازلهم، لأننا كنا مستعدين له، لأن قيادتنا الحكيمة تستشرف المستقبل وعودتنا أن نستعد ولا ننتظر بل نبادر لنكون سباقين، وعلمتنا أن ننظر للتحديات بإيجابية ونخرج منها بإنجازات. فعندما كنا نتحدث عن أن التطورات التكنولوجية ستجعل التعليم مستقبلاً يقدم كخدمة على قرار أوبر تصل للطالب في أي مكان وزمان، كنا في ذات الوقت في كليات التقنية نعمل على مدار عامين لبناء منظومة تعلم رقمية وتمكين الطلبة من المهارات التقنية وتأهيل الأساتذة لاستثمار التكنولوجيا بشكل فاعل في التعليم، وما توقعناه مستقبلاً أصبح واقعاً في ظل الظروف الاستثنائية الحالية، ونجحنا في التحدث نظراً للجهوزية والاستعداد، ولهذا فإننا اليوم يجب أن نستفيد من مكاسب التعلم عن بُعد في التخطيط لما سنكون عليه بعد هذه المرحلة».

 

فاعلية

رأى الدكتور غالب الحضرمي البريكي أن التعلم عن بُعد أثبت فاعليته في الإمارات سواء بالنسبة للتعليم العام أو التعليم العالي وهذا يعكس الجهوزية الكاملة التي تمثلت في بنية تحتية مؤهلة واستراتيجيات محددة في المنظومة التعليمية وأن جامعة الإمارات من خلال استشرافها المستقبل عززت البنية التحتية لنظام التعلم عن بُعد منذ فترة طويلة من خلال توفير مصادر التعلم الإلكترونية وإعداد وتطوير المواد التعليمية وإتاحة المنصات الإلكترونية بالجامعة للتفاعل المباشر بين الطلبة وأعضاء هيئة التدريس وأن ما لمسناه خلال تطبيق التعليم عن بعد نؤكد على الطلبة والأكاديميين أهمية تطوير الثقافة الداعمة للتعليم عن بعد وتعزيز البيئة الإلكترونية لهذا النوع من التعليم مدى الحياة.

Email